أن معركة الحديدة تعد واحدة من أهم المعارك لقوات التحالف لما تمثله من أهمية استراتيجية تتيح لقوات التحالف انتزاع الميناء الذي يعد مصدر دعم اقتصادي وعسكري مهم للحوثيين سيدفعهم الى اتخاذ خطط واجراءات جديدة في سبيل الحفاظ على المدينة، و دخول في حرب استنزاف طويلة إطالة أمد الحرب مع قوات التحالف العربي...
تطورات ميدانية جديدة تشهدها الحرب في اليمن مع استمرار القتال في مدينة الحديدة الواقعة غربي اليمن على البحر الأحمر، والتي تشهد تصعيدًا خطيرًا في وتيرة المعارك بين القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، وجماعة "أنصارالله" (الحوثي)، ويرى العديد من الخبراء والمراقبين كما نقلت بعض المصادر، أن معركة الحديدة تعد واحدة من أهم المعارك لقوات التحالف لما تمثله من أهمية استراتيجية تتيح لقوات التحالف انتزاع الميناء الذي يعد مصدر دعم اقتصادي وعسكري مهم للحوثيين سيدفعهم الى اتخاذ خطط واجراءات جديدة في سبيل الحفاظ على المدينة، و دخول في حرب استنزاف طويلة إطالة أمد الحرب مع قوات التحالف العربي.
وفي هذا الشأن قال مصدر عسكري يمني ووكالة الأنباء الإماراتية وسكان محليون إن قوات عربية تتبع التحالف الذي تقوده السعودية سيطرت على بعض اجزاء من المدينة في معارك مع الحوثيين. وقال السكان إن المعارك تستعر على الطريق الساحلي الواصل بين المطار ووسط المدينة المكتظ بالسكان مشيرين إلى أن طائرات هليكوبتر أباتشي تابعة للتحالف المدعوم من الغرب تقدم دعم جويا.
وشن التحالف المدعوم من الغرب الهجوم على الحديدة يوم 12 يونيو حزيران بهدف تغيير الموازين في حرب بالوكالة بين السعودية وإيران فاقمت الاضطرابات في الشرق الأوسط. وأسفر تصاعد القتال عن إصابة ونزوح عشرات المدنيين وعرقل عمل جماعات الإغاثة في إرسال مساعدات حيوية لملايين اليمنيين عبر الميناء المطل على البحر الأحمر. وتخشى الأمم المتحدة أن يؤدي الهجوم إلى تفاقم أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم والأكثر حاجة للتدخل العاجل حيث يعتمد 22 مليون يمني على المساعدات كما أن هناك 8.4 مليون على شفا المجاعة. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة يعيش 600 ألف شخص داخل وحول الحديدة، وقد تخلف المعارك ما يصل إلى 250 ألف قتيل إذا تطورت الأحداث بشكل سيء.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة معني بالشؤون الإنسانية إن عنصرا رئيسيا في الوصول بالتقديرات إلى هذا الرقم يتمثل في خطر تفشي وباء الكوليرا. وكان التحالف الذي تقوده السعودية قد تدخل في حرب اليمن عام 2015 من أجل الإطاحة بالحوثيين وإعادة الحكومة اليمنية.
تحول جديد
من جانب اخر دخلت القوات الموالية للحكومة اليمنية والمدعومة من التحالف العسكري مطار الحديدة، بعد معارك عند أطرافه، في وقت بدت المدينة الاستراتيجية وكأنها تستعد لحرب شوارع مع تراجع فرص حدوث اختراق سياسي. وجاء دخول المطار بعد معارك عنيفة عند المدخل الجنوبي في موازاة غارات مكثفة لطيران التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
وقالت وكالة الانباء الاماراتية الحكومية "بمشاركة وإسناد من القوات_المسلحة_الإماراتية، المقاومة اليمنية المشتركة تدخل مطار الحديدة في عملية عسكرية نوعية ودفاعات ميليشيات الحوثي تتهاوى". وكانت القوات الموالية للحكومة بدأت في وقت سابق بمساندة التحالف العسكري هجوما واسعا تحت مسمى "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والسيطرة عليها.
وتضم المدينة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة الى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه. لكن التحالف العسكري الذي يضم الامارات، يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية. ويتهم التحالف ايران بتهريب الاسلحة الى المتمردين ودعمهم عسكريا، وهو ما تنفيه طهران.
