هناك العديد من المتلازمات النادرة التي لا تصيب أعدادا كبيرة من الناس، وقد تنتج عن عوامل وراثية أو ظهور أمراض في المناعة الذاتية. فإن كنت مهتماً بالتعرف على الأمراض الغامضة والنادرة، وترغب بتوسيع آفاق معلوماتك الطبية، إليكَ هذا التقرير الذي سيقدّم لك مجموعة من التفاصيل المهمّة والمفيدة عن متلازمة توريت عند الأطفال...
هناك العديد من المتلازمات النادرة التي لا تصيب أعدادا كبيرة من الناس، وقد تنتج عن عوامل وراثية أو ظهور أمراض في المناعة الذاتية. فإن كنت مهتماً بالتعرف على الأمراض الغامضة والنادرة، وترغب بتوسيع آفاق معلوماتك الطبية، إليكَ هذا التقرير الذي سيقدّم لك مجموعة من التفاصيل المهمّة والمفيدة عن متلازمة توريت عند الأطفال، التي تُعد جزءاً من الاضطرابات والتشنجات اللاإرادية.
ما هي متلازمة توريت؟ متلازمة توريت " Tourette Syndrome" هي اضطراب عصبي يظهر غالباً في مرحلة الطفولة ويشتمل على حركات وتشنجات صوتية تكرارية لا إرادية يُطلق عليها اسم "عرّات"، ويعود السبب في تسمية المتلازمة إلى طبيب الأعصاب الفرنسي الرائد "جورج جيل دو لا توريت" الذي قام بتشخيص أول حالة لهذه المتلازمة عام 1885.
تبدأ العرّات الحركية بالظهور في الفترة ما بين سنتين إلى 8 سنوات، بينما تظهر العرّات الصوتية من عمر سنتين، ولكنّها تبدأ عادةً بعد سنوات من ظهور العرّات الحركية. تبلغ العرّات ذروتها في سن 12 عاماً، ولكنها تخف بصورة حادة أو تختفي عند غالبية الأطفال في مرحلة البلوغ، ويجدر بالذكر أنها تبقى في حالات نادرة حتى بعد سن البلوغ.
أسباب مرض متلازمة توريت، إنّ السبب الرئيسي وراء الإصابة بمتلازمة توريت ما زال غير معروف، ولكنّ هذا الاضطراب العصبي يحدث عادةً نتيجة لمزيج بين عامل وراثيّ في الجينات وعوامل بيئية أُخرى، كما وقد تلعب المواد الكيميائية في الدماغ دوراً في الإصابة بهذه المتلازمة، وهي عبارة عن مواد تنقل نبضات العصب (الناقلات العصبية) وتتضمن الدوبامين والسيروتونين.
أعراض متلازمة توريت (العرّات)، العرَض الرئيسي لمتلازمة توريت هو العرّات التي تكون عبارة عن حركات جسدية أو صوتية لا إرادية وغير وظيفية تحدث بطريقة مفاجئة ومختصرة ومتقطّعة. تتراوح شدّة الأعراض ما بين البسيطة والحادّة، وقد تتداخل الأعراض الحادّة بشكل كبير مع القدرة على التواصل والأداء في الحياة اليومية.
تُصنّف العرّات إلى نوعين كالآتي:
• العرّات البسيطة: وهي عبارة عن تشنجات لا إرادية بسيطة، وتتضمن هذه الأعراض حركات مفاجئة ومختصرة ومتكرّرة لعدد محدود من مجموعات العضلات.
• العرّات المعقدة: وهي عبارة عن تشنجات لا إرادية معقدة، وتشمل هذه الأعراض حركات محدّدة ومتناسقة للعديد من مجموعات العضلات.
هذا وتتضمّن أعراض متلازمة توريت عرّات حركية أو عرّات صوتية، كما يجدر بالذكر أن العرّات الحركية تبدأ عادةً قبل العرّات الصوتية، وفيما يلي قائمة بأبرز هذه الأعراض:
العرّات الحركية: (طَرْف العين، انتفاض الرأس، هزّ الكتف، سرعة حركة العين، نَفَضان الأنف، حركات الفم، لمْس الأشياء أو شمّها، حركات متكرّرة ملحوظة، المشي بنمط معيّن، إشارات بذيئة، الانحناء أو الالتفاف، القفز).
