q
مجرد التفكير في سر يمكن أن يعزز مشاعر الخزي والعزلة وعدم اليقين وعدم المصداقية، يؤكد خبراء علم النفس أنه يمكن أن يكون للاحتفاظ بالسر تأثير على الصحة العقلية للأفراد، خاصة إذا كانوا يتعاملون مع مجموعة من الأسرار في آن واحدن ومن الطبيعي أن تكون لدى الجميع أسرار...

مجرد التفكير في سر يمكن أن يعزز مشاعر الخزي والعزلة وعدم اليقين وعدم المصداقية، يؤكد خبراء علم النفس أنه يمكن أن يكون للاحتفاظ بالسر تأثير على الصحة العقلية للأفراد، خاصة إذا كانوا يتعاملون مع مجموعة من الأسرار في آن واحدن ومن الطبيعي أن تكون لدى الجميع أسرار، سواء كانت سعيدة أو تتعلق بأمر محرج أو محزن، وبغض النظر عما يخفونه فإن الأمر ليس سهلا بشكل عام.

وعلى عكس ما قد يعتقده الشخص، فإن الآثار السلبية لإخفاء السر لا تكمن في الحفاظ عليه فعليا واختلاق الأكاذيب والخوف من كشفه، وإنما مجرد معرفة أنه يخفي شيئا ما يؤثر عليه سلبا أيضا، وفقا لبحث أجراه مايكل سليبيان الأستاذ المشارك في القيادة والأخلاق بجامعة كولومبيا، ويستكشف كتاب مايكل الجديد “الحياة السرية للأسرار” الأسرار التي يحتفظ بها الفرد، وأسباب احتفاظه بها، وكيف يمكن أن تشكل حياة الأشخاص، وقال في حديث لصحيفة “ميترو”، “لعقود من الزمن، اعتقد علماء النفس أن ضرر حفظ الأسرار ينبع من اللحظات التي نخفي خلالها أسرارنا في المحادثة. لكن اتضح أن الجزء الصعب من وجود السر ليس أننا يجب أن نخفيه، وإنما (شعورنا) بأنه يتوجب علينا أن نتعايش معه وحدنا…”.

الآثار السلبية لإخفاء السر لا تكمن في الخوف من كشفه، وإنما مجرد معرفة الشخص أنه يخفي شيئا ما يؤثر عليه سلبا أيضا، وأضاف أن مجرد التفكير في سر يمكن أن يعزز مشاعر الخزي والعزلة وعدم اليقين وعدم المصداقية، مشيرا إلى أن هذه التجارب ترتبط بتدهور صحة الشخص ورفاهيته. كما قد تتوقع أنه كلما كان السر أسوأ، زاد تأثيره السلبي على صحتك العقلية، وتابع “لا يبدو أن ضرر السر نابع من الاضطرار إلى إخفائه أثناء التفاعل الاجتماعي، وإنما هو نابع بالأساس من الاضطرار إلى التعايش معه بمفردك (…). وكلما جال السر في عقل الشخص زادت صعوبة عدم الحصول على الدعم العاطفي أو النصيحة. وعندما نكون بمفردنا مع شيء مهم، وخاصة الشيء الضار أو المزعج، فإننا نميل إلى عدم تطوير أكثر الطرق الملائمة للتفكير فيه”.

ويوضح مايكل “كلما زاد اعتبار السر غير أخلاقي زاد شعور الفرد بالخزي، وكلما كان السر شخصيا وفرديا زاد انعزاله (ما يعني أنه عندما يتعلق الأمر بأشخاص آخرين يكون الانعزال أقل حدة). وعندما يختار الفرد أن يكون وحده مع سر ما، خاصة عندما يكون مزعجا، فإنه يميل إلى عدم إيجاد أفضل طريقة للتفكير في الأمر، وأكد مايكل أنه من خلال المحادثة مع الآخرين يمكن أن نجد طرقا أكثر فاعلية للتفكير في السر.

وأشار إلى أنه للتراجع عن بعض الأذى العقلي الذي يسببه السر “يجب على الشخص إفشاءه”. لكن الخبر السار يكمن في أنه ليس مضطرا إلى الكشف عنه للجميع. لذلك إذا كان سر الفرد هو خيانة شريكه، على سبيل المثال، فليس بحاجة إلى أن يكون صريحا في هذه الحالة، وما عليه سوى إخبار شخص آخر من المقربين إليه.

