اصبحت استراليا كغيرها من الدول الاخرى هدف اخر لبعض التنظيمات والعناصر الارهابية، التي خسرت الكثير من مكتسباتها السابقة في سوريا والعراق ودول اخرى، الامر الذي دفعها الى تنفيذ عمليات ارهابية في دول مختلفة من اجل التغطية على تلك الخسائر، وقد افادت مصادر رسمية استرالية في وقت سابق انها تتوقع حدوث هجوم إرهابي كبير على أراضيها "لا يمكن تفاديه"، وتقول السلطات الأسترالية إنها منعت وقوع الكثير من الهجمات الارهابية على أراضيها في السنوات القليلة الماضية، بينها مخطط في تموز/يوليو كان يهدف بحسب المعلومات إلى إسقاط طائرة باستخدام غاز سام أو قنبلة يدوية الصنع مخبأة في آلة لفرم اللحمة.
تلك الهجمات والمخاطر دفعت السلطات ايضا الى اعتماد استراتيجية امنية جديدة لمنع وقوع هجمات إرهابية منها عمليات الصدم بسيارات التي قد تستهدف أماكن عامة مزدحمة كما حدث في أوروبا. واقترحت الحكومة الاسترالية تعديلات على قوانين ستسمح للجيش الاسترالي بأن ينتشر بسرعة أكبر استجابة "للأحداث الإرهابية" داخل البلاد. وقالت الحكومة في بيان إن قوات الشرطة تبقى الأفضل في الاستجابة الأولية لمثل تلك الأحداث لكن الجيش بإمكانه عرض دعم إضافي لتعزيز قدراتها.
وشهدت استراليا سلسلة من "هجمات الذئاب المنفردة" التي تستلهم فكر الجماعات الإسلامية المتطرفة مما دفع السلطات لمراجعة الأساليب التي تنتهجها الشرطة وسلطات الولايات والسلطات الاتحادية. وقال وزير العدل مايكل كينان لهيئة الإذاعة الاسترالية "الشيء الرئيسي الذي نحتاجه هو الترتيبات الأكثر مرونة ممكنة... تغيرت التهديدات بشكل كبير للغاية".
وبموجب التعديلات القانونية المقترحة ستكون الحكومة والحكومات على مستوى الولايات قادرة على استدعاء مساعدة الجيش قبل الاستجابة لحادث يتجاوز قدرات قوات الشرطة. وقال كينان "ما نريد القيام به هو التأكد من أننا نعمل مع الشرطة ومن ثم استخدام كل ما يمكن استخدامه بما في ذلك قوات الدفاع الاسترالية". وقالت الحكومة إن التعديلات القانونية المقترحة نتيجة لأول مراجعة لدور الجيش في مكافحة الإرهاب بالداخل منذ 2005.
حادث وتحقيق
وفي هذا الشأن قاد استرالي له أصول أفغانية وتاريخ من المشاكل النفسية سيارته ليدهس متسوقين لعيد الميلاد في مدينة ملبورن الاسترالية مما أدى لإصابة 19 شخصا، لكن الشرطة قالت إنها لا تعتقد أن الهجوم مرتبط بالإرهاب. وقال شاهد يدعى جيم ستوباس إن السيارة كانت تسير بسرعة تصل إلى 100 كيلومتر في الساعة عندما اندفعت نحو المارة عند تقاطع مزدحم. وأضاف أن السيارة توقفت عند محطة للترام.
وقالت الشرطة إنها اعتقلت السائق البالغ من العمر 32 عاما وهو استرالي من أصول أفغانية له ماض يشمل الاعتداء وتعاطي المخدرات ومشاكل نفسية. وقال شين باتون القائم بمهام كبير مفوضي الشرطة بولاية فكتوريا ”لا نملك أي دليل أو معلومات في الوقت الحالي عن وجود صلة بالإرهاب“. واعتقلت الشرطة أيضا شخصا يبلغ من العمر 24 عاما في موقع الهجوم كان يصور ما يحدث ويحمل حقيبة بها سكاكين. وقال باتون إن ”من المحتمل جدا“ أن يكون هذا الشخص ضالعا في الواقعة. ولم توجه اتهامات للرجلين ولم تكشف الشرطة عن اسميهما.
ووقعت حادثة الدهس في شارع فليندرز، وهو شارع رئيسي يطل على نهر يارا، في الحي المالي بوسط ملبورن ثاني أكبر المدن الاسترالية. وأقامت ملبورن 140 حاجزا خرسانيا في وسط المدينة لمنع هجمات الدهس التي قد ينفذها متشددون مثل هجمات وقعت مؤخرا في أوروبا والولايات المتحدة. وقال دانيال آندروز رئيس حكومة ولاية فكتوريا ”شهدنا فعلا مروعا وشريرا يدل على الجبن ارتكب بحق مارة بريئين“. بحسب رويترز.
