تستيقظ فجأة خلال الليل محاولًا التقاط أنفاسك، يتصبب منك العرق كأنك كنت تجري أميالًا، لقد كنت تجري فعلًا في كابوسك، هربًا من شيءٍ ما، أو من شخص ما ربما. أنت مستيقظٌ الآن وآمن، لكن رغم معرفتك البديهية أن كل ما حصل في المنام بقي هناك، وخرجت أنت منه إلى وعيك...
تستيقظ فجأة خلال الليل محاولًا التقاط أنفاسك، يتصبب منك العرق كأنك كنت تجري أميالًا، لقد كنت تجري فعلًا في كابوسك، هربًا من شيءٍ ما، أو من شخص ما ربما. أنت مستيقظٌ الآن وآمن، لكن رغم معرفتك البديهية أن كل ما حصل في المنام بقي هناك، وخرجت أنت منه إلى وعيك، فإن شعور الضيق والتوتر، والخوف ربما، ما زال يمنعك من أن تعود إلى النوم. قد يتكرر هذا الكابوس أو غيره مرات عديدة، كأن تحلم بأنك مُطاردٌ لكنك لا تستطيع الحركة، أو أنك على وشك الموت، أو غيرها من المواقف التي تخلق شعورًا سلبيًّا يتجاوز تأثيره حلمك ليمتد إلى واقعك. إذا كان ذِكر الأحلام يستدعي لديك هذا القلق، فرُبما سيُهمك أن تُكمل القراءة، إذ نناقش في هذا المقال ما يقوله العِلم بخصوص الأحلام: لماذا نحلم أساسًا؟ ولماذا نحلم بالكوابيس؟ وما الذي يُحفز الأحلام المزعجة؟ وكيف يمكننا التخلص من الأحلام المُزعجة أو الكوابيس؟
التعرض للأحلام المزعجة والكوابيس بين الفينة والأخرى قد يكون أمرا مزعجا، بيد أنه لا خوف منه على الصحة. لكن تكرار هذه الظاهرة يتطلب منا مراجعة دقيقة لحياتنا اليومية إذ قد يكون ذلك مؤشرا على أمور أخرى نعاني منها.
التعرض للكوابيس أمر مزعج، قد يصبح أكثر تعقيدا حين يؤثر على حياتنا اليومية، وعلى تركيزنا في الدراسة أو العمل، وقد يدفع تكرار الأحلام المزعجة البعض إلى تجنب النوم أو تأخيره قدر الإمكان محاولة لتجنبها.
على الرغم من أن هذا الأمر غير منتشر بكثرة، إلا أن الدراسات تشير إلى أن حوالي واحد بالمائة من البالغين حول العالم يعانون من الكوابيس المتكررة، ما يجعلهم يطلبون المساعدة من المختصين.
والكوابيس قد تكون رسالة من الجسم لتنبيهه أن الجسم مرهق، كما أن هناك أمور أخرى نقوم بها في حياتنا اليومية تزيد من تعرضنا للكوابيس أثناء النوم، لذلك غالبًا ما يساعد ذلك في معرفة السبب المحتمل للأحلام السيئة والتصرف وفقًا لذلك على تجنبنا المزيد منها.
وأن أبرز هذه الأسباب هي كما يلي:
الإرهاق، وفقًا لدراسة فنلندية، الأشخاص المصابون بالاكتئاب أو من يملكون صورة سلبية عن الذات هم أكثر عرضة للكوابيس. والإجهاد اليومي بدوره يمكنه أن يعزز الكوابيس أيضا. كما يعد القلق من أبرز المحفزات للكوابيس. وبحسب الدراسة فأن أدمغتنا تعمل مثل أجهزة الكمبيوتر، من حيث تلقي المعلومات والتعامل بها. فإذا ذهبت إلى الفراش وأنت تحمل أفكارا سلبية فأنت تجبر عقلك على التعامل مع هذه المعلومات أثناء النوم وهو ما قد يظهر تأثيره بصورة تكرار الكوابيس.
الطابع الشخصي، تشير العديد من الأبحاث إلى أن بعض السمات الشخصية قد تزيد من تكرار الكوابيس. وفقًا لذلك، يعاني الأشخاص الحساسون بشكل خاص من ظاهرة الأحلام المزعجة والكوابيس الليلية، ولكن أيضًا أصحاب الاهتمامات الإبداعية والمفكرون يعانون من هذه الظاهرة أيضا، وذلك لأن أدمغتهم تبقى نشطة ليلا.
