ناقش مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث موضوعا تحت عنوان (الاعتدال بين التطرف العلماني والتطرف الديني)، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والاكاديمية والاعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي. افتتح الجلسة مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث الأستاذ حيدر الجراح، حيث قال...
ناقش مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث موضوعا تحت عنوان (الاعتدال بين التطرف العلماني والتطرف الديني)، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والاكاديمية والاعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي.
افتتح الجلسة مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث الأستاذ حيدر الجراح، حيث قال: إن ورقة حلقة هذا الاسبوع هي من اعداد الاستاذ ميثاق مناحي العيساوي التدريسي في جامعة كربلاء وباحث في مركز الدراسات الستراتيجية في جامعة كربلاء ليقدم من خلال ذلك شرحا تفصيليا عن اهم ما ورد في ورقته البحثية المعنونة (الاعتدال بين التطرف العلماني والتطرف الديني).
اوضح العيساوي بان (الاعتدال) هو (الاستقامة والاستواء والتزكية والتوسط بين حالين)، أي بين مجاوزة الحد المطلوب والقصور عنه، كما يعرف عنه بانه التوسط في الامور، وهي افضل طريقة يتبعها المؤمن من اجل تأدية واجباته تجاه نفسه واتجاه ربه، في النقيض من ذلك أن (التطرف) هو (موقف متشدد في القبول التام والرفض التام اتجاه موقف أو فكرة ما مع عدم الرغبة في مناقشة ذلك الاعتقاد)، كما يمكن أن يكون سلوكا بشكل يغاير الاعتدال زيادة أو نقصانا".
"فالتطرف هو ظاهرة اجتماعية ترتبط بالظروف الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع، صحيح أن لفظ التطرف قد ارتبط بالأذهان بالتدين وتحديدا في المغالاة بالأفكار الدينية التي تشجع على التطرف الحركي لاحقا، وبعد ذلك هي تصل بنا إلى دوامة العنف والارهاب والدم، ولكن حقيقة التطرف ليس مقصورا على الافكار الدينية، ولكنه يمتد ايضا إلى الافكار العلمانية، طبعا العلمانية بمفهومها العام (هي فصل الدين عن السياسة)، بيد أن تلك الحقيقة تكاد تكون قاصرة نوعا ما، فالعلمانية هي منهج تفكير أو تعبير ثقافي عن الحداثة، وهي ابعد ما تكون عن التطرف".
"فالنسبية هي جوهر الثقافة العلمانية، بالتالي لا احد يمتلك الحقيقة المطلقة، ولا يوجد فكر صالح لكل زمان ومكان، فالأفكار تتطور وتتغير بتغير الزمان والمكان، فاذا كانت الافكار والمعتقدات نسبية فليس من حق احد اجبار الاخرين على اعتناق فكره أو عقيدة أو سلوك ودون اكراه معنوي ومادي، لكن هناك ثمة مفارقة ما بين التطرف العلماني والتطرف الديني، فالتطرف العلماني نوعا ما هو يرتبط بالسلوك وليس بالعقيدة، أي بعد نهاية الحرب الباردة وانتهاء الأيديولوجية الماركسية ظهر (التطرف اللبرالي)، حينها كتب الكاتب الاستراتيجي الامريكي الجنسية والياباني الاصل فرانسيس فوكوياما مقالة بعنوان (نهاية التاريخ وشيخوخة الجنس البشري)، ليتحول هذا العنوان إلى كتاب، فكرة هذا الكتاب تدور حول ان نهاية العالم ستكون على يد (الديمقراطية الليبرالية)".
"بمعنى انه لا توجد ايديولوجية قادرة على معالجة مشاكل المجتمع غير (الليبرالية الديمقراطية) وهذا تطرف علماني، بالمقابل نجد مشكلة الحجاب في فرنسا، وايضا مشكلة اليمين المتطرف في اوروبا، كذلك مشكلة الخطاب الترامبي في الوقت الحالي، كل هذه الافكار هي افكار علمانية متطرفة، بيد أن ذلك لا يغير حقيقة أن (التطرف الديني) هو عبارة عن تعصب لشخص او رجل دين معين، وحتى في المجتمعات الغربية ظهرت احزاب وجماعات يمينية متطرفة، وقد اختلطت في مفاهيمها الافكار العنصرية أو الدينية أو السياسية، مستغلة بذلك تطرف بعض الاسلاميين واعمالهم الارهابية لتروج لأفكار معينة لتحقيق المكاسب".
