مع استمرار تدهور الاوضاع الامنية والاقتصادية في العديد من دول العالم، ماتزال فصول مأساة المهاجرين غير الشرعيين الساعين الى الوصول لحياة أفضل في الاتحاد الأوروبي متواصلة ومستمرة، حيث يتعرض هؤلاء المهاجرين وخلال رحلتهم للكثير من الانتهاكات والتجاوزات، من قبل عصابات تهريب البشر والحكومات الاوربية، التي سعت الى تشديد اجراءاتها الامنية وقوانينها الخاصة، لاجل منع وصولهم وهو ما اسهم بتفاقم مآسي المهاجرين غير الشرعيين وعرضهم للكثير من الاخطار، حيث اكدت بعض التقارير ان الالاف من المهاجرين قد ماتوا في عرض البحر او في الصحراء خلال السنوات الأخيرة، حيث تسارعت الرحلات غير الشرعية التي تنظمها مافيا بحرية تتلقى آلاف الدولارات من مهاجرين يائسين من دول البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، وفي غياب الرقابة الفعالة على الحدود البحرية بفعل الفوضى الأمنية التي تشهدها بعض الدول، تحولت الشواطئ إلى منطلق خاصة لتجمع عشرات آلاف المهاجرين الساعين إلى بلوغ أوروبا. وغالبا ما تغرق المراكب المطاطية التي تقل مئات المهاجرين ومعظمهم من جنسيات أفريقية، ويجري انتشالها من على شواطئ مناطق متفرقة. وفيما يخص بعض تطورات هذا الملف المهم، فقد لقي اكثر من 4000 مهاجر ولاجىء حتفهم منذ بداية السنة، وقد سجل هذا العدد ارتفاعا بلغ 26% بالنسبة الى الفترة نفسها من العام الماضي، كما اعلنت المنظمة العالمية للهجرة.
ولقي 4027 مهاجرا ولاجئا بالاجمال حتفهم لدى محاولتهم عبور البحر المتوسط، وعلى طرق شمال افريقيا والحدود التركية-السورية ايضا، كما جاء في بيان للوكالة من مقرها في جنيف. وسجلت اكبر حصيلة في البحر المتوسط، لدى مصرع 3120 شخصا بالاجمال بين الاول من كانون الثاني/يناير و31 تموز/يوليو، كما ذكرت المنظمة العالمية للهجرة. ويشكل العبور الى ايطاليا اكثر الطرق البحرية خطورة، حيث قتل حتى الان 2692 شخصا، بفارق كبير عن حصيلة القتلى على الطرق المؤدية الى اليونان (383 قتيلا) والى اسبانيا (45 قتيلا).
وكشفت المنظمة العالمية للهجرة حصيلتها عن حوادث الاختفاء في البحر المتوسط، بعد العثور اخيرا على 120 جثة على شواطىء مدينة صبراتة الليبية. وقد عثر على 87 جثة غارقة على شاطىء هذه المدينة التي تبعد 70 كلم غرب طرابلس. وعثر على 33 جثة اخرى في الايام الاخيرة. ولم تستطع المنظمة العالمية للهجرة ولا خفر السواحل الليبيون الذين كانوا اول من تحدث عن وجود هذه الجثث امام صبراتة، ان يقولوا ما اذا كانت حوادث الاختفاء هذه هي نتيجة حادث او حوادث غرق زوارق مهاجرين.
وقال المتحدث باسم المنظمة العالمية للهجرة جويل ميلمان ان المسافرين كانوا يحاولون على ما يبدو الوصول الى ايطاليا. وبغض النظر عن البحر المتوسط، كانت شمال افريقيا هذه السنة اخطر منطقة للراغبين في الهجرة من خلال مصرع 342 شخصا. وكان هؤلاء المهاجرون ضحايا المهربين و"السلطات الوطنية"، كما ذكرت المنظمة العالمية للهجرة، محذرة من تزايد عدد الوفيات بطريقة عنيفة على الطرق التي تعبر شمال افريقيا. والمهاجرون واللاجئون الآتون من سوريا، دفعوا ايضا ثمنا باهظا لدى محاولتهم اجتياز الحدود الى تركيا. ومنذ بداية السنة، قتل 64 طالب لجوء سوري برصاص حرس الحدود الاتراك، وفق المنظمة العالمية للهجرة.
