q

لم تعد صناعة الأخبار مجرد نقل المعلومات من مصدرها إلى المتلقي، وإنما أصبحت، في عصر تقنية الإعلام، تعتمد على مناهج علمية مختلفة أبرزها الاعتماد على التحليل النفسي بقصد تحقيق أكبر قدر من التأثير النفسي في المواطن، لأنه المادة الأساسية في صنع العمل الدعائي، إذ أخضع الخبر لاختبارات علمية لقياس تأثيره بعد خضوعه لأساليب وأشكال تحريرية مختلفة، وإذا كان نظام التغطية الإخبارية وعناصرها يختلف من عصر لآخر، ومن نظام سياسي إلى نظام آخر كما طرحتها الأدبيات الإعلامية فأن هناك عناصر جديدة دخلت عمليات صناعة الخبر، كما تطورت الأساليب التحريرية والمضمونية بأبعادها اللغوية والنفسية، بل إن هذه الصناعة أصبحت معقدة وأكثر غموضاً في مراميها وعمليات تغيير اتجاهات الرأي العام، إذ وظفت الأجهزة الغربية الأخبار في عملياتها التي ترمي إلى التأثير في العقل البشري، وتغيير اتجاهاته بما يتلاءم ومراميها السياسية.

فوكالات الأنباء الدولية تعمل على خدمة مصالح دولها ومراميها، فهي أداة من أدوات ترويج السياسات الخارجية لدولها ووسيلة مهمة في إقناع الرأي العام العالمي بسياسات هذه الدول ومواقفها تجاه القضايا العالمية. ويتنبأ الفنان الأمريكي (كورت ستون) بسيادة الصراخ والزعيق الأمريكي بمفرده في العالم أجمع (1). وبرغم طرافة هذا الرأي إلا أن فيه قناعة موضوعية تعبر عن التمسك بالتوجه الإعلامي ذي الصيغة الرامية إلى الترويج. إذ إن وجود تحديات عالمية في ظل إعلام مفتوح أدى إلى العديد من النتائج المؤثرة أمنياً، منها تأكيد التباين الحضاري بين الدول المتقدمة ودول العالم النامي، الأمر الذي أدى إلى شدة الصراع بين الدول المتقدمة والدول النامية، وأظهر التباعد الثقافي والقيمي في المجتمعات على الصعيد الدولي، وداخل الدولة الواحدة بين الغني الذي يملك والفقير الذي لا يملك. وقد كانت محصلة هذه العوامل ظهور العديد من المشكلات الأمنية منها ارتفاع معدلات ارتكاب الجرائم في عالمنا المعاصر(2).

        ولقد أسفرت التغييرات في موازين القوى عن زعزعة في الاستقرار عن حرب على الغالب(3). وهذه الحرب سميت الحرب على الإرهاب، كما أطلق عليها ولا سيما في العالم الإسلامي، إذ أريد أن يفهم الإعلام هنا بمعناه الواسع بما في ذلك صحف التعليقات والتحليلات والآراء، بل ما يشمل الثقافة الفكرية في واقع الأمر(4). فضلاً عن السيل المتواصل من وكالات الأنباء، وإعادة نشر مقالات الصحف الغربية، ولهذا تأثير أكثر أهمية في أوقات الحرب، إذ إم مصادر المعلومات هذه ومواقفها، تؤثر في صحافة الوطن العربي(5). وبالذات في أوقات التوتر والأزمات لأنها توفر المعلومات والأخبار ذات الطابع المؤثر ولا سيما في الدول العربية ومجتمعاتها.

       إن اتجاهات التغيير في النظام العالمي خلقت بدورها تحديات واسعة فرضت على الوطن العربي الاستجابة لها، على أن تكون الاستجابة بمستوى تلك التحديات، إذا أريد للعرب أن يسيروا على طريق الارتقاء(6). برغم أن هذه المعادلة صعبة بسبب التفاوت الواضح في كل الإمكانات التي يمتلكها النظام العالمي الجديد.

        لقد أصبح من المستحيل في يومنا هذاـ السيطرة على الإعلام أو التحكم في توجهاته، فلم تعد هناك كوابح لحرية التعبير في هذا العالم(7). لأنَّ الفضاءات مفتوحة والتلقي لا يخضع إلاّ لرغبات الفرد ضمن جماعته. إذ إن وكالات الأنباء تمثل تجارة الجملة في سوق المعلومات، ولكن الأخبار من السلع القابلة للغش كأي سلعة أخرى، بل لعلها أكثر قابلية للغش إذ يمكن عرضها بكثير من التلوين والتمويه وإساءة القصد والمبالغة بالحذف أو الإضافة(8). وبالتالي جعلها تتلاءم مع المصلحة التي تريدها وكالة الأنباء. وأصبحت وسائل الاتصال تعمل لتحقيق مراميها المختلفة، فهي أما أن تقوم ـ في المجتمع العربي ـ بدور تلقائي: كوظيفة ترتيب أولويات الجمهور (Agenda – Setting Function) أي تنمية اتفاق جماعي عام عن أحداث بعينها، أو إعادة تنظيم الإرث الاجتماعي والإسهام في التعليم العام للجمهور أو دعوة الناس للمشاركة في حياة أفضل والمساعدة في إيجاد الطلب على الأشياء والإسهام في ارتفاع مستوى المعيشة عن طريق وصف كيفية معيشة الآخرين(9). حتى أصبحت الكلمة المطبوعة أداة للتغيير الاجتماعي والسياسي(10). لأنها قد تؤدي إلى التأثير في الرأي العام وتغيير قناعاته وإبداء آرائه ووجهات نظره المبنية على تأثير تلك الكلمة. لذلك فأن قدرة الوكالات الدولية على التأثير يفوق قدراتها المالية والبشرية(11). ولهذا فأن الأكاذيب التي ارتكزت عليها إدارة بوش(*) لترويج الحرب على العراق في شاشات التلفزة الأمريكية(12). كانت لها أكبر الأثر في الرأي العام الغربي ومن الملاحظ أن الاعتقاد في كون وسائل الإعلام الغربية مسؤولة ومستقلة ويمكن أن تمارس مهمتها بحيادية وموضوعية يعدُّ وهماً كبيراً ومنافياً للواقع، وإنما وسائل الإعلام الغربية هي سلاح يستعمل كما تستعمل الدبابات والطائرات والمدافع وغيرها لمقاتلة الشعوب وتدميرها، وربما يتعين علينا أن نتأمل ـ على نحو أعمق ـ  ما جرى للإعلام منذ طورته الهتلرية والأمبريالية عموماً كسلاح من أسلحة الدمار الشامل(13)، إذ إن مشكلة الإعلام اليوم هي التفريق بين الجماهير بدلاً من توحيدهم. وبرزت هناك وسائل سلطوية يقودها كبار الساسة(14). غير أن عملية مطردة لإشاعة اللامركزية في الصناعات الإعلامية الكوكبية تجري على قدم وساق في الوقت نفسه، إذ تحولت بلدان رئيسية في مناطق مختلفة من العالم إلى مراكز إنتاج إقليمية: المكسيك للتلفاز الناطق بالإسبانية، والهند للأفلام، وهونغ كونغ للتلفاز والأفلام في شرق آسيا (15)… الخ.