العرّات الصوتية: (الشّخير، السعال، النحنحة، النُّباح، تكرار كلمات الآخرين أو عباراتهم، استخدام كلمات مبتذلة أو سيئة، مضاعفات الإصابة بمتلازمة توريت).
يعيش المصابون بمتلازمة توريت حياة صحية مليئة بالحيوية بالرغم من التحديات المجتمعية والسلوكية التي تواجههم، ولكن هناك بعض الحالات التي عادةً ما ترتبط بهذه المتلازمة وهي:
• اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه (ADHD)
• اضطراب الوسواس القهري (OCD)
• اضطراب طيف التوحد
• صعوبات التعلّم
• اضطرابات النوم
• الاكتئاب
• اضطرابات القلق
• الآلآم المتعلّقة بالعرّة، خاصةً الصداع
• مشاكل إدارة الغضب
تشخيص متلازمة توريت
تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد فحوصات معيّنة لتشخيص حالات متلازمة توريت، ولكن هناك بعض الإجراءات التي يتم اتباعها لتشخيص المريض، بما فيها:
• إجابة المريض على أسئلة الطبيب التي تشمل الأعراض والمضاعفات وغيرها من الأمور
• الخضوع لفحوصات تساعد على استبعاد إصابة المريض بمشاكل صحية أخرى لها أعراض شبيهة بأعراض المتلازمة، نذكر منها التصوير بالرنين المغناطيسي
• انطباق بعض معايير التشخيص على المريض، مثل بدء العرّات بالظهور قبل بلوغ عمر 18 عاماً، وملازمة العرّات للمريض لفترة تتجاوز 12 شهراً، بالإضافة إلى تكرّر العرّات لعدّة مرات بشكل شبه يومي، وألا تزيد فترة انقطاع ظهور العرّات عن 3 أشهر.
علاج متلازمة توريت، لدى الأطباء آمال لعلاج الأمراض العصبية بدون جراحة، وفيما يخص متلازمة توريت العصبية، فإنه لا يوجد علاج محدّد لها، وقد لا يحتاج حامل المرض لأي علاج من الأصل، ولكن قد تستدعي بعض الحالات للخضوع إلى أنواع معيّنة من العلاجات لإبقاء أعراض المتلازمة تحت السيطرة، مثل:
• العلاج السلوكي
• العلاج الدوائي (مثل مرخيات العضلات، خافضات ضغط الدم)
• العمليات الجراحية (التحفيز العميق للدماغ)
كانت هذه أهم المعلومات عن متلازمة توريت العصبية التي لا بدّ من معرفتها، وإن كنت تتساءل عن مشاهير متلازمة توريت العصبية، فهناك العديد المشاهير حول العالم المصابين بهذه المتلازمة، لعلّ أبرزهم المغنية الأميركية بيلي إيليش، والممثل الأميركي دان أيكرويد، وكذلك لاعب كرة القدم الأميركي تيم هاوارد والكثيرين غيرهم.
ماذا تعرف عن المرض النفسي الخطير.. "متلازمة توريت"؟
تعد متلازمة توريت "Tourette syndrome" من الأمراض العصبية والنفسية النادرة والخطيرة، حيث تشكل الأفعال اللاإرادية الجسدية أو الصوتية قيودا كبيرة تعيق المريض عن ممارسة حياته بشكل طبيعي.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن الشفاء من متلازمة توريت، إلا أنه يمكن تخفيف متاعبها من خلال العلاج السلوكي مثلا.
وأوضحت البروفيسورة كيرستين مولر-فال، مديرة عيادة لعلاج حالات متلازمة توريت في ألمانيا، أن متلازمة توريت، التي تحمل اسم الطبيب الفرنسي "جورج جيل دو لا توريت"، هي مرض نفسي وعصبي يظهر منذ الطفولة المبكرة، مشيرة إلى أن هذا المرض له سبب عضوي، حيث يطرأ تغيير على أيض الدماغ بسبب تعطل التواصل بين مراكز المخ المختلفة.
