هوس التسليح وتطوير القدرات العسكرية لا يزال هو المسيطر على المشهد الدولي، فمازالت الكثير من الدول والحكومات وعلى الرغم من الصعوبات والأزمات الاقتصادية الكبيرة، تنفق الكثير من الأموال على الجيوش والأسلحة والمعدات العسكرية، لأسباب مختلفة أمنية او توسعية ولأجل مصالح اقتصادية، حيث أصبحت تجارة السلاح وفي ظل ما يشهده العالم من صراعات وحروب ومشكلات متفاقمة تجارة رائجة لها أسواقها الخاصة، التي ساعدت على انتشار الأسلحة والمعدات كما يقول بعض الخبراء، ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (آي.آي.اس.اس) وكما تنقل بعض المصادر، فان الإنفاق العسكري العالمي في عام 2014 ارتفع (بنسبة 1.7)، لاسيما في العديد من الاقتصادات الناشئة، فيما جاءت السعودية والكيان الإسرائيلي في صدارة دول الشرق الأوسط الأكثر إنفاقا على السلاح. ووفقًا لخبراء الدفاع، فإنه بحلول 2020، سيصل سوق الدفاع في الشرق الأوسط إلى نحو 820 مليار دولار.
وبحسب بعض المراقبين فان سباق التسلح الحالي قد أثار الكثير من المخاوف، خصوصا وان مناطق كثير من العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط التي تعد أهم أسواق التسليح، تشهد تدهور امني كبير بسبب تنامي الفكر المتطرف وبروز المجاميع الإرهابية المسلحة التي استطاعت ان تعزز قوتها، بعد ان سيطرت على العديد من الأسلحة والمعدات المتطورة هذا بالإضافة الى الدعم المستمر المقدم من تجار الحرب، وهو ما دفع بعض المؤسسات والجهات الدولية بالمطالبة بتطبيق وإقرار بعض القوانين الخاصة والملزمة بتجارة ونقل الأسلحة، التي تتسبب بقتل ما يزيد عن ألفي شخص يومياً في العالم نتيجة العنف المسلّح.
على رأس القائمة
وفي هذا الشأن قال تقرير لخبراء ان السعودية تقدمت على الهند وأصبحت في 2014 البلد الاول المستورد للتجهيزات العسكرية في العالم في سوق وصل حجمه الى مستوى قياسي مدفوع بالاوضاع المتوترة في الشرق الاوسط واسيا. وقال التقرير الذي اعدته المجموعة المتخصصة "آي اتش اس جينس" الذي يتخذ من لندن مقرا له ان "مبيعات الاسلحة سجلت في 2014 زيادة للعام السادس على التوالي" وبلغت قيمتها 64,4 مليار دولار مقابل 56 مليارا في 2013 اي بزيادة 13,4%.
وقال بن مورز الخبير في هذه المجموعة ان "هذا الرقم القياسي جاء نتيجة طلب غير مسبوق من الاقتصادات الناشئة للطائرات العسكرية وتصاعد حدة التوتر الاقليمي في الشرق الاوسط وفي منطقة آسيا المحيط الهادىء". واوضح التقرير الذي يغطي حوالى 65 بلدا، ان السعودية اصبحت اكبر مستورد للاسلحة في العالم مع استيراد معدات عسكرية بقيمة 6,4 مليارات دولار.
وتقدمت السعودية التي كانت ثاني بلد عام 2013 على الهند (5,5 مليار دولار) واصبحت "اهم سوق" للولايات المتحدة. واضاف التقرير ان "الواردات السعودية ارتفعت بنسبة 54 بالمئة"، موضحا انها ستسجل زيادة بنسبة 52 بالمئة في 2015 ليصل الى 9,8 مليارات دولار. وقالت المجموعة ان "السعودية تدفع واحدا من كل سبعة دولارات تنفق على شراء الاسلحة" في العالم، مشيرة الى ان "الشرق الاوسط هو اضخم سوق اقليمي" لمبيعات الاسلحة ويتوقع ان تبلغ وارداته منها حوالى 110 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
واستوردت السعودية والامارات وحدهما تجهيزات عسكرية بقيمة 8,6 مليار دولار في 2014 اي اكثر من اوروبا الغربية باكملها. اما في مجال التصدير، فقد ذكر التقرير ان الولايات المتحدة بمبيعاتها التي بلغت قيمتها 23,7 مليار دولار "تؤمن ثلث مجمل الصادرات (العالمية) وكانت المستفيدة الرئيسية من نمو" هذا السوق. وتحتل روسيا التي تصدر خصوصا الى الصين، المرتبة الثانية بين اكبر البلدان المصدرة للاسلحة في العالم. وقد بلغت قيمة مبيعاتها عشرة مليارات دولار اي اكثر بنسبة 9 بالمئة عن مبيعاتها في 2013.
