q

اصبحت ظاهرة العنصرية من اخطر المشكلات التي تهدد امن واستقرار العديد من دول العالم، فقد اكدت تقارير كثيرة تزايد حدة المنازعات الاثنية وتفشي الممارسات العنصرية الموجهة ضد الفئات الضعيفة، مثل المهاجرين واللاجئين والاقليات الاثنية والدينية وانكار حقوقهم الاساسية، وما يثير القلق حقا هو ان العنصرية باتت وبحسب بعض المصادر، تأخذ اشكالا جديدة يصعب اكتشافها ومحاربتها عن طريق القوانين باستخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة لنشر العنصرية والتحريض عليها، خصوصا مع تنامي الفكر اليميني المتطرف الذي استفاد كثيرا من تفاقم وانتشار خطر الارهاب والتنظيمات المتشددة، وقد اكدت بعض التقارير ايضا وجود العديد من مواقع الدعاية للعنصرية على شبكة الانترنيت، والتي تزايدت في السنوات الاخيرة لتصبح اكثر من اربعة الاف موقع، تقوم ببث الاكاذيب والدعايات من اجل التحريض ونشر الكراهية، الامر الذي دفع بعض الجهات والمنظمات الى اعلان حرب مضادة من اجل الحد من هذه الظاهرة.

وفي هذا الشأن فقد شكل آلاف الألمان سلاسل بشرية احتجاجا على العنصرية في عدد من المدن الكبرى ردا على موجة من الجرائم المدفوعة بالكراهية ضد الأجانب بعد وصول ما يربو على مليون مهاجر إلى ألمانيا العام الماضي. وقال منظمون إن أكثر من 20 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات في برلين وهامبورج وميونيخ وليبزج وبوخوم في حين أحصت الشرطة عدد المتظاهرين بأنه زاد على عشرة آلاف.

وشارك في تنظيم السلاسل البشرية جماعات كنسية واتحادات عمال ومنظمات لحقوق الإنسان تحت شعار "يدا بيد ضد العنصرية - من أجل حقوق الإنسان والتنوع." وقال راينر هوفمان رئيس اتحاد النقابات الألماني إن الإقبال أظهر أن كثيرا من الألمان ما زالوا يدعمون "ثقافة الترحيب" التي استقبلت المهاجرين الوافدين العام الماضي. ودعا هوفمان الحكومة لتعزيز جهودها ليس فقط من أجل دمج المهاجرين بل ولتنفيذ إصلاحات من شأنها دعم العمال الذين يحصلون على أجور ضعيفة. وقال هوفمان محذرا "لا ينبغي أن نجعل (الفئتين) في مواجهة بعضهما البعض."

وتتصدر ألمانيا جهود دمج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية بعد أن وفد إليها أكثر من مليون مهاجر العام الماضي وحده معظمهم مسلمون فارون من الحرب والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وأماكن أخرى. وزاد تدفق المهاجرين من حدة التوترات في ألمانيا حيث وصل عدد جرائم المتشددين من الجناح اليميني بحسب سجلات الشرطة إلى معدل قياسي العام الماضي. كما زادت الهجمات على مراكز إيواء اللاجئين بمعدل خمسة أمثال.

وصار حزب البديل من أجل ألمانيا المناوئ للهجرة قوة سياسية على مدار العام الماضي بعد وصمه الإسلام بأنه لا يتوافق مع الدستور الديمقراطي لألمانيا ومطالبته بحظر المآذن والحجاب. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن ألمانيا لم تعد قادرة على مواجهة الزيادة في الجرائم المدفوعة بالكراهية وعلامات "العنصرية المؤسسية" بين وكالات إنفاذ القانون.