العقاقير الطبية والأدوية، هناك بعض العقاقير الطبية والأدوية التي تؤثر على الجسم والتفكير، ويكون مذكورا في الوصفة الطبية أن الكوابيس هي من ضمن الآثار الجانبية للدواء. على سبيل المثال، بعض أدوية ضغط الدم وأدوية خفض الكوليسترول ومضادات الاكتئاب وما يسمى بمضادات الهيستامين، والتي من المفارقة تستخدم أيضا كمادة طبية ضمن بعض العقاقير المنومة. كما أن بعض الأدوية التي تعالج أمراض مثل باركنسون والزهايمر يمكنها أيضا أن تسبب الكوابيس.
صدمات نفسية، وفقًا للدراسات فإن التعرض لصدمة نفسية، في العمل أو التعرض لحادثة هي أحد الأسباب الرئيسية للكوابيس. غالبًا ما يدور الحلم حول ما تم رؤيته وسبب صدمة لنا. في حال تكرار هذه الكوابيس بكثرة من الواجب استشارة طبيب نفسي والحصول على مساعدة متخصصة.
الأكل قبل النوم، من المعروف أن تناول الطعام في وقت متأخر ليس مفيدًا لصحتك. لكن الكوابيس تنشط بعد خلودنا للنوم مباشرة بعد تناول الطعام. لأنه عندما نأكل، ترتفع درجة حرارة أجسامنا ويزداد التمثيل الغذائي لدينا. وهذا بدوره يجعل الدماغ أكثر نشاطًا، مما يزيد من احتمالية حدوث الكوابيس.
لتجنب الكوابيس: استنادا على الأسباب، توجد عدة طرق لمنع الأحلام السيئة، لا تأكل أي شيء قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل!
ناقش البدائل الطبية الممكنة مع طبيبك إذا كان دوائك يسبب لك كوابيس! تخلص من الأفكار السلبية قبل الذهاب للنوم - التأمل وسماع يمكن أن يساعد في ذلك، واجه مخاوفك، الخوف من المرتفعات أو الطيران على سبيل المثال بالدعم النفسي والمعالجة.
مؤشر سيء على صحة الدماغ.. حذارِ من تكرار الكوابيس!
الكوابيس والأحلام السيئة ليست مجرد ترجمة لما نعيشه من ضغوطات، بل قد تكون مؤشرا على مرض خطير يصيب الدماغ. هذا ما كشفته دراسة جديدة.
لطالما شكلت الأحلام مجالا خصبا للدراسات والأبحاث، وعلاقة ذلك باللا شعور وبالأحداث التي تقع لنا وكذلك بتطلعاتنا. وهناك من يزعم أنه يرى أمورا في أحلامه تتحقق في المستقبل، بينما ننسى بسرعة أحلاما كثيرة ومنها ما لا يتذكره الواحد منا عند استيقاظه.
دراسة جديدة كشفت أن الأحلام يمكنها كشف الكثير من المعلومات عن صحة الدماغ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالكوابيس التي تدفعك إلى الاستيقاظ فزعا، أو حتى الأحلام السيئة التي لا تمنعك من الاستمرار نائما.
الدراسة نُشرت على منصة eClinicalMedicine journal وأعدها الباحث في قسم الأعصاب بجامعة بيرمينغهام البريطانية، أبيدمي أوتايكو، الذي ذكر أن هذه الكوابيس أو الأحلام السيئة التي تتكرر في منتصف العمر أو في العمر المتقدم، من الممكن أن يكون لديها ارتباط بارتفاع خطر تطوّر مرض الخرف الذي يعد الزهايمر أحد أكثر أنواعه انتشارا.
وتشير الدراسة إلى أن الكوابيس من الممكن أولا أن تكون مؤشرا على الأعراض الأولى لمرض الخرف، ومن ذلك المشاكل المتعلقة بضعف الذاكرة، كما أن كثرة الكوابيس والأحلام السيئة قد تكون سببا لمرض الخرف وليس مجرد مؤشر له.
وذكر الباحث، في خلاصة نشرها بنفسه على موقع the conversation، أنه قام بتحليل بيانات صحية لـ600 شخص ما بين 35 و64 عاما، و2600 شخص يبلغون 79 عاما أو أكثر، وكل المشاركين لم تكن لديهم أعراض مرض الخرف خلال بداية الدراسة التي شرع الباحث في تجميع معطياتها منذ عام 2002.
ووجد الباحث أن المشاركين في منتصف العمر الذين تراودهم أحلام سيئة بشكل أسبوعي، لديهم قابلية كبيرة أربع مرات أكثر للمعاناة مستقبلاً من تراجع قدراتهم المعرفية، وهو من أكبر الأعراض الممهدة لمرض الخرف.
في المقابل تبين ان المشاركين المتقدمين في السن الذين يعانون في نومهم من الظاهرة نفسها لديهم القابلية مرتين أكثر (من الأشخاص الذين لا تراودهم هذه الأحلام) للإصابة بمرض الخرف.