        أما النزاعات الدائرة في فرنسا وبلجيكا فإنها توضح المسار العام لإخضاع وكالات الأنباء لمصالح عالم الأعمال، ذلك أن تمويل وكالة الصحافة الفرنسية مثلاً يأتي (60%) منه من ميزانية الحكومة و (15%) من الصحافة، إلا أن أرباب الأعمال يملكون الأغلبية في مجالس الإدارة، وبإمكانهم أن يقرروا حتى التخلص من الوكالة نفسها(16). وترى الشركات التي تمتلك وسائل الإعلام الكبرى بأن تعليب الأخبار أجدى اقتصادياً من بثها بالطرائق التقليدية(17). وكل وكالة من الوكالات التي كانت قائمة سواء أرغبت أم لا؛ بدت وكأنها بمثابة وكيل لتنفيذ مخططات حكومتها الجيوبوليتيكية، لأنها تخضع لمصالح هذه الحكومات المبنية أصلاً على الأهداف التي وجدت هذه الوكالات من أجلها لكي تتطور وتسهم إسهاماً فاعلاً في تحقيق المخططات الإستراتيجية للحكومات باستعمال الأخبار للتأثير في الناس عن طريق اختيار بعضها دون بعض وكذلك إهمال بعض الأخبار وعدم الإشارة إليها(18). إذ إن محتوى هذه الأخبار عادة يصمم ليلبي مصلحة الغرب وحاجته(19). وتتحكم وكالات الأنباء الدولية في مجال انسياب الأخبار وفي تقديم تفسيرها المتحيز أحياناً للأحداث التي تقع في المنطقة العربية(20) . الذي يكون في الغالب الوعاء الذي يحتوي على نتاج وكالات الأنباء على نحو مؤثر، فإعلام الشمال هو الذي يؤثر في الرأي العام العالمي(21). كما أن الكثير من المؤسسات الإعلامية الغربية فقد مصداقيته ولا سيما بعد أن تكشفت الكثير من الحقائق التي كانت تروج لها تلك المؤسسات لتحقيق أهداف وأغراض سياسية(22).

        كما أن الوكالات الدولية الرئيسية هي التي تتحكم بصياغة المعلومات وتوجيه الرأي العام(23)، ويرى بعضهم(*) بأن لوكالات الأنباء ، ولوسائل الإعلام عامة دوراً ومسؤولية كبيرين بخصوص توضيح المشكلات التي تواجه الإنسانية وتقريب وجهات النظر المتباينة(24). وأحيانا يتساءل أيضاً عما إذا كان العالم ذو الأقطاب المتعددة محكوماً بالمواجهة الدائمة، من أجل تشجيع المساواة الأولية على التسابق(25)، ومن جراء مشاهدة بعض القنوات التلفازية وسماعها كان ينتاب المشاهد الطباع بأن هذه القنوات التي تقرر الحرب، إذ إن الإعلام كان يختفي لصالح الإشاعة والترويج الكاذب ( Propgande)(26)، فوكالات الأنباء هي جزء من العملية السياسية لأية دولة من الدول(27) فإلى أين يتجه الإعلام ؟ إلى حيث تقوده الإرادة السياسية وفي هذا المستوى يتراوح معدل الفوارق بين البلدان المتقدمة والبلدان العربية من (20 إلى 1) وهو معدل يمكن أن يصل بحسب الاتجاهات الحالية ـ إلى خمسين مقابل واحد في بداية القرن الواحد والعشرين(28). وهذا يعني خضوع هذه الوكالات لتأثيرات القوى السياسية والاقتصادية العالمية المتنافسة(29). ويفسر ذلك بأن الإعلام الدولي وسيلة من وسائل السياسات الخارجية للدول، وبالتالي فهو يسعى لخدمة هذه السياسة بالتفاعل مع الوسائل الأخرى.

        وتعد الشركات متعددة الجنسيات رمزاً للسيطرة الاقتصادية ومن ثم السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة على العالم، وعلى وجه الخصوص على العالم النامي ، ودور شركة " اليونايتد فورت " في قلب نظام الرئيس ارينزغوزمان في غواتيمالا  عام 1954، ودور شركة الهاتف في قلب الرئيس الليندي في تشيلي عام 1973 يقدمان أنموذجين على السيطرة التي تمارسها الولايات المتحدة في العالم النامي(30).

        وهذه السيطرة خلقت معادلات سياسية وأجواء قلبت الكثير من الوقائع التي غيرت مسارات مرسومة منذ وقت طويل.

        وهناك سبب آخر لتفوق المدن الكبرى في ذلك المضمار، فمن الأوفر اقتصادياً أن توصل خدمات الأنفوميديا إلى المدن المأهولة بالسكان من أن يكون ذلك في المجتمعات الريفية المتناثرة ، فالمدن ذات الكثافة السكانية العالية التي يرتفع فيها مستوى الدخل المتوافر ، ستكون بمنزلة عوامل جذب قوية لتكنولوجيات وخدمات الأنفوميديا(31).

        ولأن وسائل الإعلام الدولية قادرة بدرجة كبيرة على ترويج السياسات الخارجية لدولها بفضل انتشارها الكبير وإمكانياتها الضخمة في هذا المجال نجد  الأنباء التي تقدمها وكالات الأنباء الدولية عن دول العالم النامي تتسم بالسلبية وتؤكد أن الصراع والتوتر وعلى ما هو غريب واستثنائي ،وليس هناك قدر كاف من الأنباء التنموية(32).

        ويعترف الغربيون بأن الأخبار عن قضايا العالم النامي قليلة ولا تتناسب مع أهميته الجغرافية ويصفونها بأنها إيجابية وبناءة(33). وقد اعترف الصحفيون في أثناء الحرب على العراق بملء إرادتهم بالافتقار إلى الموضوعية على نحوٍ مروّع(34).

