q

بعد الإنتصارات التي حققتها القوات العراقية المتمثلة بالجيش النظامي المدعوم بقوات الحشد الشعبي للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الموصل التي أوشكت على نهايته وإستعادة ما تبقى من أحياء تحت سيطرته، إضافة إلى تقدم القوات السورية ضد التنظيم في ساحات المعارك الأخيرة، يسعى أفراد التنظيم الإرهابي بين فترة وأخرى أن يفتح ثغرات أمنية محاولا إثارة الرعب وزعزعة الأمن العام لبعض الدول التي لها علاقة مباشرة بالحرب ضد تنظيم داعش، فبعد تفجيرات مانشستر وأعمال الدهس والطعن في لندن، شهدت العاصمة الإيرانية حدوث هجومين منسقين في طهران، الأول تمثل في إقتحام أربعة مسلحين للبرلمان، والثاني في تفجير إنتحاري لنفسه في مرقد السيد الخميني، والحصيلة (12 شهيد و42 جريح).

حادثة لم يشهد نظيرها منذ عام 1981 في عاصمة الجمهورية الإيرانية، التي تبني تنظيم داعش لهذين الهجومين في طهران، وصدور بيان رسمي عن التنظيم نشرته وكالة أعماق يؤكد هذه المسؤولية، الأمر الذي يتناقض كليا مع الرواية الإيرانية الرسمية الأولى التي أتهمت منظمة خلق بالوقوف خلف هذين الهجومين.

اتهامات متبادلة

حاول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأربعاء 7 يونيو، إبعاد التهمة عن بلاده حين قال: "لا يوجد دليل على أن متطرفين سعوديين مسؤولون عن هجومي طهران".

رافضا إتهام الحرس الثوري الإيراني للرياض بالوقوف وراء الهجومين في العاصمة طهران.

وفي كلمته ببرلين قال الجبير إنه يدين "الهجمات الإرهابية أينما كانت".

يشار إلى أن ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان كان قد هدد كما ورد على لسانه في مقابلته التلفزيونية الشهيرة قبل فترة من التهديد بنقل المعركة الى العمق الإيراني كضربة إستباقية.

فيما أعلنت وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش الإرهابي مسؤولية التنظيم عن الهجومين اللذين أستهدفا مبنى البرلمان وضريح السيد الخميني، وخلفا قتلى وجرحى في العاصمة طهران.

وقالت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت إن الولايات المتحدة تدين الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الإيرانية طهران الأربعاء.

وأضافت أن "شر الإرهاب ليس له مكان في عالم سلمي متحضر".

وقالت المتحدثة في تصريح مقتضب "نعبر عن تعازينا للضحايا وعائلاتهم ونبعث بصلواتنا إلى الشعب الإيراني".

من جهته أتهم الحرس الثوري الإيراني في بيان الأربعاء السعودية بالوقوف وراء إعتداءات طهران التي أستهدفت مقر البرلمان وضريح السيد الخميني وخلفت 12 قتيلا و43 جريحا.

وقالت قيادة الحرس الثوري: إن وقوع هذا الإعتداء الإرهابي بعد أسبوع على الإجتماع الذي عقده الرئيس الأمريكي مع قادة الدول الرجعية في المنطقة والتي لازالت مستمرة في دعمها للإرهاب التكفيري له معان كبيرة كما إن تبني داعش مسؤولية هذا الإعتداء يوضح دور هؤلاء في هذا العمل الشنيع.

من جانبه أعلن نائب رئيس إستخبارات الحرس الثوري، العميد محمد حسين نجات، إن الأميركيين أوعزوا بتنفيذ الإعتداءين الإرهابيين في طهران، مؤكدا أن الحرس الثوري سيثأر من الإرهابيين وكذلك من الذين أصدروا الأوامر لهم.

وأردف قائلا: إن هذين الإعتداءين حدثا بعد أسبوع من الإجتماع المشترك لأمريكا مع حكام إحدى الدول الرجعية في المنطقة، وحسب الوثائق فأن أميركا وهذه الدولة هما من قاما بتأسيس داعش.

وأكد العميد نجات إنه لا توجد لدينا أي ثغرة أمنية، مضيفا: إن هدف الإرهابيين كان توجيه ضربة إلى المجلس إلا أنهم فشلوا في تحقيق هدفهم.

تنفيذ العملية

من التساؤلات التي تثار أمام المتابعين للعمليات الإرهابية التي يقوم بتنفيذها تنظيم داعش الإرهابي في الأسواق والمحال التجارية والأماكن المكتظة بالسكان فهم يهدفون إلى قتل أكبر عدد ممكن من المرتدين –بحسب تعبيرهم-، ما يثار في تنفيذ عمليتا طهران هو تنفيذهما في مكان سياسي بعيدا عن زحمة المارة مما يؤشر إلى إيصال رسالة مفادها، أن التنظيم يريد إستهداف الحكومة الإيرانية بسياستها تجاه الدول الخارجية والتي كان آخرها تدخلها بأزمة قطر والوقوف موقفا إيجابيا تجاهها.

حيث لا يمكن فصل هذين الهجومين عن نظيريهما في مانشستر ولندن، أو عن تطورات الأزمة الخليجية المتفاقمة بين دولة قطر من ناحية، والمملكة السعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية أخرى، ولا نبالغ إذا قلنا أن هناك ترابطا وثيقا بينها، ستتكشف خيوطه في المستقبل القريب.

رأي خاص

هجوما طهران علاوة على كونهما يشكلان إختراقا أمنيا خطيرا للأمن الإيراني، يؤشران إلى مرحلة دموية قادمة، عنوانها هجمات إنتحارية طائفية الطابع، وتثير لأقليات عرقية ومذهبية في العمق الإيراني، ولا نستبعد أن تكون المملكة السعودية هي المحرك والداعم الرئيسي، ماليا وتسليحيا، لهذا المخطط وبضوء أخضر أمريكي، فالحرب بدأت وليس أمامها غير التوسع في أكبر نطاق ممكن، وربما سيكون هذا التوسع في الداخل الإيراني أو في خارج الأراضي الإيرانية والإستمرار بحرب النيابة وتوسيع المعارك في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من دول المنطقة.

اضف تعليق