وليس من المعلوم حتى الآن سبب هذا التغيير، ولكن يرجح الأطباء أنه يرجع إلى فرط النشاط في نظام الدوبامين، علما بأن التوتر النفسي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض.
وأضافت مولر-فال أن أعراض متلازمة توريت تتمثل في أفعال حركية أو صوتية لاإرادية ولا يمكن السيطرة عليها، وتتمثل الأفعال الحركية اللاإرادية في رمش العين وهز الرأس أو هز الأكتاف والمشي بنمط معين وحركات الفم الغريبة، بينما تتمثل الأفعال الصوتية اللاإرادية في تطهير الحلق باستمرار وتكرار كلمات وعبارات الآخرين وترديد ألفاظ بذيئة وفاحشة، وغالبا ما تكون هذه الأفعال اللاإرادية مسبوقة بإحساس جسدي غير مريح مثل الحكة أو الوخز.
ومن جانبه أشار البروفيسور أولريش فودرهولتسر إلى أن متلازمة توريت تمثل عائقا كبيرا يمنع المريض من ممارسة حياته بشكل طبيعي، حيث يتعذر عليه قيادة السيارة مثلا، كما أنه قد يواجه صعوبات كبيرة في المسار التعليمي وفي العثور على وظيفة، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف طبيب الأمراض النفسية والعصبية الألماني أن متلازمة توريت ترفع خطر الإصابة بأمراض نفسية أخرى كالاكتئاب، مشيرا إلى أنه لا يمكن الشفاء منها، ولكن يمكن تخفيف متاعبها من خلال العلاج السلوكي، حيث يتعلم المريض كيفية التعامل مع الأفعال اللاإرادية الحركية والصوتية ومحاولة السيطرة عليها، وتبعا لشدة المرض يمكن أيضا اللجوء إلى العلاج الدوائي مثل الأدوية المحتوية على "كانابيديول".
متلازمة "توريت" ظاهرة عالمية تحتاج للمزيد من الدراسة
سبابهم وتشنجاتهم وصرخاتهم مختلفة عن الآخرين، وكثيرا ما يرددون ألفاظا نابية تضايق من حولهم، لكن كل ذلك يحدث بشكل لا إرادي، إنهم مرضى متلازمة "توريت"، ذلك المرض الذي لا يعرف سببه الفعلي حتى الآن، لكن توجد محاولات لعلاجه.
تشنجات وتقلصات في الوجه أو في الجسم كله أيضا، والضرب بالقدمين على الأرض أو البصق أو الصراخ فجأة بصوت يهز البدن، كل هذه هي أعراض لإضطراب عصبي نفسي، يحدث عادة قبل مرحلة المراهقة، ثم يختفي بعد البلوغ، اسمه "متلازمة توريت" ( Tourette syndrome) . المرضى بهذه الاضطرابات لا يمكنهم فعل شيئا ضد أعراضه. فقد يكرر المريض إطلاق صرخات أثناء كلامه أو يضرب بقدمه للأمام بدون ضابط. وأحيانا يكون رد فعل الناس بالاندهاش أو الحيرة أو حتى الاشمئزاز.
يعتقد كثير من الناس أن المرضى المصابين بمتلازمة "توريت" يكررون باستمرار إطلاق ألفاظ نابية. لكن حوالي عشرين بالمائة أو على أقصى تقدير ثلاثين بالمائة فقط من مرضى متلازمة توريت هم من يعانون من ضغوط تدفعهم لإطلاق كلمات سباب، حسب ما توضحه الدكتورة كيرستن موللر- فال، الأستاذة بكلية الطب بهانوفر. لكن لا توجد إجابة قاطعة حتى الآن بشأن السؤال: لماذا تكون الألفاظ دائما ألفاظ سباب، وليست مفردات كخبز أو لبن أو حتى كلب؟ وتقول الدكتورة موللر-فال: "إن هناك تكهنات بوجود ما يمكنه وصفه بمركز للبذائة في المخ، وأن هذا المركز ربما لم يكبح بما فيه الكفاية. لكن الأسباب الحقيقية مجهولة حتى اليوم." لكن ماذا يجري في المخ بالضبط؟ حول ذلك أجريت أبحاث عديدة، نعرف منها أن السيطرة على حركات الشخص يحتاج إلى اتصال بين شبكات معقدة في الدماغ يمكن مقارنتها بالدوائر الكهربية. وهذا التواصل لا ينجح لدى المصابين بمتلازمة "توريت" على عكس الأشخاص الأصحاء. وهذا الأمر متعلق بإفراز كمية أكثر من اللازم من مادة الدوبامين التي تنتمي إلى المجموعات الكيميائية المسماة بالنواقل العصبية، التي تنقل الإشارات بين خلايا الأعصاب. ويؤدي اختلال مستوى الدوبامين لدى المصابين بمتلازمة "توريت" إلى إضطراب في عملية تواصل مراكز مختلفة في الدماغ.