"من مخاطر ثنائية التطرف العلماني والتطرف الديني، بانه يقتل الحوار والمساومات والمفاوضات وغيرها، ويؤدي ايضا إلى قتل التعددية والحريات الشخصية، لأنها تعتقد أن سلطتها قادرة على اجبار البشر أن يلبسوا ويتكلموا بالطريقة نفسها".
من خلال تلك المقدمة يمكن طرح السؤالين التاليين:
س1/ ما المعيار الذي من خلاله يمكن ان نقول هذا فكر متطرف وهذا غير متطرف في ظل تمسك المتطرفين بمنهجهم الاستبدادي؟
التطرف فكر مغاير للحقيقة وللواقع
- أ.م.د حسين أحمد السرحان، رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يصف: "العلمانية هي ليست فصل السياسة عن الدين فقط، بل هي عبارة عن مجموعة اركان تعتمد العلم والثقافة في تفسير الظواهر، ايضا التمكين وحرية الانسان والمساواة والعدالة، وكل هذه المؤشرات هي عناوين اساسية لموضوعة العلمانية، اما بخصوص فكرة التمييز ما بين الفكر المعتدل والفكر المتطرف، وهذا الامر ليس بالشيء الجديد ولكنه متجذر في داخل المجتمعات منذ ازمان بعيدة، لكنه برز إلى السطح بشكل اكبر في تلك الفترة".
اضاف السرحان "التطرف هو فكر مغاير للحقيقة وللواقع وهو وسيلة قسر لتبني رأي أو فكرة معينة، بالتالي نحن نحتاج إلى بلورة افكار جديدة لمواجهة هذه العقائد والافكار المنحرفة، ايضا لابد من اللجوء إلى الاعتدال في كل التفاصيل واعطاء الرأي المستقل، ولا يجب أن نكون على رأي وجادة واحدة ونحاول أن نجبر الاخرين على تبني سياسة واحدة، عادة النظم السياسية في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية تعتمد في جزء كبير من سياستها على أيديولوجية معينة، كان تكون (سياسية/اقتصادية اجتماعية/ ثقافية)، وهذه الأيديولوجية تحاول من خلالها أن تفرض سياستها العالمية وتفرض نفوذها وسيطرتها العالمية، لذا فهناك خطر كبير يواجه البشرية والمجتمعات فيما يخص تلك الثقافة".
دائرة مفرغة من التطرف والطرف المضاد
- الشيخ مرتضى معاش، المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يرى: "إن التطرف بحد ذاته كمفهوم هو يحمل سمة ايديولوجية وهو يسعى إلى الغاء الآخر، لذلك سواء كان هذا التطرف هو تطرفا دينيا أو تطرفا علمانيا يعتبر تخندقا ضد الآخر وبناء جدار، بالتالي فان التطرف بكل اشكاله سواء كان دينيا او علمانيا يشكل حالة مرفوضة لأنه يسعى إلى الغاء الآخر، وهذا ما تمارسه قولا وفعلا بعض الجهات الدينية من خلال الاستبداد والعنف، والفوقية الغربية التي تحاول الهيمنة والسيطرة على المتخلفين الشرقيين –بحسب زعمها-، وهذا كله نوع من انواع التفكير الأيديولوجي الالغائي".
اضاف معاش "العلمانية اليوم هي ليست سلوك بل ايديولوجية يراد منها الغاء الاخر، واعتبار العلمانية هي فوق كل شيء وهذا خطر كبير، فاذا كنت العلمانية تدعو إلى (الحرية للجميع/ التعايش/بناء المجتمعات المتعايشة/ احترام حريات الاخرين/احترام الاديان/ احترام الافكار/ احترام حرية التعبير) هذا هو المطلوب، ولكن ما أن تمارس عملية الالغاء والهيمنة على الاخر فبالتالي هي اصبحت أيديولوجية، وهذا ما نلاحظه من خلال العلمانية الفرنسية".
يكمل معاش "نحن نعيش في دائرة مفرغة من التطرف والتطرف المضاد، فمن اسباب ظهور التطرف الديني هو ردة فعل على التطرف والتعسف العلماني، الذي جاء لينشر حالة التغريب وتحديث المجتمعات الإسلامية قسريا، كما حصل في الموجة (الاتاتوركية) وايران في عهد (رضا بهلوي) وفي مصر في عهد (جمال عبد الناصر)، هذه العلمانية التي استخدمت (الحداثة التعسفية)، أدت بالنتيجة الى تشكل تطرف ديني كبير".
