q
يزخر عالم النباتات بجمال الطبيعية والكثير من الفوائد الصناعية، التي تنفع البشرية في حياتنا العصرية، فالنبات من أعظم النعم التي أوجدها الله سبحانه وتعالى على الأرض، وكلمة النبات تشير إلى جميع أنواع المزروعات، سواء كانت أشجاراً أم وروداً أم أعشاباً أم نباتات صغيرة أو كبيرة...

يزخر عالم النباتات بجمال الطبيعية والكثير من الفوائد الصناعية، التي تنفع البشرية في حياتنا العصرية، فالنبات من أعظم النعم التي أوجدها الله سبحانه وتعالى على الأرض، وكلمة النبات تشير إلى جميع أنواع المزروعات، سواء كانت أشجاراً أم وروداً أم أعشاباً أم نباتات صغيرة أو كبيرة، حيث تختلف النباتات في أشكالها وأحجامها وفوائدها، ولا يمكن حصر جميع أنواع النباتات الموجودة على الأرض، ولا يمكن حصر فوائدها الكثيرة أيضاً، فللنباتات فوائد كثيرة مباشرة وغير مباشرة، سواءً للإنسان أو البيئة أو الحيوان.

ففي الآونة الاخيرة توصل علماء ألمان الى طريقة لاستخلاص عنصر كيميائي نفيس من النبات هو الجرمانيوم وهو عنصر شبه موصل استخدم في تصنيع أول جهاز ترانزيستور لقدرته الفائقة السرعة في نقل الموجات الكهربائية، وفي عصرنا هذا لا غنى عن سيليكون الجرمانيوم وهو عنصر لا فلزي في حياتنا المعاصرة فهو ضروري لصناعة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وكابلات الالياف الضوئية، كما يستخدم الجرمانيوم الذي يبدو شفافا في الاشعة تحت الحمراء في أجهزة التوجيه الذكية والمجسات التي تستخدمها السيارات في توجيه حركتها في موقف السيارات، وعلى الرغم من وجود الجرمانيوم في التربة في شتى انحاء العالم إلا ان استخلاصه صعب وتجيء معظم الامدادات من الصين.

كما تستخدم النباتات في استخلاص العديد من العقاقير المهمة لكن بعض النباتات الطبية إما مهددة بالانقراض وإما يجري الاحتيال من أجل زراعتها.. وبالنسبة الى بعض العلماء فإن التوصل الى سبل لسهولة استخلاص هذه العقاقير بات يكتسب أولوية قصوى.

وينتج هذا النبات المهدد بالانقراض -المسمى التفاح الهندي وهو من الفصيلة الباذنجانية- مادة كيميائية أولية تستخدم في تصنيع عقار ايتوبوزايد للعلاج الكيماوي للأورام والذي يستخدمه كثيرون من مرضى سرطان الرئة والخصية والمخ والجهاز الليمفاوي وسرطان الدم وأنواع أخرى من الأورام.

وأخيرا .. اكتشف العلماء سبب كون مادة (تي ان تي) الشديدة الانفجار عالية السمية بالنسبة الى النبات فيما يعتزمون استغلال هذه الخاصية في معالجة مشكلة تطهير كثير من المواقع في شتى أرجاء العالم الملوثة بهذه المادة الناسفة الشائعة الاستخدام.

على الصعيد نفسه أعلنت شركة اسكتلندية انها ابتكرت مادة من مخلفات بنجر السكر تصل متانتها إلى ضعف صلابة ألياف الكربون وقد يمكن استخدامها مستقبلا في صناعة أجنحة الطائرات، وعليه تتواصل الابحاث والدراسات من قبل بعض العلماء المتخصصين في مجال عالم النبات لأجل التعرف على خفايا هذا العالم المرتبط بالحياة على كوكب الارض، فيما يلي احدث الدراسات والتقارير رصدتها شبكة النبأ المعلوماتية حول النباتات.

