على الرغم من الانتقادات المستمرة التي توجه إلى السلطات التركية بقيادة أردوغان فيما يخص ملف الحقوق والحريات، لاتزال هذه السلطات تواصل سياستها القمعية بحق المعارضين والمنتقدين لشخصية الرئيس التركي الذي سعى الى بسط سيطرته المطلقة على جميع مفاصل ومؤسسات الدولة، التي أصبحت وبحسب بعض الخبراء مؤسسات فاشلة تعمل على تطبق قوانين وإجراءات الصارمة تنسجم ومقتضيات مصالحه أردوغان السلطوية، وخصوصا تلك التي تتعلق بحرية الفكر، وهو ما أثار قلق الكثير من المنظمات والمراكز الحقوقية الخاصة بالدفاع عن الحقوق والحريات، خصوصا مع اتساع رقعة القمع والاعتقالات التي تقوم بها القوات الأمنية ضد المعارضين والمنتقدين ووسائل الإعلام المختلفة تحت مسميات وقرارات مختلفة منها إهانة الرئيس او التحريض على الإرهاب وغيرها من المسميات الأخرى، التي طالت حتى الأطفال والمراهقين حيث حكم القضاء التركي بالسجن 11 شهرا مع وقف التنفيذ على تلميذ في السابعة عشرة من عمره، شتم الرئيس رجب طيب أردوغان، ما زاد من الانتقادات الموجهة إلى السياسة المتشددة للنظام التركي.
وحوكم الشاب الناشط في أبرز أحزاب المعارضة، والذي تم الكشف عن الأحرف الأولى من اسمه، لأنه وصف رئيس الدولة الذي اتهم قبل سنتين بفضيحة سياسية-مالية كبيرة، بأنه "زعيم اللصوص". لكن محكمة قونيا (وسط) أرفقت الحكم بالسجن 11 شهرا و20يوما بوقف التنفيذ بسبب "السلوك الجيد" للشاب، كما ذكرت وكالة دوغان للأنباء. وكان يمكن أن يحكم على التلميذ الذي لوحق بناء على المادة 299 من قانون العقوبات التركي الذي يعاقب كل شخص "يسيء إلى صورة" الرئيس، بالسجن حتى أربعة أعوام. وأثارت حالة هذا الشاب جدالا عنيفا.
وقد وجهت إلى هذا التلميذ الذي اعتقلته الشرطة في صفه، التهمة وسجن. وشكل سجنه سابقة لقاصر يلاحق بسبب هذا النوع من الجنح في تركيا، ثم أخلي سبيله بعد يوم واحد على إثر شكوى رفعها محاموه. ومنذ انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية في آب/أغسطس الماضي، تزايدت الملاحقات بسبب "الشتائم" الموجهة إلى رئيس الدولة في تركيا، وقد استهدفت الصحافيين والفنانيين والأفراد العاديين على حد سواء. وطالبت المعارضة التي دائما ما تنتقد تشدد النظام الإسلامي المحافظ الحاكم منذ 2002، بإلغاء المادة 299، معتبرة أنها تسيء إلى حرية التعبير.
تدهور كبير
من جانب اخر فبضعة سطور تكفي للتعرض للطرد، فقد تم هذا الصيف صرف الكاتب الصحافي التركي قادري غورسيل بقسوة بسبب "تغريدة" انتقدت الرئيس رجب طيب اردوغان، وانضم الى لائحة طويلة من ضحايا الحرب التي يخوضها النظام التركي ضد الإعلام المستقل. في وقت سابق شهدت مدينة سوروتش الحدودية مع سوريا هجوما انتحاريا ادى الى مقتل 32 ناشطا من اجل القضية الكردية. ولم تتبن اي جهة القضية لكنها نسبت سريعا الى تنظيم الدولة الاسلامية.
واتى رد فعل الصحافي البارز في صحيفة ملييت حادا. وقال غورسيل على حسابه على تويتر "من المربك ان يتصل مسؤولون اجانب بالمسؤول الرئيسي عن الارهاب الذي يمارسه تنظيم داعش في تركيا لتقديم التعازي اليه بعد سوروتش". وهو يتهم كغيره اردوغان بدعم التنظيم لتسريع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، الامر الذي ينفيه الرئيس التركي تكرارا.