وبيّنت الدراسة، حسب الباحث، أن الرجال لديهم القابلية للإصابة بمرض الخرف أكثر من النساء، إذ تزيد النسبة عن أربعة مرات للرجال الذين يتعرضون للكوابيس مقارنة بمن لا يتعرضون لها، بينما النسبة عند النساء لا تزيد عن 41 بالمئة، وذلك سواء لدى المتقدمين في السن أو من يوجدون في منتصف العمر.
لكن الأمر ليس حتميا حسب الباحث، وهناك طرق متعددة لتجاوز الكوابيس وتجنب تكرارها ما يؤدي إلى بطء تدهور القدرات المعرفية وتوقف تطور مرض الخرف. ولا يحيل الباحث على هذه الطرق لكن خبراء سابقين ينصحون بروتين رياضي في اليوم وتنظيم ساعات النوم والابتعاد عن المشروبات المنبهة والاسترخاء وتجنب الأكل مباشرة قبل النوم.
وسبق لدراسة أنجزها باحثون من جامعة أوبسالا السويدية، تم نشر نتائجها في مجلة "نيرولوغي" (علم الأعصاب)، أن توصلت إلى أن قلة النوم لليلة واحدة قد يكون له تأثير خطير في الإصابة بالزهايمر. وذكرت أن الرجال الأصحاء، إذا لم يتمكنوا من النوم بشكل صحيح في ليلة واحدة فقط، يصبح لديهم مستوى أعلى من بروتين "تاو" الذي ينتشر لدى المصابين بالزهايمر.
ما هي أسباب الكوابيس الليلية؟
أعلنت الدكتورة تاتيانا شانتور، أخصائية علم النفس، أن الكوابيس الليلية قد تشير إلى عدوان مكبوت أو اكتئاب، وتشير الدكتورة، إلى أنه في هذه الحالة من الضروري البحث وتحديد المسبب لهذا العدوان، ومن ثم الطريقة للتخلص منه. كما أن الكوابيس الليلية يمكن ان يصاحبها الاكتئاب، وتضيف موضحة، تتأثر نوعية النوم بصورة أساسية من المشاعر العاطفية السلبية. كما يحصل أحيانا في جو العمل.
وتقول، "أو أن الشخص لا يحب ما يفعله. لذلك يكون في حالة توتر نفسي دائم. ويمكن للتوتر النفسي مثل العصاب، أن يؤدي إلى رؤية أحلام مزعجة. وهذه عملية طبيعية، وكقاعدة، عند زوال مصدر المشاعر السلبية تزول معها الكواكبيس أيضا".
وتشير إلى أن سبب الكوابيس قد يكون الشعور بالذنب أو سوء العلاقات العائلية. ووفقا لها، يؤدي سوء العلاقات العائلية والمشاجرات وسوء التفاهم إلى اضطراب النوم. كما قد يكون سبب الكوابيس ارتفاع درجة الحرارة في غرفة النوم وعدم تهويتها.
لماذا نرى أحلاما مخيفة وما هي الكوابيس الأكثر شيوعا بين الناس؟
رغم إجراء الكثير من الدراسات، إلا أن الأحلام ما تزال أمرا معقدا، وما يزال هناك الكثير مما لا يفهمه العلماء بشأنها حتى الآن، والأحلام هي قصص وصور تخلقها عقولنا أثناء نومنا. ويشهد كل شخص على هذا الكوكب ما لا يقل عن ثلاثة إلى ستة أحلام في الليلة، مع استمرار كل حلم من 5 إلى 20 دقيقة، وفقا لـ Medical News Today.
ويمكن أن تكون الأحلام رومانسية، وغريبة الأطوار، وفي بعض الحالات تكون بمثابة رؤى مخيفة، تُعرف باسم الكوابيس، لماذا نحلم؟ يعتقد سيغموند فرويد، أحد الآباء المؤسسين لعلم النفس الحديث، أن الأحلام هي وسيلة للعقل لإطلاق الأفكار والمشاعر المكبوتة، كما أشارت مجلة Scientific American.
ومع ذلك، ينقسم العلماء اليوم حول هذا الموضوع، حيث يعتقد البعض أن الأحلام ليس لها معنى، بينما يعتقد البعض الآخر أنها عملية العقل الباطن في الدماغ لتفريغ المشاعر أو الصدمات العقلية، والكوابيس، على وجه التحديد، موضوع يحير العلماء، لأنها لا يمكن أن تكون مربكّة فحسب، بل مؤلمة للغاية أيضا.