ويقول مايكل “يمكن للأشخاص الآخرين أن يقدموا لك النصائح ووجهات نظر جديدة وإرشادات ودعما عاطفيا. كما أن إشراك شخص آخر في المحادثة يمكن أن يقلل اجترار الأفكار المضر بالصحة، ويساعد الناس على التعامل مع أسرارهم بشكل أفضل.

الدراسات تحثك على البوح بها

أثبتت الدراسات العلمية التي تناولت سيكولوجية السرية عند الأشخاص، بأنه لا يوجد أحد بلا أسرار، وكلما كبر السر كان من الصعب الاحتفاظ به، وبحسب الدراسات التي أجراها باحثون في جامعة كولومبيا، فإن الشخص العادي يحتفظ بحوالي 13 سرا، بينها 5 أسرار لم يخبر بها أي شخص إطلاقا، وهي أسرار من فئات مختلفة تتعلق على سبيل المثال بالخيانة الزوجية، تعاطي المخدرات والنشاط غير القانوني.

وكشف الباحثون في هذه الدراسة، أن إخفاء الأسرار يستنزف طاقة الأشخاص ويشتت انتباههم، بسبب انشغالهم الدائم بها، مما يؤثر سلبا على جودة نشاطهم الذهني، كما يقلل حجب المعلومات عن الآخرين شعور الأفراد بالأصالة والراحة، ويعمل على انخفاض مستوى الرضا عن حياتهم بشكل عام.

سيكولوجية السرية، وفقا للباحثين مثل مايكل سليبيان وآدم جالينسكي في جامعة كولومبيا ونير هاليفي في جامعة ستانفورد، الذين كانوا يدرسون بشكل مكثف العديد من جوانب الأسرار، يجب التفريق بين السرية التي نتعمد فيها إخفاء المعلومات عن شخص واحد أو أكثر والتصرف بشكل غير طبيعي؛ وبين الحفاظ على الخصوصية، وتحديد المعلومات الشخصية التي يجب أن تظل سرية؛ ولكن دون أن نخشى العواقب في حال انكشافها للآخرين.

وعن الأسباب التي تجعل الأشخاص يحتفظون بالمعلومات المشحونة لأنفسهم، رغم شعورهم بالاستنزاف والسوء، خاصة مع شريك الحياة، وجد الباحثون بأن الأشخاص الذين ينطبق عليهم نمط الارتباط العاطفي القلق والارتباط المتجنب، هم أكثر عرضة لإخفاء الأسرار، مقارنةً بالأشخاص من نمط الارتباط العاطفي الآمن.

وتختلف دوافع إخفاء الأسرار بين الأشخاص القلقين والمتجنبين، إذ يخشى الشخص القلق التعرض للرفض من الآخر، أما المتجنب فيستخدم الإخفاء وسيلةً للحفاظ على مسافة آمنة من الطرف الآخر، لكن في الغالب يمكن وصف حالة الأشخاص، الذين يخفون أسرارا دفينة، بأنهم يشهدون عاصفةً داخلية غامرة، تغذي في كثير من الحالات، الشعور بالتهديد والعار، والفشل، والإرهاق العاطفي.

غالبا ما يكون الاحتفاظ بالأسرار ضارا على المدى الطويل جسديا ونفسيا؛ حيث يؤكد علماء النفس بأن السرية تؤذي أصحاب المعلومات بشكل أساسي، لأنهم يجترون الأمر ويفرطون في التفكير فيما قد يحدث إذا انكشف السر، وهو ما يؤلمهم أكثر من حجب المعلومات نفسها، لهذا اقترح كل من سليبيان وكوخ أن يتم فهم سبب الاحتفاظ بالسر للتخلص من حالة الاجترار النفسي وتخفيف الشعور بالضيق، ومن أجل ذلك ابتكروا تمرين تأطير بسيط، اختبروه على 300 مشارك لكل سر يحتفظون به، ثم طُلب من المشاركين النظر في العبارات الثلاثة التالية، لا ضير من وجود هذا السر، هذا السر يحمي شخصا ما، لدي فهم جيد لهذا السر.