النبات يمكنه مكافحة التلوث

قال الباحثون إنهم اكتشفوا انزيما في النبات ذا قدرة على التفاعل مع مادة (تي ان تي) الموجودة في التربة بالأماكن الملوثة بها وهي المادة التي يمكنها إتلاف خلايا النبات وإهلاك مختلف المزروعات كما تجعل البيئة قاحلة جدباء، وقالوا إنه يمكن الاستعانة بالطرق التقليدية في تربية النبات لانتاج نباتات مثل النجيل يمكن ان يخلو من هذا الانزيم ليصبح ذا مقاومة شديدة ضد مادة (تي ان تي). ويمكن عندئذ إعادة زراعة مثل هذه النباتات في التربة الملوثة لازالة هذه المادة من البيئة المحيطة بالنبات. بحسب رويترز.

وقال نيل بروس استاذ التكنولوجيا الحيوية بجامعة يورك البريطانية المشرف على هذه الدراسة التي وردت في دورية (ساينس) "مادة (تي ان تي) المتفجرة ليست سامة للنبات فحسب بل للحيوانات والميكروبات والحياة البحرية ايضا"، وأضاف "توجد مساحات كبيرة من الاراضي الآن ملوثة بالمتفجرات وثمة حاجة ملحة لايجاد حلول مستديمة زهيدة التكلفة لاحتواء هذه الملوثات بالمناطق الملوثة بها. ولدى النبات مثل هذه القدرة إذا أمكننا الحد من مشكلة السمية"، وتستخدم مادة (تي ان تي) كمادة شديدة الانفجار منذ أكثر من قرن وتم تصنيع كميات هائلة منها واستخدمت بالفعل ما أدى الى تلويث ميادين التدريب على الرماية العسكرية ومواقع نفايات التصنيع والمناجم ومناطق الحروب والصراعات. وتقاوم هذه المادة التحلل بفعل الميكروبات وتظل في التربة عقودا من الزمن، وقالت ليز ريلوت استاذة علوم الاحياء بجامعة يورك "تشير التقديرات الى انه في الولايات المتحدة نحو 24 مليون فدان من المناطق العسكرية الملوثة بمكونات الذخائر يحتوي معظمها على مادة (تي ان تي)"، وتترسب مادة (تي ان تي) في جذور النبات ما يؤدي الى تثبيط عمليات النمو والتكشف أو تخصص الخلايا لأداء الوظائف الحيوية المختلفة، وتوصل الباحثون –الذين كانوا يعملون على نبات صغير مزهر اسمه العلمي (ارابيدوبسيس ثاليانا) الشائع في مختبرات الابحاث- الى ان عينات من النبات بها طفرة جينية معينة قادرة على النمو والازدهار في التربة الملوثة بمادة (تي ان تي) أما النباتات التي تفتقر الى هذه الطفرة فانها تصارع الهلاك.

ويتحكم هذا الجين في انزيم يعيد تدوير فيتامين (ج) في مكونات خلوية تسمى ميتوكوندريا وهي المسؤولة عن امداد الخلية بالطاقة. ويحول هذا الانزيم مادة (تي ان تي) الى مركب أكثر سمية يتلف الآليات الخلوية للنبات أما النباتات ذات هذه الطفرات فانها تنتج نسخة غير فعالة من الانزيم ما يوقف عمل سمية مادة (تي ان تي)، يقول الباحثون إن النبات المستخدم في التجربة صغير الحجم للغاية بحيث يصعب استخدامه في المواقع الملوثة بمادة (تي ان تي) لكن يمكن انتاج نباتات بوسعها الاحتفاظ بهذه الخاصة الفريدة المقاومة لمادة (تي ان تي) وذلك في غضون خمس سنوات.