اضاف ايضا "فظهور جماعات التكفير والهجرة في مصر، هو نتيجة طبيعية للتطرف العلماني الذي مورس في المجتمعات الاسلامية، ايضا عند صعود التيارات الدينية في العالم الاسلامي مارست ذات الاسلوب المتطرف، وهذا مما ادى إلى رد فعل اتجاه تلك التيارات الدينية، مما سيؤدي الى نزوح نحو العلمانية بسبب التطرف الديني الذي ظهر من خلال الاستبداد والعنف والفكر التكفيري، وهكذا تستمر الدائرة المفرغة ويسيطر التطرف عند الجميع في غياب وسط معتدل يحقق القواسم المشتركة".
ويعزو معاش أسباب ذلك الى ان "الاستبداد والتطرف هما وجهان لعملة واحدة فالتطرف ينشأ في المجتمعات المستبدة، التي تغيب فيها قدرة الانسان على التعبير عن نفسه وعن حاجاته، والتطرف الديني كانت نتيجته ظهور داعش، وبالنتيجة كانت هناك ردة فعل معاكسة ضد داعش في كل العالم حتى في المجتمعات الاسلامية، اما التطرف العلماني في الغرب فكانت نتيجته ظهور الشعبوية، التي هي عبارة عن ردة فعل شديدة ضد التطرف الذي مارسه الليبراليون بقوة في المجتمعات المحافظة".
التطرف اليساري اغرق الدنيا ببحر من الدماء
- الحقوقي هاشم المطيري، منظمة العمل الاسلامي، يعتبر: "(التطرف هو طرف الشيء) بمعنى اخر هي الزاوية البعيدة، لكن ذلك لا يتطابق مع ما جاء به القآان الكريم الذي امر الامة الاسلامية أن تكون امة وسط، وايضا عندما نرجع إلى التعاليم الاسلامية نرى أن الاسلام اعتمد الوسطية في كل شيء حتى في الحجاب، ففي العصور الغابرة كان الحجاب مميت للمرأة فعلى سبيل المثال المرأة كانت تحبس في ايران وفي بعض الشعوب الاخرى، ولهذا جاء الاسلام وهو يحمل الوسطية حتى في (الحرب/ القتال/ في العبادة) فجعل خمسة اوقات للصلاة وللتعبد، وبعد ذلك يصبح الانسان حر في ممارسة حياته الطبيعية".
اضاف المطيري "وحتى العقوبات التي سنها الاسلام هي جاءت لصالح المجتمع، والعقاب الفردي اجله الله سبحانه وتعالى إلى يوم القيامة، وكذلك وقف الاسلام بالضد من أي تطرف سواء كان فردي او مجتمعي، اليوم (التطرف العلماني) أو اليساري ان صح التعبير هو الذي سحب العالم أن تكون له ردة فعل اتجاه العالم، ولتقريب هذا المعنى التطرف الذي استخدمته الشيوعية في اسيا والعالم، ادى بتلك المجتمعات أن تكون لديها مقاومة ومعارضة وتمسك في تراثها، التطرف الغربي في فرنسا يمنع المرأة المسلمة من ارتداء الحجاب، علما أن الدولة الفرنسية كانت ترفع شعار الحرية ومنذ اكثر من (300) عام، بالتالي الوسطية اليوم مطلوبة من الجميع خصوصا وأن العالم يتجه صوب الحاكم الواحد والفكر الواحد، وهذا الامر سيعزز من حالة التطرف وينتج عنه افعال وافعال مضادة، بالنتيجة التطرف اليساري هو الذي اغرق الدنيا ببحر من الدماء شرقا وغربا".
المتطرف في سلوكه يعكس درجة معينة من الجهل
- الدكتور قحطان حسين الحسيني، الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، يستفسر: "التطرف هل هو فكر أم سلوك وحالة نفسية، بالتأكيد لا يمكن أن نطلق صفة الفكر على التطرف، لأنه عبارة (عن سلوك غير انساني بل هو حالة نفسية معقدة، تعكس وجود ارتباك لدى عقلية الانسان وهذا الارتباك يكون احيانا غير متزن)، هذا السلوك غير الانساني وغير العقلاني هو انعكاس لظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية، ادت بالنتيجة إلى سلوك غير سوي وغير متزن، هناك ايضا مصطلحات قريبة من مصطلح التطرف وهي (التشدد/التعصب/الغلو)، لكن اشدها هو التطرف وهو خلاف الاعتدال والوسطية".
