يعاني البلد ومنذ فترات متتابعة من انعدام في توازن البيئة الاجتماعية، بل وان الاستقرار الاجتماعي فيه تحاكي طبيعة المجتمع الذي يستمد خصائصة وطبائعة من الأعراف والتقاليد التي تعد المؤثر الأول في تشكيل نواة هذا المجتمع ومن ثم الدين وباقي المتغيرات الأخرى، وبالتي تغيب السياسة في تشكيل هيئة المجتمع العراقي، ماعدا فترة النظام السابق، التي إتسمت بسيطرة الدولة على المجتمع وتوجيهه نحو المسار الذي وضعته هي، ومابعد العام 2003، وموجة التغير الحاصلة في هيكل النظام السياسي والاقتصادي، لم يتم الأخذ بنظر الأعتبار طبيعة المجتمع وضرورة تكوينه وتشكيله من جديد ليتناسب مع الظروف التي يمر بها البلد، اذ ازدات الفجوة بين السياسة والمجتمع بسبب الأزمات السياسية واخفاقات الساسة في تحقيق مطالب المجتمع ونقله لمستوى أفضل، وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاد، فصورته المبهمه وغير الواضحة لم تساعد أيضاً في ذلك، والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا، هو هل بإمكان الاقتصاد نحقيق التوازن الاجتماعي؟ والجواب على ذلك، هو نعم، فالاقتصاد قادر مع باقي المتغيرات خاصة السياسية في تحقيق الاستقرار والتوازن الاجتماعي في البلد، وان كان السؤال الأخر هو كيف ذلك ؟ فأن الجواب يكون ، أنه لو تعمقنا في مجتمعنا لوجدنا أنه يحوي العديد من الأخطاء والمشاكل التي تحتاج الى تصحيح ومعالجة، فمثلاً نحن نعاني من مشكلة تشوه كبيرة في المجتمع، فعلى سبيل المثال بماذا نفسر إقبال الطلبة في الدراسة الاعدادية على المجموعة الطبية دون سواها، اليس الحافز لذلك اقتصادي قبل ان يكون اجتماعي، كون التعيين مباشر مضمون، فلو فرضنا انه لو يكن هناك تعيين مباشر لخريجي كلية الطب، فهل سنشهد ذات الاقبال على كليات الطب ؟!.

ومن ناحية أخرى لو كان يحظى خريجي كليات التربية او الادارة والاقتصاد التي تعد من الكليات ذات المستوى العالي والقبول الصعب في العالم بفرصة التعيين المباشر، هل سنشهد أحد يفكر بالقبول في كلية الطب مثلا ؟ والجواب، اعتقد ان الوضع سيكون مختلف بالتأكيد .

ومع هذا التشوه في التوجه وبشراهه على المجموعة الطبية، والذي في كثير منه ناجم عن رغبة اجتماعية عامة لاذاتية خاصة بالطالب نفسه، تقتل الابداع في داخله، اذ سيكون عبارة عن اداة تنفذ رغبات الاهل والمجتمع في تكوين شخصيته، التي من المفروض ان تكون مستقلة على الاقل في تحديد مستقبله، وهنا يأتي دور الاقتصاد في تحقيق التوازن في ذلك، وعبر تفعيل القائمين على الأمر دور الاقتصاد في المجتمع، فتقعيل دور القطاع الخاص والمشروعات والشركات سيرفع من شأن الاقتصاد من جديد، مثلما هو الحال في بقية دول العالم، هذه الدول التي أدركت أهمية الاقتصاد في تحقيق التوازن في مجتمعاتها وعبر بواباته المختلفة في تنظيم الأسرة وتطويع المجتمع عبر الضرائب وجعله يقدس العمل من خلال الأجر، وعبر التنمية الاقتصادية حققت المجتمعات تقدمها وبالتقدم يرتقي المجتمع.

وبالتالي فالمعول على الاقتصاد كثير في حل كثير من الآزمات الاجتماعية في البلد، وعليه يجب على الدول ان تفكر في كيفية تنشيط دور الاقتصاد، وهذا لايتم مالم يكن هناك تخطيط صحيح وسليم لذلك .

اضف تعليق