واتى رد ادارة صحيفة ملييت فوريا. فبعد ساعات على تغريدة ابرز كتابها منذ ثمانية اشهر، دانت "موقفه التخريبي" وسرحته بلا اي نوع من الاجراءات. والصحيفة المعتدلة والتي تلقى احتراما واسعا تملكها مجموعة دميرورن التي يعتبر رئيس مجلس ادارتها مقربا من "القصر". وباتت قضية غورسيل مؤشرا جديدا الى الضغوط المتزايدة التي يمارسها الرئيس منذ سنوات على وسائل الاعلام المستقلة.
وصرح غورسيل ان "اردوغان يريد اقامة سلطة مطلقة لحزبه الوحيد على الحكومة. لذلك يعمل على اسكات اخر الاصوات المنتقدة في وسائل الاعلام التقليدية". وفي الاسابيع الفائتة ادى تجدد المعارك بين القوات المسلحة ومتمردي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد حيث اكثرية السكان من الاكراد والانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر الى تفاقم التوتر بين وسائل الاعلام والسلطات.
فبعد اتهام صحيفة حرييت بتحوير اقوال اردوغان استهدف مقرها في اسطنبول قبل ايام بهجومين نفذهما متظاهرون هتفوا تأييدا للرئيس. كما اوقف ثلاثة صحافيين اجانب، هما بريطانيان وهولندية، كانوا يغطون النزاع مع الاكراد وطردوا من البلاد. ودان رئيس الوزراء احمد داود اوغلو بشدة الهجمات على حرييت فيما يكرر اردوغان في كل مكان وزمان ان تركيا "تتمتع بالصحافة الاكثر حرية في العالم". لكن الحصيلة التي ترصدها منظمات حرية الاعلام تبقى متشائمة.
وقال يوسف كانلي المسؤول عن جمعية الصحافة من اجل الحرية التي يمولها الاتحاد الاوروبي "لا امل اطلاقا، حرية الصحافة تتراجع في تركيا". واحصت جمعيته في الشهرين الاخيرين تسريح 140 صحافيا على الاقل. وافادت الاستاذة اصلي تونج من جامعة بيلغي في اسطنبول "انها عملية تطهير، لا اكثر ولا اقل"، تجريها "الحكومة بتعاون بعض ارباب الصحافة قبل الانتخابات".
وهدد الكاتب جام كوتشوك في صحيفة ستار المقربة من النظام الكاتب في صحيفة حرييت احمد هاكان بالقتل متهما اياه بدعم حزب العمال الكردستاني. وكتب "يمكن سحقك كالذبابة...لست على قيد الحياة الا لشعور بالشفقة عليك". ولفتت كارين دويتش كارليكار من مركز بين الاميركي الى انه "مع اقتراب موعد الانتخابات يستمر هامش حرية وسائل الاعلام في التراجع بوتيرة مقلقة". وعندما لا تكفي الضغوط لا تتردد السلطات في اللجوء الى القضاء.
فالشكاوى المرفوعة بتهمة "الاهانة" تتكاثر ضد الصحافيين الذين يجرؤون على انتقاد اردوغان. و اوقف ايضا مدير النشر في مجلة نقطة وصودرت نسخ العدد الاخير منها لنشرها صورة ساخرة مركبة لاردوغان يلتقط صورة لنفسه (سيلفي) امام نعش جندي. وفتح القضاء التركي تحقيقا ضد مجموعة دوغان الاعلامية الكبرى التي تملك خصوصا صحيفة حرييت بتهمة القيام "بدعاية ارهابية" كما افادت وكالة انباء الاناضول.
واوضحت الوكالة ان المجموعة متهمة بنشر صور غير مموهة لجنود اتراك قتلوا خلال الهجمات الاخيرة التي نفذها متمردو حزب العمال الكردستاني ضد القوات الامنية في جنوب شرق البلاد، وبانها في المقابل موهت صورا اخرى لمتمردين اكراد. ومن الاتهامات الاخرى الموجهة الى دوغان بحسب وكالة الاناضول، بثها مؤخرا مقابلة على شبكة سي ان ان تورك مع مقاتلة شابة انضمت الى صفوف حزب العمال الكردستاني. بحسب فرانس برس.
