تواصل القوات العراقية المشتركة انتصاراتها المتلاحقة في معركة تلعفر، آخر معقل لتنظيم داعش في محافظة نينوى، ويرى بعض الخبراء ان القوات العراقية المشتركة قد حققت في الايام القليلة الماضية، تقدم كبير ومهم في العديد من الجبهات وهو ما قد يسهم بتغير بعض التوقعات السابقة بخصوص هذه المعركة، حيث أفاد مصدر أمني عراقي بأن القوات المشتركة بدأت باقتحام مركز مدينة تلعفر الواقعة في غرب الموصل. وقال المصدر إن" قطعات من قوات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي حررت حي الجزيرة في الجهة الغربية وهو من أحياء مدينة تلعفر".
وأشار الى أن قطعات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي تشتبك مع عناصر داعش في حي الكفاح غربي قضاء تلعفر فيما بدأت قوات مكافحة الارهاب باقتحام الحي. من جانبه، قال قائد عمليات" قادمون يا تلعفر" الفريق الركن عبد الامير يار الله إن" قوات مدرعة من الجيش العراقي وألوية من الحشد الشعبي بدأت بالتقدم نحو مركز المدينة". وذكرت بيانات لقيادة العمليات العراقية المشتركة أن قوات الجيش ووحدات مكافحة الإرهاب اقتحمت المدينة من الجهتين الشرقية والجنوبية.
وأكد قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي تحقيق القطعات العراقية تقدما نحو عمق المدينة. وأضاف قوله: "اليوم حققنا تماسا مع عمق المدينة المتمثل في حي الكفاح الجنوبي"، مشيرا إلى "احتمال أن تكون هناك مفاجآت في معركة تلعفر وجميع القطعات تسير الآن باتجاه الأهداف المرسومة لها". ونقلت وكالة نينا العراقية عن مصدر عسكري قوله إن قوات فرقة المشاة 16 والحشد الشعبي فرقة العباس القتالية "كسرت خطوط الصد الأول" لداعش في تلعفر وتمكنت من قتل 20 من عناصره.
وأضاف أن الحيش العراقي يتقدم الآن من عدة محاور باتجاه أحياء الجزيرة والنور والنصر والسراي، وهي الأحياء الشرقية لمركز قضاء تلعفر. وكانت القوات العراقية قد ألقت مئات آلاف المنشورات على تلعفر تحتوي على أخبار التقدم الميداني في القضاء ونصائح للمواطنين.
شبكة أنفاق
من جانب اخر أفادت الشرطة العراقية بأن قواتها توغلت في غرب تلعفر، وفرضت سيطرتها على شبكة أنفاق لتنظيم داعش. وقال قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر، بأن قوات الشرطة الاتحادية توغلت في مناطق غرب تلعفر، وفرضت سيطرتها على شبكة أنفاق لتنظيم داعش. وقال جودت، في بيان إن قطعات الشرطة الاتحادية بإسناد الحشد الشعبي استأنفت اليوم الثاني لانطلاق المعركة وتوغلت باتجاه مناطق الكفاح والوحدة والسعد غرب تلعفر. وأضاف أن تلك القطعات تسيطر على شبكة أنفاق للدواعش تستخدم مقراً للسيطرة والتدريب والطائرات المسيرة.
وكانت بيانات عسكرية عراقية أفادت بأن القوات العراقية سجلت تقدماً في مستهل عمليات "قادمون يا تلعفر" لطرد داعش من قضاء تلعفر، الواقع على بعد 70 كيلومتراً غربي مدينة الموصل. وقال الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله قائد العمليات في بيان صحفي: "إن قطعات فرقة المشاة السادسة عشر حررت قرى بطيشة والعلم وخفاجه وحلبية العليا ومرازيف شرق تلعفر وترفع العلم العراقي فيها وتكبد العدو خسائر بالأرواح والمعدات، فيما حررت قوات مكافحة الإرهاب قرى قزل قيو وقرية كسر محراب في الجنوب الغربي لقضاء تلعفر وترفع العلم العراقي". بحسب فرانس برس.