التمييز العنصري

الى جانب ذلك انتقل جدل التمييز العنصري الذي ترافق مع جوائز اوسكار لهذا العام الى ملاعب كرة القدم بسبب غياب المدربين السود عن البطولات الاوروبية المحلية الخمس الكبرى. "بامكاننا ان نلعب لكن لا يسمح لنا بان نتولى مهمة قيادية، ربما خلق الرجل الاسود من اجل تنفيذ الاوامر وحسب"، هذا ما قاله بامتعاض مدرب جمهورية الكونغو الديمقراطية فلوران ايبينغيه، مضيفا: "يجب ان تسألوا المالكين (الاندية). انهم موجودون هناك، مدربون بما فيه الكفاية لكن لا احد يثق بهم".

ويأتي هذا الامتعاض بعد ايام معدودة على الجدل الذي حصل في الولايات المتحدة بسبب غياب اي ممثل اسود عن ترشيحات جوائز اوسكار، ما دفع عدة شخصيات بارزة في مجال السينما الى مقاطعة حفل تسليم الجوائز الذي اجري في وقت سابق، أبرزها المخرج سبايك لي الذي نال هذه السنة "أوسكار" فخرية عن مجمل مسيرته والممثل ويل سميث وزوجته جادا بينكيت-سميث.

وبدوره قال سامسون سياسيا الذي استلم مهمة تدريب منتخب نيجيريا موقتا: "الاندية الاوروبية نادرا ما تمنحنا الفرصة وهي لا تثق بنا. العديد منا لم يكتفوا وحسب باللعب على اعلى المستويات في اوروبا، بل ابدعوا ايضا". وواصل: "لكن حتى عندما نحصل على اجازاتنا التدريبية هناك (اوروبا)، فهذه الاندية لا تمنحنا الفرصة التي نحتاجها من اجل نظهر ما بامكاننا تحقيقه خارج ارضية الملعب".

ولا يوجد في الوقت الحالي اي مدرب اسود في الدوري الانكليزي الممتاز والهولندي جيمي فلويد هاسلبانك هو المدرب الاسود الوحيد في دوري الدرجة الاولى الانكليزي. كما يغيب المدربون السود عن دوري الدرجة الاولى في فرنسا ووحده مدرب باريس سان جرمان السابق انطوان كومبواريه من البشرة السمراء في دوري الدرجة الثانية مع فريق لنس. اما الملاعب الايطالية، فغاب عنها المدربون السود منذ رحيل الهولندي كلارنس سيدورف عن ميلان عام 2014 بعد اربعة اشهر فقط على استلامه منصبه، في حين لا يوجد اي مدرب من البشرة السمراء في الدوري الالماني.

"اصبح من الواضح لماذا لا يتم اختيارنا"، هذا ما قاله كريس رامسي الذي اشرف لفترة قصيرة على تدريب كوينز بارك رينجرز في الدوري الانكليزي الممتاز، وذلك في اطار تسليط الضوء على الصعوبات التي تواجه المدرب الاسود. واضاف: "كانت رحلة طويلة وصعبة للغاية. يجب عليك ان تواصل مشوارك وان تحرص على عدم الاستسلام. في بعض الاحيان، هناك اتجاه لاحراج الناس من خلال عدم اخفاء السبب الذي يقف خلف عدم اختيارهم".

"لا اريد ان اسمي ما يحصل، لكن شيئا ما ليس صحيحا"، هذا ما قاله سياسيا الذي دافع عن الوان نانت الفرنسي ولوكرن البلجيكي قبل ان يتحول الى التدريب، متسائلا: "اين هو جون بارنز مع كل ما حققه في ليفربول ورغم انه ترعرع في انكلترا؟ لم يمنح فرصا كثيرة هناك كمدرب". ودعت رابطة اللاعبين المحترفين في انكلترا الى الاحتكام لنفس قاعدة "روني" التي طبقت في دوري كرة القدم الاميركية منذ 2003 واجبرت الاندية على اجراء مقابلات مع مرشحين من الاقليات عندما تكون هناك مناصب شاغرة في التدريب او الادارة.