        وبهذا فأن الشمال يسحق الجنوب إعلامياً(35). والسبب أشرنا إليه في أكثر من موقع ، ألا وهو التفوق العام للشمال على الجنوب .

        أن دولاً معينة ومتقدمة تكنولوجياً تشتغل مزاياها لممارسة شكل من أشكال السيطرة والأيديولوجية اللتين تعرض الذاتية القومية لبلاد أخرى للخطر(36).

        إن القوى النسبية للدول المتقدمة ذات التأثير في الشؤون المالية العالمية لن تبقى ثابتة أبداً لسببين: أحدهما تباين معدل النمو للمجتمعات المختلفة. والآخر: الاتجاهات التكنولوجية والتنظيمية التي تأتي في نهاية المطاف بمنفعة كبرى لهذا المجتمع على حساب الآخر(37).

        وتنجز الاختراعات العلمية والإضافات التكنولوجية حالياً بمعدل اختراع أو اكتشاف جديدة في كل دقيقتين من دقائق الساعة الواحدة على مدار السنة ، ومن دون توقف(38).

        فقد تحالف مركب اجتماعي معقد داخل الإعلام وتمدد باعتباره طلائع لمؤسسات مالية واقتصادية عملاقة صارت لديها مصالح ولا سيما وذاتية ومستقلة عن آمال البشرية ، وتحالفت عقيدتان جوهريتان على تسيير آلة الإعلام الجماهيري الحديث وهما العقيدة المتعدية والعقيدة العسكرية لإنتاج عقلية آثارية ليس فيها من الإيثار والمشاركة والتواصل سوى القليل، وضاعف رأس المال  السياسي ونزعة قوية للهيمنة على العقول تنتج حالة تعبوية متربصة لا تسعى للفهم وإنما للعدوان ومزودة بالاستعدادات الجوهرية والأولية للكراهية، وأن مسؤولية الولايات المتحدة تحديداً عن هذا التحول المنحرف للإعلام المعاصر لا يمكن إنكارها(39).

إن قيام الأفراد ببناء التصور الذهني وتقويمه لدى الشعوب يماثل عملية قيامهم ببناء الصورة الذهنية الواقعية، وأن قيمة أحكامهم ترجع إلى خليط من العوامل الجغرافية والسياسية والعرقية ( Ethnic) أو إلى جوانب أخرى عن هذه الدول، ويميل القائمون بالاتصال في الدول الغربية عامة، إلى التأكيد على الصراعات والأحداث المشؤومة، مع التركيز على التأثيرات السلبية في تقويمهم للحكومات أو المجتمعات(40).

        وهي ـ بذلك ـ تدفع إلى تبني المواقف المقرونة بالأحكام المسبقة، وفي الحيلولة دون تفهم عميق لروح شعوب العالم وحاجاتها(41) سعياً وراء الإعلام الذي يحشد رؤوس الناس: أو يصنع العقول التي تصنع الحرب، وعندما تطغى مرامي الحرب على العقول أو تنغلق وتنسد على فكرة واحدة فلأن الإعلام يكون قد سقط سريعاً لوسواس قهري(42).

        إن تأثير وسائل الإعلام في السياسة الخارجية للدول يكمن بإبراز بعض الجوانب المهمة في علاقاتها الخارجية، وتصميم الأسرار التي يسر بها المسؤولون، وتحليلها وتحديد أبعادها بما ينسجم مع مصالحها، فضلاً عن دورها في توجيه الرأي العام للتعاطف مع قضايا محددة، ومرامي دول حليفة، ودورها في إعادة صياغة الرأي العام بصورة مستمرة(43).

وربما كان أوضح مثال على هذا الشكل الجديد من الارتباط بين الأطراف العالمية المختلفة هو اندماج منظومات ثلاث رئيسية في حياتنا الاجتماعية والدولية الراهنة:

المنظومة الأولى: هي المنظومة المالية: فقد أصبحنا نعيش في إطار سوق واحدة لرأس المال، وبورصة عالمية واحدة، على الرغم من تعدد مراكز نشاطها.  

المنظومة الثانية: هي المنظومة الإعلامية والاتصالية: فمن الممكن اليوم ـ لجميع سكان الأرض القادرين على دفع الثمن، الارتباط عن طريق الصحن الهوائي بالقنوات التلفازية ذاتها الموجودة في العالم كله التي توجه في بثها لجمهور عالمي أو معولم أكثر فأكثر لا لجمهور محلي.

المنظومة الثالثة: هي المنظومة المعلوماتية: وتجسدها على نحو واضح شبكة المعلومات (الانترنيت)، فهي شبكة واحدة، يشارك فيها الأفراد، وينفذون إلى ما تنطوي عليه من معلومات وعروض، بصرف النظر عن الحدود السياسية والخصوصيات الثقافية (44).

        إن الشطر الأكبر من هذه الأنباء غربي ويعبر عن اهتمامات الغرب ويقدم من زاوية غربية(45).

        وهو يبث إلى العالم الشرقي أو الدول النامية بهويته واهتماماته ناقلاً خصوصياته وعوالمه إلى هذه الدول.

        إن الأهمية المتصاعدة لوسائل الإعلام في الشؤون العامة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قد حولتها من مشاهد خفي تقريباً إلى فاعل رئيسي في الميدان السياسي (46).

        إن وكالات الأنباء تسوق خدماتها لجمع الأنباء ونقلها وكذلك تقييمها للأحداث وعن طريق إضفاء طابع تجاري عليها فإنها تعدل الطبيعة والأهمية النسبية للأحداث التي لا تقع في الحقيقة بالنسبة إلى الجمهور بصفة عامة، ما لم تختار للنشر بواسطة مصادر الأنباء، وهكذا تحول وكالات الأنباء أية حقيقة تدرك أبعادها المحددة والكيفية التي تفهم بها المضمون والظروف المحيطة بها إلى بناء أخباري، يتعين لكي يصبح نبأ فعلياً، أن يقدم بطريقة يمكن بيعه بها، والشيء الذي تنطوي عليه بنية المفهوم التجاري للنبأ هو التمييز المنظم ضد الحقائق التي لا يمكن بيعها، وهي ـ بحسب هذا المفهوم ـ ليست أنباء، لأنها ليست مهمة للسوق السائدة ، وهناك أيضاً ـ ميل لتشويه الحقائق حتى يتناسب مركز الاهتمام مع تلك الأشكال التي يمكن بها تسويقها بسهولة، ومع هذه العملية تكون الطبيعة الاجتماعية للحدث، ومنطقه الذاتي إذ هو نتاج لسياق حضاري تاريخي، مفقودة تماماً، ويستبدل برسالة لا سياق لها يقرر محتواه منطق السوق(47). كذلك فأن التدفق لم يعد مختلاً، وغير عادل ، وغير متوازن فحسب، ولكنه ـ أيضاً ـ أصبح أداة للسيطرة، ولغرض الإدارة للصراعات العالمية ووسيلة لتضليل الجماهير والتحكم فيها وتحديد مواقفها واتجاهاتها، والتقليل من قدراتها على القيام بأي عمل منظم لتغيير الوضع الراهن(48).

