أحداث مهمة تعيشها الكرة الأوروبية، بعد اعلان 12 من أكبر الأندية بالقارة العجوز عن إطلاق دوري السوبر الانفصالي، الامر الذي اثار موجة غضب واسعة شملت الاتحادات المحلية والدولية ومشجعين وعددا من اللاعبين، هذه الخطوة اعتبرها البعض معركة للسيطرة على الرياضة وعائداتها المربحة وانقلاب جديد على البطولات...
أحداث مهمة تعيشها الكرة الأوروبية، بعد اعلان 12 من أكبر الأندية بالقارة العجوز عن إطلاق دوري السوبر الانفصالي، الامر الذي اثار موجة غضب واسعة شملت الاتحادات المحلية والدولية ومشجعين وعددا من اللاعبين، هذه الخطوة اعتبرها البعض معركة للسيطرة على الرياضة وعائداتها المربحة وانقلاب جديد على البطولات التي تقام تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا". الذي هدد باتخاذ قرارات واجراءات عقابية تمنع الأندية واللاعبين من المشاركة. وقد عبر كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "ويفا" عن غضبهم من خطط استحداث بطولة خاصة تحت مسمى "دوري السوبر الأوروبي".
وفرضت أزمة كورونا خوض المباريات دون حضور الجماهير، وتسببت في خسائر هائلة لكرة القدم الأوروبية، ومثلت الفرصة الأمثل للنوادي الكبرى في القارة من أجل الإعلان عن مشروعها بعيدا عن هتافات الرفض التي كان من الممكن أن تندلع في المدرجات إذا كانت المباريات بحضور الجماهير. لكن رغم ذلك، فإن موجة غضب عارمة تفجّرت ضد مشروع دوري السوبر الأوروبي، وعبّرت كل أطراف اللعب عن رفضها للفكرة التي تبناها أصحاب المليارات، وتصاعدت الدعوات للحد من نفوذ الأغنياء على كرة القدم، وهو ما أدى إلى انسحاب عدد من الأندية وإمكانية انهيار المشروع بالكامل.
وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إنه لا يعترف بهذه البطولة الجديدة. وأكد أن اللاعبين الذين يشاركون فيها سيحرمون من المشاركة في غيره من المنافسات المحلية والدولية، ويمنعون من المشاركة في مباريات كأس العالم. ودعا الاتحاد للحوار لما فيه خير اللعبة. وكان الاتحاد الأوروبي يأمل استباق هذا المشروع بإطلاق طبعة جديدة من دوري الأبطال تضم 36 فريقا. وتضم الصيغة الجديدة مرحلة تمهيدية يلعب فيها كل فريق 10 مباريات بدلا من نسخة المجموعات المعمول بها حاليا.
وأصدر ويفا بيانا مشتركا مع اتحادات انجلترا وإيطاليا وإسبانيا تعبر فيه الهيئات الكروية عن "اتحادها" من أجل منع "هذا الانشقاق" باستعمال الوسائل القانونية والرياضية إذا تطلب الأمر. وفي بيان منفصل، ندد الاتحاد الانجليزي بمشروع "دوري السوبر الأوروبي، واصفا إياه بأنه "ينتهك مبادئ المنافسة المفتوحة والاستحقاق الرياضي، وهما جوهر رياضة كرة القدم محليا ودوليا".
ومن جهته، قال الدوري الإنجليزي الممتاز إن المشروع "يحطم" أحلام الجماهير التي تأمل أن "ترقي فرقها المفضلة للتنافس مع أفضل الفرق في العالم". وأضاف أنه لن يسمح بإجراء منافسات "تضر بكرة القدم الانجليزية"، وأنه سيتخذ "الإجراءات القانونية" لمنعها إذا تطلب الأمر. ويعترض الدوري الألماني على المشروع، لأن المستثمرين في الفرق الألمانية لا يحصلون على أكثر من 49 في المئة من الأسهم ويملك الجمهور أغلبية الأسهم. ودعا الدوري الإيطالي الممتاز بدوره إلى اجتماع طارئ لدراسة القضية.
