تطورات جديدة تشهدها الحرب في اليمن، بسبب استمرار الهجمات الجوية والبرية من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، التي أصبحت اليوم هدف مباشر لصواريخ جماعة أنصار الله، هذه التطورات جاءت وبحسب بعض المراقبين بعد مقتل رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن صالح الصماد، وهو ما أسهم بتصاعد وتيرة المعارك عبر الحدود والقصف الصاروخي المتبادل بين الحوثيين والسعودية...
تطورات جديدة تشهدها الحرب في اليمن، بسبب استمرار الهجمات الجوية والبرية من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، التي أصبحت اليوم هدف مباشر لصواريخ جماعة أنصار الله، هذه التطورات جاءت وبحسب بعض المراقبين بعد مقتل رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن صالح الصماد، وهو ما اسهم بتصاعد وتيرة المعارك عبر الحدود والقصف الصاروخي المتبادل بين الحوثيين والسعودية.
حيث اكدت بعض المصادر ومنها وسائل إعلام سعودية في وقت سابق، إن ستة جنود سعوديين قتلوا في معارك مع الحوثيين في الحد الجنوبي للمملكة مع اليمن. بينما أفادت وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي أن مقاتليها أطلقوا ثمانية صواريخ على جازان وصاروخا آخر من طراز "زلزال 2" على نجران. من جهته أعلن التحالف العربي أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت أربعة صواريخ أطلقت من اليمن على نجران، وتسببت هذه الصواريخ في مقتل مواطن سعودي. وقالت وسائل إعلام حوثية إن مقاتلي الجماعة استهدفوا أيضا تجمعات لجنود سعوديين في نجران وعسير، وتحدثت عن عمليات بالمنطقتين شملت تفجير آلية عسكرية بصاروخ موجه، وقصف مدفعي.
وكان الحوثيون هددوا بالانتقام لمقتل الصماد في غارة للتحالف بمحافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن. وشيع الصماد في ساحة السبعين بصنعاء، وأثناء التشييع نفذ طيران التحالف العربي غارتين قرب الساحة. وقال محمد البخيتي القيادي في جماعة الحوثي إن طائرات التحالف شنت غارات أثناء تشييع الصماد بصنعاء بعد أن فشلت غاراتها السابقة في إخافة الناس لحملهم على عدم المشاركة في مراسم التشييع، حسب تعبيره.
مقتل مسؤول بارز
وفي هذا الشأن قالت حركة الحوثيين إن غارة جوية نفذها التحالف بقيادة السعودية أسفرت عن مقتل أكبر قيادي مدني في الحركة المسلحة باليمن وهو أبرز مسؤول يقتله التحالف المدعوم من الغرب في الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام. وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في بيان بثه التلفزيون إن الصماد قُتل في مدينة الحديدة على الساحل الغربي لليمن في عدة ضربات أسفرت عن مقتل ستة آخرين من مرافقيه.
وقال الحوثي ”قوات العدوان وعلى رأسها أمريكا والسعودية مسؤولة عن مقتل الصماد وتبعاته“. ولم يرد تعقيب بعد من التحالف بشأن التقارير لكن قناة العربية التلفزيونية ذكرت أن التحالف قتل الصماد بعد ”رصد دقيق“ لتحركاته. وفي الأمم المتحدة ندد الأمين العام أنطونيو جوتيريش بشدة بالضربات الجوية على حفل زفاف في اليمن أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 مدنيا. وكان الصماد هو الرجل الثاني ضمن أهم المطلوبين من زعماء الحوثيين بعد زعيم الحركة عبد الملك الحوثي. وقالت قناة العربية إن التحالف كان قد عرض مكافأة قدرها 20 مليون دولار لأي معلومات تفضي لاعتقال الصماد.
وتبذل الأمم المتحدة جهودا لحمل الأطراف المتحاربة على الجلوس معا وإبرام اتفاق سلام لتجنيب البلد الفقير مزيدا من سفك الدماء. وقال آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ”قد يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع لأنه يأتي في ظل مفاوضات سياسية متوترة“. وأضاف ”سيجد الحوثيون أنفسهم مضطرون للرد“.
