مع تواصل التهديدات والهجمات الارهابية الدامية، التي تنفذها بعض التنظيمات المتطرفة في العديد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الامريكية، من خلال ما بات يعرف بهجمات الذئاب المنفردة لعناصر تنظيم داعش الارهابي، والتي كان اخرها هجوم إطلاق النار في ناد ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو الذي أسقط 49 قتيلا وتسبب في إصابة 53 آخرين، ازدادت معاناة ومشكلات الأقلية المسلمة في هذه البلاد، حيث اسهمت هذه الهجمات بازدياد موجة الكراهية والمضايقات الناتجة عن ربط الإسلام والإرهاب، خصوصا وان بعض الشخصيات والاحزاب المتطرفة، قد سعت الى الاستفادة من هكذا احداث للتحريض ضد المسلمين والتضييق عليهم من اجل الحصول على مكاسب سياسية، الامر الذي اثار موجة من الجدل خصوصا وان البعض يرى ان الخطابات التحريضية يمكن ان تسهم في زيادة العنف داخل المجتمع.
وقد دعا المرشح المفترض للحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بعد هجوم أورلاندو، لمراقبة المساجد في إطار جهود السلطات الأمريكية لمكافحة الإرهاب وتمسك بتصريحاته بشأن حظر دخول المهاجرين رغم انتقادات آخرين من داخل حزبه. وقال إنه على الرغم من مولد المسلح في الولايات المتحدة "إلا أن أبويه وكذلك أفكاره لم تولد هنا." وأضاف ترامب "ربما يكون علينا مراقبة المساجد بكل احترام وعلينا مراقبة أماكن أخرى لأنها مشكلة إن لم نحلها فسوف تلتهم بلدنا." وتعتقد السلطات أن منفذ مذبحة أورلاندو عمر متين تصرف بمفرده بعد أن تأثر بالفكر المتشدد عن طريق الإنترنت.
ولاية دالاس الأمريكية
وفي هذا الشأن يتخوف المسلمون الأمريكيون من تداعيات اعتداء أورلاندو عليهم داخل المجتمع الأمريكي ومن موجة جديدة من مظاهرات الكراهية ضدهم. زيا شيخ، إمام المركز الإسلامي بإيرفينغ بضواحي دالاس يتوقع أن يرى أشخاصا مسلحين يحومون حول المسجد كما حدث مرارا في السابق. وبعد ساعات قليلة من عملية أورلاندو الإرهابية التي قتل فيها 50 شخصا وجرح العشرات، تحدث إمام المركز الإسلامي بضاحية إيرفينغ بولاية دالاس عن مخاوفه من تداعيات تلك العملية الإرهابية على مسلمي الولايات المتحدة. وقال ستجدون العديد من الصحفيين بالخارج، لا تتحدثوا إليهم، سيحاولون تحريف كلامكم أو إخراجه من سياقه". هكذا بدأ زيا شيخ حديثه .
"بعد عملية سان برناردينو، جاء رجال مسلحون للتظاهر أمام المسجد، ونفس الشيء حدث بعد اعتداءات باريس، لن أكون متفاجئا من تكرار هذا المشهد في الأيام المقبلة". إمام مسجد إيرفينغ يتوجس خوفا من تداعيات عملية أورلاندو على المسلمين الذين يرتادون المركز الإسلامي. وأضاف الإمام شيخ: "الناس يأتون إلى هذا المسجد من أماكن مختلفة خمس مرات في اليوم لتأدية الصلوات المفروضة، هم رجال من أصول متعددة، إفريقية وهندية وآسيوية، جميعهم يدركون بالطبع التداعيات التي قد تلي عملية أورلاندو، لقد نصحتهم بالتواري عن الظهور كثيرا خلال الأيام المقبلة حتى تهدأ الأوضاع الحالية".