لكن التقرير قال انه "بعد سنوات من النمو، تواجه الصادرات الروسية صعوبات" و"من المتوقع ان تتراجع الصادرات" في 2015، مشيرا الى ان هذا التوجه يمكن ان يتفاقم بسبب العقوبات التي تفرضها الدول الغربية بسبب النزاع الاوكراني. واوضح ان تراجع اسعار النفط يمكن ان يكون له "تأثير مدمر" على بعض زبائن موسكو مثل ايران وفنزويلا.
وبعد الولايات المتحدة وروسيا تحتل فرنسا المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للمعدات الدفاعية في العالم اذ بلغت قيمة صادراتها 4,9 مليارات دولار، تليها بريطانيا (4,1 مليارات) ثم المانيا (3,5 مليارات) فايطاليا (1,9 مليار دولار). وتأتي بعد ذلك اسرائيل بصادرات بلغت قيمتها 1,7 مليار دولار، ثم الصين (1,5 مليار دولار). وقالت المجموعة نفسها ان بكين التي كانت خامس بلد مستورد للاسلحة في العالم من قبل، اصبحت الآن في المرتبة الثالثة. بحسب فرانس برس.
وقال الخبير في المجموعة بول بورتن ان الصين "ما زالت بحاجة الى مساعدة عسكرية من روسيا في قطاع الصناعات الجوية". واضاف ان الميزانية المخصصة لهذه النفقات "ستواصل الارتفاع بسرعة. ووصف التقرير كوريا الجنوبية التي صدرت معدات عسكرية بقيمة 740 مليون دولار في 2014 بانها "النجم الصاعد" للدول التي تبيع اسلحة في العالم. اما في لائحة الشركات المصدرة، فما زالت المجموعات الاميركية تحتل المراكز الاولى (بوينغ ولوكهيد مارتن وريثون) بينما جاءت ايرباص في المرتبة الرابعة. وقالت المجموعة ان هذه المعطيات لا تتطابق بالضرورة مع الارقام الرسمية بسبب الحسابات التي تجري على اسس مختلفة.
من جانب اخر قال عبيد الكتبي رئيس اللجان العليا المنظمة لمعرض ومؤتمرات الدفاع الدولي (آيدكس 2015) في أبوظبي إن القوات المسلحة الإماراتية وقعت عقدا بقيمة 732 مليون درهم(200 مليون دولار) مع شركة أجوستاوستلاند لشراء تسع طائرات هليكوبتر من طراز إيه.دبليو 139. وقال إن ست طائرات منها ستستخدم في عمليات البحث والإنقاذ وستستخدم الطائرات الثلاث الباقية في نقل الشخصيات المهمة. والشركة الإنجليزية الإيطالية المنتجة لهذه الهليكوبتر وحدة مملوكة بالكامل لشركة فينميكانيكا الإيطالية. وتقول شركة أجوستاوستلاند على موقعها على الإنترنت إن طائرات إيه.دبليو 139 الهليكوبتر ذات محركين وتتسع لخمسة عشر شخصا.
ثالث اكبر مصدر
في السياق ذاته تخطت الصين ألمانيا وفرنسا لتصبح ثالث أكبر مصدر للاسلحة في العالم، بحسب ما اظهرت دراسة نشرها المركز الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم "سيبري". وبحسب هذه الدراسة التي تغطي فترة السنوات الخمس الاخيرة (2010-2014) فان "الولايات المتحدة احتلت بوضوح مركز الصدارة" (31% من الصادرات) امام روسيا التي حلت في المركز الثاني (27% من الصادرات). وبهذا تكون واشنطن وموسكو قد احتكرتا حوالى 60% من صادرات الاسلحة في العالم متقدمتين بفارق شاسع عن بقية منافسيهما.
