مع اكتشاف هويتك كقيادي، ستصبح لديك رؤية واضحة حيال الإسهامات الاستثنائية لك. وأخير وليس آخراً، ستخولك من البحث عن الأشخاص اللذين يتمتعون بمهارات وسمات وأسلوب فعال يستكمل ما تحتاج إليه. في حين يعلم العديد من التنفيذيين في أعماقهم أنهم لا يمتلكون إجابات على جميع الأسئلة...
هنريك بريسمان/ديبورا آنكونا
(يحتاج القيادي الناجح لتبني أسلوب ناجع في القيادة والاختيار بين التركيز على الأشخاص أم عامل الربح والخسارة)
تخشى سلسلة متاجر كبرى في إحدى دول أوروبا الشرقية من انخفاض مبيعاتها بنسبة 8٪ مع اقتراب دخول شركة ليدل العملاقة السوق. لذا قررت الشركة بالتعاون مع باحثين القيام بدراسة عشوائية بهدف خفض معدل دوران الموظفين الذي يكلفها مبالغ هائلة، في سبيل تحسين الجودة وزيادة فعالية عملياتها. تسلم عدد من مدراء المتاجر رسالة من الإدارة تشجعهم على الحد من معدل دوران الموظفين. ويبدو أن الأمر أتى بنتيجة إيجابية، فخلال الثلاث أرباع التالية، تراجع معدل دوران الموظفين من 20 إلى 30 بالمئة. ولكن بالرغم من ذلك لم ينعكس ذلك إيجاباً على مقياس أداء الموظفين (مبيعات وقيمة الطعام المهدور).
وجد الباحثون تفسيراً لذلك خلال مقابلات أجروها لاحقاً. فنظراً لتركيز مدراء المتجر على القضايا المتعلقة بالموارد البشرية، لم يعطوا وقتاً كافياً للمستهلكين (بهدف زيادة المبيعات) وللتعامل مع حركة تدفق البضائع (للحد من هدر الأطعمة).
بالطبع لا تزال الشركة مستفيدة من خفض معدل التوظيف وتكاليف تدريب الموظفين الجدد (والتي تقدر بـ 400 يورو للمدير الواحد على أقل تقدير). ولكن على مستوى المتجر الواحد، أظهرت البيانات حقيقة جديرة بالملاحظة: على الأغلب من الصعب وربما من المستحيل، أن ينجح مدير واحد في عدة مجالات بشكل متساوي. ويؤكد ذلك مقولتنا على مدار عدة سنوات: تستطيع القيادة الموزعة التي تستفيد من الخبرة والرؤية، النجاح في مختلف أقسام المؤسسة. فالمؤسسات التي تتبع نهج القيادة الموزعة أكثر قدرة على التكيف والإبداع، فهي تتغلغل مدفوعة بإحساس كبير بالأهداف.
يجب أن يدرك المديرون نقاط ضعفهم وقوتهم قبل توزيع القيادة، فبذلك يستطيعون البحث عن الأشخاص الذي يتمتعون بمهارات تعوض تلك التي تنقصهم. لذا قمنا بتطوير آلية تعتمد على التغذية الراجعة أطلقنا عليها "x360" ونشرناها بأهم المجلات الأكاديمية. قمنا سابقاً بالحديث عن البعد الأول والثاني لآلية x360: سمات وقدرات القادة، على التوالي. سنناقش في هذا المقال البعد الثالث وهو الفعالية، أي كيف يستطيع القادة التأثير بشكل أكبر.
هل أنت شخص يركز على الآخرين أم على المهام؟
يقول مارك فريسورا متحدثاً عن منصبه كرئيس لكازينو "سيزرس انترتيمنت": "إذا ما غفلت عينك عن النقود أو الزبائن أو الموظفين فأنت في عداد الأموات". بصفته شخص تم تعيينه بعد يومين فقط من تقديم مالكي الكازينو طلباً للحماية من الإفلاس في 2015. أمضى الأشهر الثلاثة الأولى بزيارة 27 فرعاً، طالباً من الموظفين اقتراحات حول كيفية تنشيط الأعمال. وأكد على أهمية عدم التخلص من الأشخاص الذين يديرون العمليات كونهم "الوزة الذهبية"، أي الذين يمتلكون معلومات هامة حول كيفية إدارة العمل. قام في البداية بكل ما يتطلبه الأمر، حتى توزيع بطاقات على الموظفين لجمع تعليقاتهم. يمثل فريسورا مثالاً جيداً للقيادي الذي يضع نفسه مكان الآخرين.
