حذرت العديد من الجهات والمنظمات الحقوقية في المانيا وخارجها، تنامي المشاكل والازمات وتزايد أعمال العنف ضد اللاجئين والاقليات الدينية بسبب صعود اليمين المتطرف، الذي سعى الى اعتماد خطط خاصة من اجل اثارة الرأي العام، وقد أعربت الحكومة الألمانية منذ وقت بعيد عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني...

حذرت العديد من الجهات والمنظمات الحقوقية في المانيا وخارجها، تنامي المشاكل والازمات وتزايد أعمال العنف ضد اللاجئين والاقليات الدينية بسبب صعود اليمين المتطرف، الذي سعى الى اعتماد خطط خاصة من اجل اثارة الرأي العام، وقد أعربت الحكومة الألمانية منذ وقت بعيد عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. واليمين المتطرف يعارض أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية.

وتعـد الهجـرة كما نقلت بعض المصادر، إحـدى الأسـس المهمـة في خطـاب اليمـين المتطـرف في أوروبـا ، فقـد كـان لتوظيـف قضـية الهجرة دور كبير في نهضة أحزاب اليمين المتطرف فضـلا عـن ذلـك فـإن البطالـة، والتـدهور الاقتصـادي، وفداحـة الضـرائب، ورخـاوة العدالـة، والمسـتوى السـيئ للنظـام التعليمـي طرحـت في خطـاب اليمـين المتطـرف أشـبه مـا تكـون “بالحزمـة الشاملة”، وفيما يخص اخر اخبار العنف في المانيا قال ممثلو ادعاء إن السلطات الألمانية داهمت منازل أربعة أشخاص تتهمهم بأنهم من النازيين الجدد وتشتبه في سعيهم للحصول على أسلحة وذخيرة ومتفجرات لمهاجمة خصوم سياسيين. ونفذت السلطات المداهمات في مواقع في شمال ألمانيا واستهدفت مجموعة تطلق على نفسها اسم (النسر الشمالي).

وتشعر السلطات بقلق متزايد إزاء أنشطة حركات اليمين المتطرف مثل حركة (مواطني الرايخ) التي لا تعترف بألمانيا الحديثة كدولة شرعية وتصر على أن (الرايخ الألماني) ما زال قائما رغم هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وتقدر المخابرات الداخلية أن جماعة (مواطني الرايخ) تضم آلاف الأعضاء. وقتل أحدهم ضابط شرطة في ولاية بافاريا في أكتوبر تشرين الأول. وفتشت السلطات أيضا منزل شخص خامس ليس متهما. ولم يعرف بعد التوقيت الذي كانت الجماعة تحضر لشن هجوم فيه. ويعتقد المحققون إن المتهمين أعضاء في جماعة مواطني الرايخ الذين لا يعترفون بألمانيا الحديثة كدولة شرعية ويصرون على أن ”الرايخ الألماني“ ما زال قائما رغم هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

خطاب الكراهية

على صعيد متصل قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن ساسة التيار اليميني المتطرف في ألمانيا ممن يستخدمون خطابا ينطوي على التخويف من الأجانب لا يقفون فقط عند حد اختبار حدود حرية التعبير لكنهم يحرضون على العنف. وكانت ميركل تتحدث في مناسبة لإحياء الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لحريق متعمد أسفر عن مقتل خمس فتيات ونساء تركيات وإصابة 14 في مدينة زولينجن بغرب البلاد. وأضافت أن ألمانيا لا تزال تعاني من ”تطرف الجناح اليميني“ بعد مرور أكثر من سبعة عقود على هزيمة النازية.

وقالت ميركل”في كثير من الأحيان تخضع حدود حرية التعبير للاختبار عن عمد وتُنتهك المحرمات بلا مبالاة وتستخدم كأداة سياسية“. وأضافت ”هذا ليس مزاحا، بل لعب بالنار. لأن من يزرع العنف بالكلمات يجازف بجني العنف“. وبدا أن كلماتها موجهة إلى أطراف من ضمنها حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للمهاجرين والذي دخل البرلمان للمرة الأولى العام الماضي في ظل مخاوف لدى الناخبين من تدفق المهاجرين واللاجئين.

ويتهم مشرعون ألمان بعض الساسة في حزب البديل من أجل ألمانيا بالعنصرية. وقال أتراك في ألمانيا إنهم سيوجهون اتهامات جنائية إلى أندريه بوجينبورج العضو في الحزب بعدما وصف الأتراك بأنهم ”سائقو الجمال“. وقبل ساعات من خطاب ميركل، تعرضت المشرعة بياتريكس فون شتورش من حزب البديل من أجل ألمانيا لانتقادات بعدما بدت وكأنها تسخر من الأب المتوفي لسياسية ألمانية من أصول فلسطينية. بحسب رويترز.