اما الدول التي احتلت المراكز الثلاثة التالية وهي على التوالي الصين والمانيا وفرنسا فقد اتت احجام صادراتها متقاربة (حوالى 5% لكل منها). وبحسب "سيبري" فان المركز الثالث كان يفترض ان تحتله فرنسا وليس الصين لو ان باريس سلمت في نهاية 2014 سفينة حربية من طراز ميسترال الى روسيا، وهي صفقة جمدتها فرنسا بسبب النزاع في شرق اوكرانيا. وبالنسبة الى صادرات الصين من الاسلحة فقد ذهبت في ثلثيها الى ثلاث دول آسيوية هي باكستان (41%) وبنغلادش وبورما. وهناك ايضا 18 دولة افريقية استوردت اسلحة صينية خلال السنوات الخمس التي شملتها الدراسة.
اما الهند، المستورد الاول للسلاح في العالم، فقد تصدرت ترتيب الدول المستوردة للسلاح الروسي في الخمسية الفائتة اذ ان 70% من الاسلحة التي استوردتها نيودلهي خلال هذه الفترة كانت روسية. واظهرت الدراسة ان الولايات المتحدة لديها مروحة اوسع من الدول المستوردة لسلاحها، اذ ان كوريا الجنوبية التي تصدرت ترتيب الدول المستوردة للسلاح الاميركي لم تستحوذ الا على 9% فقط من مجمل صادرات الاسلحة الاميركية. بحسب فرانس برس.
وبالنسبة الى الدول المستوردة للسلاح الفرنسي فقد حل في المركز الاول المغرب (18%) تليه الصين (14%). ولفت "سيبري" الى ان الجهود التي بذلتها فرنسا لزيادة صادراتها من الاسلحة تكللت بالنجاح مع صفقة التسلح التي ابرمتها باريس مع القاهرة في شباط/فبراير الفائت. وفي ترتيب الدول العشر الاولى في العالم لناحية الصادرات العسكرية خلال الخمسية الفائتة تراجعت صادرات كل من فرنسا والمانيا في حين زادت صادرات كل من الصين (+143% بالمقارنة مع الخمسية السابقة) واوكرانيا وروسيا. ولفت سيبري الى ان حجم تجارة السلاح في العالم زاد في السنوات الخمس الاخيرة بنسبة 16% بالمقارنة مع الخمسية التي سبقتها (2005-2009).
صادرات فرنسية
الى جانب ذلك أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان أن صادرات الأسلحة الفرنسية سجلت رقما قياسيا في 2014 مع ما يفوق ثمانية مليارات يورو. وأضاف الوزير الفرنسي "منذ وصولي (إلى الوزارة في 2012) تضاعف عدد الطلبيات التي تم استلامها". وبلغت قيمة هذه الأخيرة 4,8 مليارات يورو في 2012 و6,87 مليارات في 2013 (+43 في المئة مقارنة بالعام الذي سبق). وفي 2014، بلغت الزيادة 16 في المئة على الأقل مقارنة بالعام 2013. وأضاف الوزير "لدي كل الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد أننا سنواصل على هذه الوتيرة في 2015". بحسب فرانس برس.
وستسلم فرنسا خصوصا أسلحة إلى لبنان بقيمة 3 مليارات دولار اعتبارا من نيسان/ أبريل إضافة إلى 24 طائرة حربية من طراز رافال وفرقاطة متعددة المهام إلى مصر في عقد تبلغ قميته 5,2 مليارات يورو. وتولد صناعة الدفاع الفرنسية رقم يفوق 17 مليار يورو مقابل 165 ألف وظيفة مباشرة أو غير مباشرة، بحسب تقرير نشرته وزارة الدفاع في 2014. ومع 29 في المئة من مجموع الصادرات التي أحصيت في 2013، تسيطر الولايات المتحدة على السوق العالمية للتسلح أمام روسيا (27 في المئة) وألمانيا والصين وفرنسا.
الأسلحة والأنظمة السلطوية
من جانب اخر قالت مجموعة من المشرعين البريطانيين انه يجب على الحكومة ان تكون "أكثر حذرا بشكل كبير" في الموافقة على تراخيص صادرات الاسلحة الي الانظمة السلطوية التي قد تستخدم تلك الاسلحة للقمع الداخلي. وتوصل تقرير أعده اربعة من اعضاء لجنة رقابة صادرات الاسلحة بمجلس العموم الي ان بريطانيا لديها رخص تصدير قائمة تزيد قيمتها عن خمسة مليارات جنيه استرليني (7.4 مليار دولار) الي دول ضمن قائمة الحكومة بشأن مخاوف حقوق الانسان.
