لاتزال الاستكشافات وعمليات التنقيب عن الحفريات والآثار المتحجرة لبقايا الأحياء التي يقوم بها العلماء محط اهتمام متزايد، خصوصا وان بعض تلك الأبحاث وفي ظل استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة قد مكنت العلماء من الوصول الى نتائج مهمة، تخص أسرار الحياة القديمة وسبل العيش والتطور للعديد من المخلوقات والإحياء التي عاشت على هذا الكوكب منذ آلاف أو ملايين السنين. وعلم الحفريات وكما تشير بعض المصادر، هو علم وسيط بين علم الأحياء وعلم الجيولوجيا. يهتم هذا العلم بدراسة كائنات ما قبل التاريخ، وكيفية تطورها وعلاقتها مع الظروف البيئية المحيطة. بدأت ممارسة هذا العلم منذ القرن الخامس قبل الميلاد، لكنه لم يؤسس بشكل حديث إلا في القرن الثامن عشر على يد العالم الفرنسي جورج كوفير (1769 - 1832) وأعماله في التشريح المقارن. تطوّر هذا العلم بشكل سريع جدا في القرن التاسع عشر، ويستخدم هذا العلم تكنيكات مأخوذة من علوم عديدة أخرى، كالكيمياء الحيوية، والجيولوجيا والهندسة والرياضيات وغيرها.
تاريخ ظهور الإنسان
وفيما يخص بعض هذه الاستكشافات المهمة فقد أدى اكتشاف حفرية لعظام الفك بها خمس من الأسنان السليمة يرجع عهدها الى 2.8 مليون عام عثر عليها في صحراء باثيوبيا الى ان يزيح الى الوراء فجر ظهور الجنس البشري نحو نصف مليون عام. وقال العلماء إن هذه الحفرية تمثل أقدم أثر معروف يمثل الجنس البشري (هومو) ويبدو انها لنوع لم يكن معروفا من قبل ينتمي للمراحل المبكرة من سلالة النسب البشري.
أما النوع الحالي لانسان العصر الحديث واسمه العلمي (هومو سابينس) أي الانسان العاقل فلم يظهر إلا منذ 200 ألف سنة في اعقاب سلسلة من مسيرة التطور لنفس الجنس. وحتى الآن فان أقدم آثار معروفة للجنس البشري يرجع عهدها من 2.3 الى 2.4 مليون سنة وهي للجنس البشري (هومو هابيليس) أي الانسان الماهر.
وقال برايان فيلموار عالم السلالات البشرية بجامعة نيفادا في لاس فيجاس الذي أشرف على البحث الذي اوردته الدورية العلمية (ساينس Science) "رغم انه ربما يكون نوعا جديدا فاننا نترقب المزيد من المعلومات قبل ان نحسم أمرنا بشأن الاعلان عن نوع جديد". وعثر على عظام الفك في عام 2013 بمنطقة عفار في شمال شرق اثيوبيا وعلى بعد 64 كيلومترا من المكان الذي عثر فيه على بقايا "لوسي" وهو من الحفريات الأكثر شهرة لأسلاف الجنس البشري التي اكتشفت عام 1974 . ونوع لوسي واسمه العلمي (اوسترالوبيسكوس افارينسيس) أي القردة الجنوبية المكتشفة في عفار فانه يسبق جنس (هومو) مباشرة.
ويشير تشريح الحفرية الجديدة -التي تضم الجانب الأيسر من الفك السفلي- الى وجود علاقة قريبة مع نوع (هومو) الأحدث. وتتسم هذه الحفرية بخصائص منها شكل السن وبروزات الفك التي تفصل بين نسل انواع هومو وجنس اوسترالوبيسكوس القريب الشبه بالقردة. لكن انحدار عظام الذقن لا يزال يحمل سمات من لوسي. وقال فيلموار "إن فترة 2.8 مليون سنة تجعل نشوء جنسنا وتطوره قريبا جدا من منذ ثلاثة ملايين عام وهي المرة التي شوهد فيها نوع لوسي لآخر مرة". أما الجنس (هومو) -لاسيما بعد مليوني عام- فقد تطور مخه في الحجم وبات يستخدم الأدوات البدائية ويأكل اللحوم.
