يمكن للروبوتات أن تلعب أدواراً عسكرية متقدمة للغاية، فالطائرات المسيرة هي روبوتات، وهناك أنواع أخرى قادرة على البحث عن الألغام وتفجيرها، وثالث منها يكتشف المفخخات ويبطلها قبل أن تصيب البشر، ناهيك عن مركبات ذكية يمكنها التوجه إلى حيثما يشاء من يوجهها لأداء مهام بعينها. حتى البحر بات...
بقلم: إميل أمين
حين قدم الممثل الأميركي الشهير، ويل سميث، عام 2004 فيلمه I,Robot، لم يتخيل كثيرون الفكرة التي عرضها العمل الفني، حيث الروبوتات تتحول إلى كائنات مستبدة تتحكم بالبشر.
اليوم تبدو الفكرة قريبة من التصديق، لا سيما بعدما ذهب البشر في طريق طويل من مخترعات الذكاء الاصطناعي، التي يمكن لحيواتهم أن تتوقف عليها في مقبل الأيام، سواء منها ما هو عسكري ومنها ما هو مدني.
عبر مجلة "ديفنس وان" الأميركية الشهيرة، كتب باتريك تاكر، مؤكداً على لسان قادة عسكريين أميركيين كبار، أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل التدريب العسكري، ووتيرة الحرب، وأنه يجب على الجيش الأميركي الانخراط في مناورات تدريبية باستخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة الصين التي قطعت شوطاً طويلاً في هذا الإطار.
لم تكن الصين وحدها هي الهاجس، فهناك روسيا بدورها التي سلط موقع مجلة "نيوزويك" الأميركية العريقة الضوء عبر أحد تقاريرها على السعي الروسي لتطوير منصات للأسلحة المستقلة ذاتياً باستخدام الذكاء الاصطناعي وبالتعاون مع الصين.
هل المشهد قاصر على المجال العسكري فقط؟
بالقطع تبقى المجالات المدنية مرشحة لأن تضحى ملعباً متسعاً لصولات وجولات من أنشطة الروبوتات ومختلف أدوات الذكاء الاصطناعي، وهذا ما أشار إليه الكاتب الأميركي مارتن فورد في كتابه الذي صدر أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، وحمل عنوان: "دور الروبوتات... كيف سيغير الذكاء الاصطناعي كل شيء"، وفيه يؤكد على أن الروبوتات لن تغير بعض الأشياء أو كثيراً من الأشياء، بل ستغير كل شيء بالمعنى الحرفي للكلمة.
هل دخلت البشرية بأقدامها دائرة الأسر الروبوتي إن جاز التعبير؟ وإذا كان للذكاء الاصطناعي مزاياه فهل ستحمل البشرية أكلاف مخاطره في الوقت عينه؟
في هذه القراءة سنركز على الجانب العسكري من الموضوع.
لماذا الحاجة إلى الروبوتات العسكرية؟
يبدو التساؤل منطقياً، لا سيما وأن أعداد الجيوش البشرية غير قليلة ومع ذلك ينحو التوجه لجهة تلك الروبوتات التي تقوم بما يقوم به البشر وأكثر.
المؤكد أن هناك وقبل كل شيء محاولة واضحة لتجنيب العنصر الآدمي خطر الموت، وتوفير الدم الإنساني، عبر تقليل فرص المواجهة المباشرة، غير أن الأمر في نهايته يمكن أن يقود إلى مواجهات دموية أكثر فتكاً بالإنسانية.
ولعل المعادلة الصعبة التي تحتاج حسابات خاصة، تتمثل في الموازنة بين الروبوت الجندي الذي يعمل على إنقاذ الأرواح، وبين نظيره القادر على توليد الرعب داخل النفس البشرية، حال قيامه بحمل السلاح في وجه صانعه الآدمي، وكأننا في عودة لقصة فرانكشتاين مرة جديدة.
يمكن للروبوتات أن تلعب أدواراً عسكرية متقدمة للغاية، فالطائرات المسيرة هي روبوتات، وهناك أنواع أخرى قادرة على البحث عن الألغام وتفجيرها، وثالث منها يكتشف المفخخات ويبطلها قبل أن تصيب البشر، ناهيك عن مركبات ذكية يمكنها التوجه إلى حيثما يشاء من يوجهها لأداء مهام بعينها.
حتى البحر بات بدوره مجالاً لأنواع من الغواصات التي تسير من دون عنصر بشري، ولهذا فهي روبوتات بشكل أو بآخر.