وذكر تلفزيون المسيرة أن الحوثيين عينوا مهدي المشاط، الذي كان يشغل منصب مدير مكتب عبد الملك الحوثي، خلفا للصماد. وذكر سكان ومصادر طبية أن ضربات التحالف أسفرت أيضا عن مقتل 20 شخصا على الأقل كانوا يحضرون حفل زفاف في قرية بشمال غرب اليمن وأن نحو 30 شخصا أصيبوا. وقال التحالف إنه سيحقق في التقرير. ودعا جوتيريش أيضا إلى تحقيق سريع وشفاف. بحسب رويترز.
وجاء في بيان للأمم المتحدة ”ينبه الأمين العام كل الأطراف إلى التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية خلال الصراعات المسلحة. ويدعو إلى فتح تحقيق سريع وفعال ويتسم بالشفافية“. ونفذ التحالف آلاف الضربات الجوية في اليمن أصابت مدارس وأسواقا ومستشفيات وأسفرت عن مقتل المئات لكن التحالف يقول إنه لا يستهدف المدنيين.
صواريخ و طائرات بدون طيار
في السياق ذاته أطلق الحوثيون في اليمن صاروخين باليستيين على ميناء تابع لشركة أرامكو السعودية في مدينة جازان بجنوب المملكة لكن وسائل إعلام سعودية قالت إنه جرى تدمير الصاروخين. وقال تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين إن الصاروخين استهدفا ميناء يتبع الشركة. ونسبت وكالة الأنباء السعودية إلى المتحدث باسم التحالف الذي تقوده المملكة القول إنه جرى اعتراض الصاروخين فوق جازان وسقطت شظاياهما على أحياء سكنية.
وقال العقيد الركن تركي المالكي ”لم يسجل أية إصابات أو أضرار حتى وقت إعداد هذا البيان“. ولم ترد أرامكو بعد على طلب للتعقيب. وتبني الشركة العملاقة مصفاة في جازان بطاقة 400 ألف برميل يوميا في إطار مدينة اقتصادية جديدة على البحر الأحمر ومن المتوقع أن تكون جاهزة للتشغيل في 2019. ويقول الحوثيون إن هجماتهم الصاروخية على المملكة رد على الضربات الجوية التي ينفذها التحالف المدعوم من الغرب على اليمن.
الى جانب ذلك حذّر التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية المتمردين الحوثيين من رد "موجع" إذا حاولوا مجددا استخدام طائرات من دون طيار لشن هجمات ضد المملكة، متهماً ايران بتصنيع هذه الطائرات. وكانت الرياض أعلنت تدمير طائرتين من دون طيار حاولت احداهما استهداف مطار في جنوب السعودية، مشيرة ايضا الى انها اعترضت صواريخ بالستية في سماء المملكة.
وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمر صحافي إنه في حال تكرر استخدام الطائرات من دون طيار "لاستهداف مواقع مدنية، فان الرد سيكون قاسيا ومؤلما وموجعاً". وأضاف المالكي وقد وقف الى جانب بقايا طائرتين صغيرتين ان "النظام الايراني يقوم بتزويد الميليشيات الحوثية بقدرات نوعية تخص الارهاب"، بينها الطائرات من دون طيار. بحسب فرانس برس.
ورأى كذلك الى ان مطار صنعاء في العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة المتمردين تحوّل الى "ثكنة" حيث انه يضم "صواريخ وطائرات من دون طيار". وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا اتهمت بدورها ايران بتصنيع الطائرات من دون طيار وتهريبها للمتمردين الحوثيين لاستخدامها في شن الهجمات ضد السعودية. وتنفي ايران دعم المتمردين بالسلاح، وتقول ان مساندتها لهم سياسية فقط.
