هنالك صراع طويل وتنافس كبير ما بين نيودلهي واسلام اباد حول السيطرة على هضبة كشمير في هيمالايا المقسومة بين الهند وباكستان. نجم عن هذا النزاع انتفاضة انفصالية في الشطر الهندي. ويعتبر قسم من سكان هذا الشطر الهند قوة محتلة ويضمرون كراهية عميقة لها.
تتقاسم الهند وباكستان السيطرة على كشمير منذ نهاية الاستعمار البريطاني في 1947 وتطالب كل منهما بالسيطرة الكاملة على المنطقة. وتقاتل مجموعات متمردة منذ عشرات السنين الجيش الهندي المنتشر هناك والبالغ عدده 500 ألف عنصر تقريبا، سعيا للاستقلال أو التقارب مع باكستان. وقتل عشرات آلاف الأشخاص، معظمهم من المدنيين، في النزاع.
يسود التوتر في الجزء الهندي من كشمير منذ التاسع من نيسان/ابريل، عندما قتلت قوات موالية للجيش والشرطة ثمانية اشخاص في احداث عنف رافقت الانتخابات. وتهيمن مشاعر العداء للهند في وادي كشمير، حيث يفضل معظم السكان الاستقلال أو الانضمام إلى باكستان ذات الغالبية المسلمة.
لقي أكثر من 100 الف شاب وشابة مصرعهم في العام الماضي نتيجة مقتل زعيم متمرد برصاص قوات الأمن في تموز/يوليو الماضي ذكر المسؤولون أن عشرات الشبان انضموا إلى صفوف المتمردين ويتوقع أن يتفاقم العنف مع اقتراب ذكرى مقتل برهان واني. وتقول منظمات حقوقية إن 197 شخصا قتلوا منذ مطلع العام في أعمال عنف، بينهم 55 مدنيا.
من اجل ذلك تصاعد التوتر بين القوات الحكومية والمدنيين في المنطقة ذات الغالبية المسلمة، حيث يعارض الكثيرون الحكم الهندي. وتتزايد مشاركة المدنيين في النزاع وخروج مزيد من الأهالي لرشق الحجارة على القوات الحكومية التي تقاتل المتمردين.
من جانبها أعلنت الشرطة الهندية أن القوات الحكومية قتلت مسلحين اثنين فتحا النار على مجموعة من الجنود وتحصنا بمدرسة. ويأتي الاشتباك في أول أيام عيد الفطر صارت صور مواجهة الطلبة للشرطة داخل الجامعات رمزا للاحتجاجات في كشمير ضد الحكم الهندي والمتمردين المسلحين على السواء فيما وصفه مسؤولو الأمن وزعماء انفصاليون بأنها مرحلة جديدة وخطيرة من الصراع.
مواجهات في عيد الفطر
وقعت مواجهات عديدة بين متظاهرين وقوات الأمن الهندية في منطقة كشمير حيث كانت الاكثرية المسلمة تحتفل بعيد الفطر. وحرصا منها على الحد من الاضطرابات، وضعت السلطات الزعماء الانفصاليين في الاقامة الجبرية خلال يوم العيد. لكن رمي الحجارة على الجنود بدأ لدى خروج عشرات الاف المصلين من مساجد سريناغار، العاصمة الصيفية لولاية جامو وكشمير. وفق فرانس برس.
وكان عدد من الشبان يلوحون باعلام باكستان التي تطالب ايضا بالسيادة على هذه الهضبة في جبال هيمالايا. وردت قوات الامن بالغاز المسيل للدموع. وذكرت وسائل الاعلام الهندية ان حوالى عشرة اشخاص اصيبوا في تلك الصدامات. وفي شهر رمضان وحده، اسفرت عمليات اطلاق النار شبه اليومية بين المتمردين وقوى الامن وخلال التظاهرات العنيفة ضد نيودلهي عن 51 قتيلا.
احتجاجات طلابية
شهد وادي سريناغار تظاهرات دامية الصيف الماضي، بعدما قتلت القوات الهندية في تموز/يوليو زعيما شابا متمردا، كان يجدد صورة الانتفاضة المسلحة عبر رسائله وصوره المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي أعقاب الهدنة التقليدية الناجمة عن برد الشتاء، استؤنفت الاحتجاجات الطالبية في نيسان/ابريل، بعد غارة على جامعة في مدينة بولواما لاعتقال المشاغبين المفترضين. وفق فرانس برس.