اضاف الحسيني "اما بالنسبة للمعايير التي من خلالها نستطيع أن نحكم على وجود تطرف من عدمه، المظهر الاول هو التعصب وسواء كان تعصب (لمذهب/لدين/لقومية/لعشيرة)، وهذا التعصب فيه جانب انحياز واضح وغير معتدل، المظهر الثاني هو التشدد في الرأي والغلو فيه والنظر للآخر على انه غير صحيح، المظهر الثالث الانطواء والعزلة فدائما ما نرى أن المتطرف أو من لديه سلوكا متطرفا يشعر بانه منبوذ مجتمعيا، وبالتالي هو لا يستطيع أن يندمج مع باقي افراد المجتمع".
يكمل الحسيني "المظهر الرابع هو التقليد والتبعية الجاهلة والعمياء للقادة الذين يعتبرهم هم اصحاب ريادة في فكر معين انساني، بالتالي المتطرف في سلوكه دائما ما يعكس درجة معينة من الجهل، لذلك هو يلجأ للتقليد الاعمى، مظهر اخر يمكن أن نلاحظه في المتطرف وهو استخدامه العنف والقوة والخشونة في حل خلافاته مع الاخرين، وهو لا يؤمن بالحوار مع الاخرين ولا يحترم الرأي الآخر، لذا فان وسيلته الوحيدة في حل المشاكل مع الاخرين هي العنف".
التطرف الشامل
- عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، يعتقد: "إن هذه الموضوعة من الموضوعات المهمة التي يناقشها العالم وتعقد من اجلها المؤتمرات، بالتالي فان التطرف هو تطرف شامل ويسير باتجاهات مختلفة منها تطرف (اجتماعي/سياسي/قومي)، هذا التطرف ناتج من انانية الفرد، علما ان اول متطرف في هذا الجانب هو ابليس لعنه الله، فالتطرف نابع من النفس الأمارة بالسوء حتى تأخذها العزة بالإثم، بالتالي من يتناقش من اجل حقيقة ويجد ضالته فيعترف بها ويتنازل، فيقول الامام علي عليه السلام (الحكمة ضالة المؤمن)".
اضاف الصالحي "بالنتيجة لا توجد عند الانسان المعتدل والانسان المؤمن الذي يبحث عن ما هو افضل، اذا هنا لا يوجد تطرف ولا يوجد انانية، التطرف نابع من انانية الانسان التي يمكن أن يغلفها بغلاف ديني علماني سياسي قومي، اذا نحن اليوم امام اشكال من التطرف، اما كيفية التمييز في التطرف فالأمر واضح جدا من خلال التشدد والغاء الاخر ومحو الاخر، بالتالي فان التطرف العلماني والتطرف الديني هو جزء من التطرف الانساني".
التطرف وسيلة لهيمنة الاستبداد
- خضير العواد، حاصل على شهادة الماجستير في التاريخ الاسلامي، وبكالوريوس علوم كيمياء، يجد: "إن التطرف يخالف التعقل والوسطية، وفي نفس الوقت التطرف وسواء كان فردي أو مجتمعي هو نتاج للسيطرة والاستبداد وعدم القبول بالرأي، استغل التطرف من قبل الحكومات على مر التاريخ ومن قبل المتصدين دينيا والسيطرة على آرائهم بشكل قوي، واذا ما اردنا أن نستحضر بعض الشواهد الاسلامية فالتطرف كان حاضرا عند خرج الخوارج وايام معاوية بن ابي سفيان، ناهيك عن طرح المذاهب الاسلامية واستغلالها من قبل الحكومات الاسلامية للسيطرة على الشعوب الاسلامية بالقوة وبالعنف".
اضاف العواد "التطرف العلماني هو نتاج للتطرف الديني الذي مورس ايام سلطة الكنيسة في القرون الوسطى، بطبيعة هذا الحال التطرف العلماني جاء ليطرح قوانين تخالف قوانين الدين والسماء، وذلك من اجل خلق حياة افضل ونشر السعادة بين مجتمعاتهم، ولكن هذا التطرف العلماني استبد اكثر عندما اتجه بعيدا عن التراث والتقاليد، لهذا السبب الكثير من الاطاريح التي تم طرحها كانت تخالف تقاليدهم، فمثلا في كندا في العام (1996) تم طرح فكرة خروج المرأة عارية لكن المحكمة العليا الفدرالية رفضت هذا المعنى لأنه يخالف قواعد وسلوكيات المجتمع الكندي، لذلك فالتطرف بكل اشكاله الدينية والحياتية هو يؤذي المجتمع وابعد الكثير من العلماء والفلاسفة من الساحة".