على صعيد متصل قال زعيم الحوثيين باليمن إن جماعته ستواصل تطوير قدراتها العسكرية في الوقت الذي صعدت فيه الجماعة هجماتها ضد السعودية في حرب اليمن. وذكرت وسائل إعلام رسمية سعودية أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت ثلاثة صواريخ أطلقها الحوثيون على الرياض ومدينتين أخريين وهي رابع مرة خلال خمسة أشهر تحلق فيها صواريخ فوق العاصمة السعودية. كما أسقطت الدفاعات السعودية طائرتين بدون طيار للحوثيين في مدن بجنوب المملكة.
وقال عبد الملك الحوثي في خطاب بثته قناة المسيرة التي يديرها الحوثيون ”كلما استمر العدوان في حربه فإن قدراتنا العسكرية سوف تكبر وتتطور وتتعاظم“. وأضاف أن لحركته الحق في صنع طائرات بدون طيار واستخدامها. ويقول الحوثيون إن هجماتهم الصاروخية على المملكة رد على الغارات الجوية التي يشنها التحالف المدعوم من الغرب على اليمن. وتقول منظمة أبحاث التسلح في النزاعات المعنية بمراقبة الأسلحة إن لديها أدلة على أن طائرات بدون طيار استخدمت وإن معدات أخرى يستخدمها الحوثيون صنعت في إيران وليست محلية التصميم أو التصنيع.
سلطة هادي تتلاشى
الى جانب ذلك يرى مسؤولون ودبلوماسيون ان سلطة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي تتلاشى في ظل تفاقم خلافه مع دولة الامارات العربية المتحدة والحراك الجنوبي في عدن، الا أن خيارات التعامل مع هذا الوضع تبدو محدودة. ويطرح ضعف سلطة هادي المقيم بشكل دائم في الرياض، أسئلة داخل الأوساط اليمنية حول مصير الرئيس الذي تولى الحكم في 2012 إثر تسوية سياسية في أعقاب تظاهرات مطالبة بالإصلاح، لكنه تحول اليوم، بالنسبة الى كثيرين، الى مجرد رئيس صوري.
وتلقى هادي ضربة موجعة في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي عندما خسرت قواته السيطرة على عدن، العاصمة المؤقتة لحكومته المدعومة من السعودية، إثر معارك دامية خاضتها ضد قوة مدعومة من أبوظبي كانت متحالفة معها في الحرب ضد التمرد الحوثي.
وتتمتع الامارات بنفوذ كبير في جنوب البلد الفقير، وهي تدعم قوة "الحزام الامني" المؤيدة لدعاة الانفصال والتي خاضت المعارك ضد القوات الحكومية. ويتهم مسؤولون يمنيون مقرّبون من الامارات هادي بالسماح بتنامي نفوذ الاسلاميين داخل سلطته والتأثير على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا أعضاء في حزب "التجمع اليمني للاصلاح" المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين، بينما يتهم مسؤولون يمنيون موالون لهادي الامارات بمحاولة مصادرة قرارات الحكومة.
وتصنّف الامارات "الاخوان المسلمين" على أنها "جماعة ارهابية"، وتعمل على الحد من نفوذها في اليمن وخصوصا في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة قوات موالية لأبوظبي. ولم يقم هادي بأي زيارة علنية الى اليمن منذ أكثر من عام. وتعود آخر زيارة له الى عدن الى شباط/فبراير 2017، وفقا لمسؤول في حكومته. وفي آذار/مارس الماضي، استقال وزيران في حكومة الرئيس اليمني احتجاجا على قيام التحالف، كما قالا، بمنع عودة هادي الى بلاده.
ومنذ سيطرة القوات الموالية للامارات على عدن، انحصر دور هادي، أقله في الاعلام، باستقبال سفراء في مقر إقامته بالرياض، والاتصال بالمسؤولين، وتقديم التعازي في الوفيات، بحسب ما تظهر أخبارا توردها وكالة الانباء "سبأ" المتحدثة باسم حكومته. ويرى مسؤول اميركي مطّلع على الملف اليمني ان الوضع الحالي يعقّد امكانية الوصول الى حل سياسي. وقال المسؤول مشترطا عدم ذكر اسمه ان "طريقة تصرّف الامارات في الجنوب تعقّد مهمة الوصول الى حل سياسي، وتطيل المشكلة اليمنية الكامنة في الميليشيات والجماعات المسلحة".
