تواصل القوات العراقية المشتركة تقدّمها داخل منطقة الموصل القديمة، من اجل تحريرها من تنظيم داعش الارهابي الذي اصبح اليوم وبحسب بعض الخبراء يعيش حالة من التشتت والانهيار بسبب الهزائم المتواصلة في هذه المعركة، حيث تمكنت القوات العراقية كما نقلت بعض المصادر، من التقدم في المدينة القديمة و تعميق خط المواجهة مع عناصر داعش وزيادة المناطق المسيطر عليها، هذه الانتصارات أجبرت عناصر تنظيم داعش الإرهابي على إتباع أساليب وخطط جديدة من اجل عرقلة تقدم القوات العراقية في مدينة الموصل، آخر معاقل التنظيم في العراق والتي استولى عليها عام 2014، ومنها استخدام المدنيين كدروع بشرية، هذا بالإضافة الى قصف المناطق المحررة كإجراء انتقامي من اجل إيقاع اكبر عدد من الضحايا.
حيث اكدت بعض التقارير ان عصابات التنظيم قامت بقصف مناطق استعادتها القوات العراقية في غرب الموصل فأصابوا مدنيين هاربين من القتال بينما تتقدم القوات الحكومية ببطء في الطرقات الضيقة والخطرة للمدينة القديمة. وقال مسؤولون عسكريون إن قصفا كثيفا بقذائف الهاون قتل خمسة مدنيين على الأقل وأصاب أكثر من 20 في حيي الموصل الجديدة والرفاق اللذين استعادتها الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع.
وما زال حوالي 600 ألف مدني في الشطر الغربي من الموصل وهو ما يزيد من تعقيد المعركة. ويهرب الآلاف يوميا إلى مخيمات أو مناطق تسيطر عليها الحكومة في الشرق. ومن المعتقد أن البغدادي وغيره من قادة التنظيم غادروا الموصل ويستخدم مقاتلو داعش قناصة يختبئون بين المدنيين وسيارات وشاحنات ملغومة في شن هجمات انتحارية على مواقع عسكرية عراقية حول المدينة القديمة.
وقال متحدث باسم الشرطة الاتحادية إن التنظيم المتشدد قصف مناطق محررة مأهولة. وأغلقت القوات العراقية الطرقات المؤدية إلى مناطق تمركز الشرطة الاتحادية على مشارف المدينة القديمة لمنع السيارات الملغومة التي يقودها انتحاريون من الوصول إلى جنودهم. في حين كانت الدبابات وفرق الصواريخ تقف متأهبة عند السواتر ويتمركز الجنود المسلحين بقاذفات صاروخية على الأسطح. ووفقا لأرقام رسمية فإن عدد النازحين من شطري الموصل منذ بداية العملية العسكرية وصل إلى 355 ألفا.
جامع الموصل الكبير
وفيما يخص اخر تطورات المعركة فقد أطلقت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش العراقي صواريخها ونيرانها على مواقع لتنظيم داعش في المدينة القديمة بالموصل مع اقتراب القوات على الأرض من جامع الموصل الكبير (جامع النوري) الذي يمثل مكسبا استراتيجيا له دلالة رمزية. وذكرت وزارة الدفاع العراقية أن ستة قادة عسكريين من المسلحين الأجانب، بينهم قيادي روسي في داعش، قتلوا أيضا في غارة جوية للقوات التي تقودها الولايات المتحدة لدعم القوات العراقية في حملتها لاستعادة الموصل.
واستهدف القتال في الآونة الأخيرة جامع النوري الذي شيد قبل مئات السنين بمئذنته المائلة الشهيرة. ومن شأن السيطرة على الجامع توجيه ضربة لداعش حيث نصب من على منبره البغدادي نفسه رئيسا لدولة الخلافة التي أعلنها من جانب واحد. ويقدر مسؤولون أمريكيون أنه لا يزال هناك نحو 2000 مقاتل من داعش داخل ثاني أكبر المدن العراقية ويقاومون باستخدام قذائف المورتر والقناصة وتفجيرات السيارات الملغومة في مواقع الجيش. وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان أن غارة جوية للتحالف دمرت مركزا للقيادة فقتلت القيادي الروسي عبد الكريم الروسي، رئيس كتيبة طارق بن زياد، وكذلك بريطاني من أصل جزائري وفرنسي مولود في سوريا وقائد عسكري تركي ومقاتلان من المغرب.
أساليب جديدة
في السياق ذاته قال مسؤولون عسكريون إن القوات العراقية تتأهب لهجوم جديد على تنظيم داعش بالاستعانة بأساليب جديدة لكن العمليات لإخراج المتشددين من آخر معاقلهم في البلاد متوقفة. وتقول الأمم المتحدة إن عائلات غادرت المدينة الواقعة في شمال العراق خلال فترة الهدوء في القتال ضمن موجة نزوح السكان الذين يفرون بالآلاف كل يوم إلى مخيمات مزدحمة باردة أو يتوجهون للإقامة مع أقارب لهم.
وتمكنت العملية المدعومة من الولايات المتحدة لطرد داعش من الموصل، والتي دخلت الآن شهرها السادس، من استعادة معظم أجزاء المدينة. وتسيطر القوات العراقية على الجزء الشرقي من المدينة بالكامل ونحو نصف الجانب الغربي. لكن التقدم تعثر في الأسبوعين الأخيرين مع وصول القتال إلى الحي القديم الذي تنتشر به الأزقة الضيقة وأبدى المتشددون مقاومة شرسة واستخدموا السيارات الملغومة والقناصة وقذائف المورتر ضد القوات والسكان. بحسب رويترز.