جثث مسجاة
في السياق ذاته سجيت جثث 21 امرأة ورجل واحد بينما وصف مهاجرون ناجون كانوا يرافقونهم في رحلتهم مشاهد الفزع والعنف عندما تدفقت المياه إلى قاربهم. بعض الناجين بدت على أجسادهم علامات العض لتشهد على صراع مرير على متن القارب للفرار من الموت. وعثر على القارب المنكوب طافيا قبالة ساحل ليبيا حيث أنقذت جماعة أطباء بلا حدود نحو 104 ناجين وانتشلت الجثث المشوهة.
وقال ركاب إن مهربي البشر في ليبيا كدسوا أعدادا كبيرة للغاية من المهاجرين في القارب الذي انشقت أرضيته بعدما شق طريقه في البحر ليكون فخا فقدت فيه شابات كن يجلسن في القسم الأوسط منه أرواحهن. وقالت امرأة نيجيرية تدعى ماري وتبلغ من العمر 24 عاما لأطباء بلا حدود "واصلت طلب المساعدة. لا أحد يساعد. كانوا يتسلقون عليَّ للبقاء بعيدا عن الماء. ظننت أني سأموت. كان عليَّ أن أعض كي أتمكن من التنفس. المرأة التي عضضتها قامت. الرجال كانوا واقفين فوقي. امرأة وقفت على وجهي ..امرأة كانت حاملا توفيت. كنا تحت الماء معا."
وقالت إرنا ريينيرس الطبيبة بأطباء بلا حدود التي كانت على متن سفينة الإنقاذ (إم.في أكويرياس) إنه كان هناك صمت غريب عندما اقتربوا من القارب وكان من الواضح أنه كان هناك صراع. وأضافت "يمكنك معرفة ذلك من خدوش الأظافر على أذرع الناس وسيقانهم لكن لدينا أيضا عشرة أشخاص على أذرعهم وظهورهم وكذلك أسفل ظهورهم وكواحلهم آثار عضات بشرية." بحسب رويترز.
وأبلغت ماري أطباء بلا حدود أنها احتجزت في سجن بليبيا - حيث كثيرا ما يحتجز المهاجرون هناك - لشهرين قبل أن تجد مكانا على القارب. وقالت رينيرس إنها تعتقد أن الكثير من الضحايا كانوا محتجزين قبيل الرحلة وكانوا على درجة من الوهن تحول دون أن يصارعوا ليبرحوا أرضية القارب. وتحدثت ماري واصفة معاناتها في الحبس قبل أن تتمكن من الفرار والالتقاء بزوجها "كان هناك اغتصاب. كانوا يبحثون عن الفتيات الصغيرات ..لا يمكنك أن ترفضي ..لديهم بنادق ويصيحون ويتحدثون بلغتهم." وحث ناج آخر من نيجيريا يدعى ديفيد وعمره 30 عاما من ينوون القيام بالرحلة الخطرة على العدول عن ذلك. وأضاف "ركوب القارب بالغ الخطورة. هذه هي الحقيقة. أشعر بحزن على النساء اللائي توفين. ما كان من المفترض أن يحدث ذلك."
مأسي مستمرة
الى جانب ذلك قالت البحرية الإيطالية إن رفات ما يصل إلى 675 شخصا انتشلت من حطام سفينة كانت تقل مهاجرين غرقت في 2015. جاء الإعلان بعدما أنهت السلطات الإيطالية عملية لانتشال الجثث من أحد أسوأ الكوارث التي شهدها البحر المتوسط. وانقلبت سفينة الصيد بالقرب من ساحل ليبيا في أبريل نيسان 2015. وقال الناجون في البداية للمحققين إن ما يصل إلى 800 شخص كانوا مكدسين على متنها.
وتسببت صعوبات لوجيستية في تأخير انتشال الحطام من قاع البحر وهو ما تم قبل نحو أسبوعين فقط وجرى قطره إلى صقلية حيث تمكنت سلطات الطوارئ أخيرا من فتح جسم القارب الذي كان الكثير من اللاجئين محاصرين فيه. وقال نيكولا دي فيليتشه القائد في البحرية في مؤتمر صحفي أقيم لإعلان انتهاء العملية إن سلطات الطوارئ عثرت على رفات 458 شخصا داخل جسم القارب. وبإضافة هذا الرقم لمن عثر عليهم في البحر في أماكن مجاورة يرتفع عدد القتلى المؤكد إلى نحو 675 شخصا. وسيبقى الرقم تقريبيا نظرا لأن بعض الضحايا لن يتم على الأرجح العثور على جثثهم وأيضا بسبب تحلل الكثير من الجثث التي تم انتشالها. ومنذ العام 2014 ارتفع عدد الضحايا في البحر المتوسط بشكل كبير.
