تناقلت وسائل الإعلام المختلفة والسوشال ميديا نبأ حادث فضيع هزّ أركان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو عبارة عن حادثة إطلاق وابل من النار بواسطة شخص واحد على أناس كانوا يحيون حفلا في الهواء الطلق، ولا تعرف السلطات الأمريكية الدوافع التي تقف وراء ذلك، فيما سارع تنظيم داعش الإرهابي (كعادته) الى إعلان مسؤوليته عن الحادث الذي أدى حسب حصيلة رسمية أولية، الى مقتل 50 شخصا وجرح أكثر من400، لكن السلطات استبعدت بصورة حاسمة أن يكون القاتل على صلة بالتنظيم، وأكدت أن الدوافع وراء الحادثة فردية بحتة.
وصف لمدينة لاس فيغاس
لاس فيغاس Las Vegas وتعني "المروج" بالإسبانية، واسمها رسميا مدينة لاس فيغاس وتعرف أيضا كتبسيط باسم "فيغاس"، هي مدينة في مقاطعة كلارك في ولاية نيفادا الأمريكية، وترتيبها الثامن والعشرون من حيث السكان في الولايات المتحدة، وهي أكبر مدن الولاية سكانا وهي مقر مقاطعة كلارك. المدينة هي مركز منطقة وادي لاس فيغاس الحضرية وهي مدينة سياحية شهيرة على مستوى العالم، ومعروفة في المقام الأول بالقمار والتسوق والمطاعم الراقية والترفيه والحياة الليلية. ويعتبر وادي لاس فيغاس ككل بمثابة المركز المالي والتجاري والثقافي في ولاية نيفادا.
تصف المدينة نفسها كعاصمة الترفيه في العالم، وتشتهر بالكازينوهات والفنادق الضخمة والأنشطة المرتبطة بها. وترتيبها الثالث بين أهم مقاصد مؤتمرات الأعمال في الولايات المتحدة وهي رائدة عالميا في صناعة الضيافة، وتزعم أنها بها فنادق بتصنيف خمسة ماسات أكثر من أي مدينة أخرى في العالم. وتحتل لاس فيغاس سنويا مرتبة متقدمة من الوجهات السياحية الأكثر زيارة في العالم.
مشهد مصوّر لما حدث
فتح مسلح، - كما قالت الشرطة المحلية- اسمه ستيفن بادوك من سكان المنطقة يبلغ عمره 64 عاما، النار من الطابق الثاني والثلاثين من فندق ماندالاي باي على حفل موسيقي في الهواء الطلق حضره 22 ألف شخص. واقتحمت الشرطة غرفة الفندق التي كان بادوك موجودا بها، حيث عثرت عليه قتيلا كما عثرت على عدد من البنادق. ويعد هذا هو أسوأ حادث لإطلاق النار في الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة عبر موقع تويتر إنه يرسل "أحر تعازيه" للضحايا وأسرهم، وقال إنه إطلاق النار "مروع". ووصف الضابط جو لومباردو من شرطة لاس فيغاس الهجوم بأنه هجوم "ذئب منفرد". وقال إنه لا توجد معلومات عن دوافع بادوك. وقال "لا توجد لدينا معلومات عن معتقداته".
ومنعت الشرطة الدخول والخروج من عدد من الفنادق المجاورة لموقع الحادث، وبقيت أجزاء من منطقة لاس فيغاس بوليفارد مغلقة. واحتمى الناس داخل الفنادق والمطاعم ومطار ماكارين في لاس فيغاس. وقال شاهد إنجليزي يدعى مايك تومسون لبي بي سي إنه شاهد أشخاصا يركضون في ذعر تام. وقال تومسون "كانت الدماء تغطي رجلا وحينها علمت أن أمرا قد حدث". وأضاف "كان الناس يركضون وكانت الفوضى تعم الأجواء".