        وهذه الوكالات تلجأ إلى تلوين الأخبار طبقاً لمصالحها ومصالح النظم السياسية والاقتصادية التي تتبعها(49). نجد مثل هذا التلوين للأخبار واضحاً في التغطية الإخبارية لجهود الدول النامية في زيادة سيطرتها على أسعار المواد الأولية التي تمثل مؤتمرات الأوبك في السبعينيات صورة صارخة لها(50). إذ إن المخبرين يستطيعون إدخال الانحياز في الخبر وتشويهه حينما يتعاملون بشيء من عدم الاكتراث مع مصدر أخباري منحاز كل الانحياز(51). ويكون ذلك عن طريق إدخال حقائق قديمة أو غير معروفة وعلى علاقة بأبعاد موضوع الخبر وحيثياته، والتي من شأنها الإسهام في تفسير الحدث، لكن الخطورة فيه (أي في التفسير) يكون بسبب قدرته على دعم وجهة نظر معينة أو موقف محدد منه، فالخبر المفسر، أو التفسيري هو الخبر الذي يشتمل، فضلاً عن حقائق الحدث موضوع الخبرـ على حقائق معروفة أو غير معروفة، قديمة أو جديدة ذات صلة بالحدث، وتوضح على نحو غير مباشر على الحدث وتفسره وتعلق عليه(52). أما وكالات الأنباء الدولية فلا نراها معنية ـ على نحو أساسي ـ بهذه الأمور التي تشغل العالم النامي بل إنها تذهب إلى خيارات أخرى منها التحريف الذي يطرأ على تقديم هذه الوكالات للأخبار، وقد لا يكون متعمداً، أو قد يكون نتيجة للاختلافات الثقافية والعداوة التي يرجع سببها للضغوط الصهيونية اقتصادية كانت أم حضارية، ولكن تبقى في النهاية حقيقة أكيدة وهي أن هناك تحريفاً وهناك تحيزاً إعلامياً في غير صالح العرب وهذا يطرح ظلالاً من الشك على وسائل الإعلام في المجتمعات الغربية على نحو عام ويقلل الثقة فيها(53). وهي سائرة في هذا النهج الإعلامي المسيّس الذي لا يتورع عن التزييف والتحريف وقلب الحقائق وتسمية الأشياء بغير أسمائها من أجل الحصول على مكاسب سياسية وخدمة للطرف الأقوى. ومع ابتعاد الغرب عن العرب، بفاصل التقدم والتخلف، إلا أنهما ارتبطا بفعل التعامل اليومي، وفي مقدمته التعامل التجاري، فضلاً عن الاتصال الثقافي، فقد عمل الغرب على الاستعانة بالاتصال تحقيقاً لأهداف سياسية واقتصادية وثقافية، لذا كان توظيف الاتصال من أبرز أنشطة الغرب في توجهه نحو البلدان العربية (54). إذ إن هناك ارتباطاً بين التجهيل والتضليل، فالنظام الإعلامي الدولي يخفي الكثير من الحقائق والمعلومات ويحجب الكثير من الأحداث، وفي الوقت نفسه يقوم بتقديم المعلومات بأساليب معينة تؤدي إلى دفع الجماهير لاتخاذ ردود أفعال ومواقف، طبقاً لما تريده القوى المسيطرة على عملية تدفق الأنباء، إذ تستعمل في الكثير من الأحيان استعمال المعلومات التي تؤدي إلى زيادة الخوف لدى الجماهير لكي تدفعها لتأييد السياسات الأمريكية، وهو ما ظهر بوضوح عقب أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 (55). فبعض الوكالات الدولية تعرض الأخبار العالمية وتنقلها بالأسلوب والصيغة بحسب اتجاهها الإعلامي والسياسي، ففي بعض الأحيان تأخذ المادة الإعلامية، الطابع السلبي ( Negative) أكثر من الطابع الايجابي ( Positve) عند نقل الأخبار عن الدول النامية وذلك عن طريق تحريف محتوى الأخبار وتأويلها بما يخدم مصالح هذه الوكالات التجارية مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الأمني لدول العالم النامي . ففي موضوع التيارات الإسلامية التي برزت في الآونة الأخيرة ، حاولت الوكالات الدولية توصيفها جميعاً بالإرهاب الإسلامي وتناولت الإسلام ديناً وتراثاً وثقافة من زاوية تشويه صورته وتقويمه في الغرب وكأنه يحضُّ على القتل والقوة ويعادي الحرية والديمقراطية ، وفي الوقت نفسه صورت تلك الوسائل الأعمال العدوانية الأمريكية والغربية على أنها أعمال حضارية تصب في الدفاع عن القيم الإنسانية كـ : غزو الصومال ، وضرب ليبيا ، وحصار الشعب العراقي ، وحصار كوبا(56). وأخيراً الحرب على أفغانستان والعراق واحتلالهما ولذلك تحصل تلك الوكالات على مساعدات ودعم مالي من حكوماتها من أجل تسويق خطط وبرامج إعلامية تخدم الأهداف العليا للدولة الداعمة(57).

الأساليب الدعائية وراء عملية صنع الأخبار في الوكالات :

        ومن أبرزها :

أولاً : الدعاية :

        تعرف الدعاية بأنها عمليات اتصالية ترمي إلى التأثير في الأفراد والجماعات والسيطرة على سلوكهم الغريزي باتجاه يخدم مرامي مخططي العمل الدعائي(59) . وتختلف هذه الدعاية من وسط إلى آخر ومن وسيلة إلى أخرى.

        إن العملية الدعائية بالنسبة إلى وكالات الأنباء الدولية تتكون من عدة أدوات وأساليب تنتظم في مخطط دعائي أعد إعداداً دقيقاً ليطرح في الوقت المناسب لتحقيق المرمى المطلوب(60).

        وتنطلق وكالات الأنباء من إستراتيجيات معينة وتعتمد أساليب دعائية وإعلامية تتباين قليلاً وتتآلف كثيراً بخاصة في الأوقات الساخنة والأزمات التي تقتضي توحيد الجهود لخدمة المصالح المشتركة .