يكمل العواد "هناك الكثير من التضحيات التي قدمت على مذبح التطرف من مثل الشهيد الأول والشهيد الثاني والشهيد الثالث، ايضا الكثير من العلماء مثل(غاليليو/ النسائي/سقراط)، لهذا التطرف بشكل عام وسواء كان ديني أو علماني هو مرفوض لأنه يخالف العقل".
رب الاسرة المتطرف ينشئ اسرة متطرفة
- علي حسين عبيد، كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، يجد: "إن القاعدة الاساسية التي من خلالها نكتشف التطرف هو كل ما يلحق بالإنسان من اذى، اما كيفية نشوء التطرف فالأمر مرهون على المؤسسة الاجتماعية الاصغر وهي الاسرة والعائلة، فاذا كان رب الاسرة متطرفا ينشئ اسرة متطرفة سواء كانت علمانية او دينية، فالمشكلة الاساسي يجب معالجتها من الاسرة ابتداء، فاذا اردنا مناقشة هذا الامر على المستوى العراقي فنلاحظ الاب العراقي سواء كان مثقفا او متدينا، فان آلية الحوار التي تدار بين الاب والابن يكون فيها الطرف الضعيف هو الابن ويقمع، اذا المشكلة تبدا من الاسرة وبالذات من الاب الذي يحاول جاهدا سلب ارادة الحوار من جميع افراد الاسرة وحتى الزوجة".
الانغلاق في التوجه والسلوك ورفض الآخر
- كمال عبيد مدير، تحرير شبكة النبأ المعلوماتية، يعتقد: "إن المعيار الابرز للتفريق بين التطرف العلماني والتطرف الديني هو الانغلاق في التوجه والسلوك ورفض الاخر، خاصة وأن كلا الطرفين يرفض الآخر فكرا وسلوكا ومنهجا، ايضا أن مسالة التطرف أخطر ما فيها هي الاثار الاجتماعية التي تنتج عن التطرف، بالتالي كل المجتمعات التي تنصاع للتطرف هي مجتمعات تنصاع للمستبد وللدكتاتور، لذلك فالانغلاق بالسلوك ورفض الآخر هو المعيار الابرز للتفريق بين الاعتدال والتطرف الديني والتطرف العلماني".
التعصب لا تخلو منه أي حضارة
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، التدريسي في كلية القانون بجامعة كربلاء، والباحث في مركز آدم، يتصور: "إن المعيار هو معيار موضوعي نزن من خلاله سلوكيات الافراد، أن كانت اقرب للوسطية والاعتدال فهذه السلوكية هي جيدة جدا، وأن كانت تميل شمالا او يسارا هذا نوع من انواع التطرف، فالتطرف في الفكر والتعصب لفكرة معينة هو سلوك انساني لا يخلو منه أي مجتمع أو أي حضارة أو أي ثقافة قديمة أو حديثة، بالتالي التطرف عندما يوزن في ميزان موضوعي هو (أي سلوك انساني منغلق على نفسه او على افكاره متعصب لهذه الافكار ولهذه السلوكيات التي يمارسها والتي يؤمن بها ويشعر بالتفوق على الاخرين)، لذا التعصب لا تخلو منه أي حضارة وسواء كانت حضارة دينية علمانية يسارية وحتى في داخل الاسرة والفرد، ولكن هذا يأخذنا نحو سؤال معين هل عندنا هذا المعيار الموضوعي وهل عندنا الوسطية، اما اذا كنا لا نعتمد الوسطية انما ونشعر بالتفوق على الاخرين ونشعر بالتعصب لأفكارنا، نؤمن ايضا بان سلوكنا هو السلوك الوحيد السليم وباقي السلوكيات على خطأ، فهذا هو الاقصاء وهذا هو التعصب الاعمى".