وفرضت هزيمة قوات الحكومة تحديا أمنيا دفع بعض وزراء الحكومة الى مغادرة عدن والعمل من مناطق أخرى، وهو ما تسبب بإعاقة العمل الحكومي وتشتت القرار. وقال المتحدث باسم الحكومة راجح بادي إن "غالبية الوزراء متواجدون في عدن معظم الوقت، والبعض مستقر استقرارا كاملا فيها، وهم أبناء المحافظات الجنوبية". في المقابل، يتوزع الوزراء الذين ينتمون إلى المحافظات الشمالية على الرياض ومأرب (غرب اليمن). ويقول مسؤولون في سلطة هادي إن معظم هؤلاء مستقرون بشكل شبه دائم في العاصمة السعودية، وبينهم وزير الخارجية عبد الملك المخلافي.
وقال مسؤول حكومي رفيع المستوى "الخطر الأمني على الحكومة ليس من داعش وتنظيم القاعدة، وإنما من التشكيلات العسكرية غير المنضبطة، وغير الخاضعة لسلطة وزارة الداخلية، أو لسلطة وزارة الدفاع". وكانت الاشتباكات بين قوة "الحزام الامني" والقوات الحكومية اندلعت على خلفية مطالبة المجلس الانتقالي الجنوبي، الجناح السياسي للانفصاليين، بإقالة وزراء في حكومة هادي اتهمهم بالفساد، ما أدى الى مواجهات بين قوات الحكومة ومتظاهرين سرعان ما تطورات الى معارك قتل واصيب فيها العشرات. وسيطرت القوات المدعومة من الامارات على شوارع عدن، وبلغت قصر معاشيق حيث يقيم افراد من الحكومة، قبل ان يتدخل التحالف بقيادة السعودية ويتوسط بين الطرفين.
وتدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 في اليمن، دعما لحكومة عبد ربه منصور هادي بعدما تمكن المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها العاصمة صنعاء. وأدى النزاع منذ التدخل السعودي الى مقتل نحو عشرة آلاف شخص واصابة نحو 54 الفا في ظل أزمة انسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم حاليا. وفي موازاة التحدي الأمني، يشكّل تشتت القرار في حكومة هادي عقبة جديدة أمام الحل السياسي نظرا لصعوبة اتخاذ قرار موحّد فيها، خصوصا في ظل إصرار الحكومة على المواجهة العسكرية واستبعاد اي حل سياسي مع المتمردين الحوثيين.
وفي ظل ترهل سلطته، يدور حديث في الأوساط السياسية اليمنية عن إمكانية العمل على اجراء تغيير سياسي يشمله، رغم المخاوف من الفراغ الذي قد تتسبب به هذه الخطوة. ويتداول السياسيون فكرة تقوم على جعل هادي "رئيسا صوريا"، بينما يتم تعيين نائب له من الشمال قادر على اجراء محادثات مع المتمردين الحوثيين لانهاء النزاع. لكن المسؤول الاميركي يؤكد ان الاستغناء عن هادي أمر مستبعد حاليا. بحسب فرانس برس.
ويوضح أنه "في نهاية المطاف، هادي ورغم اخفاقاته، يمثل عاملا مهما اذا اردنا الوصول الى حل سياسي في اليمن"، محذرا من انه "اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي، قد تبقى السعودية تقاتل في اليمن لعشرين سنة". بالنسبة الى آدم بارون، الخبير في الشؤون اليمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فان هادي "يبقى شخصية رئيسية (...) فقط لانه رئيس اليمن المعترف به ورئيس الحكومة المعترف بها".
اضف تعليق