وفي عالم الصناعة والمصانع، يقوم الروبوت الواحد بعمل أكثر إضافة من عشرة أو عشرين وربما مائة يد بشرية، الأمر الذي يجعل أصحاب رؤوس الأموال يتكالبون عليه على الرغم مما للمشهد من جانب كارثي آخر يتمثل في العطالة والبطالة بين الآدميين.
وباختصار أضحت الروبوتات في جيب كل منا، فالهاتف النقال ليس سوى صورة من صور الروبوتات، فهو ينظم لك مواعيدك، ويذكرك بها، وينبهك إلى مواقيت أدويتك، ويرسل ويستقبل نيابة عنك، بل إن زمن جائحة "كوفيد- 19" أثبت إمكانية تشخيص بعض الأمراض من خلال تلك الآلات الروبوتية الصغيرة الحجم الشديدة الوقع والفاعلية.
هنا يثور السؤال: إذا كان ذلك كذلك، فلماذا الخوف والهلع مع مزيد من الطبعات الأحدث من الروبوتات، التي ربما ستخاطب البشر أو تفكر عنهم في مقبل الأيام؟
الجواب عن علامة الاستفهام المتقدمة يتقاطع بين العقل البشري وعقل الروبوت، ذلك أن الأول هو المسؤول عن صناعة وصياغة الثاني، لكن الإشكالية الحقيقية تتمثل في أن الثاني يمكن أن يتعرض للعطب في أي وقت وتحت أي ظروف، ولهذا فإنه من الوارد جداً أن يخرج عن السياق المرسوم والمعد له بشرياً، وهنا تبدو الكارثة قريبة جداً من البشر، لا سيما إذا اتخذت تلك الروبوتات المبرمجة قرارات منفردة.
للمرء أن يتخيل على سبيل المثال لا الحصر، ما الذي يمكن أن تجري به المقادير حال حدوث عطب في أجهزة الذكاء الاصطناعي المسيطرة على قاعدة عسكرية بها صواريخ نووية، ومقدار الدمار الذي يمكن أن يلحق بالأرضيين من جراء تبادل إطلاق مهلك على هذا النوع.
الأمر عينه ينسحب على العاملين في مجال الملاحة الجوية، وقد رأينا من قبل بالفعل وعبر شاشة "هوليوود" مشاهد لتدخل عصابات إجرامية في شبكات الهبوط والإقلاع، وكيف قاد الأمر إلى إزهاق بضع مئات من الأرواح البريئة.
القصص في واقع الأمر والأمثلة طويلة ومثيرة، وربما لهذا اعتبر جمع من العلماء، من كبار المفكرين ورجال المال والمستثمرين، أن تنمية الذكاء الاصطناعي العسكري، والأسلحة المستقلة القادرة على اتخاذ قرارات الحياة والموت هو خطب جلل، ويمكن أن يقود إلى "يوم القيامة"، ذاك الذي يصنعه البشر، ولا تدبره المقادير العلوية.
من هنا ظهرت وثيقة "يوم القيامة"، وبالتحديد في شهر فبراير (شباط) من عام 2019، وقد وقع عليها عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ، ورجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، إضافة إلى عالم اللسانيات الأميركي الكبير نعوم تشومسكي، وغيرهم من الأسماء ذات الحيثية، وجميعهم اعتبروا في صوت واحد أن سباق تطوير الذكاء الاصطناعي العسكري، أقصر طريق لإدخال البشرية في دائرة جهنمية من التوقعات المستقبلية.
كان المطلوب من أصحاب الرسالة نشر مزيد من الوعي حول تطبيقات الروبوتات العسكرية تحديداً قبل أن تقوم بإشعال حروب يدفع البشر ثمنها، وحتى إذا كانت هناك حاجة إلى مثل تلك الأدوات لتوفير الجهد والدم البشريين، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا من خلال روبوتات يمكن السيطرة عليها بالمطلق، ومن غير أدنى مقدرة لها على التحكم الذاتي في ميادين المعارك، عطفاً على وضع القوانين المنظمة لصناعة تلك الروبوتات حتى لا تقع في أيدي الجماعات المارقة القادرة على تحويل حياة البشرية إلى شقاء مقيم.