س2/ ما هي المساحة الفكرية التي من الممكن ان يستغلها المعتدلون في تقويض التطرف لتصحيح مسار المجتمع؟
- أ.م.د حسين أحمد السرحان، يدعو: "للوقوف عند المشتركات الانسانية التي يمكن العمل عليها وتعزيزها لنبذ المتطرفين من الجانبين الديني والعلماني، لان كلا الجانبين يشكل حالة خطرة على المجتمع وعلى البشرية، بالتالي لابد أن يتم التركيز على المشتركات الانسانية، لذلك الدساتير الحديثة التي تبنت فكرة الديمقراطية هي اشتغلت على المرتكزات الانسانية الجامعة من مثل المواطنة حرية الرأي والتعبير، وهي بذلك تركت الدين على اعتباره حالة خاصة تنظم علاقة الانسان بالرب".
المساحة المشتركة لبناء الاعتدال
- الشيخ مرتضى معاش، يرى: "إن خلق المساحة المشتركة هو الاهم، خاصة وأن المتطرف هو الذي يتخندق والذي يريد أن يجعل لنفسه البيئة الخاصة ويخلق الجدارات المنعزلة ويفرض على الآخر فكره، لكن المساحة المشتركة هي التي تؤدي إلى بناء مساحة للاعتدال، ولكن ومما يؤسف له ان التطور الحاصل في الحداثة ادى إلى مزيد من التطرف، وحتى علماء الاجتماع الغربين حينما يصفون الحداثة اليوم يقولون عنها انها ادت إلى صدام الهويات، والسبب لان الحداثة بطريقتها الليبرالية أو العلمانية سعت إلى الغاء الهويات، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل تقوقع نحو الخلف وتخندق وبناء غيتو خاص".
اضاف معاش "لذلك الاقليات في العالم اليوم هي دائما ما تعيش بطرق منعزلة وبأعراف منعزلة، والسبب هنا يعود لفكرة الخوف من فقدان الهوية، لذلك لابد أن نبحث عن مساحات مشتركة نستطيع من خلالها العيش معا وأن نتحاور معا وألا نتقاتل، مع الحفاظ على الهويات الجمعية، العلمانية وعندما ارادت أن تحل مشكلة هيمنة الكنيسة واستبدادها خلقت أيديولوجيات جديدة ومارست ذات الاسلوب الاقصائي، وبالتالي هي اعطت شرعية للحروب كما هو الحال في الحرب العالمية الاولى والثانية، وهاتان الحربان هما نتاج لفلسفة (نيتشه) وظهور التفكير النازي والتفوق العنصري".
يكمل معاش "بالنتيجة هذه الثقافة ادت إلى خسائر كبيرة جدا في الارواح، فلا يمكن أن نقول بان الأديان فقط كانت تتحارب، فالتطرف بكل اشكاله هو سيء والاستبداد ايضا هو سيء، فالاستبداد هو الذي يخلق التطرف وهو الذي يخلق الخوف ويخلق العنف، بالتالي لابد أن نبحث عن مساحة مشتركة للحرية وأن نحترم حرياتنا، فعدم احترام الحرية والتعسف في استخدام الحق يؤدي إلى التطرف، فاليوم مثلا عندما اعيش في مجتمع حر واتجاوز كل الخطوط المتعاقد عليها سوف اقود المجتمع الى الفوضى".
اضاف ايضا "فالليبرالية في المجتمع الغربي وعندما جاءت بمفهوم الحرية حاولت من خلال ذلك التجاوز على الحق والتعسف في استخدام الحق، لذلك يرى البعض ان المجتمعات الغربية في المستقبل كرد فعل على التطرف الليبرالي سوف تكون مجتمعات دينية، والمجتمعات في الشرق الأوسط كرد فعل على التطرف الديني سوف تكون مجتمعات علمانية".
التطرف الغربي والتطرف الشرقي
- الحقوقي هاشم المطيري، يعتقد: "إن التطرف الغربي اقوى كثيرا من التطرف الشرقي، ولذلك فان فكرة أن تكون الارض كروية عند عالم هو ان يحرق، المنطقة العربية كانت تعيش حالة التنوع الديني والقومي، ولهذا الغربيين عندما وجدوا السيد المسيح عليه السلام معارض لأفكارهم صلبوه، فاذا التطرف الديني وفد الينا من الغرب وإلى الان نغذى به، اضف إلى ذلك فان النفس في الشرق الاوسط هي مائلة نحو الوسطية، لذلك استطاعت الرسالة المحمدية وخلال فترة (23) عاما أن تنتشر كالنار في الهشيم، فلو كان هناك تخندق في الافكار فعلا لما استطاعت أن تنتشر بهذه السرعة".