صناعة الهواتف الذكية

الآن يعتقد علماء ألمان في جامعة فرايبورج للتعدين والتكنولوجيا انهم توصلوا إلى طريقة ثورية للحصول عليه من تربتهم بمساعدة بسيطة من الطبيعة، وأستاذ الاحياء هرمان هايلماير هو ضمن مجموعة من العلماء يستخدمون نباتات عادية في هذه العملية غير المعتادة، ويقول هايلماير وهو يستعرض محاصيل حقله "ما يزرع في هذا الحقل هي محاصيل متنوعة للطاقة على سبيل المثال عباد الشمس (دوار الشمس) وذرة وحشائش لكن بدلا من استخدامها في أغراض الطاقة نريد ان نستعملها في التعدين النباتي هكذا نسميها في المانيا. نريد ان نستخرج عناصر موجودة في التربة لتنتقل الى ساق النباتات وثمارها ونجمعها ثم نستخلص هذه العناصر من النباتات بعد ان تكون استخدمت في الطاقة اي بعد تخميرها".

ولا تزال هذه العملية في مراحلها الاولية لكن هايلماير يقول ان فريقه حدد النباتات التي تمكنهم من توسيع نطاق تجربتهم. وستجري المرحلة التالية من العملية في مختبر جامعة فراينبورج حيث يشرف الاستاذ الجامعي مارتن بيرتو رئيس قسم الكيمياء الصناعية على المشروع، ومن الناحية الاقتصادية تعتبر هذه العملية مجدية لان استخلاص الجرمانيوم يمكن ان يحدث بعد معالجة النبات لاستخدامه كغاز حيوي وهذا سيوفر الكثير من التكلفة التي تغطيها بالفعل مصانع الغاز الحيوي.

استخلاص عقاقير لعلاج الأورام

قال الباحثون إنهم وضعوا أيديهم على الجينات التي تمكن نباتا ينمو في منطقة جبال الهيمالايا من انتاج مادة كيميائية تستخدم على نطاق واسع في تصنيع عقار للعلاج الكيماوي للأورام ثم أدخلوا هذه الجينات الى نبات تسهل زراعته معمليا لصناعة هذه المادة الكيميائية.

وبالاستعانة بتقنيات الهندسة الوراثية قام الباحثون معمليا بزراعة نبات (نيكوتيانا بنثاميانا) -وهو من الأقارب البرية لنبات الطباق او التبغ- الذي استخدم في انتاج المادة الكيميائية المطلوبة، وقالت اليزابيث ساتلي استاذة الهندسة الكيميائية بجامعة ستانفورد التي أشرفت على هذه الدراسة المنشورة بدورية (ساينس) "الكثير من العقاقير التي تستخلص من النبات لا توجد بكميات كبيرة في الطبيعة ومن العسير زراعتها بالمعامل"، وأضافت "محاكاة الطريقة التي تلجأ اليها الطبيعة في انتاج هذه الجزيئات من البدائل المبشرة بالخير لكن يتعين لاتمام ذلك رصد الجينات. يمثل هذا تحديا كبيرا لان جينومات النبات يمكن ان تكون ضخمة للغاية مما يتعذر معه الوصول الى الجينات". بحسب رويترز.

وقال الباحثون إنهم اكتشفوا ستة جينات في نبات التفاح الهندي والتي اذا تم ضمها الى أربعة جينات معروفة من قبل يمكن انتاج المادة الكيميائية المستخدمة في العلاج الكيماوي للأورام، وقالت ساتلي "استخدمنا هذه الجينات في الهندسة الوراثية لأحد الأقارب النباتية للطباق لانتاج مادة العقار الأولية ونحن نعتقد ان بامكاننا استخدام هذه الجينات في انتاج العقار في كائنات أخرى سهلة الزراعة مثل فطر الخميرة"، ولدى نبات الطباق او فطر الخميرة القدرة على انتاج العقار في تجربة معملية يمكن التحكم فيها.