        إن البعد الدعائي للإعلام يأخذ جانباً مهماً في عملية الاتصال السياسي(61) الذي وضع حداً لإشكالات خطيرة كحرية الصحافة ، وحرية التفكير السياسي(62)، ووجد البعد الدعائي دعماً قوياً جداً من الإعلام ومن مؤسسة الأعمال والتجارة التي نظمت في واقع الأمر كثيراً من ذلك العمل الدعائي ودفعته إلى الإمام ، الأمر الذي جعله يحقق نجاحاً باهراً بصورة عامة(63).

        وتقترب الدعاية ـ في مضمونها ـ من ناحية الوسائل التي تستعملها في نشاطاتها المختلفة بمنظور العمليات الاتصالية بالجماهير على نحو عام ولا سيما بتطور الوسائل المستعملة في التحكم بالرأي العام وأنماط السلوك المختلفة للأفراد والجماعات . تختلف لغة الدعاية وأسلوبها وأنواعها بحسب المرمى الذي تسعى إليه وبحسب توجه القائم بالعملية الاتصالية الدعائية والغايات التي يرمي إليها من الدعاية(64).

        وقد أثبتت النزاعات والحروب الحديثة أن المهارة في استعمال اللغة الإعلامية والدعائية كانت سلاحاً خطيراً ووسيلة فتاكة وأداة فاعلة من أدوات الدعاية السياسية(65).

        من هنا أصبحت عملية الانحياز في الأخبار والنصوص الإعلامية تدرس في كتب التحرير الحديثة أكثر من كتب الدعاية والحرب النفسية(66)، إذ إن ماكنة الدعاية تتلقف الأخبار والأحداث العالمية وتتعامل معها وفق أسلوب فني مبرمج يرمي إلى تحقيق غاية معينة وفي جمهور معين(67)، وماكنة الدعاية هذه اعتمدتها الوكالات الكبرى ، ومما لا غبار عليه أن هذه الوكالات أدت دوراً وثيق الصلة بالدعاية السياسية الدولية ، فقد أستعملت بريطانيا والمانيا (وهما القوتان المتنافستان في القرن التاسع عشر ) وكالات الأنباء لديهما أدوات دعائية وأسلحة ضد الخصوم ، إذ مارست رويترز وهافاس النشاط لتمهيد كسب الحرب (68)؛ إذ إن الدعاية السياسية التي مارستها هافاس ورويترز في المئة سنة تعدُّ واحدة من أسباب الحروب الدولية(69). إذ تكمن الدعاية في ما ينطوي عليه الخبر من أجواء وما يشيعه من أصداء، والوظيفة الدعائية للخبر يمكن أن تكون مقصودة في بعض الحالات، ولهذا كان موضوع حدود الصدق في الخبر من القضايا موضع الاهتمام على الصعيد السياسي منذ وقت طويل(70).

        وكان المفكر السياسي هارولدلاسكي قد أشار إلى هذه المسألة منذ وقت مبكر، حيث أكد أن من يبحث مشكلة الصدق في الإعلام في المجتمع الحديث يواجهه أمران: أحدهما: تعقد هذه المشكلة ، والآخر : أن جمع الأخبار ونشرها لا يراعى فيه العرض الموضوعي للوقائع، والأخبار سرعان ما تصبح دعاية عندما تتمكن مادتها من التأثير في السياسة، كما يميل مضمون الأخبار في المجتمع الحديث المتفاوت إلى فائدة من بيدهم مقاليد السلطة الاقتصادية(71). ونستطيع القول : إن قوة وسائل الإعلام تكمن على نحو خاص ـ في قدرتها على تعميم الصراعات في المحيط الاجتماعي(72)، وهناك أمثلة عديدة، وبعد تحليل أحداث الحادي عشر من أيلول واستثمار الإدارة الأمريكية لها إلى أقصى درجة ممكنة دخلت منها وبها عصر القطب الأوحد الذي تحكم فيه " النيات والسرائر "(73). وقبل ذلك جاءت أزمة الخليج في الثاني من آب عام 1990 لتدعم هذا النظام، إذ لم تكن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لقوى التحالف وإدارتها للأزمة ، بل جاءت مشاركة الاتحاد السوفييتي ( السابق) والصين ودول العالم النامي معها لتؤكد إنتهاء القطبية الثنائية الدولية وظهور القطب الواحد(74)، ولذلك فأن هذه الأحداث صاحبتها حرب تضليل إعلامي ، صاحبت غزو العراق عام 2003 ومازالت(75). والذي يتأمل أساليب الإعلام الغربي ومراميه يجد أمن الرأي العام هو المرمى الأساسي الذي توجه الحملات الإعلامية للتأثير فيه ، ولذلك فأن دارس الإعلام الغربي لا بد أن يقف عند النقاط الآتية التي يلاحظها على نحو بارز في العمليات الدعاية(76):

1ـ      التكرار والملاحقة .

2ـ      الإثارة العاطفية .

3ـ      عرض المعلومات وكأنها حقائق لا يرقى إليها الشك .

4ـ      تحويل انتباه المواطنين .

5ـ      أتباع أسلوب البرامج المحددة.

        إن هذه الأساليب والممارسات الدعائية تفعل فعلها وتصيب نجاحاً إذا كان الطرف الذي يتلقاها غير محصن بما فيه الكفاية أو لا يمتلك الوعي الكافي بمرامي الدعاية وأساليبها وفنون الإعلام الغربي المختلفة . ولذلك يذهب بعضهم إلى وضع الإعلام في مرتبة السياسة الخارجية نفسها التي توصف ـ عادة ـ بأنها " كفاح من أجل السيطرة على عقول الناس " ومن هؤلاء هانز مورجنتاو في كتابه (السياسة الدولية) الذي يصف الدعاية بأنها تجمع بين الدبلوماسية والقوة العسكرية بوصفها قوة ثالثة تحاول السياسة الخارجية ـ عن طريقها ـ تحقيق أهدافها التي ترمي أبداً إلى تحقيق مصالح فرد بعينه بتغيير تفكير خصمه(77).

أبرز الأساليب الدعائية  :

        تتحدد أبرز الأساليب الدعائية بالآتي(78):

1ـ      الاختيار ( Selection) : وهو أسلوب دعائي يقوم على اختيار جزء معين من الأخبار التي تغطي حيزاً معيناً على نحو يخدم غرض الدعاية .

2ـ      الحذف أو الطرح ( Exciusion) : وهذا الأسلوب له علاقة بأسلوب الاختيار ، إذ يعمد المخطط الدعائي إلى طرح فقرات معينة من أخبار حدث معين .

