مع استمرار العمليات العسكري والقصف الجوي لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، لاتزال المملكة تواجه الكثير من الانتقادت وضغوط دولية بسبب هذه الحرب التي اودت وبحسب بعض التقارير بحياة ما يزيد على ستة آلاف شخص والتسبب بازمة انسانسة خطيرة تفاقمت بسبب الحصار المستمر الذي اثر سلبا على الحياة العامة في هذا البلد الذي يعاني اليوم من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 21 مليون شخص في اليمن أي نحو 80 بالمئة من السكان المساعدة الإنسانية عاجلة، وخو ما اثار قلق الكثير من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان التي تتهم السعودية بارتكاب جرائم حرب واستخدام اسلحة محرمة التي كانت سببا في قتل المئات من المدنيين هذا بالاضافة الى تدمير البنى التحتية واستهداف المنظمات العاملة في اليمن.
وقد اكدت الأمم المتحدة ارتكاب السعودية جرائم حرب في عدوانها على اليمن، حيث توالت تقارير هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات لتؤكد أن التحالف السعودية يستخدم قنابل عنقودية وأسلحة أخرى محرّمة. كما انتقد الأمين العام بان التحالف بسبب قصف بعض المستشفيات التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود الإغاثية، ويرى بعض الخبراء ان الانتقادات والضغوط الحالية لاترتقي وحجم الجريمة التي ترتكب بحق ابناء الشعب اليمني خصوصا وان المملكة التي دخلت هذه الحرب بدوافع طائفية، لاتزال تواصل جرائمها اليومية بحق المدنيين العزل.
وفيما يخص بعض التطورات في اليمن فقد دعا البرلمان الأوروبي إلى حظر تسليم الأسلحة للسعودية منتقدا ضرباتها الجوية في اليمن والحصار البحري المفروض على هذا البلد والتي أوقعت "آلاف القتلى". وفي قرار صوت عليه النواب بغالبية كبيرة خلال جلسة في بروكسل، طلب البرلمان الأوروبي من وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني "تبني مبادرة ترمي إلى فرض حظر على الأسلحة الأوروبية إلى السعودية". ودان النواب "الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية والحصار البحري الذي تفرضه على اليمن وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى وزادت من إضعاف استقرار البلاد".
وفي بيان أعربت منظمة "العمل ضد الجوع فرنسا" الإنسانية عن ارتياحها "لاتخاذ الاتحاد الأوروبي أخيرا موقفا من هذه الأزمة، إحدى أخطر الأزمات في العالم حاليا". بالطبع النص ليس ملزما، وقال المدير العام للمنظمة مايك بينروز إن "هذا القرار إشارة لكافة الدول الأعضاء للخروج عن صمتها وعدم المشاركة في الكارثة الإنسانية الحالية في اليمن". وتقود الرياض منذ آذار/مارس 2015 تحالفا عربيا سنيا في اليمن لمحاربة المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران.
قنابل عنقودية
الى جانب ذلك اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن باستخدام قنابل عنقودية أمريكية الصنع ضد المدنيين، معتبرة أن ذلك "يضرب بعرض الحائط" معايير استخدام هذه الأسلحة المحظورة. وجاء في بيان للمنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا "أن التحالف بقيادة السعودية يستخدم في اليمن الذخائر العنقوية الواردة من الولايات المتحدة والمحظورة دوليا، رغم أدلة على خسائر في صفوف المدنيين".
وأضافت "تستخدم الذخائر العنقودية المصنوعة في الولايات المتحدة والواردة حديثا في مناطق مدنية رغم معايير التصدير الأمريكية، وأيضا على نحو يبدو أنه غير متوافق مع معايير الضمانات المطلوبة لتصدير الولايات المتحدة لهذه الذخائر". وقال مدير قسم الأسلحة وحقوق الإنسان في المنظمة ستيف غوس أن "السعودية وشركاءها في التحالف، فضلا عن أمريكا التي تورد إليهم الأسلحة، يضربون بعرض الحائط المعايير الدولية التي تقول بضرورة ألا تُستخدم الذخائر العنقودية في أي ظرف"، داعيا إلى "التحقيق في الأدلة على تضرر المدنيين في هذه الهجمات والكف عن استخدام هذه الذخائر فورا". بحسب فرانس برس.
وسبق للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أن اتهمت السعودية باستخدام هذه القنابل ضد أهداف مدنية في اليمن. إلا أن المتحدث باسم التحالف العميد الركن أحمد عسيري نفى استخدام القنابل العنقودية ضد المدنيين، متحدثا عن استخدامها في أوقات سابقة ضد عربات عسكرية تابعة للمتمردين. وبدأ التحالف نهاية آذار/مارس 2015 تنفيذ ضربات جوية ضد الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، دعما لقوات الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.
