ارتفاع درجات الحرارة هي ظاهرة عالمية وكونية تحصل منذ سنوات في كل بقاع العالم، وبدأت تؤثر حتى على الحيوانات والكائنات البحرية الموجودة في اعماق البحار ليس على الانسان فحسب, فمنذ ان بدأ فصل الصيف اخذ يهل علينا بدرجات حرارة عالية أكثر من أي وقت مضى.
ويرجع هذا الاحترار العالمي الى الكثير من الأسباب المناخية والبيئية جعلت الأرض تنقلب علينا بهذه الصورة لإحداث التوازن اللازم نتيجة لعبث الإنسان المبالغ فيه في البيئة ونتيجة التغير المناخي وكذلك نشاطات زائدة في الشمس, ويرى المؤيدون لفكرة أن زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري هي المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض, وأن زيادة نسب غازات الصوبة الخضراء في الغلاف الجوي تؤدي إلى احتباس كمية أكبر من الأشعة الشمسية، وبالتالي يجب أن تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بصورة أعلى من معدلها الطبيعي.
تعد حرارة الجو المحيطة بنا واحدة من العوامل البيئية التي تؤثر على صحة الانسان سواء سلبا او ايجابا ويكون ذلك على الناحية الفسيلوجية والسيكولوجية التي تتمثل في جودة حياتنا ,حيث ترتفع درجة حرارة الطقس في فصل الصيف وتصل الى اكثر من 40 درجة واحيانا كثيرة تصل الى اكثر من 50 درجة مئوية.
فالحرارة الشديدة تؤثر على الدورة الدموية وقد يصاب الانسان اثرها بضربة شمس واحيانا تسبب الوفاة لكثير من الاشخاص كما حدث في فرنسا, فقد أكدت وزارة الصحة الفرنسية وفاة 700 شخص جراء موجة الحرارة التي اجتاحت فرنسا بين 29 يونيو/حزيران و5 يوليو/تموز، لكن هذا العدد يبقى منخفضا مقارنة بسنة 2005 حين توفى 15000 شخص معظمهم من المسنين.
ويقول بعض علماء الارصاد الجوية إن تغيرات المناخ كثفت من قوة موجات الحر بنفس الطريقة التي تسارعت فيها ظواهر جوية متطرفة بما فيها الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات وغيرها.
حذر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، وهيئة الأمم المتحدة في علم المناخ، منذ وقت طويل، من أن موجات الحر سوف تتحول بصورة متزايدة لتصبح أكثر تطرفا في جنوب آسيا، واضاف العلماء إن موجات الحر لم تحظ بالاهتمام الواجب رغم المعرفة المسبقة بهذا، في سياق متصل يرى بعض الخبراء في هذا الشأن ان ارتفاع الحرارة بجانب المنخفض الجوي وارتفاع الرطوبة وغياب الرياح أبرز أسباب موجة الحر القاتلة بجنوب أسيا.
وعليه يبدو ان ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة خلال الآونة المقبلة سيشكل تهديداً داهماً لمعظم دول العالم، لاسيما بلدان غرب اوروبا وجنوب آسيا، وقد رصدت شبكة النبأ المعلوماتية بعض التقارير والدراسات حول هذه الظاهرة المتفاقمة نستعرض ابرزها في المعلومات ادناه.
غرب اوروبا
من البرتغال وصولا الى بريطانيا ومرورا باسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وكذلك شمال ايطاليا، من غير المرتقب ان تتدنى الحرارة دون 30 درجة مئوية وفي غالب الاحيان تصل الى اربعين. بحسب رويترز.
وكثفت السلطات الصحية التوجيهات للسكان وخصوصا المسنين والاطفال لتجنب الخروج من منازلهم او التوجه الى اماكن مبردة خلال موجة الحر الاولى لهذا الصيف، ومع درجات حرارة تصل الى 35 درجة مئوية في لندن، ستكون دورة ويمبلدون لكرة المضرب صعبة جدا على اللاعبين والمتفرجين على حد سواء حيث انطلقت الاثنين ويتوقع ان تكون الاشد حرارة. وافادت معلومات صحافية عن احتمال تعليقها اذا ارتفعت درجات الحرارة كثيرا.
وفي فرنسا حيث يتوقع ان تبلغ درجات الحرارة 40 درجة مئوية دعت الحكومة الى تشغيل مكيفات الهواء في الاماكن العامة ليحتمي فيها الاشخاص من الحر.
وفي مزار السيدة العذراء في لورد (جنوب غرب) الذي يزوره ملايين الاشخاص خصوصا من المرضى الذين ياملون الشفاء، الغت السلطات الزياح اليومي في الهواء الطلق واستعاضت عنه بمراسم تحت الارض.