أتفهم غضبهم
وفي حادت منفصل، أجج مشاعر الغضب شريط فيديو يظهر فيه الجيش الهندي وهو يستخدم كشميريا درعا بشرية لحماية قافلة من رمي الحجارة. اعتقل حوالى 3000 طالب متظاهر الصيف الماضي، كما قال مسؤول كبير في الشرطة، طالبا التكتم على هويته. وفي العمليات العسكرية، تخشى القوات الآن الشبان الذين يتصدون لها أكثر مما تخشى المتمردين أنفسهم. وفي الفترة الاخيرة في شوبيان، انتظر طلبة يرتدون البزة العسكرية أمام جامعتهم، بعدما تناهى اليهم ان قافلة للجيش على وشك الوصول.
وبعد دقائق، وصلت الاليات العسكرية بأقصى سرعتها وقد أطلقت العنان لأبواق آلياتها. وهتف الطلبة "الهند، اخرجي" ورموا حجارة على القافلة. وقال استاذهم طالبا التكتم على هويته "اتفهم غضبهم. قتل ستة من طلابي العام الماضي". وفق فرانس برس.
مداهمة المدارس
صرحت الشرطة الهندية أن القوات الحكومية في الشطر الهندي من كشمير قتلت مسلحين اثنين كانا متحصنين في مدرسة بعدما فتحا النار على مجموعة من الجنود عشية عيد الفطر. ونصب المتمردون كمينا لدورية للشرطة ما أدى إلى مقتل شرطي وجرح اثنين قبل أن يفروا إلى مدرسة بضاحية سرينغار. حسب فرانس24.
فيما كانت القوات الحكومية تقوم بعملية ضد المتمردين، هرع مدنيون إلى الموقع وهم يطلقون هتافات ويرشقون الجنود بالحجارة. ومنعت السلطات الناس من الاقتراب حتى مسافة خمسة كيلومترات من موقع إطلاق النار، وقطعت الطريق السريع الذي يربط العاصمة سريناغار بوادي كشمير المضطرب جنوبا.
مداهمة منازل القادة
داهمت وكالة مكافحة الإرهاب الهندية منازل قادة انفصاليين في منطقة كشمير كجزء من تحقيق في مصادر تمويلهم والأنشطة المعادية للحكومة التي يعتقد أنهم يقومون بها. وتسعى وكالة التحقيق الوطنية إلى معرفة ما إذا كان الانفصاليون تلقوا أموالا بطريقة غير شرعية من متطرفين مقرهم باكستان للقيام بـ"أعمال تخريب" بينها رشق بالحجارة وحرائق متعمدة.
واستهدفت الحملة في مدينة سريناغار عددا من القادة الانفصاليين ورجال الأعمال، إضافة إلى صهر القائد الانفصالي المتشدد سيد علي شاه غيلاني، وفقا لما أفادت مصادر في الشرطة لوكالة فرانس برس. وشملت كذلك ثمانية مواقع في العاصمة نيودلهي.
مداهمة الجامعات
اقتحمت الشرطة إحدى الكليات في بلدة بولواما الواقعة على بعد 30 كيلومترا جنوبي سريناجار العاصمة الصيفية لكشمير رشق مئات الطلبة مركبات الشرطة بالحجارة ثم انتهى الأمر بمطاردات داخل أروقة الكلية ودورات المياه بها. وخلال أيام اندلعت احتجاجات واسعة النطاق أجبرت معظم الكليات والمدارس الثانوية في الشطر الهندي من كشمير على غلق أبوابها. وفق رويترز.
وخرجت مراهقات إلى الشوارع للمرة الأولى منذ أعوام. وأصيب 100 شخص على الأقل من المحتجين. وقال محتج عمره 19 عاما في مطعم في بولواما، بينما كانت قوات الأمن تشتبك مع محتجين في أطراف البلدة، "كل طالب يحاول أن يقول إننا... لا نريد أن تكون لنا علاقة بالهند".
انتهاكات حقوقية
أقامت الشرطة دعوى ضد الجيش في أعقاب الحادث الذي اتهم فيه الجنود بالقبض على حائك شالات في التاسع وربطوه في مقدمة مركبتهم وداروا به في شوارع القرية. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نحو واسع تسجيلا مصورا عن الحادثة في تذكير بانتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تتهم بارتكابها القوات الهندية في الوقت الذي تكافح فيه لاحتواء حركة تمرد انفصالي دخلت عامها الثامن والعشرين.
وكان الجنود اعتقلوا حائك الشالات فاروق أحمد دار (24 عاما) على مقربة من منزل قريب له بعد التصويت في الانتخابات الفرعية، وفق ما قال لوسائل الأنباء. وبدا في التسجيل المصور جندي يقول عبر مكبر للصوت "انظروا هذا مصير رماة الحجارة." وفق رويترز.