وقد أفاد أولئك الذين شاركوا في هذا التمرين يوميا، بأنهم أقل اجترارا بشأن سرهم، مع تحسّن حالتهم المزاجية بشكل عام، خلال الأسبوع التالي، وبالتالي تشير هذه النتيجة إلى أن الوضوح حول سبب إخفاء السر، يمكن أن يقلل الضرر الناتج عن الاجترار حوله.

أخيراً ينصح الخبراء بالتخلص من أكبر قدر من الأسرار، والتحلي بالصدق والشجاعة لمشاركة أسرارنا، ليس بالضرورة مع جميع الناس، لكننا على الأقل نزيح ثقلا كبيرًا عن أكتافنا، ونتجنب الإرهاق ومشاعر العزلة، ونحافظ على الحميمية في العلاقات الوثيقة.

يؤدي لظهور التجاعيد

وجدت دراسة أميركية أن كتمان الإنسان أسراره وعدم الإفصاح عنها قد يضر كثيرا صحته لأنه يؤدي إلى زيادة معدلات التوتر واضطرابات في النوم وظهور التجاعيد المبكرة، وأشارت الدراسة التي أجرتها جامعة كولومبيا في نيويورك إلى أن 95% من الأشخاص يحتفظون في الغالب بـ13 سرا في المتوسط، منها خمسة أسرار خاصة للغاية لدرجة أنهم لا يتحدثون بشأنها أبدا، وأوضح القائمون على الدراسة -وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية- أن الوقت الذي يقضيه الإنسان وهو يفكر في سر معين يحتفظ به يكون أشد ضررا لصحته أكثر من طبيعة السر نفسه، وقال الباحثون إنهم خلصوا إلى أن تكرار التفكير بشأن الأسرار هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع معدلات التوتر، وأضافوا أنه كان يعتقد في السابق أن حجم السر أو "إلى أي مدى هو سر سيئ"، هو الذي يقف وراء تأثر الصحة النفسية، لكن هذه الدراسة وجدت أن الوقت الذي يستغرقه الشخص في التفكير بالسر هو ما يقود إلى مشكلة نفسية حقيقية.

وأوضح الباحثون أن من بين الأسرار الشائعة التي لا يفصح عنها الإنسان: ضعف الثقة بالنفس وقلة الموارد المالية وضعف الأداء في العمل والإدمان، وأضافوا أن كتمان هذه الأسرار يؤدي إلى زيادة معدلات هرمونات التوتر، مثل "الكورتيزول"، بشكل كبير للغاية، الأمر الذي قد يسبب مشكلات في الأمعاء وعملية التمثيل الغذائي وارتفاع ضغط الدم وظهور تجاعيد مبكرة بالجلد وضعف الجهاز المناعي.

مضر بالصحة

يحاول دائما الإنسان إخفاء بعض الأشياء أو الأفعال التي يقوم بها عن الآخرين والاحتفاظ بها داخل نفسه وكتمانها، وهو ما نسميه بـ«أسرار» لكن الإنسان لا يستطيع غالبا كتم السر لفترة طويلة.

أخيرا، كشف تقرير أميركي أن كتم الأسرار يزيد حالة القلق عند الإنسان، ويؤثر سلبيا على الدماغ. وكان فريق باحثين من جامعة كولومبيا في نيويورك قد قام بدراسة عينة مكونة من 600 شخص، قال 96 في المائة منهم إن لديهم أسرارا، أغلبها عاطفية. وسئل الأشخاص عن عدد المرات التي فكروا بها بالسر الذي يحملونه خلال مدة شهر، فكانت الإجابة: مرتين، وأن السر «يسبب لهم قلقا». وقالت الدراسة التي نشرتها الهيئة الأميركية للصحة النفسية إن القلق ليس سببه محتوى السر، وإنما عملية الاحتفاظ بالسر، وعدم مشاركته مع أي أحد. وأكدت الدراسة أن عينة الأشخاص الذين يحتفظون بأسرار، كانوا أكثر عرضة للأذى النفسي، بسبب استرجاع الذكريات السيئة وكتمانها.

