باتت سرقة اللوحات الفنية ظاهرة عالمية تجتاح معظم دول العالم لاسيما التي تمتلك متاحف واثرياء مهوسون باقتناء الرسومات الابداعية فاقت أسعارها الملايين، لذا ظهر عدد كبير من اللصوص المحترفين الذين استطاعوا كسر النطاق الأمني القوي بقاعات عرض تلك اللوحات بالمتاحف كما ظهر ايضا محترفو تزوير تلك الأعمال، وفقا لتقرير للأمم المتحدة، فهي تحتل المركز الرابع في قائمة الجرائم الأكثر ربحاً بعد المخدرات وغسل الأموال وتجارة الأسلحة.
وقد شهدت العديد من المتاحف في مختلف أنحاء العالم حالات سرقة متنوعة تحدث من وقت إلى آخر، وبحسب احصائيات خبراء الفن ان عدد المتاحف في العالم يبلغ تقريبا 12 ألف متحف، يدخلها كل عام حوالي 220 مليون متفرج، متاحف تحتوي على لوحات فنية لفنانين عاشوا فقراء وبؤساء وتركوا لوحات تقدر بالملايين ليسطو عليها اللصوص على الرغم من احتياطات الأمن والتكنولوجيا الحديثة، إلا أنهم يتوصلون دائما إلى طرق مبتكرة لتعطيل أجهزة المتاحف، وتعاني أوروبا أكثر من بقية الدول الأوروبية من جرائم سرقات المتاحف، فهي تملك عددا ضخما من المتاحف.
على الصعيد ذاته يرى بعض الفنانين إن إعادة بيع هذه اللوحات بمبالغ كبيرة ساهم بالطبع في زيادة عملية السرقات في الفترة الأخيرة خاصة مع انتشار السوق السوداء لهذه التجارة التي أصبحت تدر ملايين الدولارات، ومع تزايد عشاق ومتذوقي الفن التشكيلي، ويرى هؤلاء الفنانون أن عملية السرقة ستظل مستمرة طالما أن مغرياتها مازالت موجودة وطالما وجد فنانون مثلت لوحاتهم علامة بارزة في تاريخ الفن.
فيما يرى فنانون آخرون أن سرقات اللوحات تتم غالباً بأسلوب منظم، ويقف ورائها جهات داعمة، وربما بعض من تلك المتاحف والمؤسسات التي تقتني اللوحات، وتسعى إلى رفع سعر عدد من تلك الأعمال، أو إعادتها إلى الصدارة والترويج لها، وبالتالي مضاعفة قيمتها المادية، إلا أنهم يؤكدون أن اللوحة المسروقة لا يمكن بيعها أو عرضها فهي مسجلة لدى جهة معينة، كما أن التعميمات الأمنية بشأنها تصل إلى أرجاء العالم كافة.
وعليه باتت أخبار سرقة اللوحات الفنية النادرة، لكبار الفنانين العالميين، تشبه إلى حد ما أخبار سرقة محفظات النقود الشخصية أو السيارات، أو الهواتف النقالة وغيرها، من أخبار السرقات اليومية، التي تطالعنا بها الصحف بشكل مستمر، وقد شهد هذا العام العديد من السرقات الكبرى لأعمال فنية لا تقدر بثمن.
أوكرانيا
قال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إن أوكرانيا استعادت 17 لوحة بينها أعمال لبيتر بول وروبنز وتينتوريتو سرقها لصوص مسلحون من متحف كاستلفتشيو في فيرونا العام الماضي، وقال مكتبه في بيان إن السلطات الأوكرانية ستدعو الخبراء الإيطاليين للتحقق من أنها اللوحات الأصلية وستجهز لإعادتها. وتقدر قيمة اللوحات بأكثر من 16 مليون يورو (18.3 مليون دولار)، وأظهرت لقطات نشرها مكتب الرئيس قوات خفر السواحل الأوكرانية وهي تزيل ألواحا بلاستيكية عن اللوحات.
