شكلت احداث العنف والشغب في كأس امم اوروبا للعام 2016 صور واضحة لتأثير الخلافات السياسية بين روسيا وأوروبا، فقد تسلل عنف مشجعي كرة القدم إلى السياسة الدولية وذلك استدعت روسيا السفير الفرنسي بعد احتجاز مواطنين روس خلال بطولة أوروبا لكرة القدم المقامة بفرنسا وحذرت من أن الأجواء "المعادية لروسيا" يمكن حتى أن تضر بالعلاقات بين البلدين، مما أدى الى توقيف المشجعين الروس إلى أزمة دبلوماسية مصغرة بين روسيا وفرنسا، واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمام مجلس الدوما أن "هذا الحادث غير مقبول على الإطلاق"، واتهم لافروف مشجعي دول أخرى "بارتكاب أفعال شديدة الاستفزاز" في البطولة كقيام البعض بدهس العلم الروسي بالأقدام.
فكما يبدو ان كرة القدم ستكون أحد الأمور التي سيتغير ملامح العلاقات الدبلوماسية بين روسيا واوروبا وستتأثر المصالح المشتركة بشدة بسبب هذا القرارات غير المنطقية بحق المشجعين الروس بحسب اغلب المراقبين وهو الأمر المتوقع أن يكون سلبيا على العلاقات السياسية التي هي متوترة ومضطربة اصلا، بحسب هؤلاء المراقبين يبدو أن هناك أطراف تواصل سياسات غير مسؤولة تستهدف الإضرار بالمصالح الروسية، والتي تجاوزت السياسة والاقتصاد لتصل إلى الرياضة، حيث يسعى البعض إلى تحويل ميادين المنافسة الشريفة إلى حلبة صراع سياسي، أو بمعنى آخر "تسييس" المسابقات الرياضية الكبرى.
والمواقف السلبية لأوروبا تعكسها تلك الإجراءات التي اتخذت ضد المنتخب الروسي المشارك في أمم أوروبا "يورو 2016" وجماهيره، بينما يرى الخبراء بأن تلك الإجراءات غير منطقية، وقرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاد روسيا من المسابقة مع وقف التنفيذ وتغريم الفريق 150 ألف يورو، على خلفية أحداث الشغب التي رافقت مباراة المنتخب مع انجلترا، جاء مثيرا للجدل خاصة وان المنتخب انجلترا لم تتم محاسبته على الاستفزازات التي قامت به جماهيره وأعمال الشغب التي رافقت المباراة.
فالاتحاد ألأوروبي لم يتخذ أي إجراء تجاه اعمال الشغب والاستفزازات التي قامت بها الجماهير الإنجليزية قبل وأثناء وعقب المباراة، في الوقت الذي حمل فيها جماهير روسيا كامل المسؤولية على الأحداث.
كذلك الاتحاد الأوروبي لم يتخذ أي إجراء ضد شغب جماهير انجلترا وألمانيا نتيجة الاشتباكات التي وقعت بينهما في بعض المدن التي تشهد مباريات البطولة، فضلا عن عدم اتخاذ أي إجراء تجاه جماهير منتخب كرواتيا بسبب أحداث الشغب التي اندلعت خلال مباراة المنتخب أمام التشيك، حيث قامت بإلقاء العديد من المقذوفات والألعاب النارية على أرضية الملعب، إلى جاتنب أعمال الشغب التي وقعت عشية مبارة منتخبي أنجلترا وويلز وتدخل قوات الأمن، بينما الاتحاد الأوروبي لم يوقع اي عقوبات واكتفى بالتعبير عن اسفه.
وفي خطوة أخرى للتصعيد تجاه روسيا، صدق الاتحاد الدولي لألعاب القوى، على قرار إيقاف المنتخب الروسي لألعاب القوى بسبب ادعاءات انتهاكه لقواعد مكافحة المنشطات، وذلك قبل أسابيع قليلة على انطلاق فعاليات دورة الألعاب الأولمبية "ريو دي جانيرو 2016"، بينما الأمل يظل منعقدا على اجتماع اللجنة الأولمبية الدولية المقرر له 21 يونيو/حزيران الجاري، لإنهاء الأزمة والسماح لروسيا بالمشاركة.