وأثنى الاتحاد الأوروبي على الأندية التي لم تشارك في المشروع خاصة الفرنسية والألمانية. ويعتقد أن نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ليس من بين الأندية المعنية بمشروع "الانشقاق". ودعا الاتحاد محبي كرة القدم والجماهير والسياسين إلى الوقوف ضد هذا المشروع متى أعلن عنه. وقال "إن "طغيان المصلحة الشخصية لدى البعض تجاوزت الحدود". وقال اتحاد أنصار كرة القدم، إنه يعترض على هذا المشروع، واصفا إياه بأن ما يحرك أصحابه ليس سوى "الجشع". وأضاف أن هذه المنافسة يريدها مليارديرات يملكون أندية ولا تهمهم تقاليد اللعبة، بل يعتبرونها "إقطاعيتهم الخاصة".
تهديدات وانسحابات
وفي هذا الشأن هدّد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو بأنه يتعيّن على الأندية المنشقة الداعية إلى اطلاق مسابقة الدوري السوبر الاوروبي "تحمّل عواقب قرارتها" جراء هذا الانفصال، مشيراً إلى أن فيفا "يعارض من دون أدنى شك" هذا المشروع، في حين ناشد رئيس الاتحاد الاوروبي الكسندر تشيفيرين هذه الاندية العودة "عن خطئها الفادح". وقال إنفانتينو "نحن في فيفا لا يمكن إلا أن نعارض بشدة انشاء الدوري السوبر. انه دوري مغلق، انشقاق عن الهيئة الحالية، من الدوريات، من الاتحادات الوطنية، من ويفا ومن فيفا".
وتابع السويسري "من واجبنا حماية نموذج الرياضة الاوروبية، وبالتالي إذا قرّرت مجموعة ما الذهاب في طريقها يتعيّن عليها تحمل عواقب خياراتها. انها مسؤولة عن خياراتها. إما ان تكون في الداخل (المنظومة) أو في الخارج، لا يمكن ان تكون ما بين بين. فكروا في الموضوع، يجب ان يكون هذا الامر واضحا، واضحا تماما". واوضح "نظام الصعود والهبوط هو نموذج تكلل بالنجاح" مشيرا الى ان المشروع الجديد "مقفل" حيث تضمن الاندية المشاركة بطاقتها في كل موسم بدل ان تنافس للتاهل عبر بطولاتها المحلية.
ووجه ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، تهديدا جديدا إلى ناديي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين بشأن تمسكهما بإقامة بطولة دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم. وقال تشيفرين خلال مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس": "من الواضح تماما أن الأندية سيكون عليها التقرير إذا ما كانت أندية دوري السوبر أم أندية أوروبية، إذا قالوا نحن أندية دوري السوبر إذن لن يلعبوا في دوري أبطال أوروبا، وإذا كانوا على استعداد لفعل ذلك، فيمكنهم اللعب في بطولتهم الخاصة".
ووفقا لتصريحات تشيفرين، فإن ريال مدريد سيستمر في النسخة الحالية من بطولة دوري أبطال أوروبا بصورة طبيعية وسيلعب أمام تشيلسي الإنجليزي في الدور نصف النهائي، ولكنه قد يواجه، هو وبرشلونة، عقوبة الاستبعاد من النسخ المقبلة ما إذا واصلوا على موقفهم الحالي. وتابع في تصريحاته: "لا زلنا ننتظر أي تطور قانوني لما حدث وسنعرضه لاحقا، لكن الجميع يواجه عواقب قراراتهم، وهم يعلمون ذلك".
وبسؤاله عن الأندية التي انسحبت من دوري السوبر الأوروبي ومقارنتها بـ ريال مدريد وبرشلونة، فأضاف ألكسندر تشيفرين: "بالنسبة لي، هو موقف مختلف تماما بين الأندية التي اعترفت بخطأها وقالوا (سنغادر المشروع)، والآخرون يعرفون أنني سأقول إن هذا المشروع مات، ولكنهم لا يريدون تصديق ذلك على الأغلب". يذكر أن 10 أندية من الأندية المؤسسة لدوري السوبرليغ والتي عددها 12 (6 أندية إنجليزية، 3 إسبانية و3 إيطالية)، انسحبت من المشروع وسط عاصفة من الانتقادات طوال الأيام الماضية.