وقال البيان إنه تم العثور على هذه الأعمال الفنية على بعد نحو 1.5 كيلومتر من الحدود مع مولدوفا ولم يذكر تفاصيل أخرى، وسرق اللصوص اللوحات في 19 نوفمبر تشرين الثاني بعد أن غادر الموظفون الأحد عشر الذين يعملون بمتحف فيرونا وقبل بدء تشغيل نظام الإنذار المتصل بمركز الشرطة. وقيدوا موظف الخزنة وأجبروا حارسا مسلحا على إعطائهم مفاتيح سيارته التي استخدموها في الهرب.
وفي الشهر الماضي عثرت أجهزة الأمن الأوكرانية على أربعة أعمال فنية هولندية مهمة ترجع إلى العصر الذهبي في القرن السابع عشر وذلك بعد أكثر من عشر سنوات من سرقتها من متحف في هولندا.
سلمت السلطات الأوكرانية هولندا خمس لوحات فنية ثمينة سرقت من متحف هولندي في عام 2005 وعثر عليها في أوكرانيا هذا العام، واللوحات ضمن مجموعة من 24 لوحة قدرت قيمتها بعشرة ملايين يورو عند فقدها في 2005، وقيل في ديسمبر كانون الأول إنه تم العثور عليها في منزل بمنطقة يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا في شرق أوكرانيا.
ويعود تاريخ اللوحات إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر وستعاد إلى متحف وستفريز بمدينة هورن شمالي العاصمة الهولندية أمستردام بعدما سرقها لصوص اختبأوا في المتحف قبل إغلاقه وعطلوا نظام الإنذار قبل أن يفروا بالأعمال الفنية الثمينة.
وقال أد جيردينك مدير متحف وستفريز خلال مراسم التسليم في السفارة الهولندية بكييف "أتوق لرؤية هذه القطع الفنية الجميلة في مكانها الأصلي... سنشعر كما لو أن أبناءنا المفقودين قد عادوا إلينا أخيرا"، وقالت وزارة الخارجية الهولندية في بيان "لم يتضح بعد مكان باقي اللوحات وكم من الوقت سيستغرقه العثور عليها".
ايطاليا
كشفت الشرطة الايطالية شبكة معقدة من اللصوص سرقوا لوحات قيمة في المطار الرئيسي بالعاصمة روما ووجهت إلى اثنين من الموظفين المحليين تهمة سرقة أعمال فنية، وقالت الشرطة المحلية في بيان إن عمال النظافة وموظفي الجمارك كانوا يخدعون الأشخاص الذين ينقلون الأعمال الفنية عبر مناطق الحقائب ذات الأحجام الخاصة. بحسب فرانس برس.
وقالت الشرطة "من خلال الملابس الرسمية التي يرتدونها عادة للعمل بالمطار استطاعوا بسهولة اقناع الأشخاص إنهم يقدمون لهم خدمة حقيقية ونجحوا في خداعهم"، وبمرور الوقت أدرك الضحايا ما يحدث إذ تنقل اللوحات بعيدا وتخبأ وتعد للبيع في السوق السوداء، وتمت استعادة لوحتين للفنانين المعاصرين اوجو اتاردي وريناتو جوتوزو تقدر قيمتهما بأكثر من 50 ألف يورو (55 ألف دولار) سرقتا قبل أيام قليلة.
هولندا
قال متحف هولندي إن مجموعة لوحات فنية أصلية هولندية مسروقة ترجع للعصر الذهبي في القرن السابع عشر عُثر عليها داخل فيلا في شرق أوكرانيا الذي يخضع لسيطرة المتمردين بعد 10 سنوات من اختفائها.
وعادت 24 لوحة -قُدرت قيمتها بعشرة ملايين يورو (10.8 مليون دولار) عند اختفائها في 2005- للظهور في يوليو تموز عندما تواصل رجلان مع السفارة الهولندية في العاصمة الأوكرانية كييف لعرض بيعها، وقالت صحيفة دي تيلجراف إن محققين هولنديين اثنين في الأعمال الفنية المسروقة اكتشفا ان اللوحات في حوزة "متشددين قوميين" بشرق اوكرانيا يطلبون خمسة ملايين يورو مقابل بيعها.