ويقول الإمام شيخ :" بالطبع سينتهز دونالد ترامب هذه الأحداث ليزيد من حملته المعادية للمسلمين" ويتوقع أن يطالب البعض مسلمي أمريكا بتقديم اعتذار عن العمل الإرهابي الذي حدث في أورلاندو،" لن نستطيع أن نقدم لهم سوى خالص تعازينا، ولكن لم علينا الاعتذار؟ لم نرتكب جرما كمسلمين، ما حدث هو فعل شخصي ولا يدين الجالية الإسلامية ككل".
الاحترام المتبادل والانفتاح على الثقافات الأخرى، تلك هي المبادئ التي يرتكز عليها المركز الإسلامي بإيرفينغ. حيث يقوم المركز بفتح أبوابه الأحد من كل أسبوع، فباحات الصلاة وصالة الألعاب الرياضية الخاصة بالأطفال وكذلك صالات المحاضرات جميعها متاحة لراغبي التعرف على الثقافة الإسلامية. ويقول الإمام زيا مازحا :" أنتم ترون جيدا أن جميع الصالات مفتوحة وعلنية ليس هناك غرف سرية تجرى فيها أشياء خفية". وبالرغم من مبادرات الأبواب المفتوحة، إلا أنها لا تحظى فيما يبدو بنجاح كبير، فبالأمس لم يكن حاضرا سوى شخص واحد انتقل حديثا للعيش في إيرفينغ وجاء بحماس كبير لاستكشاف المركز الإسلامي. بحسب فرانس برس.
ويختتم الإمام شيخ حديثه بحماس كبير وتفاؤل فسوء التفاهم والأحكام المسبقة لن تكون عائقا أمامه لمواصلة رسالته حيث يقول :" حين وصلت إلى هذا المركز منذ 11 عاما كان رواد المسجد أقل بكثير مما هو عليه الآن، قمنا بتكبير المركز وكل يوم يأتي المزيد من المؤمنين. هذا المساء حين نقوم بإفطار رمضان سترون جيدا أن الجامع سيكون ممتلئا بالرغم من الأحداث الأخيرة".
فورت بيرس
الى جانب ذلك وضع اعتداء اورلاندو المجموعة المسلمة في فورت بيرس حيث كان يقيم منفذ الاعتداء عمر متين، تحت الاضواء وعرضة لشتى انواع الخوف والتهديد. ومن سيارة "بيك اب" تعبر امام المركز الاسلامي بفورت بيرس، البناية التي كانت كنيسة ولا تزال شكلا، يصرخ احدهم "اذهبوا الى الجحيم ايها القاذورات ". ومع توالي وصول المسلمين الى المركز تتوالى الشتائم التي ترافقها اصوات ابواق السيارات بشكل منتظم. وتراوح الشتائم من "الموت لمحمد" الى "ايها الخنازير".
وهناك مسجد آخر في المنطقة في بناية غير ظاهرة للعيان لا يتعرض الى ما يتعرض له المركز الاسلامي. ولمن لم يكن يعرف مكان المركز الاسلامي فقد تكفل الصحافيون والكاميرات المنصوبة امام مدخله لساعات عدة يوميا، بالامر. ويقول بدار بخت الخمسيني المتحدر من باكستان "نشعر بالخوف". وفي رمضان يبقى مرتادو مسجد الحي حتى منتصف الليل فيه. وللاحتياط فهم يتجمعون عند الانتهاء من صلواتهم ولا يغادرون المسجد الا جماعات، بحسب بخت. وتوقع الاخير "ان تعود الامور الى مجاريها بعد اسبوعين (..) لكن حاليا وهذا غير مألوف هناك اشخاص يتصلون (هاتفيا بالمسجد) ويتركون رسائل غبية".
