الرأي السائد حالياً هو أن زيارة بايدن إلى السعودية، التي أعقبت رحلات قام بها إلى إسرائيل والضفة الغربية، كانت ناجحة، على الرغم من التقارير الإضافية عن تضارب في وجهات النظر حول خاشقجي وحقوق الإنسان.. ولكن ما هو تعريف النجاح؟ يبدو أنه لا يشمل المساعدة السعودية في مجال النفط...
بقلم: سايمون هندرسون
إذا كانت هناك أخبار سارّة عن النفط، فإنها لا تعود إلى تصريحات الرياض المبهمة حول زيادة الطاقة الإنتاجية للمملكة.
قد يكون التأويل السياسي ملفتاً ومثيراً للاهتمام، خاصةً عندما تكون بعض إنجازات الرحلة الرئاسية الأمريكية قابلة للنقاش. فبنظر البعض، إن عدم حدوث مصافحة بين الرئيس الأمريكي بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من شأنه أن يوحي بأن الحاكم الفعلي للمملكة لا يزال يُعامل على كونه "منبوذاً". لكن صحيفة "واشنطن بوست"، التي كان يكتب فيها الصحفي المقتول جمال خاشقجي مقالات رأي، كانت غاضبة، حيث نظرت إلى مصافحة "قبضة اليد" بينهما كبادرة مصالحة يجب إدانتها، على الرغم من أن آخرين جادلوا في وقت سابق بأن مثل هذه التحية في حد ذاتها كانت إهانة.
إن الرأي السائد حالياً هو أن زيارة بايدن إلى السعودية، التي أعقبت رحلات قام بها إلى إسرائيل والضفة الغربية، كانت ناجحة، على الرغم من التقارير الإضافية عن تضارب في وجهات النظر حول خاشقجي وحقوق الإنسان عندما جلس الرجلان لإجراء محادثات.
ولكن ما هو تعريف النجاح؟
يبدو أنه لا يشمل المساعدة السعودية في مجال النفط، وهو عامل في التضخم في الولايات المتحدة والذي، إذا لم يتم التصدي له، يمكن أن يكون كارثياً على الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي في الخريف المقبل.
وعن إنجازات رحلة الرئيس الأمريكي، سُئل مستشاره لشؤون أمن الطاقة آموس هوكستين في برنامج "واجِهْ الأمة" على قناة "سي بي إس" في السابع عشر من تموز/يوليو، حيث كان ضمن الوفد الذي ذهب إلى جدة، فذَكَر طبيعتها التاريخية مشيراً إلى أن طائرة الرئاسة الأمريكية "إير فورس وان" قامت برحلة مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، وتم فتْحْ المجال الجوي السعودي للجميع، (واستمرار) وقف إطلاق النار في اليمن، (والتوصل إلى) اتفاقيات بالأمن الغذائي، قبل أن يقاطعه المحاور ليسأل: وماذا عن النفط؟"
وتجنب هوكستين الإقرار بأي فشل من خلال الإشارة إلى أن إنتاج النفط السعودي "ازداد بالفعل بنسبة 50 في المائة" في الشهرين الماضيين. لقد كانت إشارة مبهمة حول زيادة الحصة بدلاً من رفع الإنتاج الفعلي بمقدار النصف، ولكنها ساعدته على التملص من الإجابة. وأضاف بأنه ستُتخذ "بضع خطوات أخرى في الأسابيع المقبلة".
وخلال مقابلة أُجريت مع عضو "مجلس المستشارين الاقتصاديين" للرئيس الأمريكي، جاريد بيرنستين، على قناة "سي إن إن"، سُئل عما إذا كانت الزيارة قد حققت شيئاً فأجاب: "لاحظنا أن السعودية قالت إنها ستزيد قدرتها على إنتاج النفط، وبإمكانكم توجيه السؤال إلى المسؤولين السعوديين لمزيد من المعلومات".
إن المعلومات من الجانب السعودي هي أن المملكة تهدف إلى زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027. وحول هذا الموضوع: لا تتحمسوا كثيراً وبسرعة. فكما كتبتُ في تحليل لـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" في 14 تموز/يوليو، يبلغ إنتاج النفط السعودي الحالي حوالي 10.5 مليون برميل يومياً، مع مليون آخر تساهم به سوائل الغاز الطبيعي، القريبة من النفط. علاوة على ذلك، يقدّر الخبراء المطلعون السعة الاحتياطية السعودية بحوالي 1.5 مليون برميل يومياً (على الرغم من أن السرعة التي تستطيع فيها المملكة الاستمرار في هذا التدفق وإلى متى قابلة للجدل). بعبارة أخرى، تمتلك السعودية بالفعل 13 مليون برميل في اليوم. لكنها فقط لا تستخدمه. وما حول عام 2027؟ إن خمس سنوات هي وقت طويل للغاية من أجل الانتظار.
وجاء تذكير/توضيح آخر لسياسة النفط السعودية من وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، الذي أخبر وسائل الإعلام في جدة عن "سياسة المملكة الطويلة الأمد المتمثلة في العمل على ضمان وجود إمدادات كافية من النفط الخام في الأسواق". إن ما تدور حوله القضية هو تعريف كلمة "كافية". فالإشارات السعودية السابقة إلى النفط "بأسعار معقولة" لم تعُد تستخدم بعد الآن. وكما يعلم طلاب الاقتصاد المبتدئين في المحاضرة العلمية "مبادئ الاقتصاد 101"، دائماً ما يضمن السعر التوازن بين العرض والطلب، كما أن السعر الذي يعتبره السعوديون مناسباً يتخطى العتبة التي يراها الأمريكيون ملائمة.
إذا كانت هناك أخبار جيدة عن النفط، فهذه ليست بسبب السياسة السعودية. فقد انخفض السعر أساساً في الشهرين الماضيين من حوالي 120 دولاراً للبرميل الواحد إلى حوالي 100 دولار، كنتيجة للمخاوف من الركود الناجم عن التضخم على ما يبدو، لا سيما في الصين. وتحدث هوكستين على شبكة "سي بي إس" عن انخفاض أسعار البنزين إلى حوالي 4 دولارات للغالون، مشيراً إلى أنه في بعض الأماكن في الولايات المتحدة إن السعر أساساً أقل من ذلك.
ثم حوّل مستشار الرئيس الأمريكي المحادثة إلى تغيّر المناخ، ومشروع القانون الذي لا يريد السناتور جو مانشين (ديمقراطي من ولاية ويست فرجينيا) دعمه. وقال إن الأمر يتعلق بالاستثمار "في المستقبل" وما إذا كنا نريد أن "تقودنا الولايات المتحدة أم الصينيين".
هذا حديث عن التقاتل، وتذكير بالقول المأثور أن كل السياسات محلية. وعلى الرغم من تحويل في التركيز، فإن رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط تمثل بالفعل مجموعة من التطورات الدبلوماسية المحتملة الأخرى غير النفطية. وسيتعين العمل على هذه الأمور في الأشهر المقبلة، لكن دون تدخل رئاسي أمريكي.
اضف تعليق