وقال استاذ وسائل التواصل قرقماز عالمدار "لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة في هذا البلد"، موضحا ان "هناك عددا من المواقع الاخبارية المستقلة (...) لكن الجمهور الواسع لا يعرفها". وختم غورسيل ان "التعديات على الصحافة مستمرة منذ 2008" مشيرا الى "انها الحملة الاخيرة في جهد يرمي في النهاية الى اخضاعها بالكامل".
الترويج للإرهاب
على صعيد متصل أوصت النيابة في تركيا، بإنزال عقوبة السجن لأكثر من 7 سنوات بحق صحافيين متهمين بالترويج "لمنظمة إرهابية"، بعد نشر صور احتجاز قاض رهينة لدى عضوين من الحزب الثوري الماركسي بتركيا. والصحافيون المتهمون من تسع صحف مختلفة وبينهم رئيس تحرير صحيفة جمهورييت القريبة من المعارضة جان دوندار الذي يواجه عدة شكاوى من الرئيس رجب طيب أردوغان في إطار تغطيته الصحافية. وبين المتهمين كذلك محررون من صحيفتي بوستا اليومية وبيرغون اليسارية.
وتعود القضية إلى احتجاز النائب العام محمد سليم كيراز رهينة بأيدي عضوين في حزب "جبهة تحرير الشعب الماركسية الثورية" في مكتبه في قصر العدل في إسطنبول في 31 آذار/مارس. وقد قتل الثلاثة عندما اقتحمت الشرطة المحكمة في ظروف لم تتضح بعد. ونشر الحزب الماركسي خلال الاحتجاز صورا تظهر أحد مقاتليه وقد غطى وجهه بمنديل عليه شعار الحزب الأحمر والأصفر وهو يصوب مسدسا إلى رأس الرهينة.
وانتشرت الصور على مواقع التواصل الاجتماعي في أثناء عملية الاحتجاز ونشرتها عدة صحف ومواقع إخبارية تركية ما أغضب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو وبدأت النيابة التحقيق مع الصحف بتهمة "الترويج للإرهاب". وقال داود أوغلو إنه رفض شخصيا السماح لوسائل الإعلام التي نشرت الصورة بتغطية تشييع القاضي كيراز.
ويذكر أن أردوغان قال إن دوندار "سيدفع ثمنا باهظا" بعد نشر مقال على الصفحة الأولى من صحيفة جمهورييت عن إرسال تركيا أسلحة إلى تنظيم "داعش" في سوريا، ما أثار احتجاجا خلال انتخابات 7 حزيران/يونيو. ويعتبر الحزب الثوري الماركسي هدفا للحرب التي أعلنها أردوغان على "الإرهاب" مستهدفا بالأساس حزب العمال الكردستاني بعد شن بضع غارات على مواقع تنظيم داعش. ونفذ حزب "جبهة تحرير الشعب الماركسية الثورية" الذي ينشط في السر هجمات متفرقة منذ 1970 خلف بعضها قتلى. وكان الحزب يعرف حتى منتصف التسعينات باسم دفريمشي سول (اليسار الثوري).
من جانب اخر اتهمت تركيا الجمعة هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ب"دعم الارهاب" في تقرير بثته اخيرا عن مقاتلات في حزب العمال الكردستاني يحاربن تنظيم داعش في شمال العراق. ورفضت البي بي سي هذه الاتهامات، مؤكدة ان تقريرها يقدم "رؤية فريدة" عن دوافع هاتيك النساء ويذكر بوضوح ان النظام التركي يعتبر حزب العمال الكردستاني تنظيما "ارهابيا".
ويلقي التقرير المذكور الذي عرض على موقع البي بي سي الالكتروني، الضوء على مقاتلات في احد معسكرات تدريب حزب العمال الكردستاني في شمال العراق خلال استعدادهن لمواجهة جهاديي "داعش". وقالت الخارجية التركية في بيان ان "بث معلومات مماثلة عن حركة تعتبرها دول عدة ارهابية بينها دول الاتحاد الاوروبي يشكل دعما معلنا للارهاب". واضافت ان "تقديم هذه المنظمة السرية بوصفها حركة بريئة تقاتل منظمة ارهابية اخرى (...) هو امر مرفوض"، معتبرة ان تقارير كهذه تنافي قرارات الامم المتحدة ومجلس اوروبا في شان المنظمات الارهابية. بحسب فرانس برس.
