q
انتشار فيروس كورونا المستجد في العديد من الدول، وبالإضافة الى اثاره الصحية والاقتصادية الخطيرة، فقد أسهم ايضاً بتغير الكثير من العادات الاجتماعية والممارسات السلوكية، واظهرت أهمية التضامن الاجتماعي والعمل الطوعي وسلطت الضوء على بعض المهن البسيطة في المجتمع فما الذي فعله بالعالم خلال اشهر فقط...

انتشار فيروس كورونا المستجد في العديد من الدول، وبالإضافة الى اثاره الصحية والاقتصادية الخطيرة، فقد اسهم ايضاً وبحسب بعض المصادر بتغير الكثير من الامور والعادات السلوكية، واظهرت أهمية التضامن الاجتماعي والعمل الطوعي وسلطت الضوء على بعض المهن البسيطة في المجتمع، خصوصاً وان أزمة كورونا تسببت في فقد الكثيرين لمصدر رزقهم، كما ان هذه الازمة ايضاً قد دفعت البعض الى اعتماد افكار ومبادرات جديدة ومختلفة من اجل التخفيف من آثار وباء كورونا، كما انها ايضا دفعت البعض الى اعتماد اسلوب التحدي ورفض بعض القرارات الحكومية الخاصة بالعزل المنزلي.

وفي ما يخص بعض تلك الاخبار والمبادرات التي افرزتها ازمة فيروس كورونا واصبحت محط اهتمام اعلامي واسع، فقد ابتكر رائد أعمال في مدينة هوتشي منه الفيتنامية ماكينات صراف آلي تعمل طوال الوقت لكنها لا تصرف نقودا بل أكياسا من الأرز لتساعد من فقدوا وظائفهم ومصدر دخلهم بسبب القيود المفروضة في عموم البلاد لكبح انتشار فيروس كورونا المستجد. وتصرف الماكينة كيسا يحتوي على كيلو ونصف من الأرز لعمال محتاجين أغلبهم باعة متجولون أو من عمال الأجرة اليومية.

وتبرع هوانج توان آن، رجل الأعمال صاحب الفكرة، في البداية بمجموعة من أجراس الأبواب الذكية لمستشفى في المدينة قبل أن يوجه خبرته التكنولوجية لمجال توزيع الطعام. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن ”ماكينات صراف آلي للأرز“ مماثلة أقيمت في مدن كبرى أخرى مثل هانوي وهيو ودانانج. وقال رجل الأعمال إنه أراد أن يشعر الناس بأنهم لا يزال لديهم القدرة على الوصول للطعام والموارد رغم المشكلات المادية التي وجدوا أنفسهم فيها.

ومن بين من فقدوا عملهم زوج نوين تاي لي وهي أم لثلاثة أطفال وتبلغ من العمر 34 عاما وقالت ”ماكينات صرف الأرز الآلية تلك مفيدة. بهذا الكيس الواحد من الأرز لدينا ما يكفينا ليوم... الآن لا نحتاج إلا أطعمة أخرى. يعطينا الجيران أحيانا بعض البواقي“. وقالت لي ”قرأت عن تلك الماكينات التي تصرف الأرز عبر الإنترنت وأتيت لأتفقدها ولم أصدق نفسي أنها حقيقية. أتمنى أن يستمر الرعاة في ذلك لحين انتهاء الجائحة“ مشيرة إلى أن أكبر مشكلة تواجه أسرتها الآن هي دفع الإيجار.

مبادرات مختلفة

الى جانب ذلك أعد مطار ناريتا الياباني أسرة وأغطية مصنعة من الورق المقوى والورق في منطقة انتظار الحقائب للمسافرين القادمين من الخارج الذين ينتظرون نتائج فحوص فيروس كورونا المستجد. ورغم الانخفاض الحاد في عدد رحلات الطيران في مطار ناريتا الذي أغلق أحد مدارجه، ما زالت الطائرات تهبط فيه حاملة ركابا من مختلف البلدان ومنها الولايات المتحدة وإيطاليا والذين يتعين عليهم إجراء فحص الفيروس قبل عودتهم لديارهم.