وقال عالم الجيولوجيا ارين ديماجيو من جامعة ولاية بنسلفانيا إن تضاريس المكان الذي عاش فيه هذا القرد صاحب عظام الفك تتسم بندرة الأشجار باستثناء المناطق القريبة من الماء -مثل سهول سيرينجيتي الحديثة في تنزانيا- مع توافر حيوانات المراعي وفرس النهر والتماسيح. بحسب رويترز.
وقال كاي ريد عالم السلالات البشرية بجامعة ولاية اريزونا "إذا كان الجنس هومو يتغذى على اللحوم فقد كان يمكنه ان يتغذى أيضا على أي نوع من الحيوانات لكننا لا نعرف الكثير عن ذلك في الوقت الراهن. إنه مكان بالغ الخطورة كانت تعيش به النمور ذات الاسنان الشبيهة بالسيف والضباع والمفترسات الضخمة الاخرى التي كان بمقدورها افتراس الانسان". وقدمت دراسة منفصلة اوردتها دورية (نيتشر Nature) تحليلا جديدا لحفرية للفك السفلي لنوع (هومو هابيليس) الانسان الماهر ترجع الى 1.8 مليون سنة وأوضحت انها لنوع بدائي غير متوقع يضاهي عظام الفك الأقدم كثيرا التي اكتشفت حديثا.
ليتل فوت
من جانب اخر توصل فريق من العلماء الى ان البقايا المتحجرة لنوع من اشباه البشر يطلق عليه اسم "اوسترالوبيثكس"، او القرد الجنوبي، المكتشفة في جنوب افريقيا قبل عشرين عاما، تعود الى 3,67 مليون سنة. وقال لوران بروكسل الباحث في المعهد الوطني للدارسات الاثرية في فرنسا "عاش هذا النوع قبل 3,67 مليون سنة، اي قبل نوع هوموهابيليس (الانسان الماهر) الذي تطور منه اسلافنا، والذي ظهر قبل 2,5 مليون سنة". واضاف "هذا الاكتشاف يضع جنوب افريقيا على خارطة المناطق التي شهدت تطور البشر" اذ كان العلماء يعتقدون من قبل ان البشر ظهروا وتطوروا في الشرق الافريقي حصرا، ثم انتشروا في سائر مناطق افريقيا والعالم.
واوضح الباحث ان تقديرات عمر هذا الكائن الذي يطلق عليه اسم "ليتل فوت" دقيق مع هامش خطأ لا يزيد عن 160 الف سنة من اصل 3,67 مليون. وقد استخدم العلماء للتوصل الى تحديد عمره تقنية التأريخ بواسطة النظائر الكونية التي تسببها الاشعة الكونية التي تضرب الارض. ومنذ اكتشاف المتحجرات العائدة الى "ليتل فوت" (القدم الصغيرة) في العام 1997 في كهف شمال غرب جوهانسبورغ، عكف العلماء على محاولة تحديد عمرها.
وكان عالم المتحجرات رونالد كلارك وفريقه عثروا في العام 1994 على الهيكل العظمي لهذا الكائن وهو شبه مكتمل، في حفرة عمقها 25 مترا، ويرجح العلماء ان صاحب هذا الهيكل العظمي سقط في الحفرة فقضى جراء ذلك. وتوصل رونالد كلارك الى ان عمر "ليتل فوت" يعود الى 3,3 مليون سنة، مستندا على عمليات تحليل اولية. ثم في العام 2003، افترض عالم الجيولوجيا داريل غرانغر ان عمره يعود الى اربعة ملايين عام، مستخدما تقنية النظائر الكونية، لكن تلك التقديرات كانت مع هامش خطأ كبير يصل الى مليون عام.
بعد ذلك بأعوام ثلاثة، اثارت دراسة بريطانية الاضطراب في الاوساط العلمية اذ توصلت الى ان عمر "ليتل فوت" لا يزيد في 2,2 مليون سنة، وذلك استنادا الى تحليل الرسوبيات المحيطة بالهيكل العظمي. غير ان ذلك لم يقنع رونالد كلارك، فطللب في العام 2006 من لوران بروكسل تحليل تسلسل الطبقات الرسوبية المحيطة بالعظام المتحجرة. وبالفعل، تبين ان الطبقات التي تعود الى 2,2 مليون عاما التصقت بالعظام بعد موت صاحب الهيكل بحقبات طويلة، اذ ان المغارة شهدت انهيارات وغرقت بالمياه بعد ذلك. بحسب فرانس برس.