وأشارت فون شتورش في تغريدة على تويتر إلى أن والد سوسن شبلي كان سيعاني من ”مشاكل مالية كبيرة“ إذا حذت ألمانيا حذو النمسا في خفض الإعانات الاجتماعية للأشخاص الذين لا يتحدثون الألمانية بطلاقة. وردت شبلي على فون شتورش على تويتر قائلة ”إذا كانت نيتك إيذائي فقد نجحت... مات أبي في الآونة الأخيرة. لقد كان رجلا صالحا. فليسامحك الله. فما كان ليريدني أن أسيء إليك“. وحًذفت تغريدة فون شتورش في وقت لاحق. وقالت متحدثة باسمها إن المشرعة حذفت التغريدة بنفسها. ولم تذكر مزيدا من التفاصيل.

من جانب اخر انتقد سياسيون ألمان الزعيم المشارك لحزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين بعد أن أدلى بتعليقات لحزبه بدت تهون من أثر الحقبة النازية في تاريخ ألمانيا. ووفقا لتغريدة أطلقها المتحدث باسم حزبه، قال ألكسندر جاولاند النائب عن حزب البديل من أجل ألمانيا خلال اجتماع للحزب في ولاية تورينجن شرق البلاد ”هتلر والاشتراكيون القوميون مجرد نقطة غائط طير لا قيمة لها في ألف عام من تاريخ ألمانيا المشرف“. وانتقد لارس كلينجبيل الأمين العام لحزب الاشتراكيين الديمقراطيين جاولاند لحطه من شأن النازيين قائلا إن ”من العار“ أن تجلس مثل هذه الشخصيات في البرلمان.

وانتُخب جاولاند زعيما مشاركا لحزب البديل من أجل ألمانيا في ديسمبر كانون الأول، بعد ثلاثة أشهر من حلول الحزب ثالثا ضمن أكبر الأحزاب في مجلس النواب الألماني (بوندستاج). وقالت كاترين جورنج إيكارت من حزب الخضر ”تاريخنا الألماني يظهر أن النازية والكراهية والتحريض أمور تقود إلى الهاوية“ واصفة تصريحات جاولاند بأنها ”ضربة غير معقولة حتى في وجه جميع الناجين من الهولوكوست وأحفادهم وأقاربهم“.

وبعد ساعات من الكلمة، أطلق كريستيان لوت المتحدث باسم حزب البديل من أجل ألمانيا تغريدة أخرى، وكانت هذه المرة مرفق بها صورة بالأبيض والأسود لهتلر غاضبا وقد رفع قبضته عاليا وكتب تحتها يقول ”بالمناسبة، أرى أن فكرة مقارنة هتلر بغائط الطير ساحرة جدا“. كما شبه أحد مؤيديه في الحزب بيورن هاكي النصب التذكاري لضحايا محرقة اليهود في برلين بـ"نصب العار".

قرار جديد

في السياق ذاته دخل قانون مثير للجدل حيز التنفيذ الجمعة في ولاية بافاريا الألمانية المحافظة إذ يلزم بوضع صلبان على مداخل كل المباني الرسمية في إجراء لاقى تنديدا واسعا باعتباره مناورة سياسية. وبحسب مذكرة محلية دخلت حيز التنفيذ في 1 حزيران/يونيو يتوجب على كل الوزارات وقصر العدل ومراكز الشرطة واجهزة التخطيط المدني والمؤسسات العامة الخاضعة لسلطة الولاية الاتحادية ان تعلق صليبا على مداخلها وفي مكان "ظاهر بشكل جلي".

وهذا الاجراء المثير للجدل يندرج بحسب النص في اطار "الاعتراف بالهوية" البافارية مشيرا الى ان الصلبان تشكل "تعبيرا عن بصمة تاريخية وثقافية" في هذه المنطقة ذات الغالبية الكاثوليكية القلقة منذ ثلاث سنوات من وصول اللاجئين وغالبيتهم من المسلمين. وأكد رئيس وزراء بافاريا ماركوس زودر من الاتحاد المسيحي الاجتماعي والذي يقف وراء هذا الاجراء الذي تقرر في نيسان/ابريل، انه "قرار صائب". وقال ان الصليب "ليس فقط رمزا دينيا وانما يرمز كذلك إلى الهوية".

وقال هذا البروتستانتي للتلفزيون والاذاعة البافاريين "الثقافة المسيحية راسخة لدينا مع أيام العطل المسيحية" وذلك قبل لقاء خاص مع البابا فرنسيس الجمعة في الفاتيكان. ولم تصدر تعليمات بخصوص حجم الصلبان كما ان بعض المؤسسات الثقافية مثل المتاحف او المسارح ليست ملزمة بتطبيق هذا الاجراء. وهناك صلبان معلقة اساسا في قاعات الدراسة في المدارس الابتدائية وقاعات المحاكم البافارية.