وقال المقدم عبد الأمير المحمداوي المتحدث باسم قوات الرد السريع عبر الهاتف إنه لا توجد عمليات. وأضاف أن الهجمات ستستأنف قريبا بالاستعانة "بأساليب جديدة" تناسب أكثر القتال في الحي القديم لكنه لم يسهب في التفاصيل. وقال ضابط في الشرطة الاتحادية إن الأساليب الجديدة ستشمل نشر وحدات إضافية من القناصة لمواجهة قناصة داعش. وتمركز مقاتلو داعش في منازل مملوكة لسكان الموصل لإطلاق النار على القوات العراقية وهو ما أدي في كثير من الأحيان إلى غارات جوية أو هجمات بالمدفعية أسفرت عن مقتل مدنيين.
إجلاء المدنيين
على صعيد متصل قال ضباط عراقيون إن قوات الحكومة تحاول إجلاء المدنيين من المدينة القديمة التي يسيطر تنظيم داعش في غرب الموصل حتى يتسنى للجنود تطهير المنطقة لكن قناصة من الجماعة المتشددة يعيقون هذه الجهود. وأضافوا أن المتشددين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية مع تقدم وحدات الحكومة إلى جامع النوري وهو بؤرة القتال الأخير في الحملة الساعية لطرد التنظيم من المدينة التي أعلن منها خلافة إسلامية. ومع بقاء ما يصل إلى 600 ألف مدني في القطاع الغربي من الموصل تتعقد المعركة التي يستخدم فيها الجيش العراقي المدفعية والضربات الجوية ويخوض فيها معارك برية. وفر الآلاف من منازلهم في الأيام القليلة الماضية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العميد يحيى رسول في مؤتمر صحفي في شرق الموصل إن القوات العراقية تسيطر على نحو 60 بالمئة من غرب المدينة حاليا مضيفا أن القوات على بعد مئات الأمتار من جامع النوري. والسيطرة على المسجد الجامع جائزة رمزية كبيرة ومكسب استراتيجي للحكومة إذ أنه المكان الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الخلافة في يوليو تموز 2014 بعد سيطرة المتشددين على مناطق كبيرة من العراق وسوريا.
واستعادت قوات الحكومة المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بضع مدن من التنظيم العام الماضي وحررت شرق الموصل في ديسمبر كانون الأول وتطبق حاليا على الغرب لكن المتشددين يبدون مقاومة شرسة من المنازل والشوارع الضيقة. وفر البغدادي وقادة آخرون من المدينة إلى مناطق نائية حيث من المرجح أن يعيدوا تجميع صفوفهم ويشنون مرحلة جديدة من التمرد. وفي نفس الوقت يواجه التنظيم هجوما آخر في مدينة الرقة السورية.
وقال العميد سعد معن إن جنود الجيش العراقي قتلوا تسعة من قناصة التنظيم ودمروا مصنعا للقنابل. وأبلغ مؤتمرا صحفيا أنه يوجد الكثير من القناصة على أسطح المنازل حول جامع النوري وإن قواته بحاجة لإجلاء المدنيين من داخلها مشيرا إلى احتفاظ مقاتلي التنظيم بهم كدروع بشرية. ولم يجر الإعلان عن عدد الضحايا المدنيين لكن سياسيا عراقيا بارزا قال إن العدد قد يصل إلى 3500 قتيل منذ بدء الهجوم على غرب الموصل في منتصف فبراير شباط.
وقال مستشفى ميداني أقامته مؤسسة خيرية أمريكية إنه عالج أكثر من ألف مصاب كثيرون منهم نساء وأطفال منذ يناير كانون الثاني. وأضاف أن إصاباتهم ناتجة عن طلقات نارية وألغام أرضية وتفجيرات سيارات ملغومة وشراك خداعية. وقال صحفيون في الخطوط الأمامية إن اشتباكات وقعت حول محطة القطارات في مناطق سيطرت عليها القوات العراقية قبل أيام قليلة. وأطلقت القوات العراقية قذائف صاروخية ونيران رشاشات ثقيلة على المتشددين حول المحطة بينما هرع المدنيون في الشوارع فرارا من القناصة. وقالت امرأة أثناء فرارها باتجاه خطوط القوات الحكومية "نجلس داخل منزلنا والرصاص يأتينا من خلال الباب." بحسب رويترز.
وذكرت بيانات حكومية أن عدد النازحين من شطري الموصل منذ انطلاق الحملة وصل إلى 355 ألفا. وخرج 181 ألفا من غرب الموصل منذ بداية العمليات لاستعادة الشطر الغربي. وفي واشنطن قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه حصل على تطمينات بدعم أمريكي أكبر أثناء محادثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكنه حذر من أن القوة العسكرية وحدها لن تكون كافية. وأبلغ العبادي منتدى في واشنطن بعد اجتماعه مع ترامب أنه جرى إبلاغه بأن "الدعم الأمريكي لن يستمر فحسب بل سيتسارع." وقال إن من المهم الفوز بتأييد السكان المحللين في الموصل لتحقيق سلام دائم.
اضف تعليق