تعد مشكلة المهاجرين غير الشرعيين من اهم واكبر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة الامريكية، فهذا الملف المعقد الذي اثار الكثير من الجدل بسبب اختلاف وجهات النظر السياسية، يعد اليوم وبحسب بعض المصادر، من اهم القضايا حيث تشهد الولايات المتحدة في الوقت الراهن معركة سياسة من اجل اصلاح قوانين الهجرة، التي من شأنها أن تؤدي إلى تسوية أوضاع أكثر من 12 مليون مهاجر مقيم في الأراضي الأمريكية، %80 منهم من دول امريكا اللاتينية. كما يحتل عدد المهاجرين غير الشرعيين حوالى %4.9 من اجمالي أيدي عاملة أمريكية حيث يبلغ عددهم 7.2 مليون عامل تقريبا، وقضية الهجرة انعكست بشكل مباشر على الانتخابات التي تشهدها الولايات المتحدة. ويظن بعض الأمريكيين ان المهاجرين خاصة المهاجرين غير الشرعيين يصبحون أعباء شديدة للمجتمع الأمريكي كما يقلق البعض من تأثيرات المهاجرين في مجال الثقافة وتغيير الهوية الأمريكية في المستقبل، يضاف الى ذلك التحديات الامنية.
وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما وضمن حملته الانتخابية السابقة قد وضع خطة لإصلاح نظام الهجرة، أدت إلى تصويت ملايين من المهاجرين ذوي الأصول اللاتينية لصالحه. وقد اعلن أوباما في عام 2014 عن خطته لتقنين أوضاع أكثر من أربعة ملايين شخص من المهاجرين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة بصورة غير قانونية منذ عام 2010 وطالب في خطته بتقنين أوضاع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين وعدم ترحيلهم خارج الولايات المتحدة ومنحهم تراخيص للعمل والإقامة ما دام ليس لهم سجل إجرامي. وقد شكلت قضية الهجرة غير الشرعية جانبا بارزا
في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية حيث دعا المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة (ومعظمهم من المكسيك ودول أميركا اللاتينية) ودعا إلى بناء جدار على الحدود الأميركية المكسيكية.
واشنطن تطلب المساعدة
وفي ما يخص بعض تطورات هذا الملف تسعى واشنطن لتعزيز التعاون مع عدد من دول أمريكا اللاتينية في التصدي لزيادة كبيرة في أعداد المهاجرين من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط تعتقد أنهم يحاولون الوصول إلى الولايات المتحدة من الجنوب عبر رحلة شاقة بالطائرات والقوارب وسيرا على الأقدام عبر الأدغال. وأظهرت وثائق لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن مسؤولين أمريكيين بمنشأة لاستقبال المهاجرين على الحدود الجنوبية مع المكسيك تولوا فحص حالات عدد يتجاوز 640 مهاجرا من دول خارج الأمريكتين بعد احتجازهم في المركز منذ أكتوبر تشرين الأول 2015.
وأوضح نص ما دار في 14 مقابلة أجريت في المركز وكذلك وثائق أخرى داخلية تخص الوزارة أن المهاجرين يسافرون في كثير من الأحيان جوا إلى البرازيل حيث يحصلون على جوازات سفر مزورة ويتم تهريبهم إلى بنما قبل أن يبدأوا رحلتهم عبر أمريكا الوسطى إلى الحدود الجنوبية المليئة بالثغرات في المكسيك. وفي الوقت نفسه تبين بيانات سلطات الهجرة المكسيكية أن 6342 مهاجرا من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط اعتقلوا وهم يحاولون دخول المكسيك في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بالمقارنة مع 4261 في العام الماضي كله و1831 في عام 2014.