كما يوجد في سيدني، أكبر مدن استراليا، حواجز خرسانية بطرق المشاة الرئيسية. وقال رئيس الوزراء مالكولم ترنبول على حسابه الرسمي على تويتر ”قلوبنا مع الضحايا وعاملي خدمات الطوارئ والصحة ودعاؤنا لهم“. ورفعت استراليا مستوى التهديد إلى ”عال“ منذ 2015 توجسا من شن استراليين هجمات بعد انتهاجهم خطا متطرفا في العراق وسوريا. ولقي رهينتان مصرعهما أثناء حصار استمر 17 ساعة داخل مقهى في سيدني عام 2014 نفذه مهاجم مستلهما فكر داعش.
استراليا والتحالف الدولي
الى جانب ذلك قبل أيام من احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة، وبعد يومين على الهجوم الذى استهدف مدينة ملبورن الاسترالية، أقدمت الحكومة على إعلان انسحابها من التحالف الدولي الذى يحارب تنظيم داعش الإرهابي فى سوريا والعراق، في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة رضوخ للتهديدات من جهة، ومحاولة استرالية لتعزيز قدراتها على تأمين جبهاتها الداخلية والاستعانة بخدمات قواتها المسلحة داخل الحدود.
وقالت وزيرة الدفاع الاسترالية ماريز باين، إن بلادها ستنهى الضربات الجوية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا وتعيد طائراتها من طراز سوبر هورنيت، بعد مشاركتها لمدة ثلاث سنوات في التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي في أعقاب إعلان العراق النصر الكامل على التنظيم الإرهابي. وأضافت : "بعد مناقشات مع العراق ومع الدول أعضاء التحالف الدولي قررت الحكومة الاسترالية أننا سنعيد من الشرق الأوسط إلى الوطن طائراتنا الست من طراز سوبر هورنيت". وتابعت : "كانت المهمة طويلة وشاقة، وقدم كل أفرادنا مساهمة استثنائية".
وقرار الحكومة الاسترالية، فتح الباب أمام المزيد من التحذيرات التي أطلقها خبراء أمن واستخبارات أوروبيون من احتمالات إندلاع هجمات إرهابية في العديد من دول القارة العجوز خاصة مع اقتراب فترة الأعياد والاحتفالات، والتي توعد تنظيم داعش قبل أسابيع بأن يجعلها "كريسماس دامى". وتستعد دول أوروبا لاحتفالات الكريسماس وأعياد الميلاد وسط مخاوف من استهدافها بعمليات إرهابية منفردة في ظل موجة العودة إلى القارة العجوز التي بدأها مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي بعد هزيمتهم في ميادين سوريا والعراق، وهو ما دفع دولاً إلى إعلان حالة الطوارئ، وقادت دولاً آخرى لتمديد تواجد الجيش لمساعدة الأجهزة الأمنية في مهامها داخل الحدود، وسط تحذيرات من خبراء عسكريين دوليين من ضعف تلك الجيوش وإنهاكها لتواليها أعباء إضافية.
51 ألف سلاح
من جانب اخر قال رئيس الوزراء الاسترالي مالكولم ترنبول إنه تم تسليم 51 ألف قطعة سلاح ناري غير مرخصة، أي ما يعادل خمس الأسلحة غير القانونية في البلاد، وذلك خلال فترة سماح بدأت منذ ثلاثة أشهر. وأضاف ترنبول إن القوانين الصارمة لحيازة السلاح والتي تحرم جميع البنادق نصف الآلية وبنادق الصيد نصف الآلية تقلل بشكل كبير جدا من فرص وقوع حوادث إطلاق نار على غرار ما حدث في لاس فيجاس بالولايات المتحدة.
وأبلغ ترنبول الصحفيين في سيدني ”القاتل هناك كانت لديه مجموعة من الأسلحة نصف الآلية وهي أسلحة ما كان لشخص في وضعه أن يملكها في استراليا“. وكان ستيفن بادوك الأمريكي البالغ من العمر 64 عاما قد فتح النار على جماهير حفل موسيقي في لاس فيجاس من نافذة جناحه الفندقي بالدور الثاني والثلاثين مما أسفر عن مقتل 58 شخصا وإصابة المئات قبل أن ينتحر بعد أبشع جريمة إطلاق نار في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. ولفت الهجوم الانتباه لقواعد حيازة السلاح في الولايات المتحدة. بحسب رويترز.
وتطبق استراليا قوانين صارمة فيما يتعلق بملكية السلاح بعد أن قتل مسلح منفرد 35 شخصا في ولاية تسمانيا عام 1996. ومنذ ذلك الحين لم يحدث أن وقع حادث إطلاق نار جماعي. ومن المقرر أن يتم إعدام الأسلحة غير المرخصة التي تم جمعها خلال فترة السماح التي كانت الأولى منذ 20 عاما.
وأصدرت ولاية نيوساوث ويلز التي تضمّ مدينة سيدني، عفوا عاما عن كل شخص يسلم متفجرات الى الشرطة، متعهدة بعدم اجراء أي تحقيق مع هؤلاء. وبعد انتهاء المدة المتاحة لتسليم الأسلحة، أعلنت شرطة مكافحة الإرهاب في هذه الولاية نجاح العملية. وصرّح رئيس جهاز مكافحة الارهاب في الولاية ميك ويليس "تم تسليم مجموعة كبيرة ومنوعة من المتفجرات خلال خمسة أشهر، لكن يبقى الكثير".