جرائم ضد الإنسانية
من جهة اخرى قال مراقبون للعقوبات تابعون للأمم المتحدة في تقرير سنوي إلى مجلس الأمن إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن استهدف مدنيين بضربات جوية وإن بعض الهجمات قد تكون جرائم ضد الإنسانية. وأثار تقرير لجنة الأمم المتحدة التي تراقب الصراع في اليمن لصالح مجلس الأمن دعوات من جماعات مدافعة عن حقوق الانسان إلى الولايات المتحدة وبريطانيا لوقف بيع أسلحة يمكن استخدامها في مثل تلك الهجمات إلى السعودية.
ووثقت لجنة الخبراء 119 طلعة جوية للتحالف "تتصل بانتهاكات للقانون الإنساني الدولي" وقالت إن "كثيرا من الهجمات شمل ضربات جوية متعددة على أهداف مدنية عديدة." وأضاف خبراء الأمم المتحدة أن جميع أطراف الصراع اليمني ينتهكون القانون الإنساني الدولي. وقالوا إنه في حالات معينة حدثت انتهاكات التحالف "بطريقة واسعة النطاق ومنهجية" وبالتالي قد تعتبر جرائم ضد الإنسانية.
وأوصى الخبراء مجلس الأمن الدولي بدراسة إنشاء لجنة للتحقيق في الانتهاكات للقانون الدولي. وقال فيليب بولوبيون من منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان "ينبغي لحكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا أن توقفا على الفور نقل أي أسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية قد تستخدم في مثل تلك الانتهاكات .. كما ينبغي لهما أن تدعما تحقيقا دوليا في الانتهاكات من جانب كل الأطراف".
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للبرلمان إنه سيدرس تقرير الأمم المتحدة لكنه قال إن بريطانيا "تطبق قواعد شديدة الصرامة في تصدير الأسلحة لأي دولة في العالم تقريبا." ورفض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر التعليق على ما ورد في تقرير الأمم المتحدة لأنه لم يصدر بصورة رسمية حتى الآن لكنه قال إن الولايات المتحدة قلقة أيضا من المزاعم الخطيرة بشأن حدوث انتهاكات. ودعا تونر طرفي الصراع للالتزام بالقانون الإنساني الدولي الذي "يشمل الالتزام بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية واتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لتقليل الخسائر بين المدنيين." بحسب رويترز.
ولا تزال الولايات المتحدة والسعودية تبحثان إتمام صفقة ذخائر دقيقة التوجيه بقيمة 1.29 مليار دولار تم الموافقة عليها في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. ويحقق خبراء من الأمم المتحدة أيضا في عمليات نقل محتملة لصواريخ موجهة مضادة للدبابات إلى الحوثيين وقوات صالح في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة بعد مصادرة سفن حربية أمريكية وأسترالية لشحنة قبالة سواحل سلطنة عمان في 25 سبتمبر أيلول الماضي. وقال الخبراء إن الشحنة كانت قادمة من إيران وإن تحقيقاتهم مستمرة.
صحيفة الاندبندنت وتقرير لإيما غاتن بعنوان "هل ارتكبت السعودية جرائم حرب في السعودية؟" تقول غاتن إنه عندما سمع الانفجار في مستشفى شهارة اليمني الواقع قرب الحدود مع السعودية، لم يندهش طاقم المستشفى. وتضيف أنهم اعتادوا على أصوات الانفجارات في ذلك المستشفى الواقع في المناطق الشمالية الجبلية والذي يبعد عن نحو نصف ساعة بالسيارة عن الحدود.
وتقول إن ما لم يتوقعه طاقم المستشفى هو أن يقصف مستشفاهم بعد اشهر من الحملة الجوية بقيادة السعودية. وتضيف أنه قتل في الهجوم ستة اشخاص من بينهم 3 من العاملين في طاقم المستشفى، وأصيب آخرون. وقالت تريسا سناكريستوفال رئيسة الطوارئ في "منظمة أطباء بلا حدود"، التي تدير المستشفى للصحيفة إن " المصابين أصيبوا بشظايا من صواريخ وبأجزاء معدنية من الحاجز المقام حول المستشفى. وكانت الإصابات وحشية".