الخيار الأول لعلاج المصابين بمتلازمة "توريت" يتمثل في تناول أدوية مضادة للذهان. وهي عبارة عن عناصر تؤثر على مادة الدوبامين الكيميائية أو تعطل مستقبلاتها، حسب ما يوضح الدكتور ينس كون الاستاذ بالمستشفى الجامعي في مدينة كولونيا. وعند وجود إضطرابات شديدة لدى المصابين به من البالغين يمكن إجراء عملية تنبيه عميقة للدماغ. وهذا إجراء معروف منذ 30 عاما تقريبا وطور لاستخدامه في علاج مرض الباركنسون. وعند استخدام هذه الطريقة يجري زرع منظم في الدماغ لتنظيم عمله، يشبه منظم ضربات القلب الذي يزرع في الصدر. ويساعد هذا المنظم ضد الرعشة في حالة الباركنسون وضد التشنجات في حالة متلازمة توريت.
وتوضح الدكتورة كيرستن موللر- فال، الأستاذة بكلية الطب بهانوفر، بأن التقديرات "تشير إلى أن عشرة في المئة - ويقول البعض خمسة عشر في المئة - من جميع الأطفال في المدارس الابتدائية يتعرضون لتشنجات خفيفة مؤقتة"، لكن ذلك لا يعني وجود مرض خطير. فلتشخيص متلازمة توريت لا بد من وجود صوت واحد على الأقل وحركتى تشنج لا إراديتين، تتكرر على مدار عام تقريبا.
وتقدر موللر- فال نسبة الأطفال المصابين بمتلازمة توريت في ألمانيا بحوالي 0,7 و حتى 1 في المائة من بين كافة الأطفال والشبان الموجودين فيها. أما النسبة على مستوى العالم فلا توجد بشأنها سوى معلومات تقريبية. وتضيف الأستاذة بكلية الطب بهانوفر "اعتقد بصفة عامة أن متلازمة توريت منتشرة في كافة أنحاء العالم، وبنسبة مشابهة، وتكمن المشكلة في عدم وجود دراسات من كل الدول والبلدان".
كيف يُسهم "تيك توك" في نشر "متلازمة توريت" بين المراهقين؟
إذا كُنت من مستخدمي تطبيقي إنستجرام أو تيك توك، فعلى الأرجح أنك تعثرت في مقطع مصور على الأقل، لمراهق أو مراهقة يُصوّر معاناته مع تشنجات لا إرادية تباغته في حياته اليومية، لإصابته بمتلازمة توريت، أو اضطراب التشنجات اللاإرادية.
الطهي بصُحبة متلازمة توريت، تقديم عرض أكاديمي بالجامعة وأنت مُصاب بمتلازمة توريت، متلازمة توريت في المطعم، أحاول صباغة شعري في وجود التشنجات.. ما سبق نماذج من عناوين آلاف المقاطع المصوّرة على تطبيق تيك توك تحت وسمي tourettes# و ticdisorder# نشرها مراهقون من جميع أنحاء العالم على مدار الأشهر الماضية.
لكن باحثون يعتقدون أن تلك الظاهرة ما هي إلا وجه من وجوه الهستيريا الجماعية المدفوعة بـ"تريند" مواقع التواصل، فما الذي نعرفه عن تلك الحُمى، وعن متلازمة "توريت" العصبية؟
تُعد التشنُجات اللاإرادية (Tics) العرض الرئيسي للمصابين بمتلازمة توريت، المتلازمة العصبية التي تتسم بتشنجات غير طوعية وغير قابلة للتحكُم فيها.