لماذا نرى الكوابيس؟ من الصعب أن نحدد بشكل قاطع سبب إصابة الناس بالكوابيس، على الرغم من أننا نعلم أنها تحدث غالبا أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، وبينما لا يستطيع العلماء تحديد السبب الدقيق، فقد تمكنوا من ربط عدة عوامل بزيادة احتمالية وجود أحلام مخيفة، وتشمل هذه المحفزات التوتر أو القلق، والصدمات، والحرمان من النوم، وبعض الأدوية، وإساءة استخدام العقاقير، والاستهلاك العالي للكتب والأفلام المخيفة، وفقا لمؤسسة "مايو كلينك"، وفي بعض الحالات، قد يكون لدى الشخص أحلام مخيفة في كثير من الأحيان بحيث يتم تشخيصه بـ "اضطراب الكابوس".
كيف يمكنني التوقف عن الشعور بالكوابيس؟ بقدر ما يعرف العلماء، من المستحيل القضاء تماما على الكوابيس. ومع ذلك، هناك عدة طرق لعلاج الأحلام السيئة اعتمادا على السبب المفترض، وفقا للباحثين في جامعة هارفارد.
ويجب أولا، تحديد سبب التوتر، إن وجد. وأوضح العلماء أنه إذا تم تحديد عامل ضغوط، فيجب إيجاد طرق فعالة للتعامل معه، وقالوا: "بالنسبة للكوابيس التي يسببها الدواء، قد يتطلب الأمر تغيير الجرعات أو إعطاء أدوية مختلفة"، ويمكن لأولئك الذين يعانون من كوابيس ما بعد الصدمة أو المزمنة الاستفادة من البحث عن العلاج النفسي.
ووجدت بعض الدراسات أيضا أن الذين يعانون من الكوابيس قد يكونون قادرين على تخفيف انزعاجهم من خلال تغيير وضع نومهم، وعلى وجه التحديد، وجد الأستاذ المساعد في جامعة هونغ كونغ يان، كالفين كاي تشينغ يو، أن الذين ينامون على ظهورهم يعانون من المزيد من الكوابيس ويجدون صعوبة في تذكر أحلامهم، وأوضح يو: "قد تخلق أوضاع النوم المختلفة ضغطا على أجزاء مختلفة من الجسم، وقد تكون مشاعر الجسد هي مصادر عناصر الحلم".
على أي جانب يجب أن أنام؟ يُنصح في الغالب بالنوم في الوضع الأكثر راحة لكل فرد، وهو ما يساهم في عدم تعطيل جودة النوم، ومع ذلك، وجدت إحدى الدراسات التي قادها الدكتور محمد يوجل أغارجون في جامعة يوزونكو يل أن الأشخاص الذين ينامون على جانبهم الأيمن يحلمون بالأمان والراحة، وفي هذه الأثناء، قد يكون النوم على جانبك الأيسر مرتبطا بمشاعر شديدة وانعدام الأمن.
الأحلام المخيفة الأكثر شيوعا، في حين أن الكوابيس ليست ممتعة، إلا أن بعضها قد يكون مشتركا بين الكثير من الناس، وفي الواقع، فإن معظم الكوابيس التي يعاني منها الناس، على افتراض أنها ليست ناتجة عن صدمة، شائعة جدا.
ووجدت إحدى الدراسات التي استطلعت آراء 2000 شخص أن السقوط هو الكابوس الأكثر شيوعا، وكانت تجربة الكوابيس الأكثر شيوعا الثانية هي الملاحقة، ثم ثالثا الموت، يعقبه تجربة الشعور بالضياع، ويأتي في المركزين الخامس والسادس الشعور بأنك محاصر وتتعرض للهجوم، وتشمل قائمة الكوابيس العشرة الأكثر شيوعا: فوات حدث مهم، والاستيقاظ متأخرا، ووفاة أحد أفراد الأسرة، والتعرض للإصابة.
حقيقة صادمة: وفقا للعلماء.. الكوابيس مفيدة لصحتك
سواء كنت تنام بشكل مريح أو بتململ، من المحتمل أنك استيقظت في إحدى الليالي وأنت تتصبب عرقا وقلبك يرتجف خوفا، ولم تتنفس الصعداء إلا حين أدركت أن الشخص الذي كان يطاردك في زقاق مظلم كان جزءا من مجرد كابوس مزعج.
وفي تقريرها الذي نشره موقع "ميديوم" الأميركي، قالت الكاتبة تيسا لوف إنه من الشائع أن تجعلك الأحلام المزعجة تستيقظ من نومك وأنت تشعر بالخوف، فقد أكدت الجمعية الأميركية لطب النوم أن نحو 85% من البالغين يرون كوابيس من حين لآخر، وهي عبارة عن أحلام قوية ومزعجة تثير مشاعر التهديد أو القلق أو الخوف أو مشاعر سلبية أخرى.