ويدعو التحالف الى تسليم إدارة الميناء للامم المتحدة او للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم. وكانت الامارات، التي تساند القوات المهاجمة، أكّدت ان الهجوم باتجاه ميناء الحديدة لن يتوقف الا اذا انسحب المتمردون من المدينة من دون شرط. وأضافت "المقاومة اليمنية المشتركة تأسر العشرات من مسلحي الحوثي ممن كانوا يتحصنون خلف أسوار مطار الحديدة وداخل المباني"، متحدثة عن "سيطرة على أجزاء واسعة" من المطار. وفي داخل الحديدة، بدت المدينة وكأنها تستعد لحرب شوارع.
ومع استمرار الحرب، تتزايد حركة النزوح نحو مناطق اخرى مجاورة وبينها العاصمة صنعاء على بعد 230 كلم. وكانت الامم المتحدة أعلنت ان نحو 5200 عائلة نزحت عن منازلها في محافظة الحديدة التي تعتبر مدينة الحديدة عاصمتها، بسبب المعارك الدائرة على طول الساحل الغربي في اليمن. وتوقعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر نزوح آلاف من سكان مدينة الحديدة خلال الايام المقبلة.
ويسير الهجوم في الحديدة في موازاة محاولات من قبل مبعوث الامم المتحدة لليمن مارتن غريفيث التوصل الى تسوية سياسية تجنّب المدينة الحرب خلال زيارة الى صنعاء الخاضعة أيضا لسيطرة الحوثيين. وأبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي خلال جلسة مغلقة عبر الفيديو عن أمله في أن تستأنف في تموز/يوليو المقبل مفاوضات السلام بين اطراف النزاع في هذا البلد، كما افاد دبلوماسيون. وبحسب المصادر، فإن غريفيث يعتبر ان هناك حاليا "فرصا" لانتزاع تنازلات من أطراف النزاع، مع اقراره في الوقت نفسه بأن المعارك الدائرة في مدينة الحديدة تصعّب هذه المهمة. بحسب فرانس برس.
وتخشى الامم المتحدة ومنظمات دولية ان تؤدي الحرب في مدينة الحديدة الى وقف تدفق المساعدات، لكن السعودية والامارات سعتا الى طمأنة المجتمع الدولي عبر الاعلان عن خطة لنقل المساعدات في حال توقف العمل في الميناء. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء. وأدى النزاع في اليمن منذ التدخل السعودي على رأس التحالف الى مقتل نحو عشرة آلاف شخص واصابة عشرات آلاف ونزوح أعداد كبيرة من اليمنيين عن منازلهم في ظل ازمة انسانية تصفها الامم المتحدة بالأكبر في العالم.
عشرات القتلى
من جانب اخر قال الحوثيون إنهم قتلوا عشرات من الجنود السودانيين المقاتلين ضمن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وقال مسؤولون عسكريون يمنيون إنه تم استدراج الجنود السودانيين إلى فخ نصبه الحوثيون في محافظة حجة، شمال البلاد. ويقول الحوثيون إنهم دمروا أيضا عددا من العربات المدرعة. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر يمنية مسؤولة قولها إن الحوثيين استهدفوا قافلة عسكرية سودانية. ولم يعلق التحالف على هذه التقارير.
كما لم يصدر أي تعليق من السودان الذي يشارك بمئات من الجنود في التحالف، الذي يقول إنه يستهدف إعادة "الشرعية" إلى اليمن، في إشارة إلى حكومة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي. وتقول تقارير إن هذه أكبر خسارة بشرية تتكبدها القوات السودانية في اليمن منذ بدء عمليات التحالف آخر شهر مارس/آذار عام 2015. وكان الحوثيون قد سيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014، ما أدى إلى خروج هادي وحكومته من المدينة. و تحدثت التقارير عن إرسال المئات من الجنود السعوديين والسودانيين إلى الشمال لدعم القوات الموجودة في صعده.
على صعيد متصل نقلت صحيفة لو فيجارو الفرنسية عن مصدرين عسكريين قولهما إن هناك قوات خاصة فرنسية على الأرض في اليمن إلى جانب القوات الإماراتية. ولم تذكر الصحيفة تفاصيل أخرى عن أنشطة القوات الخاصة. ولم يصدر رد من وزارة الدفاع الفرنسية حتى الآن لكن سياستها المعتادة هي عدم التعليق على عمليات القوات الخاصة.