هل هناك من أصغى لنداء "يوم القيامة"، أم أن الأحداث تخبرنا بأن آفة حارتنا هي النسيان كما يقال؟
الصين وجيوش من الروبوتات المختلفة
لا تبدأ الصين عادة من نقطة الصفر، وإنما درجت في كافة مناحي نهضتها الحديثة على البدء من حيث انتهى الآخرون، ومهما كان الطريق الذي تحصل أو تحصد به منتجاتها الحديثة، لا سيما وأن نسبة عالية منها يتم الحصول عليها من داخل الولايات المتحدة الأميركية بخاصة وبطرق غير شرعية دائماً، وهناك قضايا جاسوسية صينية في الداخل الأميركي شاهدة على هذا الطرح.
في إبريل (نيسان) الماضي حملت وكالات الأنباء أخباراً عن قيام شركة صينية متخصصة في إنتاج الإنسان الآلى، ببدء خط إنتاج لجيش مرعب من الآلات رباعية الأرجل اللواتي يتحركن بصورة منتظمة سوياً، بما يوحي بأن فكرة "الجيش الآلي" أصبحت قريبة من الظهور، وهو جيش يمكن أن يقوم بأي مهام توكل له سواء كانت مدنية أو عسكرية.
الجيش الصيني الروبوتي الذي لفتت إليه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أقرب ما يكون إلى أفلام الخيال العلمي، وتقوم على إنتاجه شركة "يونيتري" الصينية، يفتح الباب واسعا لتساؤل مثير للجدل، هل تستعد الصين التي تملك قرابة خمسة ملايين مجند، من الإعداد لجيش آلي يقوم على غزو الولايات المتحدة، حال اشتد الصراع بين الجانبين، لا سيما وأن تصريحات الرئيس بايدن عن تايوان تفتح باب الصراع واسعاً مع بكين؟
تبدو عسكرة الروبوتات صينياً ماضية قدماً في البر والبحر، وهو ما أكدته أخيراً مجلة "ناشونال انترست" الأميركية التي أشارت في تقرير لها منتصف أكتوبر الماضي، إلى أن الصين تخطط لامتلاك القدرة على تنفيذ هجمات مدمرة انطلاقاً من قاع البحر باستخدام الغواصات الروبوتية، التي تعتمد في تصميمها على أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ولفتت المجلة الأميركية إلى أن الخبراء العسكريين في البحرية الصينية كشفوا عن نيتهم الاعتماد على تلك المركبات الروبوتية للتغلب على نقاط ضعف الأسطول الصيني، في أي مواجهة مستقبلية مع الجيش الأميركي.
ولعل جائحة "كوفيد -19" التي بدأت في الصين، قد دفعت حكومة بكين إلى أن تولي فكرة الروبوتات قدراً بالغاً من الأهمية والرعاية الصناعية، فقد اعتمدت مقاطعات صينية متعددة على روبوتات لتوصيل الأغذية إلى المحتاجين إليها، ومن ألزمهم الأمر البقاء في منازلهم في زمن الإغلاق، الذي عاد من جديد أخيراً.
عطفاً على ذلك نشرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" صوراً لروبوتات تشارك في الخدمة اللوجستية الطبية، في مدينة شينيانغ في شمال شرقي الصين، لمكافحة فيروس كورونا.
وفي دراسة أجرتها مؤسسة "سيتي" و"كلية مارتن" في أوكسفورد، ونشرت في وقت سابق من العام الحالي، أظهرت أن أكثر من 75 في المئة من الوظائف في الصين تتهيأ لأن تتحول إلى وظائف مؤتمتة، أي أنه سيتم الاستغناء عن العمال لصالح الروبوتات، وهو أمر قد يبدو على المدى القصير إيجابياً، لكنه على المدى البعيد كفيل بإطلاق ثورات شعبوية من جراء ارتفاع معدلات البطالة في داخل حدود الدولة التي تراهن على تقدمها الاقتصادي لبلوغ القطبية الأممية.
هل كان لروسيا أن تقف بعيدة عن مشهد العسكرة الروبوتية، وهي تتابع التقدم الصيني من جهة، والرد الأميركي من جهة ثانية؟
روسيا التفوق الروبوتي هو الحل
في أوائل يونيو (حزيران) الماضي، نشرت صحيفة "الأكسبريس" تقريراً مطولاً عن الجهود الروسية في مضمار الذكاء الاصطناعي عامة، والروبوتات العسكرية بنوع خاص.
يقول التقرير، "إن الاستراتيجيين العسكريين الروس يولون اهتماماً خاصاً لإنشاء ما يسمى بـ"التفوق المعلوماتي في ساحة المعركة".