إفشاء بعض النساء للسر يعطيهن راحة وسعادة

المرأة لا تحفظ سرا مفهوم شائع في المجتمع وتشربته ثقافته وتبنته بعض الأسر في تربية النشء والتمييز به بين الجنسين، وتقره نساء وترفضه نساء أُخر وتجحده أخريات وإن استيقنته قلوبهن، وفي دراسة لإحدى شركات مستحضرات العناية بالبشرة أجرتها على 3000 امرأة بريطانية، تبين أن واحدة من 10 نساء لم تتمكن من الحفاظ على السر، وأن ما يقارب من النصف يشعرن في كثير من الأحيان بحاجة إلى البوح بأسرارهن، وأن المرأة لا يبقى السر محفوظا عندها أكثر من 32 دقيقة.

وفي دراسة أكثر تفاؤلا، قال الدكتور مايكل كوكس: إن المرأة لن تستطيع أن تحافظ على سر أو تؤتمن عليه مهما بلغت أهميته، إذ غالبا ما تخبر شخصا بعد 47 ساعة و15 دقيقة كحد أقصى، وهذه الدراسات والنتائج تثير جدلا واسعا بين النساء والرجال ما بين قابل لها ورافض.

حمّى الأسرار، وهناك نوع من النساء تعترف بأنها لا تستطيع كتمان سرا، وأن حفظه يسبب لهن مرضا وحمى في الليل، وما إن ينجلي الصباح حتى تبوح به لأقرب شخص، فحالها كحال الشاعر:

وإن قليل العقل مَن بات ليلةً * تقلبه الأسرار جنبا إلى جنبِ.

وتقول أم نادر إنها تحس بالراحة والسعادة إذا قالت ما يجول بخاطرها، وأن من يكتم السر ويجمع الأسرار يمرض من حيث لا يعلم، وربما يختلف السبب عند أم إبراهيم التي تبلغ 38 عاما، حيث ترى أن النساء يعانين من فراغ كثير ويوم طويل، والثرثرة هي البديل الأفضل للتسلية وشغل الوقت، فيكون مدار حديثهن قصصهن ومغامراتهن فإن نفدت القصص بدأن بمخزونهن من الأسرار حتى ولو أعقب ذلك ندم ونفس لوامة، فهن عادة تُعدن الكرة من جديد.

وترى المعلمة سارة الخاطر البالغة من العمر 45 عاما أن ما يدفع بعض النساء لإفشاء أسرارهن، هو رغبتهن في لفت الانتباه إليهن، وحتى يكون جزءا من اهتمام الآخرين، وتقول إن هذا ما تراه في غرف المعلمات، عندما تريد إحداهن أن تلفت الانتباه تهمس بصوت خافت قائلة: بقولكم سر.

طبيعة المرأة لا تحفظ السر، ومن جهته، قال عميد كلية العلوم الاجتماعية وأستاذ الطب النفسي الاجتماعي الدكتور محمد التويجري: إن طبيعة المرأة أنها حينما يحصل لها أي أمر من الأمور تحب أن تتحدث به لأي شخص قريب منها، وخاصة زوجها، والمرأة تتحدث بإسهاب على النقيض من الرجل الذي ينزوي على نفسه ويكتم.

وأضاف أن المرأة تغلب عليها العاطفة وتتحكم فيها أكثر من الرجل، وأن الغضب في شخصية المرأة خارجي فتفضفض بما في داخلها، على عكس الرجل الذي يكون غضبه داخليا فيكتم أيضا، وهذه الأسباب يراها الدكتور التويجري هي السر في أن المرأة لا تكتم سرا، ويقول إنها ليست سلبية في شخصية المرأة، إنما هي طبيعة ولا يمنع ذلك أن نقول إن هناك من النساء من هن أشد من الرجال في حفظ السر وبألف رجل.

رفض المفهوم الشائع، وترفض الموظفة في أحد البنوك منال حماد التي تبلغ من العمر 28 عاما المفهوم الشائع بأن المرأة لا تحفظ سرا، وتعلق على ذلك قائلة إن الرجل والمرأة في حفظ السر أو نشره سواء، فمن النساء من هي بئر لا قرار له، والمرأة إذا قيل لها بصريح العبارة احفظي هذا السر فهي تحفظه، وخاصة في هذا الزمان الذي أصبح الرجل فيه لا يستطيع كتمان السر.