وتمت تسمية هذا القانون على اسم دان روني، مالك نادي بيتسبورغ ستيلرز ورئيس لجنة التنوع العرقي في دوري كرة القدم الاميركية، وذلك بسبب تاريخه الطويل في منح الاميركيين من اصل افريقي مناصب قيادية في الفريق. وردت رابطة الدوري الانكليزي الممتاز على هذه المطالبة بالاشارة الى انها لن تطبق هذه القاعدة في المستقبل القريب لكنها ستطلب من اندية الدرجات الدنيا البدء باختبارها.

ويؤكد مهاجم انكلترا السابق ليس فرديناند ان اندية الدوري الممتاز اصلا لا تجري مقابلات عمل للمناصب الشاغرة الا في حالات نادرة، مضيفا: "عادة، انها تعرف الرجل التالي الذي تريده" بعد ان يصبح المنصب شاغرا. ويرى العالم الاجتماعي الفرنسي باسكال بونيفاس الذي اصدر كتابا مع باب ضيوف، الرئيس الاسود السابق لنادي مرسيليا، بان اللاعب الاسود لن يتكبد مشقة المرور بكافة المراحل "الديبلوماسية" اذا "كنت لن احصل على اي عمل في كافة الاحوال".

ومن جهته، يشير سياسيا الى ان "الكثير منا يملكون سجلات جيدة كلاعبين ثم كمدربين، لكن لان الاندية الاوروبية لا تثق بنا، ينتهي بنا الامر بالاكتفاء بشيء اخر، وحتى عندما تمنحنا (الاندية الاوروبية) الفرصة، فهي سرعان ما تتخلص منا". وحتى ان عددا كبيرا من الفرق الافريقية تفضل التعاقد مع مدربين اوروبيين، على غرار المنتخب المغربي الذي تعاقد مع الفرنسي هيرفيه رينار الذي سبق له ان قاد ساحل العاج وزامبيا للفوز بكأس الامم الافريقية. ويرى ايبينغيه ان على الاتحاد الافريقي الاستثمار بشكل اكبر في تدريب المدربين السود، مضيفا: "نحن كأفارقة، نطلب من قادتنا عدم التسامح بعد الان مع المعايير التمييزية مثل العرق والجنسية".

من جانب اخر فرض على فرع تابع لمصنع السيارات الياباني "تويوتا" يقدم القروض لشراء المركبات في الولايات المتحدة دفع 21,9 مليون دولار بسبب إجراءات زادت من كلفة القروض المقدمة للأقليات العرقية، على ما كشفت السلطات الأميركية. فقد سمحت "تويوتا موتور كريديت" التي يجري التحقيق في شأنها منذ العام 2013 لبائعي السيارات بأن يفرضوا استنسابيا كلفة اضافية على القروض الممنوحة للشراة.

وجعلت هذه الإجراءات الزبائن السود أو الآسيويين يدفعون المزيد للحصول على قروض، أكثر من البيض الذين يتمتعون بدرجة الملاءة نفسها، على ما كشف مكتب حماية المستهلكين الأميركيين (سي اف بي بي) الذي أجرى التحقيق بالتعاون مع وزارة العدل. وكان الفارق يصل إلى مئتي دولار للسود ومئة دولار لأفراد بقية الأقليات، وفق السلطات التي أحصت الضحايا بالآلاف. ولم تميز "تويوتا موتور كريديت" بين زبائنها "عن قصد"، لكن النظام الاستنسابي الذي اعتمدته "تسبب بهذه الممارسات التمييزية"، وفق البيان الصادر عن هيئة المستهلكين. بحسب فرانس برس.

وسينشئ الفرع التابع لمجموعة "تويوتا" اليابانية صندوقا تتخطى قيمته 22 مليون دولار للتعويض على هؤلاء الزبائن. ودحضت "تويوتا موتور كريديت" على موقعها الإلكتروني فكرة قيامها بأي انتهاك أو ممارسات تمييزية، مؤكدة أنها لا تطلع على "عرق الزبائن وطالبي القروض"، إذ أنها لا تقدم لهم القروض مباشرة.