وأعلن أتليتيكو مدريد في بيان أن النادي المنتمي لدوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم بات أحدث المنسحبين من مشروع دوري السوبر الأوروبي. وأصبح أتليتيكو أول ناد إسباني يخرج من مشروع دوري السوبر الذي يبدو أنه لن يكتمل بعدما تعرض لانتقادات حادة منذ الإعلان عنه عن طريق 12 ناديا كبيرا.
إنقاذ لكرة القدم
من جانب اخر قال رئيس نادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، إن الهدف من إطلاق دوري السوبر الأوروبي هو "إنقاذ كرة القدم". ويعد ريال مدريد أحد الأندية الأوروبية الـ 12 التي انضمت إلى هذا الدوري المنفصل، وكانت هذه الأندية قد اتفقت على تأسيس "بطولة نصف أسبوعية جديدة" حتى تستمر الفرق في "المنافسة في البطولات المحلية". وقال بيريز إن هذه الخطوة اتخذت لأن الشباب "لم يعد لديهم أي اهتمام بكرة القدم" بسبب "الكثير من المباريات رديئة الجودة". وأضاف: "كلما حدث تغيير، يظهر دائما من يعارضه".
وكانت الأندية "الستة الكبرى" الإنجليزية: أرسنال وتشيلسي وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام، قد وافقت على الانضمام إلى الدوري الجديد. وقوبلت هذه الخطوة بانتقادات من قبل سلطات كرة القدم ومسؤولين حكوميين في بريطانيا، كما أثارت معارضة على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا من جانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" واتحادات وطنية. وقال بيريز إن الفرق الكبرى تخسر أموالا، لذا ستساعد المباريات ذات الأسماء الكبيرة على زيادة إيراداتها.
وأضاف بيريز لبرنامج "إل تشيرينغيتو دي جوجونيس" التلفزيوني الإسباني: "نفعل ذلك لإنقاذ كرة القدم في هذه اللحظة الحرجة". وقال: "إذا واصلنا مع دوري أبطال أوروبا سيتراجع الاهتمام تدريجيا ثم ينتهي الأمر". وأضاف: "التطور الجديد الذي يعملون على تنفيذه في عام 2024 لن يجدي، عندما نصل إلى عام 2024 سنكون في عداد الأموات". وكان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" قد أكد وجود خطط إصلاح دوري أبطال أوروبا المؤلف من 36 فريقا، اعتبارا من عام 2024.
وأضاف: "في خمسينيات القرن الماضي كان الوضع مشابها، اعترض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والفيفا على كأس أوروبا الجديد، لكن تلك المنافسة غيرت كرة القدم". قال بيريز إن جائحة فيروس كورونا كانت السبب وراء سرعة اتخاذ هذه الخطوة، بسبب إقامة مباريات خلف أبواب مغلقة. وزعم بيريز أن 40 في المئة من الشباب غير مهتمين بكرة القدم، وأن ريال مدريد خسر 400 مليون يورو بسبب تأثير الوباء.
وقال: "عندما لا يصبح لديك أي دخل إلا من التلفزيون، فعليك أن تجد حلا لتقديم مباريات أكثر جاذبية يمكن للجماهير في جميع أنحاء العالم مشاهدتها تضم جميع الأندية الكبرى". وأضاف: "لم يعد لدى الشباب أي اهتمام بكرة القدم. لديهم منصات أخرى تشتت انتباههم". وقال: "يمكننا تعويض بعض الأموال التي خسرناها بسبب الوباء، علينا جمع المزيد من الأموال من خلال تنظيم مباريات أكثر تنافسية".