3ـ      المبالغة في التأكيد ( Gvere mphasis) : إذ سعت الدعاية الغربية إلى المبالغة في تأكيد بعض الأخبار كما هو الحال في أزمة الخليج التي سعت الدعاية الأمريكية والغربية عموماً إلى المبالغة في تأكيد قوة العراق وقدرته على تطوير أسلحة الدمار الشامل لتبرير ضربه أمام الرأي العام الدولي والأمريكي الذي أتضح بعد احتلال العراق خلاف ما أعلن.

4ـ      التقليل من أهمية الشيء ( Undere mphasis) : وهذا الأسلوب قد يخدم أهداف المخطط الدعائي للتأثير في المعنويات وتحويل اتجاهات الرأي العام .

5ـ      الإعادة والتكرار ( Repetition) : ويخدم وظيفة معينة ، ومن ذلك تكرار عرض الأخبار .

6ـ      الحملات الدعائية ( Campaings): وهي من أهم الممارسات الدعائية وأعقدها في السياسة الأمريكية ، وقد اكتسبت بذلك خبرة جيدة من حملات الدعاية الانتخابية التي اعتمدت أساليب مختلفة في مهاجمة الخصوم وطرح البرامج وإثارة القضايا الحساسة التي تثير اهتمام الجمهور ، وللحملات الدعائية قواعد وأساليب تتبعها الإدارات المسؤولة من أجل تحقيق مراميها .

7ـ      الجدل والمناظرة ( Argumentation’s) : وهو أسلوب دعائي ذكي يخاطب النخبة في المجتمع قبل العامة ، فمن أجل التأثير في الرأي العام في أثناء حدث أو أزمة أو نزاع ، تنشر وسائل الإعلام حوارات أو ندوات أو مناظرات لفريق من المختصين وإبراز أهم آرائهم بشكل مدروس ومؤثر ، وغالباً ما يتم اختيار المتناظرين على نحو محسوب من قبل رجل الدعاية ، وعادة يكون لهؤلاء تأثير كبير لأن الرجل الاعتيادي يعتمد في تكوين آرائه على رأي المختصين في كثير من الأحيان ، وأن ماكنة الدعاية تستعمل هذا الأسلوب في تسليط ضوء معين وبلون معين على حدث من الأحداث يشغل اهتمام الجمهور.

8ـ      إثارة الانفعالات والعواطف ( Emotionalism) : وتكون بطرح صور الإثارة المتنوعة التي تثير في الفرد أو المجتمع انفعالات وعواطف أكثر ما هو مطروح .

9ـ      تحويل الأنظار ( Diversion) : وهو واحد من أذكى أساليب الدعاية ، وتبرز أهميته في أثناء القيام بعمل دعائي أو هجوم عسكري ويدخل ضمن الإستراتيجية العسكرية القائمة على تضليل العدو وتحويل أنظاره ، وهو ضرب من المناورة السياسية المراد منها تحقيق عنصر المباغتة أو شد الانتباه إلى مناطق ثانوية غير مسترمية .

10ـ     اللف والدوران ( Indirection) : وهو أسلوب دعائي يجنح إليه رجال السياسة والدعاية، ويعتمد الإجابات الملتوية وأسلوب اللف والدوران إزاء الأسئلة المحرجة المطروحة من وسائل الإعلام أو رجال الصحافة أو أوساط معنية في الرأي العام وحين تكون الحقائق واضحة ولا يمكن رفضها يعتمد هذا الأسلوب الغامض وكذلك عند الرغبة في عدم التصريح بالهدف بغية التكتم أو تفادي لفت الأنظار أو التحسب لأمر ما من قبل الجهة التي توجه الدعاية إليها.

11ـ     النقد الساخر ( Satire) : قد تعمد الدعاية إلى استعمال السخرية والنقد اللاذع لتصرف أو موقف معين لزعزعته أو التأثير في المتأثرين به .

12ـ     الإثارة : وهي المبالغة في استعمال التكنيك الدعائي بتعبئة أجهزة الدعاية تعبئة حماسية عالية ذات طابع عاطفي .

13ـ     الحرب النفسية : وهي شكل من أشكال الدعاية ترمي إلى إقناع الجمهور أو الخصم بأن الخير كل الخير في التسليم والاستسلام .

14ـ     غسيل الدماغ : ويقوم على توجيه العمل الإنساني ضد رغبة الفرد أو عقله .

15ـ     الدعوة : وتستند إلى نشر فكرة معينة باستعمال الحجة والمنطق والتفكير .

        وكل هذه الأشكال الدعائية أسهمت في العمليات الدعائية الغربية على نحو فعال في إطلاق الشائعات وافتعال الأزمات وإثارة الرعب وتكريس السلبية لدى المتلقي وجعله يلجأ إلى السلبية وحالة الاستلاب النفسي(78).

التلاعب بالرسالة الموجهة عبر الأخبار:

        ويتم ذلك بـ(79) :

ـ        تكتيك الحذف : لما كان الميدان السياسي ساحة صراع بين الجميع ، فإن الرسائل السياسية هي أيضاً الأكثر انتقائية بصورة واعية من جميع الرسائل الأخرى وهي تمثل عموماً فجوات فارغة ، وهناك يرى شخص ما أن من الخير تطبيق تكتيك الحذف فتسقط بعض الوقائع ذات الدلالة أو الأقل ملائمة للفكرة التي يدافع عنها .

ـ        تكتيك التعميم : إن التفاصيل التي يحتمل أن تثير معارضة سياسية تغطى بطلاء كثيف من التجريد .

ـ        التكتيكات الزمنية : تتمثل الطريقة الأكثر تكراراً في تأخير رسالة حتى اللحظة التي لا يبقى فيها وقت للمتلقي كي يتصرف .

ـ        تكتيك التسلل : بدلاً من جمع المعطيات والمعلومات والمعرفة في وثيقة وحيدة يوصلونها بجرعات صغيرة متدرجة وتكون النتيجة تشويش المخطط في جملته وجعل إدراكه أكثر صعوبة بالنسبة إلى المتلقي .

ـ        تكتيك تلاطم الأمواج : إرسال الأخبار دفعة واحدة إذ لا يمتلك المتلقي أية فرصة ليكتشف الوقائع الجوهرية في كل هذا .

ـ        التكتيك السديمي : تغليف بعض الوقائع الدقيقة بموجة من الإشاعات السديمية إذ لا يستطيع المتلقي أن يميز بين هذه وتلك .