ووفقاً لمنصة سيكولوجي توداي، فإن التشنجات اللاإرادية يمكن توصيفها على أنها حركات أو نطق مفاجئ، وسريع، وغير منتظم.
وتأتي أعراض متلازمة توريت في صورة بسيطة تشمل مجموعة عضلية محدودة مثل رمش العين، وهز الكتفين، وعبوس الوجه، واهتزاز الرأس، والصياح، والكحة، والشم، فيما قد تأتي في صور أكثر تعقيدًا لتشمل مجموعات عضلية متعددة.
ومن أمثلة النمط المعقد من تشنجات متلازمة توريت، القفز أو شم الأشياء أو لمس الأنف أو لمس الآخرين أو إيذاء الذات، كما يمكن أن تتضمن هذه التشنجات اللاإرادية التفوه بعبارات غير لائقة.
وفي حين تظهر الأعراض لدى الأطفال المصابين ما بين الرابعة والسادسة، تصل لذروتها في عُمر العاشرة إلى الثانية عشر، وتظهر الإحصائيات ومحاولات الحصر أن الذكور يصابون مرتين إلى أربع مرات أكثر من الإناث بتلك المتلازمة.
وعادةً ما يُعاني المصابون بمتلازمة توريت من أعراض اضطراب الوسواس القهري، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وصعوبات التعلم، وكذلك اضطرابات النوم.
وبحسب المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية بالولايات المتحدة NINDS، لا يوجد سبب معروف للإصابة بمتلازمة توريت، وبالرغم من ذلك، فإن التفاعُل بين متغيرات جينية متعددة وعوامل بيئية عامل مشترك بين غالبية الحالات.
وترصد الأبحاث الحالية تشوهات لدى المصابين بمناطق بعينها في الدماغ، والدوائر التي تربط تلك المناطق، فضلاً عن خلل الناقلات العصبية المسؤولة عن تواصل الخلايا العصبية كالدوبامين والسيروتونين.
وكما لا يوجد سبب معروف للإصابة، فكذلك لا يوجد علاج بعينه، لاسيما وغالبية الحالات لا تختبر أعراضاً مُعطلة ليومياتهم، أما إذا كانت الأعراض مؤثرة على فاعلية المصابين بتلك المتلازمة، فإن الأطباء عادةً ما يلجأون لأكثر من شكل من أشكال التدخلات الطبية.
وإلى جانب عدد من الخيارات الدوائية كمثبطات الدوبامين والسيروتونين ومضادات الاكتئاب وغيرها، تتضمن التدخلات المطروحة أيضاً بعض العلاجات السلوكية التي قد تمكن من يخضعون لها للتحكُم في التشنجات، فضلاً عن الدعم النفسي للتعامل مع المشكلات الاجتماعية والعاطفية الثانوية التي تحدث أحيانًا.
ويُعزى إلى التدوين، لاسيما بين أعضاء الجيل زد من مواليد أواخر التسعينات وأوائل الألفينات، على منصات التواصل المختلفة كيوتيوب وتيك توك وإنستجرام صُعود متلازمة توريت إلى سُدة الاهتمام، وتُعد قناة "عاصفة رعدية بالرأس" علي يوتيوب التي دشنت منذ عامين من أشهر تلك المدونات.
وتصور "عاصفة رعدية بالرأس" التي تمتلك نحو مليوني مشترك، وفقًا لتقرير نشرته منصة وايرد، يوميات الشاب الألماني جان زيمرمان ذي الثلاثة وعشرين عامًا مع متلازمة توريت، بصراحة، وفي إطار من الفكاهة.
بجانب زيمر، تحوز مقاطع المؤثرة الإنجليزية إيفي ميج زخماً عالمياً، وتصف إيفي نفسها بأنها "مناصرة لمُتلازمة توريت".
وتنشر الشابة ذات الواحد وعشرين عاماً بصفة منتظمة تدوينات مصوّرة على منصة تيك توك عن تعايشها مع التشنجات اللاإرادية، فيما كللت جهودها التوعوية أخيراً بتأليف كتاب أيضاً عن يومياتها مع توريت تحت عنوان "توأمي غير المتطابق".