وللمرة الثانية منذ توجه منير ابوصالحة في 2014 الذي كان يرتاد هذا المسجد، الى سوريا حيث قضى في اعتداء انتحاري، تسلط الاضواء على المركز الاسلامي بهذا الحي. وقال رجل خمسيني بمرارة وهو يغادر المكان رافضا كشف هويته "نحن اناس هادئون. لم يسبق ان تعرضنا لمشاكل، لكن بسبب ما فعله هذا الشخص، نشعر بالخجل". واضاف "في السابق (قبل الاعتداء) كانت امسية نحتفي فيها بامر ما. والان انظروا لقد خف العدد". وحضر بضع عشرات الى المسجد مع موعد الافطار في حين كانوا عادة مئة شخص.
وقال بخت وهو من يتولى اعداد وجبة الافطار "اظن اني اعددت طعاما يفوق الحاجة". وقال يوسف ثورن الاسود البشرة "انا مسلم ولست خائفا من القدوم للصلاة. اصلي ايضا لاجل" منفذ الاعتداء. لكن صديق متين والد منفذ الاعتداء ليس بمثل تسامح ثورن. وقال وهو يتحدث الى صحافيين في منزله وقد ارتدى بدلة وربطة عنق "انا لا اسامحه" على فعلته. واضاف انه يفكر في ضحايا الاعتداء وايضا في حفيده ابن عمر البالغ ثلاث سنوات. واضاف الوالد "لقد دمر العائلة كلها، تقريبا".
ومرت نور زاهي سلمان ارملة عمر متين بشقتها التي لم تعد تسكنها لجمع بعض اغراضها. وفي مكان الاقامة هذا الزهيد الثمن نادرون من يعرفون عمر متين الا شكلا. وقال ايربرت جونسون الذي يقطن الحي متحدثا عن متين "لم يكن يتحدث الى احد على حد علمي. كان فقط يمر" من المكان. وفي المسجد الذي كان عمر متين يصلي فيه الجمعة، يسود التحفظ ذاته بالنسبة الى سلوك منفذ الاعتداء، بحسب بخت الذي كان يعرفه منذ ايام المراهقة.
وتبقى الحالة النفسية لعمر متين لغزا وكذلك طبيعة علاقته بالمثلية. واشارت شهادات عدة الى شاب يقصد مواقع لقاءات مثليين. وسبق ان تودد لرجل آخر وكان معتادا على ارتياد نادي بالس حيث نفذ الاعتداء. لكنه غير معروف البتة في نادي المثليين في بورت سانت لوسي وفورت بيرس، المدينتين المتجاورتين على ساحل فلوريدا. ويؤكد صاحب النادي والعاملون فيه انهم لم يسبق ان شاهدوه في المكان. بحسب فرانس برس.
واظهرت مجزرة اورلاندو بشكل ماسوي ان المثليين ليسوا موضع ترحيب لدى كثيرين من الاميركيين من اصول لاتينية، وخصوصا بعدما اكتشفت عائلات الميول الجنسية لافراد فيها بعد مقتلهم. وبين المسلمين يبدو التحفظ اكبر بكثير. ومع تأكيده التضامن مع ضحايا الاعتداء، فان صديق متين والد مطلق النار يدين المثلية علنا. وقال بدر بخت "لم يسبق ان التقيت مثليين من المسلمين (..) ربما هم مختبئون".
ادانة المذبحة
من جانب اخر تجمع المئات في مسجد بمدينة لويفيل بولاية كنتاكي لتأبين الملاكم محمد علي بمشاركة مجموعة من رجال الدين يمثلون عدة ديانات. وبدأ محمد بابار الكلمات بقصيدة قال فيها "كنت الوجه الحق للإيمان". وقال إن الجو العام كان جو سلام ورحمة. وبعد أسبوع حضر بابار الطبيب الذي يعمل في المدينة وهو من الشخصيات القيادية بين المسلمين سهرة لتأبين 50 شخصا قتلوا في هجوم على ملهى ليلي للمثليين في فلوريدا شنه أمريكي من أصل أفغاني عمره 29 عاما.
