q
التضخيم الاعلامي والخداع والتضليل والتدليس بات سلاح الاعلام ووسائله المتخندقة تحت واجهات بث السموم مغلفا بالكلام المعسول احيانا، في نقله للأخبار او الاحداث او القضايا التي يمكن لها ان تتطور وبالتالي يقفز خبر ما الى الواجهة لمجرد نفخه قليلا وتسمينه وجعله كبيرا وصب اللعنة فيه...

في ايامنا هذه، صار الاعلام أخطر ما يواجه الشعوب والحكومات. فكل الدول المتحاربة والمتأزمة دبلوماسيا وسياسيا وذات المنافع المتبادلة، يتربص بها الاعلام تربصا خطيرا ويدفع بها الى المواجهة والاحتدام، فربما يكون هو سبب اندلاع تلك الازمات وماينتج عنها من إبادات وخسارات.

فالتضخيم الاعلامي والخداع والتضليل والتدليس بات سلاح الاعلام ووسائله المتخندقة تحت واجهات بث السموم مغلفا بالكلام المعسول احيانا، في نقله للأخبار او الاحداث او القضايا التي يمكن لها ان تتطور وبالتالي يقفز خبر ما الى الواجهة لمجرد نفخه قليلا وتسمينه وجعله كبيرا وصب اللعنة فيه.

ربما يكون الاعلام اكثر قربا من الحدث من اي عنصر اخر وهو ما يحسب له في التموضع والظهور السريع دون اية حواجز او محاجر او موانع او عقب. هكذا هو اعلام اليوم المتحول من حالة الى حالة وفقا لمعايير الوضع الجاري ونسبة الاستفادة منه، ناهيك عن خطورته وهو يسابق الزمن في اظهار الوجه الحسن لصنّاعه الذين يتمترسون خلف اقنعة الوقار والتسامح وترافة اللغة وجمال مظاهر المذيعين واناقتهم.. لكنه كالقنبلة الموقوتة حين تنفجر في أي وقت محدثة الخراب ان اراد ان يفعل فعلته.

في الاشهر الاخيرة حرصت قناة الجزيرة بكل قوتها مستخدمة كل تقنياتها وكادرها البشري المنتشر في مكان الحدث، بالكشف المبكر لمقتل خاشقجي. فبمجرد حصولها على ومضة، قامت بسرعة البرق بتجنيد كل امكاناتها وسخرتها في الحدث الصادم حتى كانت توظيف الفعل توظيفا مطلقا وقويا ادى الى تدفق ساعات البث المتسارعة فكان التأثير واضحا في الراي العام الذي بات يراقب الشاشة كل دقيقة لقراءة ومتابعة العواجل المنثالة كشلال عارم.

هنا كان التوظيف المقصود حسب سياسة القناة التي ربما تعتقد انها امتلكت السبق او انها تحاول استغلال القضية لمصلحة ما.. فالتوظيف المدبر جيدا يمكن ان يحدث زلزالا بين الحكومات والشعوب ويمكن ان يرفع اسهم البورصات العالمية او برفع اسعار النفط المتذبذبة او يحدث تماسا واشتباكا عسكريا على الحدود او سواها من الاحداث التي تفلت عن السيطرة احيانا.

يخبرنا تاريخ الدول المعاصر بان الاعلام استخدم استخداما بارعا وماهرا في نقل الاخبار الى الاطراف المتحاربة او الى الرأي العام الذي يحاول ان يصدق كل شيء وهذا ماحدث خلال الحرب العالمية الثانية حين كان وزير اعلام هتلر غوبلز يضخم وينفخ بالاخبار والانتصارات رغن بدائية التقنية الاعلامية، وبرلين كانت تحت القصف الروسي وعلى وشك سقوطها نهائيا.

فظل الرجل يسبك القصص ويسردها بطريقة القاء تمثيلية على محطات الاذاعة وفي الميدان، محاولا التأثير في الخصم والعسكر والجمهور لكن الوقت قد فات ولم تفده صرخاته وكذبه المنظم الذي برع فيه حد الاعجاب من زعيمه.

ويفخر الاعلام المعاصر بانه حصل على مرتبة متقدمة في بث الخبر وايصاله بوجود وسائل ثورية في التقنية التي احدثت تحولا تاريخيا هائلا في التأثير الاعلامي للجمهور الذي بات حبيس هذه التقنية وصار الخبر يطير كطائر مشحون بالقوة للدخول الى البيوت وبدء سريان مفعوله ان كان مؤثرا او مخدرا او ضعيفا لا همة فيه، فصار المتلقي يفرز من بين ركام يومي هائل، الاخبار التي تريح له بدنه ولا تسبب نوبات المرض فيه او الاكتئاب.

هذا هو حال التقنية المعاصرة التي جعلت المواطن البسيط يحمل هاتفه ويصور الاحداث السريعة وينشرها على المنصات الشخصية. فصار الخبر شائعا عاما لا حكر فيه على وسيلة معينة. ان قنوات التلفزة خاصة تستقطب جمهورها عن طريق بث الاخبار السريعة التي حدثت قبل دقائق ولربما تتوقع حدوثها احيانا عندما تستقرأ الحدث وامتداداته والتنبؤ فيه.

وقوة التأثير ليس بالضرورة ان يكون الاعلام مسلطا على المواطن ويجبر بالمتابعة الحثيثة او التسمر على محطان التلفزة للمتابعة والمشاهدة، بل صارت الاحداث المتقافزة هي التي تجعل من المتابعة قضية ملحة وضرورية لا سيما ان حسن التوظيف هو الذي له اليد الطولى في التأثر والتأثير.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
الإعلام له سطوة جبارة على البشر ويستطيع قلب الحقائق
الناس يكونون في حال فإذ به يغير حالهم الى النقيض في دقائق
وخبر كاذب يتم نشره على الناس يمكنه تعكير صفو أى مزاج رائق
لذلك نتوسم في الإعلام الصدق في القول وأن تزال من امامه كل العوائق
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات...مركز ثقافة الألفية الثالثة2018-12-31