وبذلك، تبين ان الهيكل العظمي يعود الى حقبة قبل 2,2 مليون عام، وبدأت الدراسات من جديد. وباعتماد التقنيات المحدثة لتحديد العمر من خلال النظائر الكونية، توصل العلماء الى ان "ليتل فوت" يعود الى 3,67 مليون سنة. وجاء في بيان صادر عن جامعة ويتواترساند في جوهانسبورغ، حيث يعمل رونالد كلارك وفريقه البحثي "ان هذه النتائج مذهلة". واضاف البيان انه من اصل 11 عينة جمعت في العقد الاخير، تبين ان تسعة منها تقع على المنحنى نفسه، ما يجعل النتيجة المتوصل اليها صلبة.
العيش في الغابات المطيرة
في السياق ذاته قال علماء بعد ان عثروا على أدلة قاطعة مستقاة من حفريات لأسنان بشرية عمرها 20 ألف عام اكتشفت في سريلانكا إن البشر تكيفوا مع العيش في الغابات المدارية المطيرة قبل آلاف السنين مما كان يعتقد من قبل. وقال الباحثون إن ثمة جدلا يثور بشأن متى بدأ الجنس البشري في العيش في الغابات المطيرة لأول مرة فيما يقول بعض الخبراء إن الإنسان الأول الذي كان يتغذى على اصطياد الحيوانات وما يجمعه من نبات قبل تعلم حرفة الزراعة ربما كان يهاب أماكن المعيشة تلك.
وتضمنت دراسة نشرت نتائجها في دورية (ساينس Science) العلمية فحص أسنان 26 شخصا عثر على حفرياتهم في عدة مواقع أثرية مختلفة في سريلانكا بحثا عن أدلة إن كان غذاؤهم يتكون من نباتات الغابات المطيرة والحيوانات. وانتزع الباحثون عينات المينا المأخوذة من أسنان صغيرة بالاستعانة بمثقاب ذي طرف من الألماس وحللوها بجهاز يعرف باسم مطياف الكتلة.
وكانت جميع الأسنان تقريبا -بما في ذلك أقدمها التي ترجع الى 20 ألف عام وعثر عليها في مخبأ صخري بمنطقة باتادومبا-لينا في جنوب غرب سريلانكا- تشير إلى تناول الإنسان الأول غذاء ينشأ أساسا في الغابات المطيرة. وقال باتريك روبرتس عالم الأحياء القديمة بجامعة اوكسفورد الذي يدرس تحورات وظائف الجسم البشري بغرض التكيف مع البيئة المحيطة "كان البشر يتكيفون ببراعة للعيش داخل بيئات دينامية من الغابات المطيرة لمدة 20 ألف عام وربما قبل ذلك". وأضاف "كان نمط الحياة كما يمكن ان نرى يتسق والمعيشة في الغابات المطيرة".
ولم يسبق ان عثر العلماء على براهين مباشرة تعضد فرضية ان الإنسان الاول شغل مناطق الغابات المطيرة قبل نحو عشرة آلاف عام. واذا قورنت الغابات المطيرة بأماكن المعيشة المفتوحة لوجد ان الغابات تنطوي على صعوبات جمة منها كثافة الغطاء النباتي ما يعرقل حركة الإنسان البدائي وتنقله علاوة على وجود حيوانات مفترسة رشيقة وصغيرة وسريعة الحركة غالبا ما يمكنها تسلق الأشجار مع انتشار مجموعات متنوعة من النباتات والفاكهة المدهشة بما في ذلك السام منها.
وقال مايك بتراليا وهو باحث آخر في الآثار في اوكسفورد "لكن من الجلي ان مجتمعات الصيد وجمع النباتات في سريلانكا اكتشفت كيفية التأقلم مع هذه الأوضاع". وقال الباحثون إن الإنسان البدائي كان يعتمد على صيد القردة والسناجب العملاقة وأنواع الايائل الصغيرة والشيهم وثدييات أخرى فضلا عن حلزون المياه العذبة والغابات فيما كان يأكل ايضا المكسرات والنباتات النشوية بالغابات المطيرة. وقال روبرتس "تؤكد هذه النتائج الصورة بان الجنس البشري كان متأقلما بصورة خيالية ويمكن القول بإن ذلك هو الذي جعل منا أول نوع يتوسع وينتشر عبر مختلف أرجاء بيئات وظروف الكرة الارضية". بحسب رويترز.