وقال بابار "وكأن شخصا وجه إلينا لكمة في البطن. في الأسبوع الماضي اعتقدنا أننا نفضنا هذا العبء أخيرا عن كاهلنا لكن يبدو الآن أن هذا العبء قد عاد لكي يكون علينا أن نثبت براءتنا من شيء ارتكبه مجرم يدعي أنه من المسلمين." وسارع المسلمون في مختلف أنحاء الولايات المتحدة إلى التنديد بالهجوم وأخذت بعض المساجد إجراءات أمنية إضافية لحمايتها من ردود الفعل.
وفي إطار حملة الانتخابات الرئاسية دعا دونالد ترامب المرشح المفترض للحزب الجمهوري إلى فرض حظر على الهجرة من الدول التي لها "تاريخ في الإرهاب". وقال ترامب في كلمة ألقاها في نيو هامبشير "علينا أن نتحلى بالفطنة والقوة واليقظة وعلينا أن نفعل ذلك الآن لأن الآوان سيكون قد فات فيما بعد." وحذرت هيلاري كلينتون المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي من "اللهجة التحريضية المناهضة للمسلمين" وقالت إنها ستجعل من "التعرف على ‘الذئاب المنفردة‘ ووقفها" أولوية قصوى إذا ما فازت في سباق الرئاسة.
وفي لويفيل اتصل المسؤولون في المسجد بضابط شرطة لتوفير الأمن للإفطار الجماعي خلال شهر رمضان. وبعد كتابة شعارات مناهضة للمسلمين باللون الأحمر على جدران المركز الإسلامي في لويفيل في سبتمبر ايلول الماضي قام المركز بتحديث وسائل الأمن بما في ذلك تركيب أقفال يتم التحكم فيها لاسلكيا ورتب لقيام ضابط شرطة بأعمال المراقبة خلال صلاة الجمعة خارج نوبة عمله.
واتصل المركز الإسلامي في لونج آيلاند بولاية نيويورك برئيس دائرة الشرطة المحلية لترتيب وجود الشرطة في المسجد خلال صلاة التراويح. وقالت أسماء تشودري رئيسة المركز الإسلامي في لونج آيلاند "شهدنا ردود فعل من قبل خاصة فيما يتعلق بالتصريحات اللامسؤولة من جانب الساسة." وأضافت أنه بعد حادث إطلاق النار الذي وقع في سان برناردينو في ديسمبر كانون الأول تعرض المسلمون لمضايقات وكان الطلبة منهم يتعرضون لعبارات بذيئة بل وحاول قائدو سيارات دهس بعض الناس أثناء عبورهم الطريق. وقالت "نرجو أن يكون الأمر أهدأ هذه المرة."
وطلب المركز الإسلامي في أورلاندو من الناس تحاشي الصلاة خارج المسجد حيث يزيد عدد المصلين في رمضان عن سعة المركز في صلاة التراويح. وقررت سلطات إنفاذ القانون المحلية إرسال دوريات إلى الحي وقالت فاطمة رامي المسؤولة الإدارية أن المسجد استعان بأفراد أمن إضافيين ليلا. ودعا المركز المسلمين الذين يترددون عليه إلى التبرع بالدم لضحايا هجوم أورلاندو حتى إذا اضطرهم ذلك لعدم الصوم يوما في رمضان.
وقال المركز على موقعه إن من الممكن تعويض الإفطار في رمضان أما الموت فلا عودة منه. وتعاونت بعض المراكز الإسلامية مع السلطات الاتحادية في عمليات التقييم التي تهدف لزيادة استعدادها لمثل هذه الهجمات وقالت إنها ستحافظ على مستويات التأمين المرتفعة التي طبقت بعد حادث سان برناردينو في ديسمبر كانون الأول. بحسب فرانس برس.