وقال مسؤول بوزارة الصحة طلب عدم نشر اسمه إن نتيجة الفحص قد تظهر في ست ساعات على أقل تقدير لكنها قد تتأخر ليوم أو يومين. وأضاف أن الركاب ممنوعون من استخدام المواصلات العامة فمن لا يأتي أحد لاصطحابه يتعين عليه الانتظار. وأُعدت الأسرة الورقية للاستخدام في حال امتلأت الفنادق القريبة بالركاب. وصنعت الأسرة في الأساس لحالات الإجلاء في أوقات الكوارث وأي أوقات أخرى يكون فيها الناس في حاجة لأسرة إضافية وهي مصنعة من الورق المقوى وبها حشية وغطاء. وقال المسؤول ”هناك فنادق قرب المطار لمبيت الركاب وعلى حد علمي لم تستخدم هذه الأسرة بعد، أو استخدمت بشكل محدود لغاية“. وأعلنت اليابان حالة طوارئ في المراكز السكانية الكبرى لمكافحة تفشي الفيروس.

من جانب اخر بدأت مؤسسة رابي الكولومبية الناشئة لخدمة توصيل الطعام في تجربة التوصيل من خلال روبوتس كوسيلة آمنة لتسليم الطعام للناس المضطرين للبقاء في بيوتهم بسبب جائحة فيروس كورونا. وبدأت هذه التجربة في ميديلين ثاني أكبر مدن كولومبيا. ويمكن لهذه الروبوتس التي تتخذ شكل صندوقا أن تتحرك على أربع عجلات وتحمل أعلاما برتقالية على هوائياتها توصيل الطعام لمسافة 35 سنتيمترا مربعا وتستخدم لنقل طلبيات المطاعم المدفوعة رقميا. بحسب رويترز.

وقالت رابي في بيان إن هذه الروبوتس يتم تعقيمها قبل وبعد كل مرة تستخدم فيها. وتقوم رابي وشركة كيويبوت التي مقرها الولايات المتحدة بتشغيل هذه الروبوتس بشكل مشترك. وقامت هذه الروبوتس بتوصيل ما يقرب من 120 طلبا يوميا مع وجود 15 روبوتس في المنطقة التجريبية. وقالت شركة رابي إنها تنوي الاستمرار في هذه التجربة حتى يوليو تموز وفي حالة نجاحها ستطبقها في مدن أخرى تعمل بها. ولرابي نحو 200 ألف موزع في تسع دول بأمريكا اللاتينية وأعلنت عن تحقيق زيادة بنسبة 30 في المئة في عمليات توصيل الطعام خلال أول شهرين من 2020 قبل بدء العزل العام.

الزواج في زمن كورونا

في السياق ذاته كان العروسان الإندونيسيان محمد نورجامان وأوجي ليستاري ويديا بهري يترقبان زفافهما بوصفه أهم يوم في حياتهما يحتفلان به أمام مئات من المدعوين السعداء. ولكن جائحة فيروس كورونا فرضت تغييرا لخططهما فبدلا من ذلك عقد العروسان قرانهما في حفل لم يحضره سوى ثمانية من أفراد الأسرة القريبين. وتابع باقي الأقارب مراسم الزواج التي استغرقت 40 دقيقة على الهواء عبر الانترنت من منازلهم.

وعلى الرغم من عدم وجود حظر إندونيسي رسمي على التجمعات الجماهيرية فقد حذرت السلطات منها في محاولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد عبر البلاد. وقال نورجامان بعد الحفل الإسلامي التقليدي في حي تانجيرانج بالعاصمة جاكرتا ” لو سألت ما إذا كان محبطين ،بالتأكيد. ”ولكن علينا قبول ذلك لأن هذا لا يؤثر علي شخص واحد أو اثنين. علينا قبول الوضع“. وكان الزوجان يتواعدان منذ سنتين ووضعا خطة زفافهما في أكتوبر تشرين الأول. ولكن الحفل الذي كان سيضم 500 مدعو وكان المفترض أن يقام في قاعة مناسبات في إحدى جامعات سيتأجل لأجل غير مسمى.

وقالت العروس ويديا التي يبلغ عمرها 24 عاما“ في أي حفل عادي يأتي الأقارب والأصدقاء ليشهدوا الحفل ولكن الآن سنعتمد على التكنولوجيا“. وشاهدت إحدى قريبات العروس الحفل مباشرة على الانترنت من غرفة المعيشة وهي ترتدي الفستان الذي اختارته لحضور اليوم الكبير. وقد وضعت لافتة كتبت عليها رسالة تهنئة ووسم ”خليك بالبيت“ باللغة الإندونيسية. وقالت ”أنه أمر محزن ولكن علينا إقامته بشكل افتراضي. ولكن نحمد الله أنه تم على خير“.