وتقول غاتن إن الهجوم هو واحد من بين 130 هجوما على مؤسسات طبية في اليمن منذ بدأ التحالف بزعامة السعودية هجماته الجوية على اليمن في مارس أذار/العام الماضي. وكان الهجوم هو الرابع على مستشفى تشرف عليها "أطباء بلا حدود"، التي تقول إنها تعطي إحداثيات مفصلة لموقع مستشفياتها لجانبي القتال. وتقول غاتن إن الهجمات ألحقت أضرارا جسيمة بنظام الرعاية الطبية في اليمن. وتضيف أنه في أحدث هجوم، قتل سائق سيارة إسعاف.
وقال خوان بييترو وهو مسؤول تابع لأطباء بلا حدود في صنعاء "السائق عرض حياته بالفعل معنا. لم يكن يعلم أن الخميس سيكون آخر أيام حياته". وتقول غاتن إن منظمة العفو الدولية تقول إن الهجمات على مستشفيات "أطباء بلا حدود" قد يصل إلى جرائم حرب. وقالت رشا محمد الباحثة في شؤون اليمن في منظمة العفو الدولية للإندبندنت إنه "وفقا للقانون الدولي، يجب احترام المستشفيات والوحدات الطبية في جميع الظروف". وتقول الصحيفة إنه مع وقوع أربعة هجمات على مستشفيات تابعة لأطباء بلا حدود منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تخشى المنظمة أن مستشفياتها ينظر إليها كأهداف مشروعة.
ابعاد المنظمات الانسانية
في السياق ذاته طلبت المملكة السعودية من الامم المتحدة ابعاد العاملين الانسانيين عن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين في اليمن في الوقت الذي يكثف فيه التحالف الذي تقوده الرياض غاراته الجوية. ورفضت الامم المتحدة هذا الطلب وذكرت الرياض بواجباتها في مجال وصول المساعدة الانسانية في اليمن. وقال مسؤول العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفان اوبريان في رسالة الى السفير السعودي عبد الله المعلمي ان المنظمات الانسانية "تقدم مساعدة حيوية وفق المبادىء الدولية المعترف بها وستستمر في القيام بذلك".
وكرر السفير طلب التحالف العربي "بابعاد المنظمات الانسانية الاغاثية من المناطق القريبة من قواعد العمليات العسكرية للحوثيين وانصار" الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وقال ان طلب التحالف "يحترم واجباته بموجب القانون الدولي ولا يمكن باي حال تفسيره على انه تحريض لاي كان لعرقلة المساعدة الانسانية في اليمن". وقال اوبريان للسلطات السعودية ان العاملين الانسانيين سيستمرون في ابلاغ التحالف بتحركاتهم في الاراضي اليمنية لتفادي استهدافهم.
وقتل اكثر من 6100 شخص في النزاع اليمني المستمر منذ آذار/مارس 2015 نحو نصفهم من المدنيين، بحسب آخر تقديرات الامم المتحدة التي تطالب بوقف اطلاق النار واجراء مباحثات سلام. وكانت جولة اولى من المفاوضات برعاية الامم المتحدة في كانون الاول/ديسمبر 2015 بجنيف اتاحت احراز "تقدم ملحوظ لكن غير كاف" بحسب ما قال حينها المبعوث الدولي لليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد.
من جانب اخر قالت بعثة السعودية في الأمم المتحدة إن التحالف الذي تقوده السعودية ويقوم بعمليات قصف في اليمن يأسف لسقوط ضحايا من المدنيين هناك قائلا إن هذا أمر غير مقصود وإنه يحقق في الأمر وسيعمل على تحسين آلياته في الاستهداف. وأضافت في بيان نشر بحساب البعثة السعودية في موقع تويتر أن قوات التحالف "تأسف بشدة لسقوط ضحايا مدنيين في اليمن." وأفاد بيان للأمم المتحدة أن التحالف الذي تقوده السعودية استهدف مدنيين في اليمن. ووثقت 119 غارة قالت إنها مرتبطة بانتهاكات للقانون الإنساني الدولي. بحسب رويترز.
وأضاف بيان البعثة السعودية "تعلن قوات التحالف العربي عن تشكيل فريق مستقل عالي المستوى من ذوي الكفاءة والاختصاص من كبار الضباط والمستشارين العسكريين والخبراء في مجال الأسلحة والقانون الدولي الإنساني لتقييم الحوادث وإجراء التحقق وآلية الاستهداف المتبعة وتطويرها." وتقول الأمم المتحدة إن نحو 6000 شخص نصفهم من المدنيين قتلوا في المعارك وفي القصف الجوي منذ بدء الحملة العسكرية.
اضف تعليق