وقال أسامة الشامي رئيس المركز الإسلامي في فينيكس إن المركز تلقى رسائل كراهية عديدة بالبريد الالكتروني منذ إطلاق النار في أورلاندو وإنه يتعاون مع سلطات إنفاذ القانون المحلية ووزارة الأمن الداخلي. وقالت رسالة بتوقيع سي.جيه "هل تدحضون القرآن عندما يأمركم بالكذب على الكافر والتظاهر بصداقته حتي يمكنكم الغدر به؟"
تهديدات مستمرة
على صعيد متصل قالت السلطات إن رجلا من ولاية نورث كارولاينا الأمريكية يواجه اتهامات بالترهيب العرقي بعد تركه لحم خنزير عند مسجد وتوجيه تهديدات بالقتل لرواد المسجد أثناء استعدادهم للصلاة في رمضان. وقال مكتب قائد شرطة مقاطعة هوك إن راسل توماس لانجفورد من فايتيفيل اعتُقل. ونقلت محطة(دبليو.تي في.دي -تي في) في مدينة رالي عن مسؤولين في قاعدة فورت براج العسكرية في نورث كارولاينا قولهم إنه ضابط احتياط برتبة ميجر في الجيش الأمريكي.
وأضاف مكتب قائد الشرطة إن رواد مسجد المدينة في رايفورد وجدوا طردين من لحم الخنزير عند مدخل المسجد. وقال المكتب إن لانجفورد يواجه اتهامات بالترهيب العرقي والاعتداء بسلاح قاتل والخروج مسلحا لإرهاب الناس وتوجيه تهديدات والسلوك غير المنضبط.
وقال إبراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "طالبنا بزيادة تواجد الشرطة ليس فقط عند هذا المسجد ولكن عند المساجد الأخرى في الولاية. وجميع المساجد في كل أنحاء البلاد بها أنشطة ليلية خلال رمضان ومن ثم فإنها عرضة للهجوم." وقال مكتب قائد الشرطة إن سيارة شيفروليه تاهو كانت في ساحة الانتظار عندما تم العثور على لحم الخنزير وقام سائق السيارة الذي قيل بعد ذلك أنه لانجفورد لاحق أحد رواد المسجد حتى المنزل. بحسب رويترز.
وقال تقرير لمحطة (دبليو.تي في.دي -تي في) في مدينة رالي إن المشتبه به عاد في المساء وأشهر بندقية في وجه أحد رواد المسجد وهو ضابط متقاعد برتبة كابتن وواعظ مسلم في فورت براج وهدد بقتله. وقال التقرير إن الواعظ دعاه للدخول للتحدث ولكن الرجل غادر المكان. وأضاف التقرير إن الرجل عاد في سيارته الرياضية وحاول دهس مجموعة من الأشخاص كانوا في طريقهم لدخول المسجد لأداء صلاة العشاء. وقال بيان مكتب قائد الشرطة إن المحققين عثروا على أسلحة نارية وذخيرة وأسلحة أخرى في سيارة لانجفورد.
تعاون مع السلطات
في السياق ذاته قال مسؤولو إنفاذ قانون إن الأمريكيين المسلمين أبلغوا السلطات مرارا عن رفقاء لهم من المسلمين خشية توجههم نحو التطرف على النقيض من زعم المرشح الجمهوري المفترض لانتخابات الرئاسة دونالد ترامب. وقال ترامب في مقابلة مع (سي.إن.إن) في أعقاب حادث إطلاق نار في ملهى ليلي بأورلاندو "إنهم لا يبلغون عنهم." وأضاف "لسبب ما فإن أعضاء الجالية المسلمة (في الولايات المتحدة) لا يبلغون عن أشخاص كهؤلاء."
لكن جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) قال "إنهم لا يريدون بينهم الأشخاص الذين يرتكبون عنفا سواء داخل مجتمعاتهم أو (يمارسون العنف) باسم عقيدتهم. لذا فإن بعضا من أهم علاقاتنا المثمرة هي مع أشخاص يرون أشياء ويخبرونا بها ..." وأضاف كومي في مؤتمر صحفي بعد حادث أورلاندو "أحد العوامل الرئيسية في فاعلية (إف.بي.آي) يكمن في علاقات جيدة مع هؤلاء." وقال أندرو أميس المتحدث باسم مكتب (إف.بي.آي) في واشنطن إن للمكتب علاقات "وثيقة" مع الجالية المسلمة المحلية. وأضاف أن عملاء المكتب الذين يعملون في هذا الوسط تلقوا تقارير عن أنشطة مشبوهة ومسائل أخرى من أعضاء بالجالية.