وقال اللجنة في تقريرها "يوجد تعارض كامل بين التشجيع القوي لصادرات الاسلحة الي انظمة سلطوية وفي نفس الوقت توجيه انتقادات اليها لافتقارها لحقوق الانسان." "يجب على الحكومة ان تطبق احكاما اكثر حذرا بشكل كبير عند دراسة طلبات تراخيص تصدير الاسلحة... الي انظمة سلطوية ربما تستخدمها للقمع الداخلي." وقال جون ستانلي رئيس اللجنة ان المقاربة القائمة على الموافقة على التراخيص لمثل هذه الدول على اساس انها يمكن الغاؤها اذا حدث عنف أدت الي عدد "لم يسبق له مثيل" من التراخيص التي يجري الغاؤها او تعليقها.
واضاف قائلا "يجب على الحكومة ان يكون لديها إدراك كامل بحقيقة ان نظاما بعينه هو نظام سلطوي وانه يقمع حقوق الانسان... ومن المرجح ان يستخدم القوة إذا كانت ضرورية لحماية سلطته." وقال ستانلي "إذا نظرت الي انتهاكات حقوق الانسان ونظرت الي استخدام القوة فمن المحزن دون أدنى شك انه على مدى الاثني عشر شهرا الماضية فان الامور تدهورت بطريقة مزعجة كثيرا" مشيرا الي الصراعات في الشرق الاوسط وشرق اوكرانيا. واضاف ان تراخيص تصدير الاسلحة التي تعرضت للانتقاد في تقرير اللجنة لعام 2014 ما زالت "مسألة رئيسية مثيرة للقلق".
وفي حين ان تراخيص كثيرة لصادرات اسلحة الي روسيا بما في ذلك بنادق قنص وسترات واقية من الرصاص ألغيت في العام الماضي إلا ان اللجنة قالت ان 248 رخصة تزيد قيمتها عن 168 مليون استرليني مازالت قائمة. وهي تشمل تراخيص لتصدير مكونات لطائرات هليكوبتر عسكرية وذخائر لاسلحة صغيرة وبرامج كمبيوتر لتأمين الاتصالات. بحسب رويترز.
وقال ستانلي "نميل الي الرأي القائل بان أي شي يذهب الي الحكومة الروسية قد ينتهي به الحال الي ان يستخدم في اوكرانيا." ودعت اللجنة ايضا الي الكشف عن المستخدمين النهائيين لصادرات الاسلحة وليس فقط الدول التي تذهب اليها وانتقدت الحكومة لتشجيعها المصدرين على التحول الي نموذج أقل شفافية للرخصة. وقال التقرير "هذا قد يزيد احتمالات حدوث خروقات لسياسات الحكومة لرقابة تصدير الاسلحة."
الطائرة اف-35
على صعيد متصل قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الولايات المتحدة لا تتوقع مبيعات للطائرة اف-35 على المدى القصير في منطقة الخليج وإن الجيل الرابع الحالي من الطائرة العسكرية والذي دخلت عليه تعديلات قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها المنطقة. وقال فرانك كيندال نائب وزير الدفاع الأمريكي للاستحواذ والتكنولوجيا والشؤون اللوجيستية "لا أتوقع أي مبيعات على المدى القريب للطائرة اف-35 في المنطقة. "أعتقد أنها ستكون صفقة حساسة للغاية لأسباب كثيرة."
والطائرة اف-35 لايتنينج 2 من صنع شركة لوكهيد مارتن ويطلق عليها اسم طائرة "الجيل الخامس" الحربية ومصممة لتفادي رادار العدو بشكل كامل تقريبا. وقال كيندال إن التهديدات التي تواجه المنطقة يمكن التعامل معها كما ينبغي بالأساطيل الحالية مثل الأسطول الاماراتي المكون من 80 طائرة اف-16 بلوك 60. وطلبت الامارات تطوير هذه الطائرات إلى بلوك 61 كما طلبت 30 طائرة بلوك 61 اضافية.
اضف تعليق