وربطت عدة دراسات نُشرت مؤخرًا بين تأثير مشاهير التواصل الاجتماعي، وحُمى الحالات التي يجابهها الأطباء يوميًا لمرضى يعانون من تشنجات لاإرادية مشابهة لتشنجات المصابين بمتلازمة توريت.
وكانت الطبيبة النفسية الألمانية كريستين مولر أحد الذين رصدوا تلك الظاهرة، بكلية الطب بجامعة هانوفر، لتقود فريقًا بحثيًا يعمل على دراستها.
وبحسب الدراسة التي نُشرت موخرًا، كانت أولى ملاحظات الفريق أن غالبية الحالات التي ترد للأطباء يمتلكون أعراضًا متشابهة، بل تكاد تكون متطابقة مع أعراض مدون يوتيوب جان زيمرمان وكأنما يقلدون تشنجاته.
فيما لاحظوا أيضًا أن الشرائح العُمرية التي تأتيهم، أكبر من أن يكونوا قد ظهرت عليهم أعراض توريت لأول مرة؛ إذ تظهر الأعراض عادةً في سن السادسة، وتنتشر بين الذكور عن الإناث بنسبة 4 إلى 1.
اضطراب الحركة الوظيفي المتشابه ظاهرياً مع أعراض متلازمة توريت، هو التشخيص الذي خلصت مولر وفريقها أن حُمى الحالات ترجع إليه، ليكمُن الفارق بين الاضطرابين (اضطراب الحركة الوظيفي ومتلازمة توريت) في أن الأول مصدره نفسي، والآخر عصبي.
واعتبرت الدراسة أيضًا أن تلك الحُمى تُجسد حالة من الهستيريا الجماعية، ولجأ الفريق لتعريفها بأنها "مرض جماعي ناجم عن وسائل التواصل الاجتماعي".
دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة كالجاري الكندية ونشرت في أغسطس الماضي، رصدت تصاعد الحالات سريعة الظهور للتشنجات اللاإرادية المشابهة لتشنجات توريت من 1-5% قبل الجائحة إلى 20-35%، في العينة المبحوثة بكندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا.
واعتبرت الدراسة الظاهرة "وباءً موازياً" بين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 25 عاماً، من الإناث على وجه الحصر تقريباً.
وربطت الدراسة الكندية بين تفشي الجائحة وما صاحبها من قلق واكتئاب وشعور بالضغط وبين تطوير تلك التشنجات اللاإرادية، أشارت أيضاً لوجود صلة بين التعرُض لمحتوى المؤثرين على تيك توك عن متلازمة توريت لدى الحالات، وبداية الأعراض.
أطفال متلازمة "توريت" في المدارس.. كيف تتعامل مع طفل مزعج بغير إرادته؟
العودة للمدرسة مع ما تحمله من بهجة وفرح للبعض، قد تكون سببا في زيادة المعاناة لدى آخرين، والأطفال الذين يعانون مما يعرف بـ"متلازمة توريت" من أكثر هؤلاء الذين يعانون من العودة إلى المدرسة، لأن أغلب من يتعاملون معهم لا يعرفون هذه المتلازمة وطرق التعامل السليم معها.
متلازمة توريت حالة تتميز بالحركات غير المنضبطة وتكرار الكلام، مما يعرف باسم "التشنجات اللاإرادية" التي تظهر على الأطفال في عمر 5 إلى 10 سنوات، وتبلغ ذروتها من 10 إلى 12 عاما.
تشنجات متلازمة توريت تختلف في أعراضها عن التشنجات الكهربائية المعتادة لمرضى الكهرباء الزائدة بالمخ أو الصرع، فهي لا يصاحبها فقدان للوعي أو إغماء، لكنها تشنجات صوتية في الأغلب، فالطفل تصدر عنه أصوات من الحلق أو الأنف، أو ربما نقر بالأصابع، وهز للكتفين أو رعشة في الرأس وحركات لاإرادية، وكذلك الصراخ المتقطع.