وقال مايكل داوننج نائب قائد الشرطة في لوس أنجليس ورئيس مكتب مكافحة الإرهاب والعمليات الخاصة إن مسلمي المدينة متعاونون بشأن الإبلاغ عن "تهديدات". ونفى تشارلز كرزمان الأستاذ بجامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل - الذي أجرى عدة دراسات بشأن الأمريكيين المسلمين والإرهابيين - صحة مزاعم ترامب. وقال كرزمان "إن الادعاء بعدم تعاون (المسلمين) هو كذب ويسيء لمجتمع الأمريكيين المسلمين." وأضاف كرزمان أن دراسة أجراها ضمن فريق من (مركز تراينجل للإرهاب والأمن الداخلي) التابع لجامعة ديوك في يناير كانون الثاني أظهرت أن كثيرا من وكالات إنفاذ القانون حققت تقدما في مد جسور الثقة مع الجاليات الأمريكية المسلمة.
وقال الباحثون أن "المجموعة المشاركة أعربت عن قلقها من أن الشرطة ستبدو راغبة في التشجيع على وجود مخطط (لتتحرك) وتنفذ اعتقالات بدرجة أكبر من رغبتها في تحويل الأشخاص إلى مسار بعيد عن العنف وهو ما يفضله أعضاء الجالية (المسلمة) وأسرهم." وأبلغ أحد الأئمة الباحثين بشعوره بأن "الثقة ليست متبادلة" مع مسؤولي الحكومة الأمريكية. وبحسب الدراسة قال الإمام إنه بعد مشاركته في اجتماع مع مسؤولي إنفاذ القانون الاتحاديين بشأن زيادة التعاون توجه إلى أحد المطارات المحلية حيث فوجئ باحتجازه لعدة ساعات حتى أنه لم يلحق بطائرته.
كما كشفت مراجعة لسجلات المحاكم عددا من الأمثلة على تعاون الأمريكيين المسلمين في إبلاغ المسؤولين عن أفراد أسرهم للاشتباه بتوجههم نحو التشدد. وعندما اشتبهت أماني إبراهيم في أن نجلها علي أمين البالغ من العمر حينئذ 17 عاما اتجه نحو التشدد استمعت لنصيحة إمام محلي وأبلغت المسؤولين عن مخاوفها بحسب سجلات قضائية. وفي أغسطس آب من عام 2015 حكم على أمين بالسجن لمدة 11 عاما لإدانته بالتواطؤ لتوفير دعم لتنظيم داعش بعد مساعدته لأحد زملاء الدراسة في السفر للانضمام للتنظيم المتشدد. بحسب رويترز.
وفي 2014 تواصلت الشقيقة الكبرى لعبدي نور مع شرطة مينابوليس للإبلاغ عن اختفائه. وفي وقت لاحق عرضت على الضباط الاتحاديين رسائل وصلتها منه قال فيها إنه "ذهب للانضمام للإخوة" ووعدها باللقاء معها في الآخرة. واتهم نور بالتواطؤ في توفير دعم لجماعة إرهابية أجنبية لكنه ما زال هاربا. وفي 2014 أبلغ والد آدم شافي السفارة الأمريكية في القاهرة عن مخاوفه من اعتناق ابنه الفكر المتطرف في أعقاب اختفائه أثناء وجوده في رحلة عائلية في مصر. وبعد وقت قصير عاد شافي إلى أسرته لكنه اعتقل في يوليو تموز 2015 في مطار سان فرانسيسكو لدى محاولته السفر إلى تركيا. واتهم بمحاولة دعم جبهة النصرة ذات الصلة بتنظيم القاعدة المتشدد في سوريا.
اضف تعليق