وأضاف "إن طيران الجيش العراقي نفذ 14طلعة جوية ضمن عمليات قادمون يا تلعفر أسفرت عن مقتل 16 من عناصر داعش وتدمير دراجتين ناريتين وتفجير كدس عتاد (مستودع أسلحة) كان مخبأ في أحد أوكار أطراف قضاء تلعفر". ويشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، كان قد أعلن، في خطاب متلفز بدء العمليات العسكرية لاستعادة مدينة تلعفر شمال العراق، آخر أكبر معاقل تنظيم داعش في محافظة نينوى.
زيارة غير معلنة
في السياق ذاته وصل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إلى العراق بعد أيام فقط من بدء هجوم لاستعادة مدينة تلعفر لإجراء محادثات مع القادة العراقيين بشأن الخطوات المقبلة في الحرب على تنظيم داعش. وكان ماتيس قد حذر من أن القضاء على داعش مازال بعيدا. وأعلن رئيس وزراء العراق حيدر العبادي أن قوات الأمن العراقية بدأت هجوما لاستعادة مدينة تلعفر في أحدث حلقات الحملة المدعومة من أمريكا لهزيمة مقاتلي التنظيم.
وتلعفر معقل للمتطرفين السنة منذ فترة طويلة وتقع على بعد 80 كيلومترا غربي الموصل في أقصى شمال العراق وسبق أن شهدت موجات من العنف الطائفي بين السنة والشيعة. وقال ماتيس للصحفيين في وقت سابق "أيام التنظيم أصبحت معدودة بكل تأكيد لكنه لم ينته بعد ولن ينتهي في وقت قريب". وأضاف أن القوات العراقية ستتحرك بعد السيطرة على تلعفر صوب وادي نهر الفرات في الغرب مشيرا إلى قدرة قوات الأمن العراقية على تنفيذ عمليات متزامنة.
وقال بريت مكورك المبعوث الأمريكي الخاص لدى التحالف المعادي للتنظيم للصحفيين إنه رغم أن معركة تلعفر ستكون صعبة فإن القوات العراقية سيطرت على 235 كيلومترا مربعا في أول 24 ساعة. وقال مسؤولون أمريكيون اشترطوا عدم نشر أسمائهم إن ماتيس، سيبحث مستقبل القوات الأمريكية في العراق بعد سقوط المدن الباقية تحت سيطرة التنظيم والدور الذي يمكن أن تلعبه في عمليات تحقيق الاستقرار.
وأضاف المسؤولون أنه رغم تطهير مدن كبرى مثل الموصل من مقاتلي التنظيم فإن ثمة هواجس فيما يتعلق بقدرة القوات العراقية على الاحتفاظ بالأرض. وأوضح ماتيس أنه لا تزال هناك جيوب مقاومة في غرب الموصل تضم خلايا نائمة. وقال "لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها... ستكون مهمة شاقة عليهم مستقبلا غير أن الحكم السليم يقتضي إشراك تمثيل محلي في إدارة شؤون حياتهم اليومية".
ويتعرض التنظيم لضغوط في سوريا أيضا حيث سيطر مقاتلون أكراد وعرب تدعمهم الولايات المتحدة على مساحات كبيرة من الأرض في الشمال وبدأوا يهاجمون مدينة الرقة المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا. وقال مكورك إن حوالي 2000 مقاتل من التنظيم مازالوا في الرقة وإنه تمت استعادة ما يصل إلى 60 في المئة منها. وقال ماتيس إن الخطوة التالية للقوات التي تحارب التنظيم في سوريا هي التحرك صوب وسط وادي الفرات وذلك في إشارة إلى محافظة دير الزور معقل المتشددين إلى الجنوب الشرقي من الرقة.