وتعد الكوابيس من مظاهر النوم الطبيعية، وإن كانت تثير الرعب في نفوسنا قليلا، لكن انتشارها يثير سؤالا مهما: هل هناك سبب يجعل عقولنا تضعنا في هذه السيناريوهات المخيفة؟ أوردت الكاتبة أن الخبراء يعتقدون أن الكوابيس تؤدي هدفا معينا. ورغم عدم وجود نظرية واحدة وموحدة تحدد ماهية هذا الهدف، فإن الأبحاث أظهرت بشكل متزايد أن الكوابيس يمكن أن تساعد الأشخاص على تحسين حياتهم حين يكونون مستيقظين.
أمام هذا الأمر، قالت ديردري باريت، وهي عالمة نفس أميركية وأستاذة بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب "لجنة النوم"؛ "إن محتوى الحلم يدخل في دوائر متكررة بالطريقة ذاتها التي يعمل بها تفكيرنا اليقظ. كل ما تفكر فيه أو تكافح من أجله أثناء الاستيقاظ يميل إلى الظهور في هذه الحالة بشكل أكثر مجازا، ويكون بصريا أكثر وأقل شفوية".
وأضافت باريت أن الكوابيس هي طريقة العقل في "توقع الأمور السيئة بطريقة مثيرة للقلق ومحاولة التفكير فيما يجب فعله"، من جهة أخرى، يعتقد العديد من الخبراء -بما في ذلك باريت- أن الكوابيس تطورت كرد فعل عصبي تجاه التهديدات التي تفرضها الحياة والنظام الاجتماعي، وأوضحت باريت أن "رؤية كابوس متكرر لصدمة ما يساعد في إبقائك على أهبة الاستعداد، لكن في مجتمع اليوم ليست هذه هي الحال، لكن لا يزال لدينا تلك الآلية الغريزية"، وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الغريزة قد تكون مسؤولة عن نوع الكوابيس التي يكون ضررها طفيفا، أي تلك التي تسببها اضطرابات ما بعد الصدمة. وعلى عكس الكوابيس العادية، غالبا تحدث الكوابيس الناتجة عن اضطراب ما بعد الصدمة خارج مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي حالة النوم العميق التي تحدث فيها معظم الأحلام العادية.
ورغم أن الكوابيس العادية تكون غالبا سيناريوهات مكتملة ولا تؤثر على حياة الحالمين عند استيقاظهم، فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة يكونون أكثر عرضة لرؤية كوابيس مزعجة للغاية، والتي تعد إعادة تمثيل لصدمة حقيقية مروا بها.
وذكرت الكاتبة أن مجموعة متنوعة من الكوابيس تظهر المخاطر المحتملة للشخص الحالم، وقد تكون أو لا تكون لها علاقة بما يخافونه في الحياة اليومية، ويقول جون آلان هوبسون، وهو طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن وجود غريزة الحلم هذه ما زال يعد جانبا رئيسيا لسلامة حياتنا في اليقظة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكوابيس تعد بمثابة كيفية استجابة البشر للمحاربة أو الهروب في السيناريوهات الخطيرة في العالم الواقعي، بغض النظر عن احتمال حدوث تلك الأحداث في الحقيقة.
ورغم أن هذه النظرية قد تبدو غير واضحة، فإن دراسة حديثة وجدت أن الكوابيس يمكن أن تساعد في الواقع في التخفيف من حدة القلق حول مواقف الحياة الواقعية عبر العمل كتمرين عاطفي، وأجرى الدراسة باحثون من جامعة جنيف وجامعة ويسكونسن والمستشفيات الجامعية في جنيف، ووجدوا أن الشعور بالخوف في الأحلام يمكن أن يساعد في تعديل الخوف في حياة اليقظة، ونوهت الكاتبة إلى أن هذه النظرية ليست صحيحة تماما؛ فقد خلصت بعض الدراسات إلى أن الكوابيس من الممكن أن تغذي القلق بدل الحد منه. فعلى سبيل المثال، حللت دراسة نشرت عام 2009 أحلام ومستويات الإجهاد لدى 624 من طلاب المدارس الثانوية، ووجدت أن أولئك الذين ذكروا أنهم يشعرون بالانزعاج إزاء أحلامهم كانوا أكثر احتمالا للإبلاغ عن معاناتهم من القلق.
وفي دراسة صغيرة أخرى نشرت عام 2019، وجد الباحثون أن مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف السلبية في الأحلام كانت نشطة بعد مشاهدة صور مزعجة، مما يدل على أن الكوابيس يمكن أن تعزز في الواقع المعاناة في الحياة اليومية.