اضاف المطيري "الشيء الاخر عندما نبحث التطرف الديني عن أي تطرف ديني نتحدث هل التطرف في الديانات الرسالية، فهذا ينافي الواقع والحقيقة خصوصا وأن الكتب السماوية تنبذ التطرف، وهذا ما تؤكد عليه السور والآيات القرآنية الكريمة التي طالما تتحدث عن رفض التطرف حتى في العبادة".
البحث عن فرص معالجة التطرف
- الدكتور قحطان حسين الحسيني، يعتقد: "إن الاسباب التي تؤدي إلى التطرف اما تكون سياسية يلجأ اليها الحاكم لإدامة سلطانه، فيلجأ لاسلوب القسوة والعنف لتصفية المعارضين والطامحين للحكم، واما تكون الاسباب اقتصادية فعندها المستوى المتدني للاقتصاد يدفع بالإنسان ليبحث عن فرصة لتحسين واقعه الاقتصادي فينظم لجماعات تقدم له بعض التسهيلات الاقتصادية، واحيانا يكون سبب نشوء التطرف هو سبب اجتماعي فالتنشئة الاجتماعية غير المستقيمة على المثل غير الصحيحة احيانا تولد ارتباكا سلوكيا لدى الانسان، واحيانا ايضا التطرف ينشأ بسبب حالة من الظلم والاضطهاد والتهميش يعاني منها الانسان، فتتولد لديه رغبة بالانتقام من الجهة التي مارست الظلم والاضطهاد اتجاه هذا المتطرف".
اضاف الحسيني "اما بخصوص البحث عن فرص معالجة التطرف كظواهر وكسلوك، هذا يندرج ضمن معالجة الاسباب بشكل حقيقي، فعلى المستوى السياسي الاستبداد السلطوي ممكن أن يعالج من خلال العمل على تغيير فلسفة النظام السياسي واحلال فلسفة بديلة تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، على الصعيد الاقتصادي ايضا يمكن حل تلك الاشكالية من خلال اعتماد برامج اقتصادية تعالج حالات الفقر والعوز والبؤس، على الصعيد الاجتماعي ايضا يمكن حل هذه القضية من خلال نشر قيم وثقافة التسامح والتعايش والتنشئة الاجتماعية الصحيحة القائمة على الاعتدال والمساواة واحترام الاخر".
يكمل الحسيني "من يقوم بمعالجة هذه المشاكل والاسباب؟ بالتأكيد هناك جهات متعددة وعلى رأسها الحكومات وهي المعنية بالدرجة الاساس، تليها المرجعيات الدينية هي ايضا تتحمل مسؤولية كبيرة ومن ثم رب الاسرة وحتى زعماء القبائل والمفكرين والمثقفين، فالكل يتحمل جزء من المسؤولية في معالجة هذه الظواهر".
- عدنان الصالحي، ينظر: "للتطرف على انه يأتي من خلال العائلة فهي التي تنشئ حالة التطرف، خاصة وأن غالبية المتطرفين وحينما تتصفح سيرتهم الذاتية تكتشف بانهم ينحدرون من واقع اسري متأزم، بالنتيجة البذرة الاولى للعائلة هي سبب اساسي في تنمية هذه النفسية، الا أن ذلك لا يتعارض مع فكرة الفطرة السليمة للإنسان في بداية وجوده على الارض، ولكن التطرف هو حالة استثنائية تأتي للإنسان نتيجة الضغط العائلي غير الصحيح وعدم النشأة الاعتيادية للعائلة، ايضا أن دكتاتورية استخدام الحكم تنشئ التطرف، بالتالي فان الغاء الحريات الغاء المعارضين الغاء الكلمة الحرة تنشئ التطرف، والعلة لأنه يخنق الصوت المعارض ويخنق الرأي في زاوية حرجة هذا مما يعزز من حالة التطرف، بالتالي اذا عملنا على معالجة العائلة بشكل صحيح، سيكون هناك افلات من التطرف بشكل يقين".