واعلنت بريطانيا انذارا بسبب الحرارة المرتفعة من الدرجة الثانية واعربت السلطات عن قلقها، وخشية من تمدد السكك الحديد من شدة الحرارة طلبت شبكة السكك الحديدية البريطانية من سائقي القطارات القيادة ببطء.
كما وجهت الجمعيات التي تعنى بحقوق الحيوان دعوة وطنية "حذرت فيها الافراد من العواقب الوخيمة لترك كلاب في السيارات تحت الشمس الحارقة".
وقالت الجمعية الملكية لحماية الحيوان انها تلقت 96 اتصالا هاتفيا في نهاية الاسبوع الماضي بعد تعرض حيوانات لضربات شمس، وتسببت موجة حر في 2003 بوفاة 20 الف شخص عبر اوروبا.
ومن هولندا الى ايطاليا، حذرت الحكومات من المخاطر على المسنين والاطفال والاشخاص المصابين بامراض خطيرة، وقلصت ساعات عمل الموظفين في القطاع العام في منطقة والونيا البلجيكية تفاديا لتنقلهم وسط ازحام السير.
وقالت نقابات العمل البريطانية انه يجب السماح للموظفين بعدم ارتداء ربطات العنق او البدلات اذا امكن، وكانت السلطات في بروكسل تستعد لالغاء كافة الاحداث العامة والرياضية الرئيسية اذا بقيت درجات الحرارة مرتفعة ووصل مستوى التلوث الى درجات خطيرة، وهو اجراء اتخذ بعد موجة الحر في 2003 لكنه لم يطبق حتى الان.
اما في اسبانيا فقد وصلت درجات الحرارة الى 44 درجة مئوية الاثنين ما حمل المرصد الوطني للاحوال الجوية على رفع مستوى الانذار الى اعلى درجة لمنطقة قرطبة ما يعني ان الطقس يطرح "تهديدا كبيرا" على الصحة العامة.
وتوجه كثيرون الى البحر في اسبانيا والبرتغال، وقال متحدث باسم المكتب الوطني الاسباني للاحوال الجوية "احوال الطقس هذه غير معهودة. ان درجات الحرارة مرتفعة جدا بشكل استثنائي مع مخاطر كبيرة على السكان"، ومن جهتها حذرت السلطات السويسرية من موجة حر قد تستمر لاكثر من اسبوع.
جنوب شرق آسيا
فقد اعترف العلماء في باكستان والهند بأن ارتفاع درجات الحرارة يمثل عاملا واحدا فقط في موجات الحر التي تضربها، بينما هناك عوامل وأسباب أخرى لم تحدد بعد، وقال العلماء إن انخفاض الضغط الجوي، والرطوبة العالية، والغياب غير المعتاد للرياح، عوامل تجعل الحرارة لا تطاق، لكنهم لا يعرفون لماذا سادت تلك الظروف في هذا الوقت من العام.
ووفقا لخبراء الأرصاد الجوية في باكستان، فإن التوقعات بشأن الدرجة القصوى من موجة الحر التي تضرب كراتشي ستبلغ 43 درجة مئوية.
وكانت التوقعات دقيقة، لكنهم قالوا إن هناك عوامل أخرى جعلت من درجات الحرارة هذه أمرا لا يطاق، وتوفي أكثر من 1000 شخص في باكستان من جراء أسوأ موجة حر تجتاح البلاد خلال ثلاثة عقود، وفي الهند المجاورة، بلغت أعداد الوفيات الرسمية 2000 حالة، على الرغم من تقارير أشارت إلى وفاة أكثر من 3000 شخص.
موجة حرارية غير مسبوقة
الى ذلك أفادت وزيرة الصحة الفرنسية ماريسول توران أن نسبة الوفيات ارتفعت بـ 7 بالمائة (أي حوالي 700 وفاة) ما بين 29 يونيو/حزيران و5 يوليو/تموز بسبب موجة الحرارة التي مرت بها فرنسا. وأضافت أن أكثر من 3850 شخصا نقلوا إلى المستشفيات بشكل عاجل بسبب تعرضهم إلى مشاكل تنفسية وأخرى متعلقة بتلوث البيئة. وأكدت أيضا الوزيرة أن أكثر من 3850 شخصا نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاجات الاستعجالية، من بينهم 1400 شخص استفادوا من استشارة طبية. بحسب فرانس برس.
ولتفادي وقوع ضحايا بسبب ارتفاع الحرارة، لم تكف وزارة الصحة عن إصدار تعليمات وإرشادات صحية للحيلولة دون وقوع المسنين وكل الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الأمراض التنفسية في مشاكل طبية قد تسبب لهم الهلاك.
اضف تعليق