على الصعيد نفسه أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أحداث العنف التي قام بها مثيرو الشغب خلال كأس الأمم الأوروبية 2016 لكرة القدم في فرنسا متسائلا بسخرية "كيف تمكن 200 مشجع روسي من الاعتداء على الآلاف من المشجعين الإنكليز".
على صعيد ذي صلة وجهت النيابة الفدرالية البلجيكية الاتهام إلى ثلاثة أشخاص أوقفوا في إطار حملة دهم ليل في "محاولة اغتيال في سياق إرهابي"، وذلك على خلفية تهديدات أحاطت بمباراة كرة قدم بين بلجيكا وإيرلندا ضمن بطولة كأس الأمم الأوروبية.
من جهة أخرى وصف مدرب المنتخب الكرواتي انتي ساسيتش الجمهور المشاغب بـ"ارهابيي الرياضة" وذلك بعد الاحداث التي شهدتها الدقائق الاخيرة من مباراة الجمعة بين فريقه ونظيره التشيكي (2-2) في الدور الاول من نهائيات كأس اوروبا 2016.
الى ذلك أثارت قمصان لاعبي المنتخب السويسري التي تمزقت خلال مباراته ضد المنتخب الفرنسي، سخرية واستهزاء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها الكثير منهم بأنها قمصان من شوكولاتة. ووصفها البعض ساخرا بـ"القمصان المحدودة الصلاحية"، فيما أعلنت شركة المستلزمات الرياضية الألمانية المصنعة لها "بوما"، أنها تعكف على فحص قماشها حتى تحدد الأسباب.
تهديد المباريات
أعلنت النيابة الفدرالية البلجيكية أن "عشرات" من عمليات الدهم جرت ليل في 16 منطقة في بلجيكا في إطار ملف لمكافحة الإرهاب يتطلب "تدخلا فوريا"، وتم توجيه الاتهام إلى ثلاثة أشخاص أوقفوا في "محاولة اغتيال في سياق إرهابي"، وذلك على خلفية تهديدات أحاطت بمباراة كرة قدم بين بلجيكا وإيرلندا.
وقالت النيابة في بيان أن عمليات الدهم جرت "بلا حوادث" في بروكسل ووالونيا (جنوب) وفلاندر (شمال)، موضحة أنه لم يتم ضبط "أي سلاح أو متفجرات" حتى الآن، والثلاثة وهم سمير سي ومصطفى بي وجواد بي وكانوا ضمن أربعين شخصا أوقفوا خلال عمليات دهم نفذتها قوات الأم، ووجهت للثلاثة أيضا تهمة "المشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية" وتم وضعهم قيد الحجز المؤقت كما أضافت النيابة. بحسب فرانس برس.
في المقابل تم الإفراج عن تسعة آخرين بعد الاستماع إليهم، بحسب بيان النيابة العامة، وكانت النيابة العامة قالت إن "المعطيات التي تم جمعها في إطار التحقيق استدعت التدخل الفوري" من دون تفاصيل إضافية، وذكرت شبكة التلفزيون الفلمنكية الخاصة "في تي إم" أن التهديد مرتبط بالمباراة بين بلجيكا وإيرلندا ويستهدف أساسا "مناطق مشجعين" أقيمت بمناسبة المباراة التي جرت بعد ظهر السبت في بوردو جنوب غرب فرنسا، ومع ذلك فقد تجمع الكثير من البلجيكيين أمام شاشات عملاقة واحتفلوا في الشوارع بفوز منتخبهم بثلاثة أهداف لصفر على منتخب إيرلندا، وأوضحت أن عمليات الدهم جرت "بلا حوادث تذكر" في منطقة بروكسل في مولنبيك وشيربيك وفوريست الأحياء الثلاثة التي أقام فيها منفذو اعتداءات باريس وبروكسل مخابئ استخدمت للإعداد للهجمات أو لاختباء صلاح عبد السلام المشتبه به الأساسي في اعتداءات باريس خلال فراره لأربعة أشهر.