وقال آد جيردينك مدير متحف هشتفريش في هورن إلى الشمال من أمستردام المالك الأصلي للوحات "لكننا أردنا أن ندفع لهم نفقاتهم فقط إذ أن اللوحات مملوكة قانونا للمتحف لذلك ليس من حقهم الاحتفاظ بها أو بيعها"، وقال إن المتحف أعلن عن هذه المعلومات الآن بسبب تخوفه من تعرض اللوحات للخطر.
وقال جيردينك "هناك إشارات واضحة على أن اللوحات معروضة للبيع الآن لأطراف أخرى أو ربما تم بيعها بالفعل"، وأضاف "بالوضع في الاعتبار الحالة الهشة للوحات فإن الوقت ربما ينفد أمامنا أو ربما نفد بالفعل"، واختبأ اللصوص الذين استولوا على اللوحات داخل المتحف قبل موعد إغلاقه في إحدى ليالى الشتاء وعطلوا جهاز الإنذار بالمتحف قبل الهرب بالأعمال الفنية، ومن شأن اكتشاف اللوحات أن يزيد من التعقيدات الدبلوماسية المحيطة بمجموعة أثرية ذهبية لا تقدر بثمن من القرم كانت مُعارة إلى متحف في أمستردام عندما ضمت روسيا شبه الجزيرة من اوكرانيا في مارس اذار 2014، وغرقت حكومة كييف وعدة متاحف في القرم منذ ذلك الحين في مشكلات قانونية بالمحاكم الهولندية بشأن ملكية الأعمال القيمة، وليس هناك ما يشير إلى ارتباط مصير لوحات متحف هشتفريش بتلك المجموعة الاثرية.
تركيا
تمكنت الشرطة التركية من استرجاع لوحة اصلية للفنان الاسباني بيكاسو وذلك في عملية سرية جرت في اسطنبول، حسبما اعلنت وكالة الاناضول التركية الرسمية للانباء، وقالت الوكالة إن العملية استهدفت سارقي اعمال فنية اثناء محاولتهم بيع اللوحة المعنونة "امرأة تصفف شعرها" التي كانت قد سرقت من مجموعة فنية شخصية في نيويورك، واضافت الوكالة أن رجال شرطة اتراك انتحلوا صفة مشترين والتقوا بالسارقين في احد فنادق اسطنبول ومرة ثانية على ظهر يخت في المدينة، وتقول إن السارقين طلبوا مبدئيا مبلغ 8 ملايين دولار ثمنا للوحة، ولكنهم خفضوا المبلغ الى 7 ملايين.
ثم رتب رجال الشرطة موعدا في احد المقاهي يوم الجمعة حيث القوا القبض على شخصين.
وتمثل اللوحة، التي انجزها الفنان الاسباني عام 1940، عشيقة بيكاسو دورا مار بشكل غريب مشوه، بقفصها الصدري الضامر وبطنها المنتفخ وقدميها هائلتي الحجم، وقالت الاناضول إن اللوحة احيلت الى جامعة المعمار سنان للفنون الجميلة لفحصها والتحقق منها.
مدريد
سرقت خمس لوحات للرسام البريطاني فرانسيس بايكن تتجاوز قيمتها الثلاثين مليون يورو من شقة في مدريد قبل تسعة اشهر على ما ذكرت صحيفة "إل باييس"، وكانت اللوحات ملكا لرجل في التاسعة والخمسين لم يكشف عن اسمه قدم على انه صديق للرسام المعاصر الذي وهبه هذه اللوحات على ما اوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة على التحيق.
وتعذر على ناطقة باسم الشرطة اتصلت بها وكالة فرانس برس تأكيد الخبر، ونفذت عملية السرقة بطريقة محترفة في شقة فخمة في وسط مدريد بعد تفكيك نظام الانذار عندما كان المالك غائبا عن الشقة، وسرق اللصوص اللوحات الخمس فضلا عن اشياء اخرى قيمة، ولم يترك اللصوص اي اثر من بصمات او ما شابه، يسمح بالوصول اليهم على ما ذكرت الصحيفة، وتجري وحدة متخصصة بسرقة الاعمال الفنية تحقيقا في هذه القضية في اسبانيا وخارجها، وكان فرانسيس بايكن يحب كثيرا العاصمة الاسبانية حيث توفي العام 1992. وهو من بين عشرة فنانين يحققون لوحدهم 18 % من مبيعات الفن العالمية من حيث القيمة الى جانب بيكاسو ووارهول وجاكوميتي وموديلياني على ما تفيد "ارتبرايس".