قد تكون الأحلام السيئة طريقة العقل للتعبير عن الحالة العاطفية السيئة. وعموما، هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول كل هذه النظريات لكي نفهم على وجه التحديد كيفية تأثير الكوابيس على حياتنا اليومية، وكيف يمكن للناس أن يفهموا أنفسهم بشكل أفضل من خلال رؤاهم الليلية الأكثر قتامة.
6 علاجات منزلية.. كيف تتحكم في الكوابيس؟
تعد الأحلام بحد ذاتها تجربة علاجية ولكن لابد من معالجة الكوابيس المتكررة التي تمنع العودة للنوم وتؤثر على جودة الحياة، إن الأحلام في الواقع تخدم غرضًا مهمًا في فرز المعلومات في عقل الإنسان. وعلى حين أن الأحلام السارة والإيجابية تبعث على الحيوية واستعادة النشاط وتحسين الحالة المزاجية، فإن الكوابيس تؤدي إلى العكس تمامًا.
بحسب تقرير نشره موقع Only My Health، ربما لا يمكننا منع حدوث الكوابيس ولا ينبغي أن تتسبب بعض الأحلام السيئة من حين لآخر في الشعور بالانزعاج لأنها قد تساعد في تخفيف مستويات القلق والتوتر، إلا أنه يجب معالجة الكوابيس المتكررة أو التي تمنع من العودة للنوم وتؤثر على نوعية الحياة.
هناك أسباب عديدة وراء تلك الكوابيس المزعجة والمتكررة وتتراوح ما بين الإجهاد واضطرابات النوم إلى بعض الحالات الصحية. كما أن هناك عوامل مثل نمط الحياة أو تناول بعض الأطعمة أو روتين وقت النوم الخاطئ والتي تسفر في نهاية المطاف عن شعور بعدم الراحة في الليل. ولكن، بشكل عام، يمكن معالجة الكوابيس منزليًا.
أسباب الكوابيس، إن الكوابيس هي أحلام ذات موضوعات سلبية تثير التوتر أو الحزن أو الخوف لمن يراها، وهي أكثر شيوعًا عند الأطفال أكثر من البالغين. إذا لم يتم التعامل معها فإنها يمكن أن تؤدي إلى الأرق وانخفاض الإنتاجية أثناء النهار وسوء نوعية النوم. من المرجح أن من أسباب حدوث الكوابيس هو وضع النوم غير السليم وعادات الأكل غير الصحية والإجهاد والظروف الصحية الأساسية.
مؤشرات مثيرة للقلق، وفي الواقع أكد العلماء على أن الكوابيس مثلها مثل الأحلام الإيجابية مهمة لبقاء المرء على قيد الحياة، حيث أنها تساعد في فرز المخاوف الدفينة في الأعماق والقضايا أو المشاكل، التي يتم تجنبها والالتفاف من حولها على الرغم من أهميتها.
ينبغي الشعور بالقلق بشأن الكوابيس عندما تحدث بشكل متكرر للغاية، بما يؤدي إلى حالات الأرق في مرحلة أو أخرى مما قد يؤدي بدوره إلى العديد من المشكلات الصحية من بينها السمنة وأمراض القلب والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم. ومن بين المؤشرات المثيرة للقلق أيضًا تأثر الإنتاجية نهارًا إذ يشعر الشخص أثناء النهار ويعاني من تقلبات مزاجية وتدهور الوظائف الإدراكية.
علاجات منزلية، يجب استشارة اختصاصي في حالات الأمراض والاضطرابات. لكن بالنسبة للمسببات الأخرى مثل القلق والتوتر وعادات وقت النوم الخاطئة، فيمكن أن تكون العلاجات المنزلية التالية فعالة:
• تجنب الأطعمة الغنية بالتوابل: تؤثر الوجبات الغذائية، التي تحتوي على الكثير من التوابل أو المخللات أو الأطعمة، التي يصعب هضمها بشكل عام، على استمرارية النوم حيث يرتفع معدل التمثيل الغذائي في الجسم ويتعين عليه العمل بجهد أكبر لهضم الطعام، بما يؤدي إلى زيادة نشاط الدماغ والعبث بدورات حركة العين السريعة، مما يزيد من فرص الإصابة بالكوابيس.
• تناول وجبات مبكرة وأصغر: تساعد بعض الأطعمة والفواكه على تجنب الكوابيس أو النوم بشكل جيد مثل الموز والكيوي وعين الجمل واللوز. كما أن تناول الطعام متأخرًا يتسبب في انقطاع دورة نوم الجسم، الذي يعمل على هضم الطعام. وعندما تنقطع دورة النوم، يمكن أن يتذكر الشخص أحلامه، بما يشمل الكوابيس في كثير من الأحيان، بما يعني أن تأثير الكوابيس سيمتد ويستمر.