تعتبر فعالية الأشخاص واحدة من الطريقتين الرئيسيتين التي تمكن القادة من ترك تأثير. ينجح القادة الذين يركزون على الأشخاص من تحفيز أعضاء الفريق. فهم يعرفون جيداً كيفية إثارتهم لمواجهة التحديات. كما أنهم ماهرون وبشكل خاص في بناء الثقة مع أعضاء الفريق والحفاظ على رضاهم. من الواضح أن مثل هذا التوجه يجب أن يقترن بالتركيز على المال والزبائن كما قال فريسورا نفسه. تطلب الأمر عامين، ولكن نجح "سيزرس" في النهاية بتخطي مسألة الإفلاس.
لنتناول الآن تشاك روبينز، الرئيس التنفيذي لـ "سيسكو"، والذي يوصف على أنه "مثال على التركيز" والمعروف بسمعة جيدة وإمكانية إنجاز الأمور على أكمل وجه. عند سؤاله عن سبب توليه أعلى منصب في مجموعة شركات التكنولوجيا، عزى روبنز ذلك لقدرته على ربط الاستراتيجية بالقدرة الحقيقية على تنفيذ الأمور بفاعلية، وخلفيته العلمية وفهمه العميق لآلية شبكة الانترنت. كشخص معروف بعدم ارتكابه للأخطاء، كان مدركاً لأهمية وجود فريق إدارة يتمتع بحس القناعة. وبهذا الصدد، كانت إحدى أولوياته كرئيس تنفيذي جديد هي التخلص من السلوكيات السيئة، ويقصد بذلك، الأشخاص الذين يتفقون على إنجاز أمور خلال الاجتماع، دون أن يفوا بالتزاماتهم. لم يتمكن خلال الاجتماعات اللاحقة سوى حفنة من الأشخاص من البقاء بمنصبهم.
الفعالية هي الطريقة الثانية التي تمكن القادة من ترك تأثير، كونها تظهرهم على أنهم أشخاص يميلون إلى التركيز على تلبية أهداف أصحاب المصلحة الخارجية وإرضائهم. وتجعلهم حريصين على تقديم منتجات وخدمات ذات جودة مع الشعور بالالتزام تجاه تحقيق عوائد مادية جيدة. نشير لهذا التوجه بقبعة الربح والخسارة والتي يسهل على هذا النوع من القادة ارتدائها على غرار روبيز، الذي يقول أنه في حال لم يكن في مجال الأعمال لاختار مهنة تنطوي على مقاييس واضحة.
التخلص من أسطورة القيادي المثالي
لنكن واضحين، يحتاج القادة الفاعلين إلى كلا الأمرين، حتى ولو كان أحدهما أهم من الآخر. فمن المرجح التخفيف من أحدهما في وقت الشدائد. فالقيادة الناجحة تتطلب الكثير من الوعي الذاتي.
تعتبر آلية x360 أداة تطوير مؤثرة تساعدك على استكشاف الجوانب غير المرئية لك كقيادي. وتتيح لك النتائج المترتبة عنها معرفة الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليك، وقد تكون بمثابة نداء تحذيري للبعض. فمع اكتشاف هويتك كقيادي، ستصبح لديك رؤية واضحة حيال الإسهامات الاستثنائية لك. وأخير وليس آخراً، ستخولك من البحث عن الأشخاص اللذين يتمتعون بمهارات وسمات وأسلوب فعال يستكمل ما تحتاج إليه.
في حين يعلم العديد من التنفيذيين في أعماقهم أنهم لا يمتلكون إجابات على جميع الأسئلة، هناك افتراض سائد بأنهم يجب أن يكونوا أبطالاً، وأن يكونوا على دراية ومعرفة بجميع الأمور. ولكن في الحقيقة جميعنا قادة غير كاملين. رأينا في البرامج التي استخدمت x360 كيف يشعر العديد من المشاركين بالراحة، أثناء حديثهم عن أسطورة القيادي المثالي.
في نهاية المطاف، نهدف من خلال آلية x360 أنسنة المؤسسات، ونرى فيها أماكن يشعر فيها القادة بالراحة لإدراكهم للقيود التي تحيط بهم. تلعب القيادة المركزة دوراً جيداً، ولكن أكثر قادة المستقبل تأثيراً هم الأكثر قدرة على الاعتماد على المواهب التكميلية لزملائهم.
اضف تعليق