وفيما تطرح الدراسة أقدم برهان مباشر على اعتماد البشر على موارد الغابات المطيرة قال الباحثون إن شواهد أخرى تشير الى ان الانسان ربما يكون قد انتقل الى غابات سريلانكا المطيرة منذ 38 ألف سنة. وقال روبرتس إن جهودا أثرية أخرى في افريقيا وجنوب شرق آسيا وميلانيزيا تشير ايضا إلى ان الإنسان ربما يكون قد استغل موارد الغابات المطيرة منذ 45 ألف عام على أقل تقدير.
كائنات عملاقة وديعة
على صعيد متصل أعلن العلماء اكتشاف حفريات في جنوب شرق المغرب محفوظة بحالة جيدة لكائن ضخم من المفصليات كان يعيش منذ 480 مليون عام. وتضم شعبة المفصليات كائنات لا فقارية منها السلطعون (الكابوريا) والعقارب والحشرات والعناكب وعديدات الأرجل وغيرها. وقال بيتر فان روي أستاذ الكائنات الحية القديمة بجامعة ييل الذي أشرف على هذه الدراسة التي أوردتها دورية (نيتشر Nature) إن هذا الكائن كان من أضخم أفراد المملكة الحيوانية في ذاك الوقت وكان حجمه يصل الى ضعف أي كائن آخر.
لكن على الرغم من ضخامة حجمه كان كائنا وديعا لا يتغذى إلا على العوالق وهي الكائنات الحية الصغيرة العالقة والطافية على سطح الماء. والاسم العلمي لهذا الكائن هو (ايجيروكاسيس بنمولي) ويبلغ طوله 2.1 متر وهو آخر أفراد مجموعة منها بعض من أوائل الكائنات المفترسة التي كانت تعيش قرب فجر نشأة أفراد المملكة الحيوانية. وجميع أفراد هذه المجموعة تقريبا من المفترسات النشطة التي تقتنص فرائسها بالاستعانة بزوائد تبرز من رؤوسها. أما كائن (ايجيروكاسيس) فكان ينتهج اسلوبا آخر في التغذية إذ كانت زوائده شبيهة بالغربال أو المنخل الذي يلتقط كميات كبيرة من العوالق.
وعلى فترات متباعدة من تاريخ نشأة الارض كانت مجموعات حيوانية من المفترسات الضخمة تضم أنواعا كبيرة الحجم تستعين في غذائها بنفس فكرة ترشيح الغذاء أو غربلته ولم تكن من الكائنات التي تعتمد على أنشطة الصيد النشطة. واستغل (ايجيروكاسيس) الانتشار الواسع للعوالق خلال الحقبة الأوردوفيشية وكان في طليعة الكائنات التي بدأت هذا المنحى ليبشر بظهور الحوت الباليني وأسماك القرش التي سادت في العصر الحديث.
وقال فان روي "نظرا لضخامة حجم ايجيروكاسيس وكونه من الكائنات الغريبة أتصور انه ربما كان يخيف الناس إذا شاهدوه اثناء السباحة. لكن على خلاف جميع أفراد مجموعته تقريبا التي كانت من المفترسات النشطة كان هذا الكائن كائنا لطيف وديعا". وكان (ايجيروكاسيس) يتمير بشكل الرأس الشبيه بالطوربيد وبجسمه الانسيابي المستدق الطويل المكون من 11 قطعة وبمجموعتين من الجنيحات -التي تمثل التكوين الأولي الذي نشأت عنه أطراف المفصليات الأكثر تطورا- على جوانب كل جزء من جسمه.
وكانت الجنيحات السفلية تستخدم للسباحة وهي ذات تموجات موزونة الايقاع أما الجنيحات العلوية فكانت تحافظ على استقرار جسم الكائن واتزانه في الماء كما كانت تعمل على توجيهه عندما يسبح بسرعات عالية. أما التكوينات التي تشبه الأشرطة -والتي ربما كانت تعمل كزعانف- فكانت تغطي ظهره. وتخصصت زائدتان قرب الفم فى مساعدته على نمط التغذية من خلال الترشيح مع وجود سلسلة من الأشواك التي تصطف على جانبيها تكوينات تشبه الشعر الخشن تستخدم لجمع الكائنات الصغيرة الحجم. بحسب رويترز.