وبالإضافة الى 146 كلغ من المتفجرات، تم تسليم أكثر من 20 كلغ من البودرة وآلاف الصواعق والفتائل. وأعلن وزير العدل الاسترالي مايكل كينان أن الحكومة الاسترالية وجهت نداء على المستوى الوطني لتسليم الأسلحة النارية، وهو النداء الأول منذ 20 عاما الذي سمح بجمع 25999 سلاحا منذ حزيران/يونيو. وتقدر الحكومة عدد الأسلحة النارية غير الشرعية في البلاد ب260 ألفا. وأحبطت السلطات 13 اعتداء في استراليا منذ أيلول/سبتمبر 2014. لكن شهدت البلاد اعتداءات بينها مقهى في سيدني في كانون الأول/ديسمبر 2014، الذي قتل خلاله اثنان من الرهائن.
مخيمات الاحتجاز
على صعيد متصل دعت استراليا مئات المهاجرين الخائفين الى مغادرة مخيم للاحتجاز مثير للجدل في جزيرة بابوا غينيا الجديدة تتراجع فيه ظروف المعيشة في اجواء من التوتر. وكان يفترض ان تتسلم سلطات بابوا غينيا الجديدة المخيم. وقد طلب من اللاجئين الانتقال الى ثلاثة مراكز "انتقالية" في بلدة لورينغاز المجاورة. لكن عددا منهم اعتصموا داخل الموقع خوفا على سلامتهم في اجواء من العداء من قبل بعض السكان.
وغادر طاقم المخيم الموقع وقال مدافعون عن حقوق المهاجرين ان المياه والكهرباء والمواد الغذائية قطعت عنه، بينما تحدثت وسائل اعلام عن عمليات نهب. وكان القضاء في بابوا رأى العام الماضي ان احتجاز اللاجئين في جزيرة مانوس مخالف للدستور. ووافقت كانبيرا على اغلاق المخيم الذي يقيم فيه اكثر من 600 شخص قبل نهاية تشرين الاول/اكتوبر.
واكدت منظمة هيومن رايتس ووتش ان بعض اللاجئين تعرضوا "للطعن والضرب والسرقة" مع اقتراب موعد اغلاق المخيم. وقال اللاجىء الايراني بهروز بوشاني الذي تقدم بطلب طعن امام محكمة بابوا العليا لمحاولة منع اغلاق المخيم، على تويتر ان الجميع خائفون بعد ليلة بلا نوم. واضاف "ليس هناك مياه ولا كهرباء ولا مواد غذائية. حتى المراحيض لا تعمل". وتابع ان "الناس يشعرون بتوتر كبير ونتوقع ان تتم مهاجمتنا في اي لحظة". بحسب فرانس برس.
وتتبع كانبيرا سياسة صارمة حيال المهاجرين الذين يحاولون الوصول الى سواحلها وتنقلهم الى مخيمات في مانوس وفي جزيرة او دولة ناورو الصغيرة. وتبرر استراليا هذه السياسة بمكافحة عصابات التهريب وضرورة ردع المهاجرين الذين تأتي اعداد كبيرة منهم من ايران والعراق والصومال وافغانستان، عن القيام بالرحلة الخطيرة حتى شواطئها.
من جانبها اتهمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين استراليا بالتخلي عن مئات المهاجرين وطالبي اللجوء في جزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة وقالت إن عليها مسؤولية للتعامل مع الفوضى التي تسببت فيها باستخدامها نظام ”التعامل مع الطلبات في الخارج“. وقالت سيسيل بويي المتحدثة باسم المفوضية في إفادة روتينية بالأمم المتحدة في جنيف إن نحو 800 لاجئ لا يزالون في وضع محفوف بالمخاطر في جزيرة مانوس بعد أن نقلوا قسرا من معسكر احتجاز الشهر الماضي بعد أن قررت استراليا إغلاقه.
وقالت ”نتحدث هنا عن أشخاص تعرضوا لمعاناة هائلة وصدمة حادة ويشعرون الآن بانعدام الأمان الشديد في المناطق التي يقيمون فيها. هناك العديد من ضحايا التعذيب، أناس تعرضوا لصدمات قوية وليس لديهم أدنى فكرة ماذا سيحدث لهم لاحقا“. وتابعت قائلة ”في ظل استمرار الوضع الخطر في جزية مانوس في بابوا غينيا الجديدة بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء دعت المفوضية مجددا الحكومة الاسترالية إلى الوفاء بمسؤولياتها والتوصل بشكل عاجل لحلول إنسانية مناسبة“.
وانتقدت الأمم المتحدة وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان مرارا الأوضاع في المعسكر هو وآخر على جزيرة ناورو الصغيرة في المحيط الهادي. والمعسكران هما حجرا الزاوية في تنفيذ سياسة استراليا الخاصة بالهجرة التي لا تسمح لطالبي اللجوء الذين يصلون لها بالقوارب بالوصول إلى سواحلها وهي سياسة تهدف لردع المهاجرين عبر البحر وتحظى بتأييد من الحزبين الرئيسيين في البلاد.
اضف تعليق