اميركا
صادرت السلطات الأميركية في نيويورك منحوتتين هنديتين مودعتين في مستودعات دار "كريستيز" التي كان من المفترض أن تطرحهما للبيع الثلاثاء، إثر اشتباهها في أنهما مسروقتان، والقطعة الأولى التي صادرتهاعناصر الجمارك ووزارة الداخلية هي منحوتة عليها نقش غائر تعود للقرن الثامن تقدر قيمتها بين 200 و 300 ألف دولار، في حين أن القطعة الثانية هي مسلة تعود للقرن العاشر يراوح سعرها بين 100 و 150 ألف دولار.
وبحسب السلطات، هاتان القطعتان آتيتان من عمليات تهريب، وتندرج هذه العملية هذه في إطار تحقيق واسع يحمل اسم "أوبيرايشن هيدن آيدل" سمح خصوصا بالكشف عن تاجر التحف الفنية الأميركي سوباش كابور الذي اقتنى تحفا منهوبة من معابد هندية، وهو أوقف في ألمانيا سنة 2011 وسلم للسلطات الهندية ويتم الإعداد لمحاكمته، وكشفت الجمارك الأميركية عن قبول أربعة متاحف أميركية كبيرة وهاوي تجميع معروف، التعاون مع المحققين وإعادة بعض القطع، وقال أحد الناطقين باسم دار "كريستيز" لوكالة فراس برس إن "كريستيز تخصص موارد كثيرة للتأكد من مصدر القطع التي تطرحها في مزاداتها"، موضحا أن السلطات أشارت إلى ان الأدلة على المصدر المشكوك فيه لهاتين القطعتين غير متاحة للجمهور. من ثم، لم يكن في وسع الدار الاطلاع عليها، وسحبت "كريستيز" القطعتين من المزاد وأكدت تعاونها مع السلطات في إطار تحقيقها.
النرويج
عثر على لوحة للرسام النروجي ادفارد مونك سرقت من صالة عرض في اوسلو العام 2009، واوقف رجلان بتهمة "اخفاء مسروقات" على ما اعلنت الشرطة النروجية، وقد انجزت اللوحة بنسخ عدة وهي بعنوان "المؤرخ" وتمثل رجلا مسنا ملتحيا بلباس رثة مع صبي. وقد عثر عليها من دون ان يكون لحق بها اي ضرر على ما اوضحت شرطة اوسلو في بيان.
وكان مجهول سرق اللوحة في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 من صالة "نيبورغ كونست" في العاصمة النروجية بعدما كسر واجهة القاعة، وكان سعرها قدر يومها بحوالى 240 لف يورو الا ان الخبراء اعتبروا ن اللوحة مشهورة جدا ولا يمكن بيعها في السوق الفنية، ورفضت الشرطة تحديد ظروف العثور على اللوحة الاثنين بسبب استمرار لتحيق، وقد اوقف رجلان مطلع الاسبوع بتهمة "اخفاء مسروقات" وليس بتهمة السرقة بحد ذاتها. ولم يكشف عن هويتهما، وقد تعرضت اعمال مونك (1863-1944) وهو رائد التيار التعبيري لعمليات سرقة كثيرة في السنوات الاخيرة، ففي آب/اغسطس 2004 سرقت لوحتاه الشهيرتان "الصرخة" و "العذراء" المقدر سعرهما بمئة مليون دولار في وضح النهار من قبل رجال مسلحين وملثمين من متحف مونك في اوسلو، وقبل عشر سنوات على ذلك سرقت نسخة اخرى من "الصرخة" في الغاليري الوطنية في اوسلو في يوم افتتاح دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في ليليهامر، وقد عثر على كل اللوحات في ما بعد.
اضف تعليق