على هامش القرار التفسيري للمحكمة الاتحادية ألعليا الصادر بالعدد ( 219 /اتحادية/ 2024) في 17 /9/ 2024 والمتضمن تفسير المادة (41) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 بناء على طلب رئيس مجلس النواب العراقي، كون المجلس بصدد تشريع تعديل لقانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 ولنا بهذه المناسبة الملاحظات الاتية...

على هامش القرار التفسيري للمحكمة الاتحادية ألعليا الصادر بالعدد ( 219 /اتحادية/ 2024) في 17 /9/ 2024 والمتضمن تفسير المادة (41) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 بناء على طلب رئيس مجلس النواب العراقي ، كون المجلس بصدد تشريع تعديل لقانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 ولنا بهذه المناسبة الملاحظات الاتية :

ان نص المادة (41) من الدستورية والتي تعطي للمواطنين حريه اختيار أحوالهم الشخصية واضح لا لبس فيه ولا يحتاج لتفسير ولذلك فإن المحكمة الاتحادية العليا فسرت النص تفسيرا محايدا لان النص غير قابل للتاؤيل وبالتالي لم تكن هنالك ضرورة تشريعية لطلب التفسير لان حق المواطن ثابت في هذا المجال والزم الدستور مجلس النواب بتنظيم الاحوال الشخصية بقانون .

ان طلب التفسير مع وضوح النص قد يكون معناه جس نبض المحكمة الاتحادية العليا قبل سن هذا التشريع وهو اشبه بمحاولة الوقوف على رأي الجهة القضائية التي تراقب دستورية التشريعات قبل صدور التشريع وهذا لا يتوافق مع نظام الرقابة القضائية اللاحقة الذي اعتنقه الدستور، حيث يؤمن نظام الرقابة الدستورية اللاحقة على التشريع مراقبه اجراءات التشريع ذاتها فيما إذا كان مجلس النواب قد خالف الدستور في تشريع هذا القانون وان كان موضوع التشريع موافق للدستور فالرقابة تشمل مراقبه مدى استيفاء الشكل والموضوع للدستور فإذا كان موضوع التشريع موافق للدستور فيجب ان يشرع وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور .

لم يتضمن القانون دراسة جدية لأثر التشريع وهذا من السياقات العريقة في البرلمانات المعاصرة وهذا النوع من الدراسة تتطلب إحصائيات وبيانات ودراسات وبحوث ومصادر وقوانين مقارنه والقوانين الوطنية ذات العلاقة بموضوع التشريع .

4.تضمن مشروع تعديل القانون مخالفة للدستور من خلال احالة تشريع مدونات الاحوال الشخصية لجهات دينية وهذا يمثل احالة تشريعية الى جهة غير مفوضه بالتشريع بموجب الدستور وهو تخفف من ممارسة الاختصاص التشريعي والذي يعرف فقها (التسلب من الاختصاص)، كما ان الدستور اصلا لم يعطي لمجلس النواب حق التفويض التشريعي لأي جهة بما في ذلك السلطة التنفيذية التي تملك حق اصدار الانظمة التنفيذية فقط وهي تشريع فرعي لا يتضمن احكام قاعديه الهدف منها تنفيذ القوانين فقط .

ان الإحالة التشريعية لجهة اخرى لتنظيم احكام الاحوال الشخصية معناه مصادقه مجلس النواب على تشريع غير موجود سيرى النور في المستقبل وهذا مخالف لاصول التشريع وهنا يثور سؤال مهم ما هي القيمة القانونية لهذه المدونات وهل تخضع في حال تشريعها لرقابة المحكمة الاتحادية العليا اذا ما تضمنت مخالفه للدستور؟

ان هذه المدونات من شأنها ان تعد تصحيحا لبعض قرارات المحكمة الاتحادية العليا التي ردت فيها الكثير من الطعون الدستورية التي نالت من مواد قانون الاحوال الشخصية النافذ كونها مواد موافقة للدستور وبالتالي فأن اي حكم يقرر خلاف ذلك يرد في احد المدونات يمثل جرحا لحجية احكامها الباته كل هذه المسائل يجب ان تكون نصب عين المشرع .

لما تقدم ندعو مجلس النواب الموقر الى التأني وان يأخذ الوقت الكافي لتشريع قانون جديد للأحوال الشخصية استنادا للمادة (41) من الدستور بعد إعداد ملف تشريعي متكامل وبعد تشكيل لجنه من مختصين في مجال القانون والفقه الاسلامي واعادة التوازن في العلاقات العائلية المختلة التي افرزها القانون القديم والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي ألقت بضلالها على بنية الأسرة العراقية والله الموفق.

اضف تعليق