درع بشري
وقال اللفتنانت كولونيل راجيش كاليا المتحدث باسم الجيش إنه تم التأكد من صحة التسجيل مضيفا أن "إجراءات ستتخذ ضد من تثبت إدانته بسوء التصرف." وقال خرم برويز الناشط في مجال حقوق الإنسان، الذي اعتقل في العام الماضي، لرويترز "هذه ليست أول حالة درع بشري. ما هو مختلف الآن هو أن هذه الحالة وُثقت بفضل وسائل التواصل الاجتماعي."
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان إن معاملة دار كانت "غير قانونية وغير مقبولة." وقالت محبوبة مفتي رئيسة حكومة الولاية إن الشرطة سجلت قضية ضد وحدة الجيش المحلية." ونبّه مدير الشرطة في الولاية يوم الأحد رجاله بضرورة تجنب زيارة منازلهم في جنوب كشمير بعد مداهمة المسلحين منازل أربعة رجال شرطة على الأقل.
مواجهة التمرد
يعرب محمد يونس الذي يمضي فترة نقاهة في غرفته الضعيفة الإنارة في قرية كيموه، عن غضبه لانه لم يتمكن من الانضمام الى التظاهرات التي يقوم بها الشبان احتجاجا على القوات الهندية في منطقة كشمير الواقفة على شفير الانفجار. وفق فرانس برس.
وفي شباط/فبراير الماضي، كان محمد (18 عاما) يجتاز حقلا للمشاركة في جنازة متظاهر عندما أطلق عليه جنود النار، وأصابوه بجروح في فخذه. وشهدت مدينة شوبيان في جنوب الوادي تجمعات جديدة ضد الهند بعد وفاة طالب في اليوم السابق عندما نزل الشبان الى الشوارع لعرقلة عملية كانت تقوم بها قوات الامن لمواجهة التمرد.
حظر التجوال
فرضت الحكومة المحلية في كشمير الهندية الاحد حظر تجول لمنع التظاهر غداة مقتل القائد المتمرد سبزار احمد بهات زعيم "حزب المجاهدين" الذي يطالب بالحاق كشمير الهندية بباكستان، خلال تبادل لاطلاق النار مع القوات الامنية الهندية قرب قريته في اقليم ترال. وادى مقتله الى موجة عنف اوقعت عشرات الجرحى. وفق فرانس برس.
واقامت قوات مكافحة الشغب حواجز في سريناغار عاصمة كشمير الهندية وفي مدن اخرى في جنوب هذه المنطقة لمنع تدفق المشيعين للمشاركة في جنازة الزعيم المتمرد. كما اقفل المسجد المركزي في المدينة. الا ان الاف المشيعين خرقوا حظر التجول للمشاركة في جنازة سبزار احمد بهات واطلقوا شعارات مناهضة للهند ومطالبة بالاستقلال.
حلقة مفرغة
ولمواجهة هذا الغضب الذي يتردد صداه ويصل حتى الى الشوارع، لا تعرف الهند ما هو الموقف الذي يتعين عليها اتخاذه. فخبرة جنودها في حرب العصابات تفوق خبرتهم في احتواء التظاهرات في المدن. فكل وفاة تنجم عن مواجهات مع هذه التظاهرات، تؤدي الى تجمعات جديدة تتحول أعمال عنف تؤجج حلقة مفرغة يواجهها الطرفان.
وفي هذا الصدد، قال قائد الجيش الهندي الجنرال بيبين راوات، انه يفضل "أن يطلق الشبان النار علينا بدلا من ان يرمونا بالحجارة". وأضاف في تصريح لوكالة "تراست برس اوف انديا"، "سأكون عندئذ سعيدا. وعندئذ أستطيع ان أفعل ما أريد فعله".
التمثيل بجثث الجنود
قال الجيش الهندي إن جنودا باكستانيين قتلوا اثنين من أفراد دورية تابعة له عند الحدود التي تفصل بين الشطرين الهندي والباكستاني في إقليم كشمير المتنازع عليه ثم مثلوا بجثتيهما. وكانت اتهامات سابقة بالتمثيل بجثث جنود هنود أثارت الغضب العام في الهند وأججت النزاع بين البلدين المسلحين نوويا بشأن الإقليم الواقع بمنطقة الهيمالايا.
ونفى الجيش الباكستاني المزاعم وقال إنه لم يحدث انتهاك لوقف إطلاق النار على الحدود في كشمير وإن جنوده لم يتورطوا في تشويه جثة أي جندي هندي. وقال الجيش الهندي إن القوات الباكستانية أطلقت صواريخ وقذائف مورتر على موقعين عسكريين هنديين عند خط السيطرة الذي يفصل بين شطري كشمير ذات الأغلبية المسلمة. ولم يتسن لرويترز التحقق على نحو مستقل من مصداقية الرواية الهندية.
اضف تعليق