• ممارسة الرياضة والاسترخاء نهارًا: إذا شعر الشخص أن مستويات التوتر المتزايدة لديه تؤدي إلى تدمير حياته التي يحلم بها، فيجب عليه المبادرة باتخاذ ما يلزم لمنع حدوثها. يمكن أن يبدأ اليوم بممارسة التمرينات الرياضية أو المشي في الصباح وأن يحصل على فترات راحة قصيرة خلال اليوم للاسترخاء الكامل للجسم.
• تقليل مشاهدة أفلام الرعب: يقوم البعض بمشاهدة أفلام الرعب في بعض الأوقات المتأخرة، وهي خطوة غير مناسبة تمامًا لمحتوى الأحلام عند النوم، لأنها ربما تبقي البعض مستيقظًا في الليل أو يعاني من كوابيس أثناء النوم.
• تخيل نهاية أفضل للكابوس: يمكن أن يسترخي الشخص ويستعرض أحداث الكابوس بأكملها في هدوء مع إدراك أنه مجرد حلم ولا يمكن أن يحدث في الواقع. ويمكن في النهاية أن يتخيل نهاية أفضل، على سبيل المثال، إذا كان هناك وحش يلاحقه أثناء الحلم، فيمكنه محاولة مصادقته أو استئناسه بدلاً من الهروب خوفًا.
• التحكم في الأحلام الواضحة: إن الشخص عندما يتخيل نهاية أفضل لحلمه خلال النهار، يمكنه تكرار التجربة في حلم واضح، أي أثناء الحالات التي يدرك فيها الإنسان أنه يرى حلمًا. وفي حالة تكرار الكوابيس، يمكن أن يساعد التحول من مجرد الرؤية إلى التحكم والسيطرة على مجريات الأحداث في الكابوس، أو عندما يصبح العقل على دراية بأنه مجرد حلم سلبي سيمكن تغيير السرد حسبما يشاء الشخص.
لماذا من المهم أن تعرف كيفية التخلّص من الأحلام المزعجة والكوابيس؟
يؤثر الاستيقاظ المتكرر خلال الليل نتيجة الأحلام المزعجة على جودة نومك، ومن ثم على مستويات النشاط والإنتاجية خلال النهار، بالإضافة إلى الأرق الناتج عن عدم تمكنك من العودة للنوم بعد أن يوقظك الكابوس في منتصف الليل مثلًا، أو الإفراط في النوم خلال النهار لتعويض ما فقدته ليلًا، كما قد تقاوم -سواء بوعي أو بلا وعي- النوم خلال المساء؛ وذلك لارتباط النوم باختبار مشاعر سلبية. ويرتبط الاختبار المتكرر للكوابيس باضطرابات نفسية عديدة مثل القلق والاكتئاب، بل وتجد الدراسات أنه يزيد من خطر الإقدام على الانتحار.
إن أحد أهم اضطرابات النوم التي يُعرّفها الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية (DSM-5) هو اضطراب الكوابيس (Nightmare Disorder)، وهي حالة يعاني فيها الفرد من كوابيس مزمنة ومكثفة تستمر لفترة طويلة، ويتذكرها جيدًا إلى حدّ أنها تُعطل حياته اليومية في كثير من الأحيان. من المهم التنويه هُنا إلى أن اختبارك للكوابيس لا يعني بالضرورة أنك تُعاني من هذا الاضطراب، إذ لا بُد أن تنطبق عليك معايير التشخيص التي يُقيّمها طبيب مُختص، منها أن تقع الكوابيس بشكل متكرر ويمكن تذكر أحداثها جيدًا -وهو ما يكون مرعبًا للفرد بطبيعة الحال- بالإضافة للتدني الملحوظ في الأداء على المستوى الاجتماعي والمهني، ومن المهم أيضًا كي يتم التشخيص بطريقة سليمة ألا تُعزى أسباب هذه الكوابيس إلى تأثيرات فسيولوجية خارجية، مثل الكوابيس الناتجة عن تناول أدوية معينة قد تؤثر على المزاج، أو تلك التي تُسببها اضطرابات المزاج الأخرى.