على صعيد متصل نقلت صحيفة الوطن عن مصادر قضائية جزائرية حدوث محاولة انتحار جماعية لمهاجرين في عرض البحر المتوسط بالقرب من سواحل مدينة عنابة شرق الجزائر العاصمة. وحاولت مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين، أو كما يطلق عليهم بالعامية الجزائرية "الحراقة"، وكتبت اليومية الناطقة باللغة الفرنسية، أن الحادثة وقعت عندما رفضت مجموعة متكونة من ثمانية مهاجرين، أحدهم قاصر، الانصياع لأوامر حرس السواحل الجزائريين بتوقيف محرك مركبهم التقليدي وتسليم أنفسهم، حيث هدد اثنان منهم بإحراق نفسيهما إذا لم يتركوا المجموعة تواصل طريقها بينما كانت تقترب من المياه الإقليمية الدولية.
وأمام إصرار حرس الحدود إفشال مخطط الهجرة غير الشرعية، الذي صار القانون الجزائري يعاقب مرتكبيه بالسجن النافذ، نفذت المجموعة تهديدها بإضرام النيران في المركب بفضل كميات البترول التي كانت تحملها على القارب، لتلتهم النيران في حدود ثوان قليلة المركب وتصيب من عليه بحروق بالغة قبل أن يرمي المهاجرون أنفسهم في الماء. بحسب فرانس برس.
وحسب الصحيفة الجزائرية، تم نقل المجموعة التي كانت تتراوح أعمار أفرادها بين 17 و50 سنة، إلى مستشفى ابن سينا بمدينة عنابة، لتقوم بعدها الشرطة العسكرية بتحويلها إلى المدعي العام والاستماع إلى أقوالها، واقتراح توجيه تهمة "محاولة القتل العمد" لأفرادها. وحسب مصادر قضائية جزائرية، فإن السلطات أطلقت سراح المهاجرين بعدما فرضت عليهم غرامة مالية قيمتها 20 ألف دينار جزائري.
الموت في الصحراء
على صعيد متصل قالت منظمة تتابع تدفق المهاجرين إن المهاجرين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا قد يتعرضون للموت بأعداد أكبر في الصحراء الكبرى الأفريقية من الآلاف الذين غرقوا في البحر المتوسط. وقال تقرير أعدته منظمة (4إم.آي) - وهي تابعة لمجلس اللاجئين الدنمركي- إن المنظمة لديها إفادات شهود تشير إلى أن عبور البحر قد يكون أقل خطرا من المرحلة التي تسبقه وهي الرحلة الطويلة التي يقطعونها عبر الصحراء التي قد يختفي فيها الكثيرون ولا يعثر لهم على أثر.
وقال التقرير "المهاجرون واللاجئون من القرن الأفريقي الذين يصلون إلى ليبيا ومصر أو أوروبا يشيرون باستمرار إلى أن عددا أكبر من الأشخاص قد يموتون خلال عبور الصحراء الكبرى من أولئك الذين يموتون وهم يعبرون البحر المتوسط لكن لم تتوفر بعد بيانات موثقة بشأن أعداد القتلى من المهاجرين في الطرق البرية." وأضاف التقرير أن مقابلات مع أكثر من 1300 مهاجر في الفترة بين عامي 2014 و2016 وفرت معلومات عن مقتل نحو 1245 شخصا كانوا مسافرين عبر ليبيا والسودان ومصر.
وقال التقرير "العدد الصغير نسبيا للمهاجرين الذين أجرينا معهم مقابلات ... يشير إلى أن عدد 1245 قتيلا هو مجرد تقدير متحفظ للأعداد الحقيقية لمن ماتوا." وأضاف التقرير أنه على الرغم من أن ذلك الرقم قد يشمل أيضا أشخاصا تم احتسابهم أكثر من مرة إلا أنه سيكون "من الواضح أن نفترض أن أعداد المهاجرين واللاجئين الذين يموتون قبل بلوغ السواحل في مصر وليبيا هو أعلى من الأعداد التي تموت في البحر."