وعلى الرغم من ذلك، يقول معارضون إن هذه الخطوة مدفوعة بالمال فقط، وستدمر البطولات المحلية وتتعارض مع نزاهة الرياضة. وقال مدرب منتخب إنجلترا السابق، آلان شيرر، إنه يأمل في أن تأخذ الأندية الإنجليزية في اعتبارها رد فعل مشجعيها، والذي كان سلبيا للغاية. وأضاف شيرر: "تتحدث الأندية عن كونها أسرة وأن المشجعين هم روح النادي". وقال: "حسنا، لنرى كيف ينظرون حقا إلى الجمهور، لأن الجمهور يتحدث الآن". وأضاف: "من الواضح أنهم لا يريدون ذلك، لنرى ما يعنيه الجمهور بالنسبة لأندية كرة القدم." بحسب بي بي سي.
قال بيريز إن المجموعة تريد بدء الدوري الجديد بحلول أغسطس/آب، إذا توصلوا إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وإلا فقد يتأخر لمدة عام. ووصف ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الدوري بأنه خطة "مخزية وأنانية" وأشبه بـ "بصق على وجه عشاق كرة القدم". وقال تشيفرين أيضا إنه يمكن منع اللاعبين المشاركين في دوري السوبر الأوروبي من جميع مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو ما نفاه بيريز. وأضاف بيريز "لن يحدث ذلك، القانون يحمينا". وقال: "لن ندخل في قضايا قانونية. هذا مستحيل. يجب أن يظل اللاعبون في حالة هدوء لأن التهديدات لن تحدث. هذا ليس دوري للأثرياء، إنه دوري لإنقاذ كرة القدم."
غرامات ضخمة
في السياق ذاته ستواجه الأندية التي قررت الانسحاب من دوري السوبر الأوروبي وكما نقلت بعض المصادر، غرامات مالية ضخمة بسبب التخلي عن المشروع الذي أثار جدلا واسعا في عالم كرة القدم، وفق تقرير لصحيفة "موندو ديبورتيفو" (Mundo Deportivo) الإسبانية. ونقلت الصحيفة معلومات أشارت إلى أن بنود الاتفاق الذي وقع عليه 12 ناديا لتأسيس البطولة الجديدة تنص على فرض غرامات تصل إلى 300 مليون يورو على كل فريق يقرر الانسحاب من الاتفاق.
وأوضحت الصحيفة أن المبلغ يعادل ما كان سيحصل عليه كل فريق مقابل انضمامه للبطولة، وهو مرتبط بقرض تم الاتفاق عليه مع بنك "جي بي مورغان" (JPMorgan) الأميركي من أجل مرافقة المسابقة التي لم يكتب لها النجاح. والمشروع الجديد تسبب في موجة غضب واسعة شملت الاتحادات المحلية والدولية ومشجعين وعددا من اللاعبين. وأمام الضغوط المتزايدة انسحبت أندية مانشستر سيتي وتشلسي ومانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال وتوتنهام من المشروع والتحق بها أتلتيكو ، كما أقر يوفنتوس وإنتر ميلان وميلان بفشل الخطة. ورفض فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد -والذي اختير لرئاسة دوري السوبر- اعتبار المشروع ميتا، فيما قال رئيس برشلونة خوان لابورتا إن دوري السوبر ضروري، واعتبر النادي الكتالوني في بيان أن "تجاهل هذه الفرصة سيكون خطأ تاريخيا".
وعلى امتداد العقدين الماضيين، استحوذ عدد من أثرياء العالم على أبرز أندية أوروبا، وهو ما مهّد الطريق لظهور مشروع دوري السوبر الأوروبي الذي لقي رفضا جماهيريا واسع النطاق. وذكر تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية، أن المشروع الذي أعلن، يستمد فكرته من نموذج إدارة الأندية والمسابقات الرياضية في الولايات المتحدة، والتي تسيطر عليها ثلة من الأثرياء الذين لا يهتمون إلا بامتيازاتهم ومداخليهم. ويعتبر التقرير أن جذور المشكلة تعود إلى مطلع القرن الحالي، عندما فتحت كرة القدم الأوروبية أبوابها لأصحاب الثروات الطائلة، وخاصة الدوري الإنجليزي الممتاز الذي قدّم تسهيلات كبيرة للأجانب لشراء الأندية المحلية. وأندية الدوري الإنجليزي الممتاز يسيطر عليها حاليا بشكل كامل أو جزئي 19 مليارديرا من 10 دول.
اضف تعليق