وتشير أعداد المعتقلين على الحدود الأمريكية إلى زيادة مشابهة. ففي الفترة بين أكتوبر تشرين الأول 2015 ومايو أيار 2016 احتجزت السلطات الأمريكية 5350 مهاجرا من أفريقيا وآسيا على الحدود الجنوبية الغربية للولايات المتحدة بالمقارنة مع 6126 في السنة المالية 2015 بأكملها و4172 في السنة المالية 2014. وتزايدت المخاوف الأمريكية من المخاطر الأمنية المحتملة التي قد يمثلها مهاجرون يستخدمون الطريق الجنوبي في السنوات الأخيرة في أعقاب سلسلة اعتداءات حاول منفذوها في الغرب الاقتداء فيها بتنظيم داعش وكذلك بعد الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الأهلية.
وقال مصدر بالحكومة الأمريكية مطلع على التطورات إن خمسة سوريين احتجزوا في نوفمبر تشرين الثاني الماضي كانوا ضمن مجموعة من سبعة سوريين حصلوا على جوازات سفر مزورة في البرازيل ثم سافروا برا إلى الأرجنتين لاستكمال رحلتهم شمالا. ولم يعثر على أدلة تشير إلى أنهم من المتطرفين. وقال مسؤول بإدارة الجمارك والحدود الأمريكية "الواقع أن الأغلبية العظمى من الناس الذين تصادفهم المكسيك من خارج القارة سينتهي بهم الحال على حدودنا."
وأظهرت وثائق داخلية أن ضباط الجمارك والحدود الأمريكيين يتولون تدريب ضباط مكسيكيين في معسكر الاحتجاز في تاباتشولا قرب حدود المكسيك مع جواتيمالا على أساليب إجراء المقابلات وعلى استخدام قواعد البيانات الجنائية الأمريكية في التحقق من هويات المحتجزين. ويقيم في المخيم ضابطان أو ثلاثة من الضباط الأمريكيين منذ أكتوبر تشرين الأول على الأقل حسبما ورد في الوثائق وما قاله المسؤولون الأمريكيون. وسبق أن اعترف مسؤولون مكسيكيون بوجود ضباط أمريكيين على الحدود الجنوبية للمكسيك لكن لم تنشر تفاصيل تذكر عن التعاون بين الجانبين.
وأوضحت مذكرة داخلية أرسلت في مايو أيار الماضي ولم ينشر عنها شيء من قبل أن سلطات الجمارك والحدود الأمريكية بدأت برنامجا تجريبيا لتكرار هذه التجربة في بنما في وقت سابق من السنة المالية الجارية. وقال مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي إن بنما طلبت من الولايات المتحدة تدريب ضباطها. وقال متحدث باسم الهيئة الوطنية للهجرة في بنما إن بنما قبلت عرضا من السفارة الأمريكية لتدريب ضباطها على موضوعات مثل "الأساليب الدفاعية" و"التعامل مع الأشخاص".
وأظهرت الوثيقة التي نشرت في مايو أيار أن أنصار هذا البرنامج في الولايات المتحدة طالبوا بتعزيز الدور الأمريكي في بناء "صورة استخباراتية شاملة" لأنماط الهجرة عبر حدود كولومبيا وبنما. وقال آلان برسين مساعد وزير الأمن الداخلي للشؤون الدولية أمام لجنة بمجلس النواب في مارس آذار إن بنما تقود الجهود في أمريكا الوسطى لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين غير أن من العوامل التي تحد من تحركاتها نقص المساحات المخصصة لاحتجاز المعتقلين وصعوبة ترحيلهم إلى دول لا تربطها بها علاقات دبلوماسية. ونتيجة لذلك يتم إطلاق سراح أغلبهم بعد 30 يوما.
وسلم برسين بزيادة عدد المهاجرين من خارج الأمريكتين وبالتهديد الأمني المحتمل الذي يمثلونه. وقال للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب "في حين أن كثيرين من مواطني تلك الدول يهاجرون لأسباب اقتصادية أو لأنهم هاربون من الاضطهاد في بلدانهم فإن هذه المجموعة قد تضم مهاجرين تربطهم صلات بمنظمات إرهابية أجنبية وبوكالات المخابرات وعصابات الجريمة المنظمة." وقال مسؤولون بوزارة الأمن الداخلي إن الولايات المتحدة نشرت فرقا إضافية من الموجهين في مختلف أنحاء أمريكا الجنوبية والوسطى لتطوير أداء سلطات الهجرة والحصول على معلومات عن المهاجرين الذين يحتمل أن يكونوا مصدر تهديد لكنهم امتنعوا عن ذكر دول بالاسم.