الوسيلة الانجح

في السياق ذاته وبعد اكثر من عشرين عاما على انتهاء نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، ما زالت العنصرية مسألة شديدة الحساسية في هذا البلد، الا ان الفكاهيين الساخرين يتناولون هذا الموضوع الذي يعد من المحرمات مخاطبين جمهورا متعدد الاعراق. وفي المهرجان الدولي للفن الساخر الافريقي الذي اقيم قبل اسابيع قرب جوهانسبورغ، قالت احدى الحاضرات وهي شابة في الرابعة والعشرين تدعى ماهلاتسي "لم يكن نظام الفصل العنصري مضحكا ابدا، لكن النكات التي تروى عنه رائعة". وترى هذه الشابة السوداء ان الضحك على هذه النكات هو اسلوب "علاجي".

وتجلس الى جانب ماهلاتسي صديقتها البيضاء اليزما البالغة 26 عاما، وتقول ان هذه الفنون الساخرة من المفاهيم العنصرية "تساعدنا على ان نفهم بعضنا ويتقبل احدنا الآخر". ومن اشهر الفنانين المتناولين لهذه القضية، تريفور نوا، وهو يعد رائد هذا النمط الساخر، وقد استفاد في ذلك من كونه ابن رجل سويسري ابيض وسيدة سوداء من جنوب افريقيا. ويقول "لقد نشأت في جنوب افريقيا في حقبة كان يطلق عليها اسم الفصل العنصري، وقد اوقفت مرة لانها كانت مع ابي، وسجنت في عطلة نهاية اسبوع، لكنها قالت بعدما خرجت: لا اهتم، لا احد يمكنه ان يملي علي من احب".

ونال تريفور نوا البالغ من العمر اليوم 31 عاما شهرة دولية، ومنذ ايلول/سبتمبر الماضي، انتقل لتقديم برنامج ذي ديلي شو الاميركي الشهير في الولايات المتحدة. وعلى خطى تريفور نوا، سار عدد من الفنانن الساخرين في جنوب افريقيا، من السود والبيض، ومعظمهم من الشباب. وهم يحاولون ان يوسعوا آفاق السخرية وروح الدعابة في بلد ما زال يحمل ندوب قرون من قمع اقلية من البيض لاكثرية من السود واضطهادهم.

ومن هؤلاء الفنانين سيفيسو نين، وهم ممثل من الزولو عمره 34 عاما، وهو يسخر من السود اكثر مما يسخر من البيض، ويقول مثلا "من الصعب ان تكون اسود في جنوب افريقيا لانك تحتاج الى قرية لتربي ابنك، اما ان كنت ابيض فلا تحتاج سوى الى مربية واحدة سوداء". ويشرح انه اشار في قوله هذا الى طفولته موضحا "كانت والدتي عاملة منزلية تربي اطفال البيض، اما انا فكانت القرية بأسرها تحاول ان تعتني بي".

ويسخر الممثل دانيال فريدمان من المخاوف على الاقلية البيضاء في البلاد، وينشد قائلا "انسوا حيوانات وحيد القرن، علينا ان ننقذ البيض" من الانقراض، وهو يداعب اوتار قيثارته، فيما ينفجر الجمهور المختلط الاعراق في الضحك. ويقول فريدمان بعد انتهاء احد عروضه في جوهانسبورغ "الحديث عن الاعراق ما زال من المحرمات، لكنه الموضوع الشعبي الاول". وبفضل دستور تقدمي اقر في العام 1996، اي بعد عامين على سقوط نظام الفصل العنصري، يحظى الفكاهيون بحرية تعبير واسعة. بحسب فرانس برس.

ويقول المنتجون في جنوب افريقيا ان مجال الفن الساخر يلقى انتشارا وقبولا في البلاد، وان عدد المشتغلين بهذا الفن بات بالمئات بينما لم يكن يتعدى العشرة في عهد الفصل العنصري. ويقول الفنان الساخر الشهير كاغيسو ليديغا "مع ان الافارقة ما زالوا محافظين ثقافيا، الا انهم يتعلمون الآن كيف يسخرون من معاناتهم ومن حكوماتهم".

