يقدم الكاتب علي الطالقاني في كتابه سنوات الرعب من القاعدة الى داعش والذي ضم اكثر من اربعين فصلا، تحليلا واقعيا وجريئا لما حصل في العراق بعد عام 2003 من خلال طروحاته المفصلة والدقيقة حول الفضاء السياسي الوليد في تلك الحقبة وامتداداته الى سنوات لاحقة كبر الصراع فيها...
يقدم الكاتب علي الطالقاني في كتابه سنوات الرعب من القاعدة الى داعش والذي ضم اكثر من اربعين فصلا، تحليلا واقعيا وجريئا لما حصل في العراق بعد عام 2003 من خلال طروحاته المفصلة والدقيقة حول الفضاء السياسي الوليد في تلك الحقبة وامتداداته الى سنوات لاحقة كبر الصراع فيها وتجذر حتى صار وجوده آفة مفجعة تنهش لحم الشعب يوميا.
ان اية نظرة ثاقبة للأمر، نجد انها عملية تشل العقل والتفكير لفظاعتها وكثرة خيوطها، حين برزت القاعدة اول الامر بعد سقوط النظام في 2003 وما تلاها وهو فحص كامل بمرقاب ذكي وتحليل اكثر قربا لافكار الناس الذين يحاولون معرفة ما جرى من صراعات دموية مرعبة .
يؤكد الكاتب علي الطالقاني في كتابه الجديد سنوات الرعب، بان كل التنظيمات الارهابية التي عملت على الساحة العراقية لم تأت مصادفة ولم يكن وجودها عبثا انما كانت وفق تخطيط مخابراتي طويل حاول تدمير اللحمة الوطنية وتذويب الشعب في قاع المشاكل والطائفية البغيضة والمقيتة من خلال ايجاد وضعا معقدا بعد تأسيس مجلس الحكم وما نتج عنه وما تلاه من حكومات حاولت تأسيس اركان دولة قوية بعد ان فقدت مقوماتها.
كانت الاحداث تتعقد وتأخذ مديات خطيرة في حين كانت الدولة الناشئة تحتاج الى القوة والدعم والاسناد لمواجهة التطرف والعنف الذي حاق بالبلاد واوقعها في انهار من الدم والدمار وهو ما تأخر كثيرا.
اكد الكاتب على بعض الاحداث التي عايشها لحظة بلحظة وهو نوع من الاستذكار الهام الذي ينبغي على الكاتب ان يدونه لانه جزء حيوي من تاريخ البلاد وجاءت الفصول التي رواها الكاتب كمرئيات شخصية مثل فصل (في طريق مثلث الموت) وهي مشاهدات عراقية ساخنة جنوب بغداد وشمال بابل اصبحت شاهدا على الاهوال والفجائع التي ادخلت البلاد في حرب ضروس طاحنة بين القوات الامنية والتنظيمات المتعددة التي جاء اغلبها من الخارج وصارت لها حواضنا في بعض المدن التي ترعرت فيها ونشطت.
ويؤكد السيد علي الطالقاني بان المصائب التي حاقت بالعراق جاء اغلبها من الدعم الاجنبي الذي اوغل تعميقا بالعنف والموت والرعب. ان هذا الكتاب سيكون مرجعا مهما وهو يتناول فترة عصيبة من تاريخ العراق الحديث ومصدرا للدارس الذي يبحث عن حقيقة الاحداث التي جرت في تلك الفترة.
وما يكتب وما ينشر عن تلك الحقبة يجب على مراكز البحث توثيقها وطباعتها لاطلاع الاجيال اللاحقة عليها وهذا تدوين لا بد منه لانه يتحدث عن حالة الرعب التي صارت ايقونة البلاد حين كان يراها العراقي منذ اول الصباح الى اخر المساء ولا من راد لها . ان التنظيمات الخطيرة ـ حسب الكتاب ـ ما كان لها ان تتراجع وتضعف لولا جهود القوات الامنية وفضح المؤامرة الكبيرة على وجود الدولة العراقية وهويتها التي بدأت بوادرها من التفجيرات الكبيرة للمراقد المقدسة وللشخصيات المؤثرة والاماكن الهامة وتجمعات الناس العزل.
وكان المخطط لها ايجاد فجوة واسعة بين الحكومات الوليدة وبين طوائف الشعب الذي ابتلي بالموت المجاني بحيث بدأت تظهر ملامح التدخلات المخابراتية الدولية على الارض العراقية وهي تحاول تفكيك النسيج العراقي الذي لم يتاثر كثيرا وظل الشعب ينتظر الحلول التي غابت عن ارض الواقع الى ان تصدت القوات الامنية للجيوش الارهابية وهي تحاول قضم الاراضي العراقية والسورية في اخطر هجمة شرسة لا ينساها التاريخ.
ان كتاب سنوات الرعب سيظل مصدرا مهماً لفترة سوداء من التاريخ وهو محاولة جريئة وجادة لفضح الاسرار والالغاز التي ظلت تؤرق الناس الذين لا بد لهم من معرفة خبايا الامور من خلال توضيح المقاصد والنوايا التي كانت تدور في الخفاء.
كتاب سنوات الرعب من القاعدة الى داعش. للكاتب علي الطالقاني صدر عن مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام / الطبعة الاولى 2019. عدد الصفحات 171 من القطع الكبير.
اضف تعليق