وأعلن أكراد العراق أنهم سيجرون استفتاء على الاستقلال يوم 25 سبتمبر أيلول رغم مخاوف الدول المجاورة للعراق التي يوجد بها أقليات كردية ورغم طلب الولايات المتحدة تأجيله. غير أن مسؤولا كرديا كبيرا قال إن أكراد العراق ربما يدرسون إمكانية تأجيل الاستفتاء مقابل تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد. وقال مكورك إن زيارة وفد كردي لبغداد في الآونة الأخيرة كانت مشجعة. بحسب رويترز.
وقال مسؤول أمريكي إن ماتيس سيحث مسعود البرزاني رئيس الإقليم الكردي المتمتع بالحكم الذاتي على إلغاء الاستفتاء. وفي العام الماضي وقعت وزارة الدفاع الأمريكية اتفاقا مع قوات البشمركة الكردية لتزويدها بأسلحة وعتاد بمئات ملايين الدولارات. وقال المسؤول الأمريكي طالبا عدم نشر اسمه إن مذكرة التفاهم سينتهي أجلها قريبا وأشار إلى أن ماتيس قد يستخدمها كورقة مساومة. وتخشى الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى أن يشعل الاستفتاء صراعا جديدا مع بغداد وربما مع دول مجاورة بما يحول الأنظار عن الحرب الدائرة على داعش في العراق وسوريا.
فرار آلاف المدنيين
الى جانب ذلك ومع تقدم القوات العراقية في المنطقة، أعلنت الأمم المتحدة فرار عشرات آلاف المدنيين من المعارك، وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن آلاف المدنيين يفرون من مدينة تلعفر ومحيطها في شمال العراق. ونقل دوجاريك عن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراندي قولها إن هناك "عائلات سارت نحو 20 ساعة في حرارة شديدة من أجل مغادرة تلعفر المحرومة من الطعام والماء"، وإن "نحو 40 ألف شخص غادروا المنطقة حتى الآن".
وأوضح دوجاريك أن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة معها "لا نعلم أعداد الأشخاص الذين لا يزالون في مناطق القتال لكنها تتوقع أن يفر آلاف آخرون من الناس في الأيام والأسابيع المقبلة". وأضاف أنه "تم تسلم أقل من نصف مبلغ الـ980 مليون دولار المخصص للمساعدات الإنسانية في العراق لهذا العام"، مشيرا إلى أن العاملين الإنسانيين على الأرض لن يتمكنوا من مساعدة السكان في حال لم تتوافر لهم موارد إضافية.
وتلعفر، البلدة التركمانية الرئيسية في العراق، تعد نظرا إلى موقعها المحوري بين منطقة الموصل والحدود السورية، حلقة وصل لـ"دولة الخلافة" التي أعلنها تنظيم داعش في حزيران/يونيو 2014. وتشكل استعادة تلعفر وفق السلطات العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، المرحلة الأخيرة من عملية قطع تلك الحلقة.
ويصعب حاليا تحديد عدد المدنيين الموجودين داخل تلعفر، إذ أنهم على غرار المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، كانوا ممنوعين من التواصل مع الخارج. وبحسب التحالف الدولي، هناك ما يقدر ما بين عشرة آلاف و50 ألف مدني لا يزالون في تلعفر ومحيطها. لكن غراندي أشارت في بيان إلى أن "الظروف صعبة للغاية في المدينة. الغذاء والماء ينفدان، والناس يفتقرون إلى الضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة".
وأضافت "نشعر بقلق بالغ إزاء المخاطر الشديدة التي تواجهها الأسر. ويتعين على جميع أطراف الصراع القيام بكل شيء لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين وضمان حصول الناس على المساعدة الإنسانية الممنوحة إليهم بموجب القانون الإنساني الدولي". في المقابل، يتهم مسؤولون محليون مسلحي تنظيم داعش باستخدام المدنيين دروعا بشرية. وقبل أن يسيطر تنظيم داعش على البلدة مع بداية هجومه في حزيران/يونيو 2014، كان عدد سكان تلعفر يقدر بنحو 200 ألف نسمة.
اضف تعليق