جميع ما سبق قد يجعل الطفل المصاب بمتلازمة "توريت" أكثر عرضة للتنمر بين زملائه في المدرسة، وأكثر عرضة للضغط النفسي، لاعتقاد البعض أن هذه الأفعال صادرة بإرادته بدعوى الإزعاج أو تشتيت انتباه أقرانه، وهو ما يزيد من حجم الأعباء التي تولدها له ولأهله العودة إلى المدرسة، بخاصة أنهم مطالبون بأن يقدموا باستمرار شرحا عن تفاصيل حالته لمعلميه وعن كيفية التعامل معه داخل المدرسة.
على الرغم من كل هذا التعقيد، فإن التشخيص الجيد للمتلازمة وعلاجها يضمن لطفلك ألا يمر بتلك المعاناة، وذلك بالتزام خطوات تحقق له وللمعلم ولأولياء الأمور نجاحا وتفوقا اجتماعيا وأكاديميا.
وتنصح خبيرة الدعم التعليمي ليزا لينيل، في مقال لها بموقع "فيري ويل فاميلي" Verywell family، بالآتي:
قبل بداية الدراسة راجع طبيب طفلك، واشرح له كل مخاوفك، وافهم جيدا مدى تأثير المتلازمة على خط سيره الدراسي وحياته بوجه عام.
من خلال الطبيب حاول أن تعرف مدى تأثير متلازمة "توريت" على مهارات طفلك الأخرى، فهؤلاء الأطفال معرضون أكثر للإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه وعسر الكتابة والوسواس القهري، فتأكد من مدى تأثر طفلك بتلك الأعراض.
هذه المعلومات تضمن لولي الأمر وللمعلم في المدرسة معرفة أولية بكيفية التعامل مع الطفل، وكيفية مساعدته لتجاوز الصعوبات التي قد يجدها في مشوار تعلمه.
من الضروري أن يفهم الآباء أن المعلمين يتلقون تدريبا لتلبية احتياجات الأطفال المختلفين، لكنهم أبدا ليسوا خبراء في كل حالة على حدة، لذا فدور ولي الأمر مهم في إيصال المعلومات عن حالة طفله المصاب، وعليه العبء الأكبر في جمع المعلومات وطرق التعامل وإخبار المعلمين بها.
وضع خطة للعلاج على المدى البعيد، سواء كانت دوائية لتقليل أعراض المتلازمة وتحجيمها، أو سلوكية لتخفيف السلوك المرتبط بها من تشتت انتباه أو فرط حركة، ويجب التأكد من أن الأدوية الموصوفة لا تسبب الاكتئاب ولا تزيد من التشنجات اللاإرادية.
في دليلها الشارح عن المتلازمة، أوردت رابطة توريت الأميركية مجموعة من الإستراتيجيات للتعامل مع المصابين بتوريت داخل الفصل الدراسي، ووجهت الجمعية نصائحها للمعلمين وإدارة المدرسة بشكل خاص:
توفير موقع اختبار منفصل للمصاب بمتلازمة "توريت"، كي لا يشكل إزعاجا لزملائه أثناء الاختبار، وكي لا يسبب له هذا الازعاج عبئا نفسيا يجعل أعراض المتلازمة أكثر حدّة.
توفير مكان آمن للعزلة في بعض الأحيان، وهو ما يلجأ إليه الأطفال المصابون حين تشتد عليهم نوبات التشنجات اللاإرادية، فيرغبون في الانعزال بعض الوقت.
إذا كانت المتلازمة أصابت التلميذ بعسر الكتابة، فعلى المدرسة توفير جهاز لوحي أو كمبيوتر للاستخدام كبديل عن الكتابة، وتعديل أنظمة الامتحانات إلى شفهية أو تحريرية عبر الكمبيوتر.
وجّه الدليل المعلمين إلى عدم العقاب على الأخطاء الإملائية، بل حث على تشجيع الأطفال المصابين على استخدام التدقيق الإملائي، وعدم ربط أدائه بالوقت، لأن ذلك يدفعه أكثر إلى التوتر.
في كثير من الأحيان تشكل الأماكن المزدحمة مناطق صعبة على المصابين بمتلازمة "توريت"، مثل الكافتيريا والملعب والممرات المزدحمة.
المصاب بمتلازمة "توريت" هو طفل غير عادي، لكن يجب ألا نشعره وزملاءه بذلك.
اضف تعليق