على صعيد متصل تحدى شاب في جنوب أفريقيا ثبوت إصابته بفيروس كورونا يوم زفافه والحظر الذي يحول دون إقامة حفل الزفاف وأتم زواجه في مذبح مؤقت بناه في مرأب ملحق بالفناء الخلفي لمنزله. وقالت العروس جابي ماس إسترهوزن، الطالبة بكلية الحقوق (27 عاما) في المقطع المصور على يوتيوب ”التأجيل كان قرارا صعبا للغاية. كنت متوترة جدا لا سيما وأن كل شيء كان جاهزا“. بحسب رويترز.

وكان العروسان قد حددا موعد زفافهما أولا يوم 21 مارس آذار لكن تم التأجيل بسبب إصابة العريس بفيروس كورونا والقيود التي فرضتها الحكومة على التجمعات العامة لإبطاء انتشار الفيروس. وقال العريس، الذي تعافى منذ ذلك الحين، إن إجراءات العزل العام والحظر الكامل الذي فُرض بعد ذلك قربا بينه وبين عروسه أكثر. وأضاف ”أردت بالفعل أن أقوم بشئ احتفالي وعاطفي احتفاء بهذه المناسبة“.

من جانب اخر لم يكن هناك عناق أو قبلات للأصدقاء والأقارب عندما تزوجت جيردا بارانوفسكايا وبافيل تيون في مكتب لتوثيق الزواج بموسكو لكن عشرات من الضيوف أمطروا الزوجين السعيدين برسائل تهنئة وصور قلوب في بث مباشر للعرس على إنستجرام. وقالت جيردا (24 عاما) التي تعمل بالتسويق ”في المقام الأول أردنا أن نحتفل بأنفسنا وما حدث أننا احتفلنا بكل أصدقائنا والناس الذين حولنا. هذه نتيجة عظيمة“.

وكأماكن كثيرة في العالم، طبقت موسكو إجراءات إغلاق شملت منع تجمعات الأشخاص وسط وباء فيروس كورونا مما تسبب في إلغاء حفلات الزفاف وغيرها من الاحتفالات. لكن جيردا وتيون (25 عاما) فضلا ألا يؤجلا عقد الرباط المقدس حتى على الرغم من أن الضيوف لن يحضروا. وفي المكاتب المدنية لتوثيق الزواج في موسكو غير مسموح سوى بحضور العريس والعروس في الوقت الذي تستمر فيه جهود وقف انتشار فيروس كورونا. وقالت جيردا وتيون إن زواجهما بالطريقة التي تم بها في غياب المدعوين وعدم استئجار قاعة لإقامة حفل الزفاف كلفهما إجمالا 650 روبلا لا أكثر (تسعة دولارات بالكاد) نصفها لمكتب التوثيق والنصف الآخر لسيارات الأجرة.

طعام مجاني

في السياق ذاته ساهم الطاهي البريطاني المعروف توم كريدج بدور في مساعدة الأطباء والممرضين والعاملين الآخرين الذين يقفون في صدارة مجابهة فيروس كورونا من أجل تجاوز تلك الحالة الطارئة من خلال توزيع ألف وجبة جاهزة يوميا. ويقدم كريدج برامجا للطهي في التلفزيون البريطاني ويدير ثمانية متاجر لها صلة بالطعام من بينها حانة (ذا هاندآند فلاورز) ولكنها تضررت بشدة بسبب إجراءات العزل العام التي فرضت لوقف انتشار فيروس كورونا.

وقال كريدج إنه وأصدقاءه قاموا بهذه الخطوة بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي من مستشفى وكسهام بارك في بلدة سلاو بغرب لندن سعيا لمساعدة العاملين الذين لا يوجد لديهم مطعم ولا يستطيعون الحصول على طعام من السوبرماركت. وخلال خمسة أيام جمعت هذه المجموعة من خلال صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي 140 ألف جنيه (175 ألف دولار). وبهذه الأموال والتبرعات من موردي الطعام المحليين استطاعت المجموعة استخدام منشأة كريدج لإنتاج الطعام لبدء إعداد وجبات للعاملين بالمستشفيات المحلية والفقراء.

وتأمل المجموعة جمع ما يكفي من المال والمتطوعين للحفاظ على استمرار العمل ستة أسابيع على الأقل. وقال كريدج (46 عاماِ) ”الطعام يجري فعليا نقله إليهم (الأطباء وطاقم التمريض) في المستشفى .. وبإمكانهم فقط وضعه في مايكروويف والحصول عليه .. إنه الوقود من أجل استمرارهم في العمل“.