وقالت وزارة الدفاع الفرنسية إن فرنسا تدرس إمكانية تنفيذ عملية كسح ألغام ليتسنى الوصول إلى ميناء الحديدة بمجرد أن ينهي التحالف عملياته العسكرية. وأكدت الوزارة أن فرنسا لا تجري عمليات عسكرية في منطقة الحديدة في هذه المرحلة وليست جزءا من التحالف بقيادة السعودية. وتدعم فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا التحالف العربي في الصراع اليمني وتمد السعودية والإمارات بالأسلحة.
الى جانب ذلك أشارت التقديرات الأمريكية إلى أن 44 لغمًا عبروا مضيق المندب ووصلوا إلى ميناء عدن. تلك الألغام قد تُرهب سفن النفط الخارجية وسفن الشحن العادية من العبور من المضيق مما يمثل ورقة ضغط قوية يمتلكها الحوثيون. كما يتحصن الحوثيون بفرقة الغواص المقاتل. يستطيع الغواصون تحديد أماكن آليات التحالف البحرية ومن ثم تفخيخها.
وحذر الحوثيون بلهجة شديدة العنف أن المساس بميناء الحديدة أو صليف سيعرض أمن المملكة والإمارات للخطر. إذ من المحتمل أن يتصاعد القصف الصاروخي للمدن الحدودية السعودية والمطارات المدنية والقواعد العسكرية والمجمعات الصناعية والنفطية في جازان ونجران وغيرهما من مدن الساحل الغربي. وحاملة النفط أبقيق التي دمرها الحوثيون في 3 أبريل/نيسان الماضي ليست بعيدة. وأظهرت تقارير استخباراتية أن بإمكان الحوثيين القيام بهجمات داخل المملكة واقتحام مواقع حكومية. كما أن وقوع صواريخ قيام -١ طويلة المدى في يد الحوثيين لا يجعل حدود الإمارات الغربية أحسن حالًا من حدود السعودية. وآخر أسلحة الحوثيين الدفاعية هي سياسة الأرض المحروقة.
صواريخ حوثية
في السياق ذاته اعترضت قوات الدفاع الجوي السعودي صاروخا بالستيا أطلقه الحوثيون من اليمن، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية، في وقت يكثف التحالف العسكري بقيادة الرياض عملياته الداعمة للقوات الموالية للحكومة اليمنية لاقتحام مدينة الحديدة. وذكر التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الصاروخ كان يستهدف مدينة خميس مشيط في جنوب المملكة "وأطلق بطريقة مُتعمدة لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان".
لكن "تمكنت قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي من اعتراضه وتدميره، ولم ينتج عن ذلك أي أضرار"، وفق البيان الذي اتهم الحوثيين بإطلاقه. من جهتهم، أعلن جماعة انصار الله عبر قناة "المسيرة" التابعة لهم أنهم استهدفوا منشأة تابعة لشركة "أرامكو" النفطية العملاقة قرب مدينة أبها (جنوب غرب). وكثف الحوثيون خلال الأشهر الأخيرة هجماتهم الصاروخية على السعودية التي تقود تحالفا عسكريا ضدهم منذ العام 2015. بحسب فرانس برس.
وأعلنت وسائل إعلام رسمية أن قوات الدفاع الجوي السعودي اعترضت صاروخا بالستيا آخر فوق خميس مشيط بدون تسجيل أي إصابات. وذكرت أن صاروخا أطلقه المتمردون استهدف مدينة جيزان الجنوبية حيث أدى إلى إصابة مواطن باكستاني بجروح. وتأتي الهجمات في وقت تخوض القوات الموالية للحكومة اليمنية معارك عنيفة ضد الحوثيين في إطار عملية عسكرية مدعومة من السعودية والإمارات لاستعادة السيطرة على الحديدة المطلة على البحر الأحمر. وفي 10 أيار/مايو دشّن الدفاع المدني السعودي منظومة صفارات انذار جديدة في الرياض والمنطقة الشرقية، في إشارة إلى تزايد المخاطر التي تشكلها صواريخ المتمردين. وتتهم السعودية ايران بدعم المتمردين الحوثيين بالسلاح، وهو ما تنفيه طهران.
اضف تعليق