وعلى النقيض من ذلك، يرى سالم القحطاني البالغ من العمر 35 عاما أن السر لدى المرأة نوعان؛ سر تافه لا داعي لكتمانه، وسر خطير لا تستطيع كتمانه، لذا هو لا يودع سره لامرأة، ويبيّن أن الأسرار التي يخفيها الرجال عادة عن نسائهم هي: مقدار الراتب الشهري وجواز السفر.

وأفاد التويجري أن المرأة تكتم الأسرار المتعلقة بعلاقاتها الشخصية والخاصة مع شريك حياتها إلى حد ما، والرجل عادة ما يخفي أسرار عمله عن زوجته.

لماذا لا يجب أن يحتفظ ابنك بالأسرار؟

بعض الأهالي وخاصة المشغولين بتربية أبنائهم بروح عصرية، يسيئون تفسير مفهوم الخصوصية وطريقة ترسيخه عند الأطفال، يخلطون بين حق الطفل في إدارة مساحته الشخصية وفي اعتباره أي من شؤون حياته سرا لا يجب التحدث عنه مع الآخرين، وبين أن يكون الأب والأم في خانة "الآخرين" الذين يمكن كتمان الأسرار عنهم.

لكن كيف تعلّمين طفلك ألا يكتم عنك شيئا يخصه، وأن السلامة قبل الخصوصية؟ من علّم الأطفال كتمان الخبر؟ نبدأ بتعليم الأطفال فكرة الأسرار من سن مبكرة جدا، حتى عندما لا نعتقد أننا نفعل ذلك.

في عمر مبكر، نعلمهم كيفية الهمس ولفت نظرهم بكلمات مثل "لا تخبر الأم أو الأب"، ومع الوقت يبدؤون بمحاكاة اللعبة وإخفاء أسرارهم، مع سن المدرسة وتوسيع دائرة الأصدقاء، تتعزز فكرة الحفاظ على السرية، وتبدأ بأسرار بريئة لا يسبب كتمانها ضررا.

هناك فرق بين السر الآمن والسر الضار، ومن المحتمل ألا يتمكن الطفل من تمييز هذا الاختلاف في عمر مبكر، لهذا السبب يجب عدم تشجيع حفظ السر، حتى في أكثر أشكاله براءة، بحسب مقال على موقع "مامس" (Moms).

وقود الأسرار، يتعود الطفل إخفاء الأسرار عنك لأنه يخشى غضبك، ويحاول تجنب العقاب أو اللوم، فالرغبة في تجنب اللوم والانتقاد تجعله يكتم عنك كل ما يجب أن تعرفيه عن إخفاقاته، ومواقفه التي قد يظنها مخزية، كما يخفي الطفل الأسرار رغبة في الشعور بالاستقلالية وامتلاك الخصوصية بعيدا عنك، وتكوين صداقات.

وربما يخفيها لأنه لا يعرف مدى خطورتها وتأثيرها الضار عليه أو على الآخرين، وأحيانا يحتاج البوح بعض الوقت، وما لا يريد إخبارك به الآن سيخبرك به لاحقا، هذه أبرز العوامل التي قد تجعل طفلك يخفي عنك بعض أخباره، وما عليك إلا معرفة أي منها تؤثر عليه، وأن توضحي له أنواع الأسرار التي قد يقابلها.

أنواع الأسرار، الأسرار بين الأطفال أحيانا ما تكون ضارة، لكن عندما يتعلق الأمر بالأسرار بين البالغين والأطفال تبدو مقلقة أحيانا، وأحيانا أخرى خطيرة، قبل عمر السابعة، لابد أن تعلّمي طفلك ضرورة البوح وعدم إخفاء أي شيء عنك، وفي عمر السابعة علّميه عن الأنواع المختلفة من الأسرار التي من المحتمل أن يواجهها.

وبحسب الطبيبة والمعالجة النفسية "آيمي مورين"، هناك 3 أنواع من الأسرار:

1- أسرار ممتعة

تتضمن الأسرار الممتعة حفلة مفاجئة أو هدية لشخص ما، وقد يقال للطفل "لا تخبر أمك بما اشتريناه لها لعيد الميلاد"، أو "لا تخبر الجد بأننا نخطط لحفلة عيد ميلاد مفاجئة له".