من جانب اخر يقوم طاه في أحد أقدم وأكثر المطاعم الفاخرة في بلجيكا، والذي أغلق بسبب فيروس كورونا، بإطعام المشردين مرة في الأسبوع، في إطار مبادرة من طهاة في جميع أنحاء أوروبا. وبدأ الطاهي ليونيل ريجوليه الذي يعمل في مطعم كوم شي سوا، الذي تصل تكلفة الطبق فيه إلى 265 يورو (287 دولارا)، الطهي وتقديم الأطباق لمئة مشرد كل يوم خميس منذ دخلت بلجيكا في حالة الإغلاق العام يوم 18 مارس آذار.

ورغم إغلاق مطبخ مطعم كوم شي سوا، فإن ريجوليه الحاصل على نجمتي ميشلين يصنع طبق المعكرونة بصلصة اللحم المفروم بنفس الروح التي يطهو بها باستخدام مكونات فاخرة مثل السلعون والكمأة. وقال ”إذا استطعت أن أنشر بهجة مهنتي بين المشردين، فسأقوم بذلك بكل سرور“. وتواصلت منظمة تدير مطابخ إعداد الحساء مع ريجوليه الذي عبر عن سعادته للمساعدة بعدما أدرك أن الإغلاق العام حرم المشردين من فرصة تناول الطعام مرة يوميا في متاجر الشطائر ومحلات البقالة.

كورونا والفن

يخفي ممثل البانتومايم أحمد ناصر وجهه تحت طبقة من الطلاء الأبيض ونظارة ذات إطار باللون الأحمر الفاقع، ويقف بأحد شوارع القاهرة يوزع الكمامات ويوجه النصائح للأطفال العابرين أمامه. وظل طالب الهندسة المصري البالغ من العمر 22 عاما يمتع الشبان بفن البانتومايم لسنوات، لكن القيود التي أعقبت تفشي فيروس كورونا المستجد أدت إلى إيقاف عروضه الفنية. لذلك يتوجه ناصر إلى نواصي الطرق، حيث يتجمع الأطفال منذ أن تسبب الوباء في غلق مدارسهم.

وقال ناصر وهو يقف في حي القلعة بالعاصمة المصرية ”أنا نزلت النهار دا عشان أوعي الأطفال بخطورة فيروس كورونا. ويرتدي الفنان الشاب زيه المميز حتى يلتف الناس حوله، لكن الأداء الفني يتوقف عند هذا الحد. وبدلا من الفكاهة والتهريج، يتحدث بنبرات واضحة، أمام جمهوره من الأطفال عن أهمية غسل أيديهم. وفي وقت سابق خرج ليتحدث للأطفال الذين يلعبون كرة القدم في الشوارع المحيطة بباب الفتوح، قرب أسوار القاهرة القديمة. وقال ناصر إن هدفه يتمثل في الوصول للصغار الذين ليس لهم حسابات على موقع التواصل الاجتماعي ”فيسبوك“ ولا يتسنى لهم الحصول على المعلومات الصحيحة. وفرضت أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان حظر التجول ليلا، ومنعت التجمعات العامة الكبيرة وأغلقت المدارس والجامعات.

من جانب اخر التزم رسام الشارع البريطاني بانكسي بالتوجيهات العامة بالبقاء في المنزل خلال أزمة فيروس كورونا وقدم عملا فنيا جديدا داخل حمام منزله يصور فئرانه الشهيرة وهي تعبث داخل المكان. ونشر الرسام صورا لعمله على موقع انستجرام مصحوبة بعبارة ”زوجتي تكره ذلك عندما أعمل من المنزل“. ويستخدم بانكسي، الذي لا تزال هويته الحقيقية مجهولة، موقع انستجرام لإثبات امتلاكه للرسومات بعد رسمها في أماكن عامة وكان آخرها في مدينتي بريستول وبرمنجهام الانجليزيتين. بحسب رويترز.

ويمكن مشاهدة العمل الجديد، شأنه شأن الكثير من الأعمال الفنية خلال حالة العزل العام، على الانترنت فقط. ويصور العمل الفني الجديد فئرانا ثائرة وهي تضغط على أنبوب لمعجون الأسنان وتتدلى على مفتاح الإنارة وورق الحائط. وارتفعت قيمة أعمال بانكسي بدرجة كبيرة. فقد بيع رسم له لمجموعة من القرود تجلس بالبرلمان البريطاني بأكثر من 12 مليون جنيه استرليني في أكتوبر تشرين الأول وهو رقم قياسي في مزاد على أعماله.

اضف تعليق