وأفادت دراسة نشرت نتائجها الشهر الماضي قام بها عالم آخر من جامعة ستانفورد بأن العلماء ابتكروا طريقة سريعة لاستنباط مسكنات قوية للألم من مشتقات الأفيون بالاستعانة بفطر الخميرة المحور وراثيا، وقالت ساتلي "انتاج عقاقير مشتقة من النبات في نباتات يمكن زراعتها بسهولة او في خميرة الخباز ستكون أكثر كفاءة في الكثير من الحالات لانتاج هذه العقاقير"، واضافت "يجري القيام بذلك حاليا بالنسبة الى عقار ارتيميزينين (وهو عقار لعلاج الملاريا مشتق من نبات الشيح أو الدمسيسة) وقد تكون الطريقة التي سننتج بها المورفين (المشتق من نبات الخشخاش) مستقبلا".

صناعة الطائرات

أعلنت شركة اسكتلندية انها ابتكرت مادة من مخلفات بنجر السكر تصل متانتها إلى ضعف صلابة ألياف الكربون وقد يمكن استخدامها مستقبلا في صناعة أجنحة الطائرات، وابتكر ديفيد هيبورث واريك ويل مؤسسا شركة سيلوكومب الاسكتلندية وهما عالمان مقرهما ادنبره مادة كوران وهما يسعيان الى ابتكار مادة تنافس ألياف القطن ووجدا ان مادة كوران ذات قوة شد ومتانة عالية في مجال مقاومة المواد. بحسب رويترز.

وقال كيمب-جريفين الرئيس التنفيذي لشركة سيلوكومب "كوران مادة مشتقة من جزيئات النانو سليولوز المستخرجة من جذور الخضروات، وكلمة كوران لفظة اسكتلندية قديمة تعني الجزر وهو النبات الذي استخدمه العالمان هيبورث وويل في باديء الأمر لرخص ثمنه وتوافره، ووجدا ان نبات بنجر السكر ومخلفاته أفضل لانه ينمو بسرعة ويتحلل بسهولة ونظرا لان معظم اجزاء النبات يجري التخلص منها في استخراج السكر فان ذلك يعود بالفائدة على البيئة بعد التخلص من نفايات النبات، ويجري استخراج نحو 20 في المئة من السكر من نبات البنجر على مستوى العالم. وتعتزم الشركة إنتاج 400 طن سنويا من مادة كوران التي يقول العالمان ان بالامكان استخدامها ايضا في صناعة البويات والطلاء وفي صناعة الاسمنت ومواد التجميل وغيرها.

طب الروائح

طب الروائح الذي يقوم على استخدام الزيوت العطرية لاغراض علاجية يشهد رواجا من جديد لا سيما في فرنسا مستفيدا من الاقبال على المنتجات الطبيعية العضوية والتشكيك بالادوية المتوافرة، ويدير ماركو وايزابيل باكيوني "بور إيسانسييل" الشركة الاولى في فرنسا في مجال طب الروائح والتي تجسد النجاح السريع لهذا القطاع. بحسب فرانس برس.

واسست هذه الشركة قبل عشر سنوات فقط وباتت تضم نحو مئة موظف مع خمسة فروع في اوروبا. وبلغ رقم اعمالها في العام 2014 حوالى سبعين مليون يورو ويأمل القيمون عليها ان يشهد ارتفاعا بنسبة 20 % خلال العام الحالي.

وتعد الشركة العائلية منتجاتها في المختبر ومن ثم تتزود بالمواد الاولية من العالم باسره. وتكلف شركة "فاريفا" الفرنسية للمنتجات الكيميائية الدقيقة في جنوب شرق فرنسا انتاج هذه السلع عبر التقطير بالبخار، وتطمح "بور إيسانسييل" الى ان تصبح الشركة الاولى عالميا في طب الروائح وقد فتحت للتو فرعا لها في كندا مع سعيها الى غزو السوق الاميركية اعتبارا من العام 2017، والقطاع واعد جدا. ففي فرنسا وحدها وصل رقم اعمال طب الروائح مع منتجاته التي تباع في الصيدليات وغيرها، الى حوالى 180 مليون يورو خلال سنة بارتفاع نسبته 16 % تقريبا على 12 شهرا بحسب شركة الدراسات "اوبن هيلث"، وتقول ايزابيل باكيوني "يتبين لنا ان مستخدمي منتجاتنا يريدون ان يتحكموا بصحتهم ورفاههم ومشاكلهم اليومية ويطرحون الاسئلة التي كانت تهملها لفترة طويلة مجموعات المنتجات الكيمائية المركبة"، ويقترح طب الروائح خصوصا الوقاية من الاوجاع والمشاكل اليومية والتخفيف من وطأتها مثل الزكام والتهاب اللوزتين والام الرأس والارق والتعب والضغط النفسي واوجاع المفاصل ولسعات الحشرات... وتؤكد باكيوني "بتنا في مرحلة الاثبات بالادلة".

