q
سياسة - عنف وارهاب

معركة الموصل: نهاية رعب بطيئة

لهذه الأسباب.. لا تتعامل القوات العراقية مع الموصل كـ "أرض محروقة"

السيطرة على المباني الحكومية في محافظة نينوى، شمال العراق، ثاني أكبر المدن العراقية وآخر معاقل ما يعرف بتنظيم داعش الإرهابي، يعني أننا بدأنا نقترب من نهاية سيناريو "مرعب"، وبدء رحلة البحث عن ضفة آمنة للمدنيين الفارين من الموصل قد تكون الموت بعينه!.

هذا الإعلان إلى جانب إعلان السيطرة على مبنى البنك المركزي ومبنىً آخر كان يضم المحكمة الرئيسية للتنظيم المتشدد، اليوم الثلاثاء، مزّق هاجس الخوف الذي لاحق كثيرين عقب إعلان زعيم داعش دولته من جامع النوري الكبير في الموصل في يونيو/ حزيران 2014.

ووفقاً للمتحدث باسم قوات الرد السريع، عبد الأمير المحمداوي، فإن قواته اقتحمت مبنى محافظة نينوى والمجمع الحكومي المحيط به "خلال عملية دارت في ساعات الليل".

وقال أيضا "إن القوات قتلت عشرات من مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي".

تقدم بالأمتار

وبذلك، تكون القوات العراقية قد استعادت السيطرة على الموصل بالرغم من تقدمها البطيء الذي يراه مراقبون ومحللون أنه "تقدم بالأمتار"، على حد تعبيرهم.

لكن لا يزال هناك العديد من الأحياء والقرى والقصبات تحت سيطرة التنظيم المتشدد والذي يبدي مقاومة شرسة نهايتها القضاء على أعداد كبيرة جداً من مسلحيه.

وقال نائب قائد جهاز مكافحة الإرهاب الساعدي اللواء عبد الوهاب الساعدي إن "العديد من مسلحي داعش قتلوا والبعض منهم لازال متمركزا في داخل الأحياء السكنية وعندما تتقدم القطعات فهؤلاء إما أن يقتلوا أو ينسحبوا للخلف".

فيما يرى آخرون، أن "معركة الموصل التي بدأت في 17 أكتوبر تشرين الأول مرحلة أكثر تعقيدا في المدينة القديمة المكتظة بالسكان"، حسبما أفادت وكالة رويترز.

وفي وقت سابق، أكد جنرال اميركي أن القتال في الموصل أصبح اشد ضراوة مع استمرار القوات العراقية التي قال إنها تتقدم "وفقاً للخطة المرسومة لاستعادة السيطرة على المدينة".

وقال نائب قائد قوات التحالف البرية الجنرال ريك اوريبي "إن العراقيين سيواصلون تقدمهم بشكل جيد ونسير وفق الجدول الزمني".

يأتي ذلك في الوقت الذي كانت فيه القوات العراقية قد أعلنت، في وقت سابق، السيطرة على الجانب الأيمن من مدينة الموصل بعد قتال شرس مع مسلحي التنظيم الإرهابي دام مئة يوم.

البحث عن ضفة آمنة..

وترافق عملية التقدم وانحسار نفوذ داعش الإرهابي في أحياء وقرى الموصل، عملية نزوح هي الأكبر منذ بدء عمليات تحرير الموصل.

ويعزوا خبراء عسكريين، اتساع دائرة موجة النزوح عقب انطلاق عمليات استعادة مدينة الموصل إلى استخدام تنظيم داعش الإرهابي السيارات الملغمة والانتحاريين في مواجهة القوات العراقية التي بدأت تتوغل داخل الأحياء القديمة.

وتضم الموصل مناطق قديمة مكتظة بالمباني وسط شوارع ضيقة زادت من صعوبة المعركة، وهو ما يدفع تنظيم داعش الإرهابي باتجاهه للحد من تقدم القوات العراقية نحو ما تبقى من أحياء المدينة.

وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن عدد "المدنيين الفارين من القتال في الموصل ارتفع بشكل كبير مع احتدام المعارك بين القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة وتنظيم داعش وإن بعضهم تعرض لمواد كيماوية".

وقالت اللجنة: "إن بعض مقاتلي ما يعرف بالدولة الإسلامية تخفوا وسط أناس نزحوا بسبب القتال للاقتراب من الجنود الذين تدربهم الولايات المتحدة".

في حين أعربت العائلات القليلة التي بقيت في حي المأمون "إنها خائفة لدرجة أنها لم تستطع المغادرة مع نشر المتشددين سيارات ملغومة"، وفقاً لوكالات.

وخلال الأسبوع الماضي، نزح من الموصل نحو 40 الف شخص وسط ارتفاع وتيرة النزوح مع اقتراب القتال من المناطق الأكثر كثافة سكانية في غرب الموصل بحثاً عن ضفة آمنة بعيداً عن مصير الموت الإجباري الذي يفرضه داعش.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد حذرت الشهر الماضي من نزوح أكثر من 400 الف شخص جراء عمليات استعادة الساحل الأيسر من مدينة الموصل.

وفي العراق وسوريا، استخدم تنظيم داعش الإرهابي أسلحة كيميائية في 52 مرة على الأقل، و19 مرة على الأقل في مناطق حول الموصل بين عامي 2014 و 2016، وفقاً لمؤسسة آي.إتش.إس ماركيت.

الأمم المتحدة.. كلام كثير وجهود قليلة

وقالت الأمم المتحدة مطلع الأسبوع الحالي، إنها أخضعت نساءً وأطفالاً للعلاج في أربيل عاصمة إقليم كردستان، شمال العراق، "للاشتباه في تعرضهم لمواد كيمائية تسبب بثورا واحمرارا للعين وتقيؤا والتهابات".

لكن وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف انتقد بشدة جهود الامم المتحدة لمساعدة النازحين من مدينة الموصل.

وقال الجاف في بيان له: "كنا نأمل ان نلمس دورا واضحا وفاعلا من منظمات الامم المتحدة في عمليات اغاثة وايواء نازحي ايمن الموصل (الجانب الغربي) وبالشكل الذي يتلاءم مع هذه الاعداد الكبيرة من النازحين وبالسرعة المطلوبة، الا ان هناك وللأسف تقصيرا واضحا في عمل تلك المنظمات".

واتهم الوزير، بحسب البيان، الأمم المتحدة وقال إنها "تطلق كلاما كثيرا لكن الجهود المبذولة قليلة على الرغم من الاموال الطائلة التي بحوزتهم".

ووفقاً للأرقام الحكومية فإن نحو 14 ألف شخص نزحوا من غرب الموصل وكثيرا ما كان ذلك تحت نيران المتشددين، لكن الأمم المتحدة تقول "إن العدد الإجمالي للنازحين من الموصل منذ بدء الهجوم في أكتوبر تشرين الأول تجاوز 176 ألفا".

وتقول الامم المتحدة إنها قدمت مساعدات للعراقيين النازحين بسبب المعارك الجارية منذ حوالي خمسة اشهر، انها تعمل بأسرع ما يمكن لمساعدة الفارين من المعارك.

وعلى الرغم من الحذر الشديد الذي تبديه القوات العراقية خلال تقدمها باتجاه ما تبقى من أحياء الموصل، إلا أن هناك من يعتقد أنها تسير وفق سياسة "الأرض المحروقة"، فيما يشفع "بُطء" سير العمليات لتلك القوات ويبرؤها من هذه التهمة.

اضف تعليق