ـ        تكتيك الصدمة بالتبادل : هنا ينشرون خبراً ملفقاً في بلاد بعيدة ثم يعاد نشره في الصحافة الوطنية وهي طريقة تستعملها مصالح الاستخبارات أو الدعاية ، ولكن يحدث أن الصدمة بالتبادل تحصل من دون أن تكون مقصودة ولا متوقعة.

ـ        تكتيك الكذبة الكبرى : وهي تدين بشهرتها لجوزيف غوبيلز وزير دعاية هتلر، والفكرة الأساسية فيها أن الكذبة إذا كانت كبيرة إلى حد كافٍ ستكون أيسر قبولاً بكثير من مجموعة الكذبات الصغيرة العادية .

ـ        تكتيك العكس : وهو قليل التقنية في تزييف الوقائع أو ترتيبها ، ويتطلب ذلك كثيراً من الجرأة لأنه يقوم على عكس كامل لمعنى الرسالة .

        إن الميزة الكبرى والأولى التي تتمتع بها الولايات المتحدة حالياً هي ـ بكل سهولة ـ : اللغة ، فاللغة الإنكليزية هي لغة العالم أجمع في مجالات العلوم والتجارة والطيران وعدد آخر من الميادين(80).

 

المصادر:
(1)     للمزيد انظر:هانس بيتر مارتيني، وهار الدشومان، فخ العولمة: الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية، ترجمة: د.عدنان عباس علي ( سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1998)، صفحات متفرقة.
(2)    د. أحمد سالم، الإعلام الأمني ودوره في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، ( بيروت ، مركز الدراسات العربي الأوروبي ، 1998 ) ، ص 156 .
(3)    بول كيندي، نشوء وسقوط القوى العظمى ، ترجمة مالك البديري ( عمان ، الأهلية للنشر والتوزيع، 1994) ، ص 30 .
(4)    نعوم تشومسكي ، هيمنة الإعلام ، الانجازات المذهلة للدعاية ( دمشق ، دار الفكر ، ط1 ، آب2003) ، ص61 .
(5)    ميشيل كولون، أحذروا الإعلام ، م . س . ذ ، ص 439 .
(6)    د. بيداء محمود أحمد ، العرب والتغيير في النظام العالمي ، م . س . ذ ، ص 60 .
(7)    بيتر أرنيت، الحرب الوقائية ( بحث غير منشور، مقدم إلى منتدى الإعلام العربي في دبي المنعقد للمدة 7 ـ 12/10/2003 .
(8)    Henry F. Schulte , “ Mass Media as Vehicles Of Education , Persuation and Opinion Making in The Western World  ” im : martin , 1983, p. 133.
(9)    د. إبراهيم إمام ، وكالات الأنباء ، م . س . ذ ، ص 101 .
(10)   أحمد بدر، الاتصال بالجماهير بين الإعلام والتطويع والتنمية ( دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، ط1 ، 1998) ، ص 269 .
(11)   راسم محمد الجمال، دراسات في الإعلام الدولي ، م . س .ذ ، ص109 .
()    جورج دبليو بوش، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، أثناء الحرب على العراق في آذار ـ نيسان 2003 .
(12)   مايكل موور، أيها المتأنق .. ماذا فعلت ببلادي ؟ ترجمة : حسان البستاني ( بيروت ، الدار العربية للعلوم ، 2005 ) ، ص99 .
(13)   د. محمد السيد السعيد، الإعلام كسلاح دمار شامل ( بحث غير منشور مقدم إلى منتدى الإعلام العربي في دبي المنعقد للمدة من 7 ـ 12/10/2003 .
(14)   عزمي بشارة، التناقض في الأفكار والأخبار ( بحث غير منشور مقدم إلى منتدى الإعلام العربي في دبي المنعقد للمدة 7 ـ 12/10/2003 .
(15)   مجموعة باحثين، العولمة، الطوفان أم الإتقاذ ؟ م . س . ذ ، ص 493 .
(16)   ميشيل كولون، احذروا الإعلام، م . س . ذ ، ص347 ـ 348 .
(17)   د. عبد الستار جواد، فن كتابة الأخبار، م . س . ذ ، ص 16 .
(18)   د. عبد العزيز شرف، وسائل الإعلام ومشكلة الثقافة، ( القاهرة، مكتبة الدراسات الإعلامية،  الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999) ، ص 43 .
(19)   Jim Richstad and Michale Anderso , “ Crusis in International News : Po;icies and Proscerts ”( New York , Columbia Versity Press, 1981) . p. 247.
(20)   العرب والإعلام الفضائي ، م . س ذ ، ص 106 .
(21)   ميشيل كولون ، احذروا الإعلام ، م . س . ذ ، ص 7 .
(22)   عزمي بشارة ، التناقض في الأفكار والأخبار ، م . س . ذ ، ص
(23)   المنصف وناس ، هوية الآخر في الإعلام الغربي ، نماذج تحليلية ( مجلة الإذاعات العربية ، تونس ، العدد3 ، 1989 ) ، ص 16 .
()    مثل ماكبرايد الايرلندي .
(24)   Jim Richstad and Michael Anderso , “ Crusis in International News: Op. Cit ., p. 245. ”
(25)   تزفيتيان تودوروف، اللانظام العالمي الجديد، تأملات مواطن أوروبي، ترجمة د. علي أسعد              ( سوريا، اللاذقية، دار المرساة للطباعة والنشر والتوزيع، 2005) ، ص 71 .
(26)   المصدر السابق نفسه، ص 60 .
(27)   صلاح عبد اللطيف ، الصحافة ووكالات الأنباء في أفريقيا ( القاهرة ، وزارة الإعلام ، الهيئة العامة للاستعلامات ، 1991 ) ، ص 53 .
(28)   المهدي المنجرة ، الحرب الحضارية الأولى ( الدار البيضاء ، 1992) ، ص 367 .
(29)   Jim Richstad and Michael Anderso , “ Crusis in International News: Op. Cit ., p. 245. ”.
(30)   عبد سعيد إسماعيل ، العولمة والعالم الإسلامي ، أرقام وحقائق ( جدة ،دار الأندلس الخضراء ، ط1 ، 2001 ) ، ص 121 .