وأثار الاجراء انتقادات وخصوصا من المدافعين عن البيئة واليسار المتشدد الذين ينددون بإجراء شعبوي انتخابي فيما يسجل اليمين المتطرف المناهض للمسلمين تقدما كبيرا في البلاد. والاتحاد المسيحي الاجتماعي الشريك البافاري لحزب المستشارة انغيلا ميركل الاتحاد المسيحي الديموقراطي مهدد بالواقع بخسارة غالبيته المطلقة خلال الانتخابات المحلية المرتقبة في 14 تشرين الاول/اكتوبر امام تقدم حزب البديل لالمانيا المناهض للاسلام ولميركل.

وهذا الحزب اليميني المتطرف، اكبر قوة معارضة في البوندستاغ، نال 13% من الاصوات في ثاني اكبر منطقة من حيث عدد السكان في البلاد (12,9 مليون نسمة). ويمكن أن تتراجع نسبة مؤيدي الاتحاد المسيحي الاجتماعي الى 42% علما انه لم يخسر سوى مرة واحدة الغالبية المطلقة منذ الستينيات. ومنذ قرار المستشارة الالمانية التاريخي بفتح ابواب البلاد امام اكثر من مليون لاجىء في 2015، توترت العلاقات بين القادة البافاريين والمستشارة. وتمكنوا بشكل ما من أن يفرضوا عليها حصصا سنوية في مجال استقبال اللاجئين.

واعتبر احد ابرز مسؤوليهم وزير الداخلية الفدرالي الحالي هورست زيهوفر في الاونة الاخيرة أن لا مكان للاسلام في المانيا. وقال "الاسلام ليس جزءا من المانيا. المانيا طابعها مسيحي. يوم الاحد عطلة، ايام العطل مسيحية واعياد الفصح والعنصرة والميلاد جزء منها"، رغم ان البلاد اصبحت تعد 4,4 الى 4,7 مليون مسلم. ويأمل الاتحاد المسيحي الاجتماعي بحصول "ثورة محافظين" يكون أساسها العائلة والجذور المسيحية والوطن باعتبار انها تشكل "استقرارا ثقافيا" بحسب أحد مسؤوليه الكسندر دوبرينت. بحسب فرانس برس.

وكتبت صحيفة "اوغسبرغر الغيمايني" البافارية "يظهر ان الاتحاد المسيحي الاجتماعي يحاول استمالة ناخبي حزب البديل لالمانيا عبر استخدام خطابه المتعلق باللاجئين والاسلام وبالطبع الصليب". واستهجن أحد أبرز مسؤولي الكنيسة الكاثوليكية الالمانية الكاردينال رينهارد ماركس ايضا قرار قادة بافاريا معتبرا ان هذا الاجراء يخلق "الانقسام والاضطرابات".

ازدواج المعايير

من جانب اخر اتهمت جماعات مسلمة في ألمانيا حكومة ولاية بافاريا بازدواج المعايير مع سريان أمر جديد يفرض على كل مبنى من المباني الحكومية بالولاية الواقعة بجنوب البلاد وضع صليب في مدخله. ولا تحظر ألمانيا على النساء ارتداء الحجاب لكن هناك قيود في عدد من الولايات على الحجاب وبعض الملابس ذات الصبغة الإسلامية في المحاكم والمدارس. وطرح ماركوس سودر رئيس وزراء بافاريا المنتمي لحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ أمر وضع الصلبان في أبريل نيسان مما أثار رد فعل غاضبا من سياسيين معارضين ورجال دين بارزين.

وقال برهان كيسيجي رئيس منظمة المجلس الإسلامي ”نعتقد أن الرموز والقيم الدينية مهمة للمجتمع“. وأشار إلى أوامر مثل الذي صدر في ميونيخ عاصمة بافاريا وحظر الحجاب في المحاكم وقال إن النظر إلى الحجاب كأمر سلبي مع الاحتفاء بفرض وضع الصلبان في الأماكن العامة يصل إلى حد ”ازدواجية المعايير“. بحسب رويترز.

وقال أيمن مزيك رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا ”نحن المسلمون ليس لدينا مشكلة مع الصليب أو مع رفع شأن الدين في الحياة الاجتماعية. لكن يجب حماية حيادية الحكومة“. وأضاف ”الأمر غير المقبول هو قبول الرموز المسيحية فيما يتم حظر رموز إسلامية أو يهودية أو أي رموز أخرى في الأماكن العامة“. ويعيش نحو أربعة ملايين مسلم في ألمانيا بما يجعلهم أكبر أقلية دينية في البلاد. وبموجب القواعد الجديدة يتعين على كل المكاتب الحكومية والإدارات في بافاريا، أغنى ولاية في البلاد وأكثرها تحفظا، تعليق صليب في مدخلها فيما توصي القواعد الجديدة المدارس والمتاحف والمسارح بوضع صلبان.

اضف تعليق