وتكثر الشركة من الدراسات العلمية حول فعالية منتجاتها والقدرة على تحملها بالتعاون مع اطباء او مستشفيات مع وضع حدود اذ تؤكد باكيوني "نحن لا نعالج امراضا بل بيئة" المرضى، في المانيا على سبيل المثال يستخدم حوالى ثلاثين مستشفى زيوتا عطرية كمطهر او لتجنب التقرحات لا سيما لدى المسنين، وتقول مونيكا فيرنر الاخصائية الالمانية في الطب البديل والمحاضرة في طب الروائح "يتبين لنا ان كلفة هذه المنتجات اقل من المنتجات الصيدلانية التقليدية"، وتوضح ان "نظرة الكثير من الاطباء تغيرت حيال طب الروائح الا ان الطريق لا يزال طويلا وسيبقى ثمة مشككون".

لكن آن لاندرو الباحثة في التنوع الحيوي النباتي في جماعة نيس (جنوب شرق) واستاذة العلوم الصيدلانية والهندسة الصحية من الاستخدام المفرط للزيوت العطرية، وتقول "قد يؤدي ميل الجمهور الى العودة الى الطبيعة الى البحث عن +معجزة+ بشكل عشوائي"، ومع ان الزيوت هذه لا تشكل ادوية "الا انها خليط من المواد الفاعلة التي يجب تناولها في حالات محددة بكميات مناسبة وبناء لنصيحة جيدة" على ما تضيف هذه الصيدلانية ناصحة بعدم استخدامها لدى الحوامل او الرضع، واجرت لاندرو دراسة حول التعرض للزيوت العطرية خلصت فيها "الى انه لا يمكن الجزم ان الزيوت العطرية خطرة ام لا. فهذا رهن بمكوناتها والكمية المستخدمة وتفاعل كل شخص معها".

من الامازون البرازيلية الى مراكز التجميل

في قلب غابة الامازون، يجمع الكسندر حبات نبتة مورومورو المتساقطة من شجرة تنتمي الى الفصيلة النخلية وتعزى اليها بعض المنافع الخارقة على صعيد صحة الشعر كما أنها تساعد السكان الاصليين على تحسين مستوى مداخيلهم.

يقول الكسندر امارال دا سيلفا وهو مزارع خمسيني في مزرعة بروفيدنسيا الواقعة على بعد اكثر من 700 كلم من مدينة ماناوس عاصمة ولاية امازوناس (شمال) لوكالة فرانس برس "عندما وصلت الى هنا كان المكان مقفرا"، وعلى ضفاف نهر جوروا المتعرج، تستوقف المارة حفنة من البيوت الخشبية المشيدة على ركائز متينة في الغابة العذراء. بحسب فرانس برس.