وقال مسؤول آخر بالوزارة إنها طلبت من البرازيل عن طريق القنوات الدبلوماسية وضع حد لعمليات تزوير جوازات السفر. ولم يرد مسؤولون برازيليون على طلب من رويترز للتعليق على ذلك. وذكر مسؤول بالوزارة أن سلطات الجمارك والحدود الأمريكية التابعة للوزارة "تعمل بنشاط على تعزيز التعاون الإقليمي مع سلطات الحدود والجمارك من المكسيك وحتى الأرجنتين." وتوضح وثائق الاحتجاز الصادرة من مركز تاباتشولا مدى استعداد المهاجرين وقدرتهم على دفع آلاف الدولارات للحصول على تذاكر السفر جوا وعلى جوازات سفر مزورة ثم القيام بالرحلة المرهقة بالحافلات والزوارق وسيرا على الأقدام.
ولم يتضح عدد من تم ترحيلهم من بين المحتجزين في المركز أو عدد من طلبوا اللجوء أو أفرجت السلطات عنهم. وقال عدد من بين 14 مهاجرا في أقوال أدلوا بها في الفترة من 18 إلى 23 مايو أيار الماضي إنهم دفعوا أكثر من عشرة آلاف دولار للمهربين وساروا أياما عبر الأدغال واحتجزتهم دول مختلفة لفترات وذلك قبل أن تتوقف مسيرتهم في تاباتشولا.
وحصل ستة منهم على جوازات سفر مزورة يدعون فيها أنهم من إسرائيل أو المغرب أو بلجيكا أو بريطانيا. وضمت المجموعة مهاجرين من باكستان وسوريا وأفغانستان. وفي بنما قال عدد من الرجال إنهم احتجزوا في مركز الهجرة نحو شهر. ومن بنما وصف المهاجرون كيف سافروا في مجموعات أكبر كانت تضم في بعض الأحيان 50 رجلا. وقال رجل من باكستان طلب مسؤولون أمريكيون عدم الكشف عن هويته لأنه لا يزال رهن التحقيق للمسؤولين الأمريكيين والمكسيكيين إنه دفع لمهرب في باكستان 9000 دولار لتهريبه إلى البرازيل حيث حصل على جواز سفر بلجيكي مزور.
وفي البرازيل دفع 4000 دولار لإمراة من أجل نقله بالحافلات والزوارق وسيرا على الأقدام عبر كولومبيا إلى بنما. وأضاف أنه اعتقل في بنما ثم أطلق سراحه. ومن هناك نقله مهرب من لبنان مع 35 مهاجرا آخرين من جنسيات مختلفة إلى هندوراس وفيها سرقت منه كل أمتعته. وأرسلت إليه أسرته المال من باكستان وتمكن من دفع 40 دولارا لتهريبه إلى جواتيمالا. ثم دفع خمسة دولارات لنقله بطوف إلى المكسيك. ومن هناك استقل سيارة أجرة أوقفتها السلطات ونقلته إلى معسكر تاباتشولا.
وقال آدم أيزاكسون محلل السياسات الأمنية والحدودية في جماعة حقوقية لا تهدف للربح اسمها مكتب واشنطن لشؤون أمريكا اللاتينية إن قبول المساعدة الأمريكية في قضايا الهجرة مسألة لها حساسيتها السياسية في المكسيك. وأضاف "غير أن المكسيكيين تقبلوا بهدوء ما تلقوه من معدات وتدريب." وقال متحدث باسم إدارة الجمارك والحدود إن الإدارة أرسلت ضباطا إلى تاباتشولا بناء على طلب من الحكومة المكسيكية. بحسب رويترز.