وتعد هذه الدراسة على الأرجح أول محاولة لتقدير عدد الوفيات غير المسجلة على نطاق واسع بين المهاجرين في الصحراء. ويهرب أغلب هؤلاء من الفقر المدقع وغياب القانون والحروب ويبحثون عن وظائف وحياة آمنة في أوروبا. وتقول المنظمة الدولية للهجرة إنها على دراية بمقتل أو فقد نحو 103 أشخاص في الصحراء وشمال أفريقيا في 2015 لكنها تعتقد أن الحصيلة الحقيقية أعلى من ذلك بكثير. بحسب رويترز.
وأكثر الأسباب التي ذكرت وأدت للموت بين 1245 شخصا أحصاهم التقرير هو المرض ونقص الدواء ثم الموت جوعا وحوادث السيارات وإطلاق النار والطعن. كما أحصى التقرير 44 حالة وفاة وقعت بسبب اعتداءات جنسية. وحتى الآن هذا العام غرق 2505 أشخاص في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا مقارنة بغرق 2892 شخصا في عام 2015 بكامله.
اجراءات واحداث
من جانب اخر أعلنت الشرطة الإيطالية وكما نقلت بعض المصادر، أن أجهزة الشرطة في إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا ألقت القبض على 4 أشخاص في عملية منسقة استهدفت مجموعة يُشتبه بتهريبها مهاجرين إلى إيطاليا في شكل غير مشروع من دول البلقان. وأضافت الشرطة أنه تم إلقاء القبض على 2 في شمال إيطاليا وعلى 1 في بودابست وآخر في مدينة ماريبور في سلوفينيا. ويواجه الأربعة تهمة التآمر الجنائي ومساعدة الهجرة السرية والتحريض عليها.
وقالت الشرطة الإيطالية في بيان إن المشتبه بهم جزء من مجموعة إجرامية متعددة الجنسيات، نشأت في باكستان واتخذت من ميلانو مقراً لها. وتابعت في بيانها أن المجموعة نقلت مهاجرين باكستانيين وبنغالاً وأفغاناً من هنغاريا إلى إيطاليا ودول في شمال أوروبا، بعد أن خبأتهم في شاحنات نقل واستخرجت لهم وثائق مزورة. وقالت إن هذا العمل يدر ربحاً يصل إلى 500 ألف يورو سنوياً.
في غضون ذلك، عاد الهدوء إلى منطقة الحدود الفرنسية الإيطالية، غداة اقتحام أكثر من 100 مهاجر الحواجز الأمنية المقامة على الحدود في مدينة فينتيميليا الإيطالية، حيث تمكنوا من العبور إلى فرنسا. وأجرت شرطة الحدود الفرنسية والإيطالية عمليات تفتيش معتادة للسيارات مع عبورها أحد جانبي الحدود إلى الآخر. وكان جورجيو مارنكو قائد شرطة فينتيميليا ذكر أن المهاجرين توقفوا عند منطقة صخرية قرب مدينة منتون على ساحل الريفيرا الفرنسي، بعد اقتحامهم الحدود ، وكانوا لا يزالون هناك عند حلول المساء تحت مراقبة الشرطة الفرنسية. وأظهر تسجيل فيديو على موقع صحيفة نيس ماتو مجموعة أشخاص حاولوا شق طريقهم عبر الصخور تتبعهم قوات الشرطة. وسار البعض نحو الشاطئ. ولم يتضح بعد كيف تمكنوا من تخطي قوات الشرطة.
على صعيد آخر، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لمكتب السكان واللاجئين والهجرة آن ريتشارد، إن الولايات المتحدة أعادت توطين 8 آلاف لاجئ سوري داخل الولايات المتحدة مع حلول نهاية السنة المالية. وأضافت ريتشارد أنه سيجرى نشر أفراد أميركيين إضافيين للتحقق من حالات المهاجرين في الخارج وأن لاجئين آخرين تم التحقق من أوضاعهم وينتظرون إعادة التوطين. وتابعت ريتشارد ومسؤولون آخرون في الإدارة في اتصال هاتفي مع الصحافيين أن العدد الإجمالي للاجئين السوريين في الولايات المتحدة ربما يتجاوز هدف الـ10 آلاف لاجئ، مع نهاية السنة المالية في 30 أيلول (سبتمبر) المقبل.
اضف تعليق