ويتهافت حشد من الاطفال في كل مرة يسمعون هدير محركات سفن الزوار الاتية الى هذه المزرعة المنشأة قبل 20 عاما على يد الكسندر وعائلته والواقعة على بعد ثلاث ساعات بالسفينة من المدينة الاقرب كاراواري التي تضم 25 الف نسمة، ويستذكر المزارع قائلا "في البداية لم نكن نعلم فائدة هذه الثمار، جل ما عرفناه هو انها كانت تسبب لنا الاما في القدمين"، وذلك خلال وقوفه مستظلا احدى شجرات مورومورو المليئة بالأشواك والتي يصل طولها الى 15 مترا، لكن منذ خمس عشرة سنة، نجحت العائلات المقيمة على ضفاف نهر جوروا كما الحال مع اسرة الكسندر في تحسين مستوى دخلها مع بيع ثمار مورومورو التي تمثل احد المكونات المستخدمة في المستحضرات التجميلية المصنعة من شركة "ناتورا" البرازيلية المتعددة الجنسيات، ويعمد الكسندر الى قطف ثمار مورومورو التي تقع ارضا عندما تصبح جافة. بعدها تتسلم زوجته ماريا تيريزينيا المهمة إذ تعمل على كسرها وفصل صدفات هذه الفاكهة من ثم المحافظة عليها داخل كيس من الخيش، وبالنسبة لعائلات المنطقة، تصل قيمة الارباح المتأتية من بيع هذه الثمار الى 1800 ريـال برازيلي (460 دولارا) سنويا، وهو مبلغ لا بأس به لهؤلاء الناس الذين يبيعون الثمار الى تعاونية محلية، من ثم تتم معالجة هذه الثمار لتتحول الى نوع من الزبدة، وهو مكون رئيسي يسهم بفعل تركيبته الكيميائية في معالجة الشعر التالف.

وتشهد البرازيل نموا مطردا لصناعة التجميل رغم الانكماش الاقتصادي في البلاد. وسجل سوق مستحضرات التجميل البرازيلية نموا بنسبة 11 % ليحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد الولايات المتحدة والصين.

وتعمل شركة "ناتورا" التي حققت العام الماضي ايرادات بقيمة 7,4 مليارات ريـال برازيلي (حوالى ملياري دولار)، حاليا مع اربعمئة عائلة في محمية المنطقة الوسطى لنهر جوروا، ومع أن جمع ثمار مورومورو لا يمثل مصدر الدخل الرئيسي للشركة كما أنه يتغير تبعا لمستوى الحصاد، الا انه يساهم بشكل كبير في زيادة هذا الدخل بحسب ما يوضح كارلوس خوري مدير منظمة الحفظ والتنمية المستدامة لمنطقة امازوناس غير الحكومية لوكالة فرانس برس.

وبحسب الارقام الرسمية، يبلغ مستوى الدخل الفردي السنوي في كاراواري 2600 ريـال برازيلي (660 دولارا) في هذه المنطقة التي تعتبر من الافقر في العالم، فمن بين السكان المقيمين على ضفاف نهر جوروا، ما لا يزيد عن النصف يجيدون القراءة والكتابة وفق شركة "ناتورا"، وفي الماضي كان سكان المنطقة يعتاشون من انتاج المطاط لكن مع تراجع هذا القطاع اضطروا للبحث عن بدائل. وباتت زراعة نبات المنيهوت والصيد ابرز الانشطة الاقتصادية في المنطقة، وحتى ثمانينات القرن الماضي اعتمد الناس اقتصاديا على تجار كانوا يفرضون وتيرتهم الانتاجية على المزارعين ويدفعون مبالغ بخسة لقاء منتجاتهم، الا ان السكان انتظموا وأنشأوا سنة 1991 جمعية المنتجين الريفيين في كاراواري، ويقول رئيس الجمعية فلافيو دي كارمو "في الماضي، كنا نشتري علبة الحليب المجفف بـ12 ريـال (ثلاثة دولارات)، أما اليوم فنحصل عليها بستة ريـالات"، كما أنشأ السكان المحليون نظاما للتجارة العادلة لتزويد المتاجر المحلية بمنتجات مستقدمة من المدينة يمكن للسكان شراؤها عبر دفع الأموال او عن طريق مبادلتها بمنتجاتهم الخاصة. هذا النظام ضاعف القدرة الشرائية لدى العائلات، وتؤكد روزي باتيستا رئيسة محمية جوروا في معهد شيكو مينديز البيئي العام أن سكان هذه المنطقة "بات في امكانهم اعتبار انفسهم اليوم كشعب يتمتع بالاكتفاء".

اضف تعليق