- خضير العواد، يرى: "إن التطرف الديني لا يعنى بها الدين وانما هو يعبر عن الشخص المتدين عن آرائه الشخصية، وحتى التطرف العلماني لا تعنى بها العلمانية وانما هو استغلال القوانين الوضعية وبشكل متسعف، اما من ناحية نشر الاعتدال فهذا الجانب هو اوسع ما يكون قياسا مع التطرف، ولكن بسبب الطرق التي يراد منها السيطرة على المجتمعات بالقوة وبالعنف، هذا مما يجعل من ثقافة العنف هي اقوى واشد وطأة، بالإضافة إلى ذلك لابد من نشر ثقافة الاعتدال في داخل مجتمعاتنا، وهذ الامر يتحقق من خلال الاسرة نفسها، لهذا فان مسألة نشر الاعتدال في المجتمع تعتمد على الاسرة وزرع الكرامة لدى الفرد، وهذا يتم عبر دعم المؤسسات الحكومية والمؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والاعلامية لنشر ثقافة الاعتدال والقبول بالرأي الأخر بعيدا عن التشدد والعنف".
- علي حسين عبيد يجد: "في ثقافتنا الشعبية والاجتماعية تشجيع صريح لحالة التطرف واقرب مثال على ذلك هو المثل الشعبي القائل (اليد التي لا تستطيع محاربتها قبلها)، وعند تفسير هذا المثل الشعبي ينصرف إلى الذهن فكرة القتال والانسحاب وهذا هو قمة التطرف، ايضا كاتب عراقي مخضرم واثناء دعوته إلى كربلاء لحضور ملتقى ثقافي لشرح تجربته الابداعية اشترط امرا معينا وهو عدم حضور المؤسسات الدينية أو أي رجل معمم، بالمقابل هناك رجال دين واثناء دعوتهم لحضور نادي الكتاب يرفضون الحضور، اذا نحن امام مشكلة فالعلماني لا يقترب من رجل الدين وكذلك رجل الدين لا يقترب من العلماني، بالتالي لابد أن نخلق مساحة مشتركة للحوار وللتقارب مع الآخر".
- حامد عبد الحسين الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يصف: "(الاعتدال بحد ذاته فضيلة) وهذا ما يشير اليه محمد الغزالي حينما يقول (الاكراه على الفضيلة لا يصنع انسانا فاضلا كما أن الاكراه على الايمان لا يصنع انسانا مؤمنا)، بالتالي يلوح في سماء تلك المقولة سؤال مفاده (هل يمكن أن نستخدم الاكراه من اجل تحقيق الاعتدال؟)".
الخطاب والتعصب
- محمد الصافي، ناشط مدني، يجد: "إن الخطاب العلماني والديني دائما ما يتجه نحو الماضي ولا يناقش الفرد العربي والمسلم عن حاضره وعن النظريات التي يطرحها، بالتالي نحن تسيطر علينا ثقافة الماضي البعيدة وسواء كانت احاديث نبوية شريفة أو آيات قرآنية، وايضا حتى المسيحية واليهودية هي دائما تعيش الماضي ولا تقترب من المستقبل، وحتى العلمانية في منطقة الشرق الاوسط هم دائما يتحدثون عن المسلمين وعن سلوكياتهم في الازمنة البعيدة، بالتالي حتى العلماني هو لا يطرح نظرية للواقع الحاضر، بالتالي ثمة سؤال يطرح نفسه كيف نحقق نظام يحكم هذه الشعوب، هل يتحقق من خلال القطيعة التامة مع الماضي بالكامل، أو لا كل شخص منا يحدد قوانين خاصة لمجتمعه، ايضا قضية المواطنة هذا المفهوم غير موجود عندنا في مجتمعاتنا، لذلك من السهل جدا أن نجد كرامة الفرد الواحد تسحق بسهولة".
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، يتصور: "إن التعصب ليس سيئا بالمحض بل ربما نحتاجه في بعض الاحيان، وذلك لان الانغلاق على الرأي هو السيء واقصاء الاخر هو السيء، وانما التعصب لفكرة ما اذا تلك الفكرة صحيحة لم لا، هل هناك من لا يتعصب لفكر وحدانية الله سبحانه وتعالى ويرفض الافكار المناوئة لهذه الفكرة، ولكن أن اختزل الافكار الاخرى واقصي الافكار الاخرى واعامل الاخرين بشيء من الاقصاء فهذا هو التعصب بعينه وهو تعصب سلبي وغير ايجابي، اضافة إلى ذلك فإن التغيير المطلوب لابد من ان ينطلق من القمة، خصوصا وأن العصا الغليظة هي الوحيدة القادرة على التغيير اما العصا الناعمة نسبيا فتأثيرها في المجتمع ضئيل وضئيل جدا".
اضف تعليق