وقال فان روي "هذا الاكتشاف ينبئ عن أصل المفصليات ومراحل نشأتها الأولى. المفصليات هي أوسع الكائنات انتشارا وأكثرها تنوعا من حيث الشكل الظاهري لتصبح أنجح مجموعات المملكة الحيوانية على وجه الارض". وكانت المجموعة التي ينتمي لها (ايجيروكاسيس) قد ظهرت لأول مرة منذ 530 عاما وتقع في موضع منخفض على سلم تطور المفصليات ما يجعل منها الأسلاف المبكرة لمفصليات العصر الحديث على تنوعها. وينضم (ايجيروكاسيس) إلى العقارب البحرية العملاقة القديمة (جيكيلوبتيروس) والى عديدات الأرجل البرية مثل (آرثروبلورا) بوصفها أضخم المفصيات المعروفة.
تماسيح ضخمة
من جانب اخر قال العلماء إنهم اكتشفوا حفريات في نورث كارولاينا لتمساح ضخم كان يعيش على البر منذ 231 مليون سنة وكان يسير على قدميه الخلفيتين ويعتبر من أشرس الحيوانات المفترسة قبل ظهور الديناصورات. ويعود تاريخ هذا التمساح إلى العصر الترياسي (الثلاثي) وكان قبيح المنظر رشيق الحركة يصل طوله إلى نحو ثلاثة أمتار ويتميز بجمجمة طويلة وبأسنان نصلية الشكل.
ووصفت لينزي زانو عالمة الأحياء القديمة بجامعة ولاية نورث كارولاينا -التي أشرفت على هذا البحث الذي ورد في دورية التقارير العلمية- هذا الوحش بانه "مرعب وبائس". وقال فينس شنايدر عالم الأحياء القديمة بمتحف العلوم الطبيعية في نورث كارولاينا "كان يتسلق أقرب شجرة". والاسم العلمي لهذا التمساح هو (كارنوفيكس كارولاينينسيز) ويعني سفاح كارولاينا نظرا لملامحه المخيفة وهو من الأسلاف المبكرة جدا لأنسال التماسيح لكنه كان مختلفا عن أقرانه من العصر الحديث.
ولم يكن هذا التمساح كائنا مائيا كما لم يكن رباعي الأرجل بل كان يتجول مستعينا بقدميه الخلفيتين في المنطقة الاستوائية الدافئة عندما كانت نورث كارولاينا تتبع مثل هذا النطاق الجغرافي. وكان هذا التمساح يعيش وسط زواحف مدرعة من آكلات العشب على غرار الايتوصور والاقارب المبكرة للثدييات والوحوش الاخرى المفترسة مثل الفايتوصور الضخم ذي الخرطوم الطويل الذي يعيش في الماء وهو من رباعيات الأرجل.
وتمساح كارنوفيكس من الأفراد البدائية لطائفة واسعة من الزواحف تسمى التماسيح المتحورة ومنها جميع صور التماسيح المختلفة التي ظهرت على وجه الارض. وقالت زانو "بوصف كارنوفيكس من أقدم التماسيح المتحورة المبكرة فان هناك بونا شاسعا بينه وبين تماسيح العصر الحديث إذ كان كائنا ارضيا مفترسا رشيق الحركة كان يصطاد فرانسه على البر. وكان كارنوفيكس يفترس المجموعة التي تنتمي اليها تماسيح العصر الحديث."
وعثر العلماء على أجزاء من جمجمة تمساح كارنوفيكس وأطرافه الخلفية ونخاعه الشوكي في محجر بمقاطعة تشاثام ثم قاموا بابتكار نموذج ثلاثي الأبعاد للجمجمة وأكملوا الاجزاء الناقصة بالاستعانة بجماجم كاملة من أقاربه الأقربين. وعاش كارنوفيكس قبل ظهور أول الديناصورات التي كانت كائنات وديعة نوعا ما في العصر الترياسي قبل ان تصبح الحيوانات المهيمنة على وجه البسيطة. بحسب رويترز.
وقالت زانو إن اكتشاف كارنوفيكس يؤكد فرضية انه قبل ان تترسخ اقدام الديناصورات في امريكا الشمالية كان هذا التمساح وابناء عمومته يقومون بالدور الاساسي في وظائف الافتراس. وفيما ظهرت سلائل الديناصورات في نهاية المطاف بوصفها أضخم كائنات أرضية مفترسة في العالم كان تمساح كارنوفيكس وأبناء عمومته -ومنها أفراد من رباعيات الارجل كان طولها يصل الى ثمانية أمتار وأكثر- يمثلون الخصم الشرس للديناصورات في العصر الترياسي.
اضف تعليق