كيف بإمكان 200 مشجع روسي ضرب آلاف المشجعين الإنكليز؟
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى اقتصادي في سان بطرسبورغ ، بشأن أحداث الشغب التي رافقت مباراة المنتخب الروسي ونظيره الإنكليزي في مرسيليا ضمن بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم: "العنف بين المشجعين الروس والإنكليز، إنه أمر مخز"، مضيفا "أنا لا أفهم كيف أن 200 من أنصارنا كانوا قادرين على ضرب عدة آلاف من المشجعين الإنكليز"، وتابع "بالنسبة لي، نعطي أهمية أقل لكرة القدم من الاشتباكات بين المشجعين في كأس أوروبا 2016، هذا مؤسف ويؤسفني ذلك".
وفضلا عن ذلك، دعا الرئيس الروسي السلطات الفرنسية لتطبيق القانون بالتساوي على جميع المشاركين في أعمال العنف"، مضيفا "في كل الأحوال، فإن الإجراءات التي تتخذها القوى الأمنية يجب أن تكون هي نفسها تجاه جميع الانتهاكات".
واشتبك المئات من مثيري الشغب الروس والإنكليز في مدينة مرسيليا الساحلية على مدى يومين، ووصلت الأمور السبت الماضي إلى حرب شوارع قبيل مباراة المنتخبين على استاد "فيلودروم"، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات، وحكمت محكمة مرسيليا بالسجن سنة، وسنة ونصف، وسنتين على ثلاثة مشجعين روس اتهموا بالمشاركة في أحداث الشغب التي اندلعت في مرسيليا على هامش مباراة إنكلترا وروسيا في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية ضمن كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم في فرنسا، مع منعهم لمدة عامين من دخول الأراضي الفرنسية.
وطالبت النيابة العامة بعقوبات بالسجن تتراوج بين عام و30 شهرا مع المنع من دخول الأراضي الفرنسية بحق ثلاثة مشجعين تتراوح أعمارهم بين 28 عاما و33 عاما. وألقي القبض على المشجعين الثلاثة في حافلة، إلى جانب 40 مواطنا في ألب ماريتيم. وسيتم طرد 20 منهم، في حين تم الإفراج عن الـ20 الآخرين.
ثم أعلنت الشرطة الألمانية أنها أوقفت 6 من مثيري الشغب الروس كانوا عائدين من مرسيليا ويحملون بطاقات دخول إلى مباريات كأس أمم أوروبا بعد اعتدائهم على سياح إسبان أصيب أحدهم بجراح في مدينة كولن (غرب ألمانيا)، ووجد عناصر الشرطة في أمتعة هؤلاء المشاغبين الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و30 عاما. بحسب فرانس برس.
واستدعي سفير فرنسا في موسكو إلى الخارجية الروسية وتم تحذيره "من تفاقم التوتر" في العلاقات بين البلدين، وأوضحت الوزارة في بيان "تم استدعاء سفير فرنسا لدى موسكو، جان موريس ريبير، إلى وزارة الخارجية في 15 حزيران/يونيو" لتسليمه مذكرة تؤكد "توقيف مجموعة من المشجعين الروس الذين كانوا في طريقهم من مرسيليا إلى ليل" على متن حافلة.
مدرب كرواتيا يصف الجمهور المشاغب بـ"ارهابيي الرياضة"
وصف مدرب المنتخب الكرواتي انتي ساسيتش الجمهور المشاغب بـ"ارهابيي الرياضة" وذلك بعد الاحداث التي شهدتها الدقائق الاخيرة من مباراة الجمعة بين فريقه ونظيره التشيكي (2-2) في الدور الاول من نهائيات كأس اوروبا 2016. بحسب فرانس برس.
وكان المنتخب الكرواتي في طريقه لحسم تأهله الى الدور الثاني لو لم تتوقف المباراة في الدقائق الخمس الاخيرة بسبب "احتفالات" جمهوره الذي رمى بالمفرقعات الى ارضية الملعب ودخل جزء منه في عراك مع جزء اخر ما دفع الحكم الى ايقاف المباراة لحوالي 5 دقائق ثم بعد معاودتها ادرك التشيكيون التعادل من ركلة جزاء في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع بعد ان كانوا متخلفين بهدفين نظيفين، واكد المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي لكرة القدم ان الاخير فتح اجراءات تأديبية بحق المنتخب الكرواتي بسبب ما حصل الجمعة على ملعب "جوفروا غيشار" في سانت اتيان.