وقال أرديلو فارجاس فوسادو كبير ضباط الهجرة في المكسيك في شهادته أمام مجلس الشيوخ المكسيكي إن إدارته على علم بطوفان المهاجرين القادمين من خارج الأمريكتين. لكنه أضاف أن غياب العلاقات الدبلوماسية بين المكسيك وكثير من الدول الأفريقية جعل من الصعب ترحيل من يتم القبض عليهم. وبمقتضى القانون لا يمكن للضباط الأمريكيين القبض على المهاجرين من دول أخرى أو ترحيلهم غير أن بإمكانهم جمع المعلومات عمن قد يكون في طريقه إلى الولايات المتحدة. وقال أيزاكسون إن أغلب المهاجرين القادمين عبر أمريكا اللاتينية في طريقهم إلى الشمال يسعون وراء فرصة لتحقيق كسب اقتصادي في الولايات المتحدة. غير أن وزارة الأمن الداخلي تركز على المخاطر الأمنية.
ضربة قوية
على صعيد متصل وجهت المحكمة الاميركية العليا ضربة قوية الى الرئيس باراك اوباما عندما قررت بحكم الامر الواقع تجميد المراسيم الخلافية بشأن الهجرة التي سبق واصدرها. وقال اوباما في رد فوري على القرار، ان هذا المنعطف القانوني "محبط ومؤلم" لملايين الاشخاص، محاولا ادخال هذا السجال في الحملة الانتخابية لاختيار خلف له في البيت الابيض في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وقرار المحكمة الذي وافق عليه اربعة قضاة مقابل اربعة رفضوه، سيعني مواصلة التجميد الحالي لمراسيم اوباما حول هذه المسألة السياسية بامتياز في اوج الحملة الانتخابية الرئاسية. وكان اوباما اعلن في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 سلسلة اجراءات تنظيمية تؤدي عمليا الى تشريع موقت لاقامة ملايين المهاجرين وغالبيتهم من الناطقين بالاسبانية. وتتيح لهم هذه المراسيم الحصول على اذونات عمل باعتبار ان الولايات المتحدة تبقى "امة مهاجرين". الا ان 26 ولاية غالبيتها تحت سيطرة الجمهوريين رفضت تطبيق المراسيم الرئاسية.
وتمكن الجمهوريون في هذه الولايات من الاستحصال على قرارات محاكم تعتبر ان رئيس الدولة تجاوز صلاحياته عندما اصدر هذه المراسيم. وهكذا تكون مبادرة اوباما قد بقيت معلقة، مع انه كان اعتبر هذا الملف في طليعة اولوياته عندما وصل الى البيت الابيض عام 2009. وياتي قرار المحكمة العليا ليبعد كثيرا من امكانية تطبيق هذه المراسيم، خصوصا ان اوباما بات في السنة الاخيرة من ولايته.
وسرعان ما رحب الجمهوريون بقرار المحكمة العليا. وقال كين باكستون النائب العام في ولاية تكساس "ان قرار اليوم يعزز ما نقوله منذ البداية : ان اي شخص حتى ولو كان رئيسا لا يمكنه ان يغير القانون من طرف واحد". ويركز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب على ملف الهجرة في حملته الانتخابية، وهو الذي دعا في احد خطبه الى بناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع عبور المهاجرين ما ساهم في تفاقم الجدل حول الملف. ويقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين بنحو 11 مليون شخص يتحدر نصفهم من المكسيك. بحسب فرانس برس.
وتستهدف المراسيم التي اصدرها اوباما تشريع اوضاع المهاجرين غير الشرعيين الذين مضى على سكنهم في الولايات المتحدة اكثر من خمس سنوات، ولا سوابق اجرامية لهم ولديهم طفل اميركي على الاقل. ورغم هذه المراسيم الهادفة لادماج المهاجرين السريين في المجتمع فان اوباما يبقى الرئيس الذي طرد اكبر عدد من المهاجرين السريين حيث تم طرد نحو 2،4 مليون شخص خلال ولايتيه الى بلدانهم. الا ان وتيرة الطرد هذه تراجعت خلال السنوات الثلاث الاخيرة.
ووعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب بإخضاع المهاجرين لإجراءات مشددة إذا أصبح رئيسا للبلاد مضيفا بأن الأوان قد حان لفرض آليات مراقبة جديدة وإخضاعهم لاختبار إيديولوجي ليتوافق مع القيم الأمريكية. كما تعهد ترامب بالقضاء على تنظيم "داعش" وقال إن هيلاري كلينتون مكنت التنظيم المتطرف من "ميدان عالمي". وأضاف "دقت ساعة نهج جديد"، عارضا حصيلة قاتمة للإجراءات الدبلوماسية والعسكرية التي اتخذها الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون.
وتابع "لقد أحدثنا فراغا يتيح للإرهاب أن ينمو ويزدهر"، معتبرا أن "سياسة هيلاري كلينتون أتاحت تقديم ميدان عالمي لتنظيم داعش". وأكد في المقابل أن "حكومة ترامب ستضع مبدأ بسيطا سيطبق في كل القرارات المتصلة بالهجرة. سنكون حازمين، سنكون حتى متطرفين. لن نقبل في هذا البلد سوى الناس الذين يشاركوننا قيمنا ويحترمون شعبنا". وكرر وعده بـ "تعليق الهجرة التي مصدرها مناطق في العالم هي الأكثر خطورة وعدم استقرار".
أمريكا منقسمة
الى جانب ذلك يقترح ضباط أمريكيون مسؤولون عن الهجرة أخذ بصمات أصابع كل من يطالب بحضانة أطفال دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير مشروع دون رفقة قريب بالغ وهو إجراء يقول معارضوه إنه قد يحدث شتاتا داخل ألوف الأسر. ومع تدفق موجة جديدة من الأطفال القادمين بدون مرافق من أمريكا الوسطى عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك يلقي هذا الاقتراح الضوء على الأهداف المتعارضة أحيانا للهيئات الاتحادية في التعامل مع المهاجرين غير الموثقين وهي مسألة مطروحة في حملات الانتخابات الرئاسية.
ويلزم القانون الحالي كل من يطالب بحضانة طفل يقول إنه والده أو والدته بتقديم شهادة ميلاد الطفل فإن تعذر ذلك يخضع لتحليل الحمض النووي لإثبات البنوة. ويقول مدافعون عن المهاجرين إن اقتراح البصمات سيثني الآباء والأمهات عن طلب حضانة أطفالهم خوفا من أن تستغل إدارة الجمارك والهجرة بصماتهم فيما بعد لملاحقتهم وترحيلهم. ويقول ديفيد ليوبولد وهو محام من كليفلاند يرأس رابطة محامي الهجرة الأمريكيين "قد يثني ذلك الآباء والأمهات عن أخذ أبنائهم إذا ما تصوروا أن ذلك سيقودهم في نهاية الأمر إلى السجن في مكان ما."
وقال مسؤولون من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية المسؤولة عن تسكين الأطفال المهاجرين إنه ليست هناك خطط لتغيير السياسة المتعلقة بأخذ البصمات. وقالوا إن الاقتراح الذي تقدم به مسؤولون من إدارة الجمارك والهجرة في مذكرة داخلية سيؤخر لم شمل الأسر. وقال بوبي جريج نائب مدير خدمة الأطفال بمكتب إعادة توطين اللاجئين في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية "أحد أهدافنا هو وضع الأطفال تحت رعاية مناسبة بأسرع ما يمكننا مع ضمان سلامتهم. لذلك فإن أي تأخير في تسليم الأطفال لذويهم يطيل من فترة ابتعاد الآباء والأمهات عن أبنائهم."
وتقترح المذكرة التي كتبها مسؤولو الجمارك والهجرة استجابة لما ورد في جلسة لمجلس الشيوخ في فبراير شباط توسيع نطاق أخذ البصمات بحيث يشمل الآباء والأمهات. وتقول إدارة الجمارك والهجرة إن ذلك سيسمح بفحص البصمات على قاعدة بيانات تابعة لمكتب التحقيقات الاتحادي للمجرمين للتأكد من هوية الأشخاص الذين يقولون إنهم آباء الأطفال اللاجئين كما سيضمن ألا يذهب الأطفال إلى آباء وأمهات لهم سجل إجرامي. والاقتراح مبدئي ويمكن تعديله. ولم يتضح ما إذا كان سيكسب تأييد البيت الأبيض. بحسب رويترز.