2- أسرار يمكن إفشاؤها

في بعض الأحيان، يطلب الكبار من الأطفال الاحتفاظ بالأسرار بنوايا حسنة، لكن حتى هذه الأسرار يجب ألا يخفيها عنك.

قد تقول الجدة له "لا تخبر والديك بأنك بقيت مستيقظا بعد وقت نومك"، أو قد يقول أحد أصدقائك "تناول ذلك الكعك، لكن لا تخبر والدتك أنني أعطيتك إياه"، تعطي هذه الأسرار رسالة مفادها أن طفلك قد يتردد في قول الحقيقة لك، وربما عندما تسألينه مباشرة يبدأ بالكذب.

3- أسرار خطيرة

يعتمد الأشخاص السيئون على الأطفال للحفاظ على أسرارهم، ويقول الجناة الذين يتحرشون بالأطفال أو يعتدون عليهم بأي صورة، أو حتى يؤذون آخرين أمامهم، أشياء مثل "هذا سرنا، ولا يمكنك إخبار أي شخص"، وقد يهددون الأطفال بعدة طرق في محاولة لإبقائهم صامتين، وغالبا لا يجرؤ الأطفال الذين لم يتعلموا بشأن الأسرار على إخبار أي شخص أيا كان، هذه الأسرار لا بد أن يحكيها لك.

كيف تتحدثين مع طفلك عن الأسرار؟ التحدث مع طفلك بانتظام عن الأسرار الآمنة مقابل الأسرار غير الآمنة، قد يكون الضمانة لحمايته، ابدئي بالتحدث مع طفلك في سن مبكرة عن الأسرار غير الآمنة، اشرحي له أنه في بعض الأحيان يطلب الناس من الأطفال الاحتفاظ بالأسرار لأنهم يفعلون أشياء سيئة، واجعليها مناقشة منتظمة مع طفلك حيث تنمو قدرته على فهم الموضوع.

وفي "الأسرار الممتعة" تأكدي من استخدام كلمة "مفاجأة" وليس كلمة "سر"، وتأكدي أن طفلك يعرف أنه يمكنه دائما إخبارك إذا طلب منه الحفاظ على السر، ولن يحدث ذلك إلا حين يعرف طفلك أنه لن يعاقب لقول الحقيقة أو الكشف عن أي أسرار لك.

طرق مضمونة: كيف تمنع طفلك من ضرب الأطفال الآخرين؟ كيف يفرّق بين السر الجيد والسيئ؟ تنصح منظمة "كيدز فاونديشين" (Kidsafefoundation) بضرورة تمكين طفلك منذ الصغر بالتفريق بين السر الجيد والسر السيئ، فالسر الجيد هو نوع السر الذي يعرف طفلك أنه ستتم مشاركته في النهاية، أما السر السيئ فيجعل طفلك يشعر بالارتباك أو القلق أو الخوف من إخباره، كأن يطلب الشخص منه الاحتفاظ بسر ما ولا يخبره أبدا، أو عندما يحدث شيء غير مريح له أو يرى شيئا مخيفا عبر الإنترنت، أو يتعرض للتنمر، أو يفشل في الاختبار، أو يتعرض للمس غير آمن.

ويمكن إجراء بعض الأنشطة مع طفلك للتأكد من استيعابه الفرق بين الأسرار:

1- قدمي لطفلك أمثلة على سر سيئ، والمشاعر الناتجة عنه.

2- اطلبي من طفلك أن يخبرك، أو حتى أن يختلق سرا جيدا وآخر سيئا خاصا به.

3- أرشديه بلطف إذا شعرت أنه أساء فهم الفكرة، وأخبريه أن أي سر يشعر بالخوف من إخباره هو بالضبط نوع السر الذي يجب أن يخبره لك أو لأحد الأشخاص الموثوق بهم في دائرة البالغين الآمنين، ويجب أن يستمر في الحديث حتى يحصل على المساعدة التي يحتاجها.