وتعد التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي بإمكانية استخدام البيانات المتاحة في ساحة المعركة اليوم لحماية القوات الروسية وحرمان العدو من هذه الميزة.
التقرير كذلك يشير إلى أن بكين أصبحت "شريكاً رئيساً لروسيا في مجال التقنيات الحديثة بشكل عام، والذكاء الاصطناعي بنوع خاص".
والمعروف أنه عشية صدور هذا التقرير، كان وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، يؤكد على أن بلاده قد بدأت بالفعل في إنتاج روبوتات قتالية، أي مخلوقات رهيبة مصطنعة قادرة على القتال بمفردها.
قبل ذلك التوقيت وفي أواخر مايو (أيار) الماضي كان موقع مجلة "نيوزويك" الأميركية يسلط الضوء على جيش الروبوتات الروسي، التي تستعين فيه موسكو بتقنيات صينية.
جاء في التقرير أن روسيا تعكف على تطوير مجموعة من منصات الأسلحة المستقلة ذاتياً باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتعطي الأولوية لتحديث جيشها.
ويتضمن التقرير قائمة تضم حوالى عشرين منصة يطورها الجيش الروسي وتتميز بدرجة معينة من الاستقلالية الذاتية أو من الأسلحة التي تعمل على الذكاء الاصطناعي.
وتشمل هذه المنصات المركبات التي تعتمد على الأرض والجو والبحر وبعض الألغام المتخصصة وحتى مجسمات الروبوت الذي يقال إنه قادر على استخدام الأسلحة النارية المزدوجة وقيادة السيارات والسفر إلى الفضاء.
كما أدرجت الإضافات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى مجمعات إدارة المعلومات وصنع القرار في الجيش الروسي، وأجهزة الدفاع واللوجستيات وأنظمة التدريب والتصنيع العسكري.
هل وصلت روسيا بالفعل لتطوير روبوتات تعمل ببصمة الصوت؟
يبدو أن ذلك كذلك، وهو المشروع الذي يعمل عليه المركز الوطني الروسي لتطوير التقنيات والعناصر الأساسية للروبوتات، من خلال نظم التحكم الصوتي.
يقول مدير المشروع أوليغ مارتيلوف لوكالة "تاس" الحكومية الروسية، إن التكنولوجيا الحديثة "ستسمح للقادة العسكريين بإصدار أوامر لمركبات "ماركر" بنفس الطريقة المتبعة مع الجنود البشر". ويهدف هذا التطوير إلى تسهيل المهمة على القادة العسكريين وعدم انشغالهم، أثناء إصدار الأوامر للجنود بالصوت، بالتركيز أيضاً على استخدام الكمبيوتر اللوحي لتوجيه الأوامر إلى المركبات الروبوتية.
على أن هذا الابتكار يمكن أن يضحى كارثياً بشكل قاتل خلال سير المعارك، ذلك أنه من الوارد أن تلتبس عليه الأصوات في زحمة وضجيج المعارك، ما يجعل فهم تلك الروبوتات من نوع "ماركر" للأوامر ملتبسة، وساعتها من الوارد جداً أن نرى ونسمع لقصة النيران الصديقة تتكرر مرة أخرى.
ولعل ميادين التدريب القتالية الروسية في الأيام القليلة الماضية تخبرنا بأن الروس غير عابئين بأية مخاوف، فقد شهد أحد تلك الميادين تدريباً لمجموعة من الروبوتات من نوعية "ماركر" قامت فيها باستطلاع ميدان القتال بغية اكتشاف الأهداف اللازم تدميرها، وقامت بتعيين الأهداف المكتشفة لكل منها وسارت إلى مواقع إطلاق النار، وأنجزت مهامها من دون مشاركة الإنسان، مستعينة بما تحمله من أجهزة.
ما الذي يتبقى في ميدان الصراع الروبوتي ؟ أن نولي وجهنا شطر العم سام.
الأميركيون... سباق نحو الروبوتات القاتلة
يستشعر القادة العسكريون الأميركيون خطراً داهماً من جراء التعاون الروسي – الصيني في مجال الروبوتات العسكرية على وجه التحديد، ولهذا يسارعون الزمن بدورهم في طريق الحصول على روبوتات مقاتلة، الأمر الذي أماطت عنه اللثام مجلة "ناشونال أنترست" في منتصف شهر يوليو (تموز) المنصرم.