ما هي الدوافع المتوقعة وراء الحادثة؟
بالطبع لا يسع المجال في هذه الكلمة لتقديم وصف تام عن طبيعة (لاس فيغاس)، وماذا يجري فيها ليلا، وما هي أنواع الحياة الصارخة التي تضج فيها، ولابد أن نركز على نقطة هنا، أن القاتل (64) عاما، كما ذكرت الشرطة المحلية، هو من سكان المنطقة المعروفين، بمعنى أنه ليس طارئا ولا غريبا، وإنما هو منتمٍ الى النسيج المجتمعي لهذه المدينة، والآن كثير من الناس في أمريكا وخارجها، مسؤولون وأناس عاديون، يطرحون التساؤل المركّز التالي:
تُرى ما هي الدوافع الحقيقية التي تقف وراء إقدام شخص عمره (64) من سكان المنطقة على التخطيط والتنفيذ لمثل هذا الحادث الذي وصفه الرئيس الأمريكي بـ (المروّع)؟، لقد سكن القاتل في احد فنادق لاس فيغاس (تاركا منزله في المينة نفسها)، منذ يوم 28 سبتمر، وهذا يعني أنه خطط مسبقا لما يريد أن يقم به، وبحسب الشرطة أنه نقل الى غرفته في الفندق الذي يشارف على مكان الحفل، ثمان بنادق أتوماتيكية وأعتدة بأعداد كبيرة، والسؤال هنا كيف أدخل هذا الشخص كل هذه الأسلحة والذخيرة الى الفندق من دون أن يثير حفيظة أحد من مسؤولي الفندق أو رجال الأمن؟.
بالطبع علامات الاستفهام كثيرة هنا، والأسباب أيضا كثيرة لدرجة قد لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة، على أننا في هذا المقال غير معنيين بالأسباب أيا كان نوعها أو من أية جهة صدرت، لكننا من خلال مبدأ تقاسم العيش على كوكب واحد، يكون من الأفضل لنا ولغيرنا أن نفهم الدوافع الدقيقة التي حدت برجل في الرابعة والستين من عمره يسكن في المنطقة ذاتها، يقوم بإطلاق النار على حشد من مواطنيه الأبرياء يشاركون في حفل بالفضاء الطلق لا أكثر؟.
التفسخ الأخلاقي الغربي
طالما أننا نتقاسم الأرض عيشاً ونشاطا وسكنا، حاضرا ومستقبلا، فمن حقنا أن نعطي وجهة نظرنا في مثل هذه الحوادث الشنيعة، وما هو تأثيرها ليس على الأمريكيين وحدهم، ولا على سكان لاس فيغاس تحديدا، ولكن العالم بأسره معني بمثل هذه الحوادث، فمثلما تتحرك أمريكا بأساطيلها وقواتها العسكرية لمعالجة الإرهاب في أفغانستان أو الصومال أو أية مناطق رخوة أخرى، وتقوم بضرب بؤر الإرهاب، فإننا نعزو مثل هذه الحوادث الى الخلل الأخلاقي الذي زرع التفسخ والانحلال في بعض المجتمعات الغربية.
إن رجلا في هذا العمر (64)، غير مرتبط بتنظيم متطرف، يُقدم على مثل هذا العمل الشنيع، لابد أن تدفعه الى ذلك دوافع هائلة ومخيفة، علينا معرفتها بالضبط، وعلى الجهات المؤهلة أن تبادر لمعالجتها، لقد بلغ الانحلال الغربي درجة الذروة، والمشكلة أن هذا النموذج آخذ بالانتشار بين الأمم والشعوب الأخرى عبر السوشال ميديا، أي لا توجد حماية من هذا المد للشعوب والأمم الأسرع تأثرا بالنموذج الغربي وبالأخلاق المنحلّة للفرد الغربي وعلى الأخص الشباب منهم.
السؤال هنا، كيف نحمي أنفسنا من هذه السيول اللا أخلاقية الجارفة، وإذا كانت شعوبنا ضحية للتوتر والاضطراب بسبب زرع الإرهاب في بلدننا من قوى دولية وجهات معروفة، فإننا نخشى أكثر من حالات الفساد والاضطراب الذي ينقل لنا عبر النموذج الغربي المنحل والمتفسخ، واذا كنا قد قاومنا وكافحنا التطرف والإرهاب الداعشي وسواه بالدماء والأرواح والممتلكات، فإننا قد نحتاج الى ما اكبر وأغلى وأصعب لمكافحة نموذج التفسخ الغربي.
إننا بالطبع لا نتدخل بشكل الحياة الأمريكية والغربية، إنهم أحرار بطرائق العيش، ولهم أن يصنعوا ما يشاؤوا من المدن الشبيهة بـ لاس فيغاس، ولكن عليهم أن يكفوا عن ترويج نموذجهم، مثلما علينا أن نعي ذلك جيدا ونستعد دائما لمكافحة حرب الثقافات الدخيلة قبل أن تضرب مجتمعاتنا سيول التفسخ والانحلال.
اضف تعليق