لماذا نحن مغرمون بالكشف عن أسرارنا؟

هذا السؤال يؤدي لمجموعة من الأسئلة مثل هل نحن منجذبون لضرورة الكشف عن شيء ما؟ ألا نستطيع إلزام أنفسنا بالتكتم على أسرار الأشخاص الذين وعدناهم بذلك؟ هل نستمتع بالإعلان عن بؤس الآخرين؟ هل نجد أنه من المغري كشف ما نعتقد أنه يمكن أن يؤذينا؟ هل نشعر بالسعادة في خيانة أنفسنا؟

يقول تقرير نشره موقع "خنيال" الإسباني إن البشر جميعا يتشاركون الأسرار بشكل متفاوت، وقد يصبحون أحيانا بمثابة عبيد لها، ورغم أننا قادرون على القيام بكل ما في وسعنا حتى لا تصل هذه الأسرار إلى آذان الآخرين، فإن الرغبة الجامحة لكشف ما نخفيه من أسرار للآخرين تمثل دافعا آخر يستحوذ علينا ولا يمكننا التخلص منه بسهولة.

ولأن الأسئلة المتعلقة بهذه المسألة لا حصر لها، ويمكن أن نحصل على آلاف الإجابات لها، شرعت مجموعة من الباحثين بإعطاء هذا الموضوع إطارا أكاديميا بهدف تحليل دقيق لعلاقتنا بالأسرار.

في إطار تحقيق أجراه أعضاء في جامعة كولومبيا أطلق عليه اسم "التجربة السرية"، تم تحليل عشر دراسات تركز على علاقة البشر بالأسرار.

وفي هذا الصدد، أجريت مقابلات جمعت جملة من الأسرار المفهرسة في 38 فئة. ويعتبر هذا العمل شاملا حيث حاولت كل دراسة الحصول على إجابات عن جوانب مختلفة من أسرار الأشخاص الذين شاركوا في المقابلة.

وكانت النقاط الأكثر إثارة للاهتمام التي استفسرت عنها الدراسة تتمثل في متوسط عدد الأسرار التي يحتفظ بها الشخص ومدى تأثيرها على رفاهنا العقلي، فضلا عن الأسباب التي تدفعنا للكشف عن هذه الأسرار، والكيفية التي تؤثر بها على حياتنا الاجتماعية، وأكثر المواضيع المرتبطة والمتداولة في الأسرار التي نبوح بها للآخرين.

رغم أن البحث لم ينته حتى الآن فإنه يمكن استخلاص بعض الاستنتاجات التي تساعد على معرفة كيفية ارتباط الأشخاص بالأسرار، وتدفعنا كذلك إلى التفكير في علاقتنا بالأسرار التي يتوجب علينا كتمانها وعدم إفشائها للآخرين.

وكشفت الدراسة التي استندت على عشرة دراسات سابقة، أن الأشخاص الذين جرت مقابلتهم كان يحتفظ كل منهم بمعدل 13 سرا، كما بينت أن معظم الأشخاص يفشون الأسرار خلال اللقاءات الاجتماعية.

ووفقا للبحث، يبدو أن كثيرا من الأشخاص لا يستطيعون مقاومة إغراء الكشف عن الأسرار للآخرين ولا يمثل هذا مشكلة بالنسبة للغالبية العظمى منهم.

‪وأكد الموقع أن الإنسان يعيش صراعا حقيقيا مع الأسرار التي يكتمها، وهو ما يجعل هذه الأسرار تحتل حيزا كبيرا من أفكارنا. فالأسرار التي نخفيها عادة ما تستحوذ على انتباهنا، مما يبقي الأفكار المتعلقة بها نشطة ويجعلها تحتل مكانا مهما في حياتنا، ويبدو أن القضايا التي تتعلق في الغالب بأسرارنا تتمثل في الخيارات الشخصية، والعلاقة بين الشريكين.

من الوارد أن يسبب لنا هذا الأمر القلق والشعور بالذنب وأنواعا أخرى من عدم الراحة. وخير مثال على ذلك نجده في رواية "القلب الواشي" للكاتب الروائي إدغار آلان بو، التي تحكي أطوار قصة شخصية تعذب بسر رهيب لدرجة الإصابة بالهلوسة في نهاية المطاف.

اضف تعليق