محاربة العنصرية

على صعيد متصل أطلقت الحكومة الفرنسية في وقت سابق حملة توعية ضد العنصرية من خلال وصلات إعلانية صادمة تبث على وسائل الإعلام. وتتضمن الوصلات لقطات من اعتداءات لفظية وجسدية مستوحاة من الواقع، كثير من المسلمين واليهود والسود تعرضوا لها. وتؤكد الوصلات أن "العنصرية تبدأ بكلمات وتنتهي بالبصاق والضرب والدم"، داعية الجميع إلى التحرك ضد كل أشكال الحقد ورفض الآخر، خاصة الأحكام الجاهزة التي تستهدف مجموعة ما لاختلافها في الدين أو العرق أو اللون، وتؤدي في آخر المطاف إلى العنف والاعتداء الجسدي.

وتبدأ جميع الكليبات بجملة أن المشاهد "مستوحاة من وقائع حقيقية"، محذرة من كونها "قد تكون صادمة"، وتنتهي بالدعوة إلى التعبئة الشاملة ضد العنصرية، وذلك بعبارة "لنتحرك جميعا، الكل ضد الحقد". وتظهر إحدى هذه الوصلات مسلما يتعرض للضرب من قبل ثلاثة أشخاص، بشكل متزامن مع حديث يسمعه المشاهد حول بعض الأحكام الجاهزة التي يروجها المعادون للعيش المشترك مع المسلمين.

وجاء في الحديث قول شخص بأنه "يخشى من تزايد عدد المسلمين في فرنسا"، وأنه "يراهم في كل مكان"، ويرد عليه ثان "إن لم نقم بشيء فإن فرنسا ستتحول إلى بلد إسلامي في ظرف 20 عاما"، ويتدخل شخص ثالث على الخط ويتهم المسلمين "بالإرهاب". وفي فيديو آخر، نشاهد شابا أسودا يتعرض للضرب، في وقت يدور فيه حديث بين أشخاص على أن "السود مختلفون" وأن "المسألة جينية"، ويتدخل صوت نسوي بالرد على أن السود "يكثرون الأبناء حتى يحصلوا على الكثير من المساعدات الاجتماعية المادية، ما يجعلهم يستغنون عن العمل".

وتضاعفت الأعمال المعادية للمسلمين ثلاث مرات في 2015، إذ بلغت 400 خلال العام، وفق تصريح سابق لوزير الداخلية برنار كازنوف، الذي أوضح أن نصف هذه الأعمال سجلت في أعقاب الاعتداء الإرهابي على صحيفة أسبوعية "شارلي إيبدو" في يناير/كانون الثاني من السنة الماضية. بحسب فرانس برس.

ويظهر فيديو آخر من هذه الوصلات تعرض يهودي للضرب من قبل أشخاص بسبب ديانته، في الوقت التي نسمع فيه على نفس الفيديو حديث يحيل المشاهد على الأحكام الجاهزة التي تنتشر في المجتمع الفرنسي بشأن هذه الفئة. ويأتي في الحديث أن "اليهود يراقبون كل شيء الإعلام والمصارف"، و"إنهم أغنياء، وينجحون في تقديم أنفسهم أمام المجتمع على أنهم ضحايا". وكان رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس صرح في يناير/ كانون الثاني أن بلاده "ستضع كل قوتها من أجل حماية يهود فرنسا"، مشيرا إلى أن "اليهود ما زالوا أهدافا وضحايا للعداء للسامية المتستر بالعداء لإسرائيل".