القمصان الممزقة
الى ذلك تخللت المباراة التي جمعت المنتخب الفرنسي بنظيره السويسري، بموجب الجولة الثالثة من نهائيات كأس الأمم الأوروبية، مشاهد غير معتادة في مقابلات أوروبية بهذا المستوى وكانت محل تغريدات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما موقع تويتر، وأظهرت هذه المشاهد تمزق قمصان أربعة لاعبين من المنتخب السويسري في بحر المقابلة، جراء شد لاعبي الديوك لهم، أمام استغراب من تابعوا اللقاء في الملعب أو خلف شاشات التلفزيون.
وكان اللاعبون الأربعة الذين مزقت قمصانهم وهم أدمير محمدي وبلير أمبولو وبليريم دزيمايلي وغرانيت تشاكا، مجبرين على استبدالها في الشوط الأول، وحتى أن تشاكا اضطر مجددا إلى استبدال القميص في الشوط الثاني، ما أثار استغراب وسخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلدين أي فرنسا وسويسرا، وكان أول هدف من هذه الحملة الشركة الألمانية المصنعة للقمصان "بوما".
وكتب مغرد ساخرا من هشاشة القمصان على أنها "صنعت من الشوكولاتة"، فيما اعتبر آخر متهكما أن الشركة المصنعة للقمصان "بوما" "كانت تحلم بدعاية أفضل" لكن حصل لها العكس، وسخر أحد المغردين بكون قمصان المنتخب السويسري هي سلعة صينية تباع بأبخس الأثمان. وفي نفس السياق قال آخر "يجب تمزيق قمصان جميع اللاعبين وبهذه الطريقة لا يمكن للمنتخب السويسري أن يتابع المقابلة".
ولم يقتصر هذا الوضع على القمصان فقط، بل أن الكرة التي كان المنتخبان يلعبان بها انفجرت أثناء اصطدام بين لاعبين اثنين، كما أن أرضية الملعب كانت غير مناسبة وأدت في الكثير من المناسبات إلى عرقلة السير المباراة، "أربعة قمصان مزقت، كرة انفجرت، أرضية غير صالحة، وفرجة غائبة"، بهذه الطريقة لخص أحد المغردين 90 دقيقة من اللعب، وقدم رسالة موجزة عما يلوكه الإعلام الفرنسي خلال هذه البطولة بشأن أداء الزرق.
وخرجت الجماهير الفرنسية غاضبة من المباراة رغم تأهل المنتخب الفرنسي إلى دور ثمن النهائي، بسبب أداء الديوك غير المقنع للمرة الثالثة على التوالي خلال هذه الدورة من نهائيات كأس الأمم الأوروبية، لاعب المنتخب السويسري شيردان شاكيري دخل من جانبه على خط السخرية من منتوج "بوما" قائلا "آمل أن لا تصنع بوما الواقيات الذكرية"، فيما اعتبر زميله الحارس يان سومر أن هذه الأمور "تحصل وتعني بأن المعركة كانت حامية على أرضية الملعب"، وبدوره سخر النجم الدولي الإنكليزي السابق غاري لينيكر من "بوما" ومواطنتها الألمانية "أديداس" بالقول "قمصان بوما الخاصة بالفريق السويسري تتمزق مثل الورق. كرة أديداس ثقبت. لم يعد بإمكاننا الاعتماد على الفعالية الألمانية".
لم يكن ممكنا أن تلتزم شركة "بوما" الصمت أمام هذه الحملة الساخرة من منتوجها، واضطرت للرد على ذلك، موضحة أنه لم يسبق لها أن واجهت مشكلا من هذا النوع، وأن عشر مباريات لعبت بقمصان من صنعها خلال هذه البطولة، وأكدت الشركة أن المسؤولين عن الإنتاج في المؤسسة يقومون حاليا "بفحص القماش الخاص بالقمصان" التي مزقت، متعهدة بتقديم المزيد من التفاصيل عند توفر معلومات أخرى.
اضف تعليق