يبدو جنرالات البنتاغون الأميركي، وأعضاء المجمع الصناعي العسكري، منزعجين بشدة من جراء ما يرد من أخبار عن تجارب روبوتية صينية – روسية مشتركة، ولهذا السبب يسعى الجانب الأميركي وخصوصاً في مناطق أوروبا والمحيط الهادي إلى حيازة روبوتات عسكرية أرضية لدعم أنشطة التدريب ونشر القوات والاستعدادات للحرب وعمليات الردع، كاستجابة مباشرة على تزايد التهديدات الروسية والصينية.
ولعل علو صوت التيار الانعزالي في الداخل الأميركي، ذلك الذي فتح له الباب واسعاً الرئيس السابق دونالد ترمب، جعل القادة الميدانيين يعدون العدة لاستبدال الجنود البشر، بنظراء آليين، لا سيما وأن هناك جبهات توتر واسعة مفتوحة حول العالم يمكن أن تضحى بين عشية وضحاها موقعاً وموضعاً لمواجهات عسكرية، في مقدمه الحدود الروسية الأوكرانية، وبحر الصين الجنوبي، ناهيك عن جزيرة تايوان، تلك التي يمكن أن تتحول إلى فخ ثيوثيديدس في أي وقت لتشعل حرباً بين بكين وواشنطن، بالضبط كما حدث قبل الميلاد بين إسبرطه وأثينا.
لم تتوقف رغبات الجنرالات الأميركيين عند حدود التمني، بل هناك مسيرة إنتاجية بالفعل، وهو ما تم الكشف عنه في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، من خلال شركة "غوست روبوتيكس" الأميركية التي أعلنت عن روبوتات مسلحة جديدة يمكن استخدامها مستقبلاً في العمليات العسكرية والأمنية، وهو ما يشكل إضافة جديدة للسباق العالمي المحموم في مجال إنتاج جيوش تقوم على الإنسان الآلي والذكاء الاصطناعي بشكل كامل.
تشير الشركة المصنعة إلى أن سلاحها الجديد يمكن التحكم به عن بعد، وقد ناقش الخبراء العسكريون الأميركيون فكرة التحكم بهذا الروبوت القتالي باستخدام خوذة الواقع الافتراضي التي يمكن أن تستعمل مستقبلاً مع منظومات التسليح.
وقد أصبح الروبوت في السنوات الأخيرة واحداً من أهم الأسلحة التي تتسابق الجيوش الكبرى في العالم على امتلاكها وتطويرها... هل تعتمد واشنطن على جهة علمية عسكرية ما، تقوم بتطوير مثل تلك التكنولوجيات الروبوتية باختلاف أشكالها وأنواعها؟
الجواب نجده طي تقرير عالي الجودة منشور عبر مجلة "أتلانتيك" الأميركية في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2018، ويتعلق بوكالة درابا الأميركية التي تعمل على تطوير جيش أميركي من الروبوتات ليحل محل الآدميين.
وتعد تلك الوكالة العقل التكنولوجي المسلح للولايات المتحدة الأميركية، ولديها مشروعات بالغة السرية، تفوق قدرات العقول البشرية الاعتيادية، وغالب الظن أن غالبية ما لديها غير معلن عنه، لا سيما أنها ظلت تحلم ولا تزال بدمج الكائنات الإنسانية بالآلات، ما يعني أننا ربما وعن قريب لا نرى روبوتات مميكنة فقط، بل خليط من البشر والآلات وهذه طامة كبرى أيضاً...
وفي الخلاصة، وعبر بوابة الشمس، تلك الصخرة الكبيرة التي خلفتها حضارة المايا القديمة في المكسيك، تحذيرات لإنسان القرون المعاصرة من التعامل بالنار، وكيف أنها أنهت حضارات إنسانية سابقة.
اليوم تبدو البشرية ناسية أو على الأصح متناسية لتجارب من سبقونا، وها هي تعيد أخطاء الماضي مرة جديدة، وما تسليم الإرادة البشرية لمجموعة أدوات صماء تمتلك مجالات مخيفة، بل ومرعبة من النيران، سوى مغامرة كبرى، ولا أحد يلتفت إلى أكلافها، وكيف لها أن تجعل الإنسانية عند لحظة زمنية بعينها، نوعاً ثانياً أو درجة ثانية متأخرة بعد الروبوتات... هل هذا الحديث تهويل للأمر؟
التاريخ أكثر غرابة من الخيال، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها في الحال أو الاستقبال، ومن هنا يمكن تصور يوم القيامة الروبوتي كحقيقة وليس حديثاً مجازياً أو خيالياً.
اضف تعليق