وتقدم وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي التي تتبعها إدارة الجمارك والهجرة النصح لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية وتلعبان دورا في إنفاذ سياسات الهجرة بشكل عام. ومنذ يناير كانون الثاني عام 2014 حتى أبريل نيسان عام 2015 طالب أكثر من 31 ألف أب وأم بحضانة أطفال دخلوا الولايات المتحدة من السلفادور وجواتيمالا وهندوراس وفقا لدراسة أعدها مكتب مساءلة الحكومة وهو وحدة رقابية تابعة للكونجرس. ويشكل هؤلاء 60 في المئة من إجمالي من طالبوا بحضانة أطفال مهاجرين أما الباقون فيقولون إنهم مجرد أقارب لهم وليسوا آباءهم. ولم يطالب سوى 161 شخصا بحضانة أطفال مهاجرين لا تربطهم بهم أي صلة قرابة. والسلطات الأمريكية ملزمة بتوفير منازل للمهاجرين القصر لحين الفصل في محاكمات لتحديد ما إذا كان يتعين ترحيلهم وهي عملية قد تستغرق سنوات.
ثلث المبتكرين في امريكا
في السياق ذاته تبين أن أكثر من ثلث "المبتكرين" في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة مولودون في الخارج، بحسب نتائج دراسة أجراها مركز بحوث في واشنطن من شأنها أن تكسر الصور النمطية المحيطة بالمهاجرين. وقد أظهرت هذه الدراسة التي أطلقتها جمعية "إنفورمايشن تكنولوجي أند إنوفايشن فاوندايشن" (آي تي آي اف) أن المهاجرين يشكلون 35,5 % من "المبتكرين" الأميركيين الذين يأتون "بابتكارات مهمة قابلة للتسويق" في قطاعات على صلة بالتكنولوجيا. ويضاف إلى هذا المعدل نسبة 10 % من المبتكرين المولودين في الولايات المتحدة من أهل ولدوا في الخارج.
وقال أدامس نيجر الذي شارك في الدراسة إن "الفكرة السائدة هي أن أصحاب الابتكارات هم غالبا أشخاص يتخلون عن الدراسات الجامعية لتأسيس شركات ناشئة، مثل بيل غيتس أو مارك زاكربرغ"، لكنه أوضح "هم في أحيان كثيرة مهاجرون حائزون شهادات عالية المستوى عملوا جاهدين طوال سنوات في شركات كبرى". ولا يشكل الأشخاص السود أو من أصول آسيوية أو هندية أو أميركية لاتينية سوى 8 % من أصحاب الابتكارات المولودين في الولايات المتحدة، في حين تشكل هذه الفئة 32 % من السكان. ولا يمثل السود تحديدا الذين يشكلون 13 % من سكان الولايات المتحدة سوى 0,5 % من المبتكرين. بحسب فرانس برس.
وشددت هذه الدراسة على ضرورة اعتماد سياسية أكثر مرونة في مجال الهجرة، فضلا عن دعم المناهج التعليمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وأقر القيمون عليها "نحن بحاجة إلى سياسات تدعم الهجرة وتوسع نطاقها للسماح لأصحاب الكفاءات العالية بالابتكار في الولايات المتحدة، لا سيما منهم المتخرجين الأجانب من الجامعات الأميركية الذين يصعب عليهم في أحيان كثيرة البقاء في البلاد بصورة شرعية" بعد انتهاء دراساتهم. وقد استندت هذه الدراسة إلى تصنيف للابتكارات المهمة، مع الأخذ في الحسبان البراءات المودعة للابتكارات والأبحاث. واتصل القيمون عليها بـ 6418 مبتكرا وتلقوا ردا من 923 منهم.
اضف تعليق