تعليقات عنصرية

من جانب اخر أثارت قاضية بيضاء جنوب أفريقية جدلا بعدما كتبت تعليقات على الانترنت ألمحت فيها إلى أن الاغتصاب جزء من ثقافة السود، في ما اعتبرته الأحزاب السياسية تصريحات "عنصرية" في بلاد تمزقها التوترات العرقية بعد 22 عاما من انتهاء نظام الفصل العنصري. وكتبت مابيل يانسن القاضية في المحكمة العليا في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا "في ثقافتهم، المرأة موجودة لتمنحهم المتعة. نقطة على السطر"، مضيفة أن "هذا يعتبر حقا مطلقا وموافقة المرأة ليست مطلوبة". وتابعت "أنا لم اجتمع بعد بفتاة سوداء لم تتعرض للاغتصاب حين كان عمرها 12 عاما. أنا لا أروي أكاذيب. وبالنسبة للعصابات، فإن اغتصاب رضع وفتيات وأمهات، يعين تمضية وقت ممتع".

وفي هذا السياق، أعربت رابطة النساء في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحزب الحاكم عن غضبها. وقالت الرابطة إن "تعليقاتها على فيسبوك (...) عنصرية بحتة وتشكل تزويرا للحقائق حيال ثقافة السود"، مشككة بقدرة القاضية على البت في قضايا الاغتصاب. من جهته، اعتبر التحالف الديموقراطي المعارض أن تصريحات يانسن "ليست فقط جارحة ومهينة"، بل أيضا تضر "بكرامة شعبنا". وهذه الرسائل التي كتبت قبل عام، برزت مجددا عندما شكلت محور نقاش على فيسبوك.

ودافعت القاضية عن نفسها بالقول إنه تم تحريف تصريحاتها. وقالت لصحيفة "بيزنس داي" إن "ما قلته عبر التواصل الخاص لشخص ما كنت أحاول مساعدته أخرج من سياقه وكان يشير إلى حالة خاصة". وأضافت أن "المشكلة الحقيقية (...) هي حماية النساء والأطفال الضعفاء والجهود المبذولة لعلاج هذا الوباء". ووفقا للاحصاءات الرسمية، تم ارتكاب 43195 عملية اغتصاب في جنوب أفريقيا بين نيسان/أبريل 2014 وآذار/مارس 2015، أي بمعدل 119 حالة اغتصاب يوميا. لكن هذا الرقم لا يعكس الواقع إذ أن كثيرات من اللواتي تعرضن للاغتصاب لم يبلغن الشرطة.

الى جانب ذلك قضت محكمة جنوب افريقية بفرض غرامة قدرها عشرة الاف دولار على وسيطة عقارية بيضاء شبهت السود بالقردة عبر شبكة "فيسبوك" مثيرة موجة ادانة في بلد لا يزال يعاني من تداعيات نظام فصل عنصري دام عقودا. وادينت بيني سبارو بتهمة "التحريض على الحقد". وستدفع غرامتها الى منظمة غير حكومية تروج للثقافة والتراث على ما جاء في قرار المحكمة.

وكانت بيني سبارو الوسيطة العقارية في مقاطعة كوازولو-ناتال (شرق) استاءت من النفايات التي تركت على الشواطئ وقد اعربت عن غضبها عبر فيسبوك قائلة "ساسمي السود في جنوب افريقيا من الان وصاعدا قرودا لان القردة الصغيرة البرية الظريفة تفعل الشيء نفسه مثلهم تلتقط النفايات وترميها". بحسب فرانس برس.

واثار تعليقها موجة استنكار في جنوب افريقيا بعد 22 عاما على النهاية الرسمية لنظام الفصل العنصري. ولجأ المؤتمر الوطني الافريقي الحزب الحاكم في البلاد، الى "محكمة المساواة" في المقاطعة المتخصصة بقضايا التمييز العنصري والتحريض على الحقد. واعتبر القاضي عرفان خليل ان بيني سبارو من خلال تعليقها عبر فيسبوك مررت "رسالة صريحة وضمنية بان السود ليسوا اهلا بان يوصفوا بالبشر وان ذكاءهم اقل". ورحبت الحكومة بقرار القضاء "الذي هو بمثابة تحذير لكل من يرتكب افعالا عنصرية. وهم باتوا يعرفون الان ان افعالهم سيكون لها عواقب وخيمة" على ما قال وزير الثقافة ناثي مثيثوا في تغريدة.

اضف تعليق