(31)   فرانك كيلش ، ثورة الآنفوميديا ، الوسائط المعلوماتية وكيف تغير عالمنا وحياتك ؟ ترجمة حسام الدين زكريا ، مراجعة : عبد الستار رضوان ( سلسلة عالم المعرفة 253 ، كانون الثاني ، 2000) ، ص 495-496.
(32)   د. جيهان أحمد رشتي ، الإعلام الدولي ، ص 380 .
(33)   Suss man . im Fascell , Op. Cit , p. 160 .
(34)   مايكل موور ، م . س . ذ ، ص 100 .
(35)   ميشيل كولون ، احذروا الإعلام ، ص 349 .
(36)   ماكبرايد ، عالم واحد، م . س . ذ ، ص 97 .
(37)   بول كيندي ، نشوء وسقوط القوى العظمى  ،م . س . ذ ، ص 12 .
(38)   عبد سعيد إسماعيل ،العولمة والعالم الإسلامي ، م . س ذ ، ص 96 .
(39)   عبد سعيد إسماعيل ، العولمة والعالم الإسلامي ، م . س . ذ ، ص 96 .
(40)   صابر فلحوط ، م . س . ذ ، ص 91 .
(41)   عبد الرزاق الدليمي ، إشكاليات الإعلام والاتصال ، م . س . ذ ، ص 55 .
(42)   د. محمد السيد السعيد ، الإعلام كسلاح دمار شامل ، م . س . ذ ، ص8.
(43)   محمد عبد الرزاق ربيع ، صنع السياسة الأمريكية والعرب ، ( عمان ، دار الكرمل ، 1990) ، ص 92 .
(44)   الدكتور برهان غليون والدكتور سمير أمين ، حوارات لقرن جديد ، ثقافة العولمة وعولمة الثقافة،( دمشق ، دار الفكر ، ط2 ، 2002) ، ص17 .
(45)   د. ر ., مانكيكار ، م . س . ذ ، ص 30 . وكذلك ياس البياتي ، الإعلام الدولي ، م . س . ذ ، ص 51 .
(46)   د. فواز جرجيس ، السياسة الأمريكية تجاه العرب ،كيف تصنع ومن يصنعها ( بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط2 ، 2000)، ص 119 .
(47)   ماكبرايد ، م . س . ذ ، ص 171 .
(48)   د. سليمان صالح ، مفهوم التدفق الحر للأنباء ، م . س . ذ ، ص 33 .
(49)   محمد نجيب الصرايرة ، التدفق الإخباري الدولي ، م . س . ذ ، ص 139 .
(50)   غوران هدبرو ، الأتصال والتغيير الاجتماعي في الدول النامية ، م . س. ذ ، ص 80 .
(51)   أورده د. عبد الستار جواد ، اتجاهات الإعلام الغربي ، م . س . ذ ، ص 80 .
(52)   د. محمد الدروبي ، الصحافة والصحفي المعاصر ، م. س . ذ ، ص 11 .
(53)   جيهان أحمد رشتي ، الدعاية واستعمال الراديو في الحرب النفسية ، م . س . ذ ، ص 483 .
(54)   هادي نعمان الهيتي ، خالد حبيب الراوي ،نظرة في الاتصال الثقافي الدولي والعوامل الميسرة لسريانه من الغرب إلى العرب ، ( بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، المجمع العلمي العراقي ، أيار 1997) ، ص 264 .
(55)   د. سليمان صالح ، مفهوم التدفق الحر للأنباء والمعلومات ، دراسة نقدية في ضوء ثورة الاتصال ، مجلة الرأي العام ، مركز بحوث الرأي العام ، ( القاهرة ، جامعة القاهرة ، كلية الإعلام ، العدد الثاني ، أبريل ـ يونيو 2002 ) ، ص 31 .
(56)   محمد خضير ، الإعلام العربي والتحديات التقنية ، م . س . ذ ، ص 45 ـ 46 .
(57)   محمد خضير ، الإعلام العربي والتحديات التقنية ، م . س . ذ ، ص 45 ـ 46 .
(58)   عبد الرزاق الدليمي ، إشكاليات الإعلام والاتصال ، م . س . ذ ، ص 188 .
(59)   عبد الستار جواد ، اتجاهات الإعلام الغربي ، م .س . ذ، ص 22 .
(60)   ياس البياتي ، الإعلام الدولي والعربي ، م. س . ذ ، 1993 ، ص 42 .
(61)   نعوم تشومكسي ، هيمنة الإعلام ، م . س .ذ ، ص 12 .
(62)   المصدر السابق نفسه ، ص 12 .
(63)   عبد الرزاق الدليمي ، إشكاليات الإعلام والاتصال ، م . س . ذ، ص 188 .
(64)   عبد الستار جواد، اللغة الإعلامية، دراسة في صناعة النصوص الإعلامية وتحليلها، م . س . ذ ، ص47 .
(65)   المصدر السابق نفسه، ص 47 .
(66)   د. عبد الستار جواد، اتجاهات الإعلام الغربي ، م . س . ذ ، ص 81 .
(67)   D.R. Mankekar , 1979, Op. Cit, p. 15 .
(68)   Ibid, p. 15 .
(69)   أورده د. هادي نعمان الهيتي، الاتصال التلفازي الفضائي الدولي الوافد واحتمالات تأثيره السياسي في الوطن العربي ، م . س . ذ ، ص 149 ـ 158 .
(70)   المصدر السابق نفسه ، ص 71 .
(71)   د. فواز جرجيس ، السياسة الأمريكية تجاه العرب ، كيف تصنع ، م . س . ذ ، ص120 .
(72)   مجموعة باحثين ، صناعة الكراهية في العلاقات العربية ـ الأمريكية ،( بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ط1 ، 2003 ) ، ص 27 .
(73)   د. هويدا مصطفى ، دور الإعلام في الأزمات الدولية ، ( مصر ، مركز المحروسة ، ط1 ، 2000)، ص11 .
(74)   صلاح الدين حافظ ، حرية الصحافة في الوطن العربي ، هوامش ضيقة وانتهاكات واسعة ، مجلة الدراسات الإعلامية ( القاهرة ، المركز العربي الإقليمي ، العدد 115 ، أبريل ، يونيو 2004 ).
(75)   د. عبد الستار جواد ، اتجاهات الإعلام الغربي ، م . س . ذ ، ص 22 .
(76)   د. عبد العزيز شرف ، وسائل الإعلام ومشكلة الثقافة ، م . س . ذ ، ص 44.
(77)   د. عبد الستار جواد ،اتجاهات الإعلام الغربي ، م . س . ذ ، ص1ـ6.
(78)   د. عبد الستار جواد ،اتجاهات الإعلام الغربي ، م . س . ذ ، ص 21 .
(79)   إلفين توفلر ، تحول السلطة ، المعرفة والثروة والعنف ، الجزء الثاني ، ترجمة حافظ الجمالي ، أسعد صقر ( دمشق ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 1991) ، ص 520ـ522.
(80)   إلفين توفلر ، تحول السلطة ، المعرفة والثروة والعنف ، م . س . ذ، ص 792. 

اضف تعليق