كيف أتخلص من الكوابيس أو الأحلام المزعجة؟
1. لا تتجنب النوم، ولكن رتب جدول نومك ومارس عادات النوم الصحي (Sleep Hygiene):
يساعدك تحديد جدول نوم منتظم على الحفاظ على استقرار نومك، كما يمكن أن تُساعدك تهيئة البيئة المحيطة بك قبل النوم على تجنب الكوابيس، فمثلًا يُنصح بتقليل تعرضك لضوء شاشات الأجهزة الإلكترونية، وعدم تناول المشروبات المنبهة كالقهوة وغيرها قبل النوم بفترة كافية، وهنا من المهم أن نُشير إلى أن تركيز المنبهات يستمر فترة طويلة في جسمك ويؤثر على جودة النوم حتى في حال استطعت أن تنام بسهولة. حاول أيضًا أن تتخلص من مُسببات التوتر خاصة قبل النوم، كمهام اليوم التالي من مشكلات عمل أو دراسة أو مسؤوليات العائلة، هنا يمكن أن تُفيدك ممارسة التأمل في طرد التوتر وترتيب أفكارك. ربما تبدو لك هذه الخطوات الصغيرة بديهية وغير مؤثرة، لكن ثِق أن تراكمها والمواظبة عليها هو ما يُحدث الفرق.
2. حاول أن تفهم أسباب اختبارك هذه الأحلام:
بمجرد استيقاظك من كابوس ما، حاول أن تتذكر أحداثه وتفاصيله، يمكنك على سبيل المثال أن تكتبها على ملاحظات هاتفك الذكي، أو على دفتر تحتفظ به بجوار سريرك. بالإضافة إلى ذلك، فإن من التمارين التي تُستخدَم في التأثير على الكوابيس والأحلام المزعجة هي محاولة وضع نهاية بديلة لما يحصل خلال الحلم. تُستخدم هذه الطريقة في سياق علمي تحت مُسمى العلاج التخيلي الاسترجاعي (Imagery Rehearsal Therapy)، الذي يُعد شكلًا من أشكال العلاج السلوكي، والذي يتضمن أن تتخيل نهاية أخرى للكابوس، وتتدرب عليها، حتى تُحققها في حلمك.
3 . اطلب المساعدة المختصة:
تتعدد أساليب العلاج التي أثبتت فعاليتها في اكتشاف وعلاج الكوابيس، فعلى سبيل المثال، يُمكن أن يُساعدك العلاج النفسي التحليلي (Psychoanalysis) في فهم الأسباب التي تجعلك تختبر كوابيسَ مزعجة، ومن ثم التخلص منها، كما يُستخدم أيضًا العلاج بالتعرض (Exposure Therapy) في علاج اضطرابات الصدمة؛ ما قد يؤدي إلى التخلص من الكوابيس المرافقة لها. توجد العديد من العلاجات الأخرى التي يمكن الاستفادة منها، مثل تدخل الحلم الواعي أو الوعي بالحلم (Lucid dreaming) الذي يهدف إلى إعادة رسم مسار الحلم عن طريق جعلك تعي بأنك تحلم خلال الحلم نفسه، لكن هذا التدخل لا يزال تحت الدراسة والبحث لعدم وجود نتائج كافية. كما تستخدم تقنية (Systematic Desensitization) أو ما يعرف بالتخلص المنظم من الحساسية. وبالإضافة للعلاج النفسي، فمن الممكن أن يفيد استخدام العلاج الدوائي في بعض حالات الكوابيس أو اضطراب الكوابيس[5]، لكن التركيز على العلاجات الأخرى ما زال مهيمنًا بشكل أكبر في هذا الشأن. من المهم أن تستشير طبيبًا مختصًّا قبل إقدامك على أيٍّ من خيارات العلاج المذكورة أو غيرها، حيث إن العلاج الأمثل يختلف من حالة لأخرى ويعتمد على طبيعة الكوابيس ومسبباتها.
أدوات مساعدة
1. اختبار ذاتي: كيف أشخّص الكوابيس؟
يمكنك الاستعانة بالاختبار التالي في حال كنت تشّك أنك تعاني من اضطراب الكوابيس، اسأل نفسك الأسئلة الآتية:
هل تستيقظ من النوم كثيرًا بسبب حلم مزعج؟
هل تثير هذه الأحلام لديك مشاعر سلبية مثل الخوف، أو الحزن، أو الغضب؟
هل تستطيع التفكير بذهن صافٍ عندما تستيقظ من النوم؟
هل تستطيع أن تتذكر أحداث تلك الأحلام المزعجة وتفاصيلها بوضوح؟
هل تراودك الكوابيس غالبًا في وقت متأخر من النوم، مثل ساعات الفجر أو الصباح الباكر؟
هل تجد صعوبة في العودة إلى النوم بعد أن توقظك تلك الأحلام؟
في حال أجبت بـ"نعم" على جميع الأسئلة السابقة أو على أربعة فأكثر منها، فإنه من الأفضل أن تستشير طبيبًا مختصًّا، حيث يمكنه أن يشخّص الأسباب والحالة التي تمر بها.
اضف تعليق