وتعليقا على موقف انقرة، قال متحدث باسم البي بي سي ان الهيئة "تغطي اخبارا تهم العالم اجمع في شكل محايد، وهذا التقرير هو واحد من عدد كبير (من التقارير) عرضناها عن تركيا والقضايا المتصلة" بهذا البلد، بما فيها الهجمات التي شنها حزب العمال الكردستاني. واضاف المتحدث ان "هذا التقرير يقدم رؤية فريدة لفهم ما يدفع هاتيك النساء للانضمام الى حزب العمال الكردستاني بهدف قتال داعش، وبينهن نساء فررن من التنظيم". وشددت البي بي سي على ان التقرير "يقول بوضوح ان حزب العمال الكردستاني يعتبر منظمة ارهابية من جانب السلطات التركية". وياتي الجدل مع البي بي سي على خلفية قلق متنام حيال حرية التعبير في تركيا، حيث يلاحق الصحافيون وتوجه اليهم اتهامات باهانة السلطات.
تبريرات حكومية
في السياق ذاته قال مسؤول تركي إن الصحفية الهولندية التي برأتها محكمة تركية في يناير كانون الثاني من كتابة دعاية للمسلحين الأكراد اعتقلت في جنوب شرق تركيا "حفاظا على سلامتها" بسبب القتال الدائر في المنطقة. وقالت فريدريكه جيردينك على حسابها على تويتر "أنا معتقلة في يوكسيكوفا" مشيرة إلى أنها كانت مسافرة برفقة مجموعة من المحتجين الأكراد الذين اعتقلوا جميعا أيضا.
وجاء في تقرير لوكالة الأنباء الهولندية (إيه.إن.بي) أن جيردينك اعتقلت للاشتباه "بسفرها في منطقة محظورة." لكن مسؤولا تركيا كبيرا قال طالبا عدم نشر اسمه إنها اعتقلت لتأمين سلامتها مضيفا "لم تعتقل فريدريكه لممارستها عملها كصحفية بل لأنها كانت في منطقة أمنية تشهد قتالا ولم نضمن سلامتها فتم احتجازها وتجري تحقيقات حاليا."
وجيردينك صحفية حرة وتتخذ من مدينة دياربكر ذات الأغلبية الكردية بجنوب شرق تركيا مقرا لها. واعتقلت في يناير كانون الثاني ووجهت لها اتهامات بنشر رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي مؤيدة لحزب العمال الكردستاني المحظور. وشجبت منظمات حقوق الإنسان وحرية الصحافة اعتقال جيردينك التي برأت من اتهامات نشر دعاية سياسية في أبريل نيسان الماضي.
وقال مكتب وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز إنه طلب من سفارة بلاده في أنقرة الاتصال بالصحفية والسلطات التركية بشأن هذه الواقعة. وقال رول فان دير ميي المتحدث باسمه "تشعر هولندا منذ فترة بالقلق على حرية الصحافة وحرية الرأي في تركيا. لا تزال هذه قضية مهمة في علاقاتنا مع تركيا". وطالب اتحاد الصحفيين الاوروبي تركيا باخلاء سبيل الصحفية على الفور. بحسب رويترز.
وأفرجت محكمة في جنوب شرق تركيا عن صحفيين يعملان في فايس نيوز كانت اعتقلتهما بتهم إقامة صلات بمنظمة إرهابية. وأفرجت المحكمة عن الصحفيين البريطانيين لكنها أبقت وسيطهما العراقي قيد الاعتقال على ذمة التحقيق. وأثارت الاعتقالات غضب جماعات حقوق الانسان ومخاوف حيال سجل أنقرة فيما يتعلق بحرية الصحافة في الوقت الذي تشن فيه السلطات التركية حملة أمنية على المقاتلين الأكراد وتقوم بدور أكبر في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا. وتقول اللجنة الدولية لحماية الصحفيين إن مضايقة الصحفيين ومقاضاتهم ذات تأثير مدمر على سمعة وسائل الإعلام التركية. وألفت جيردينك كتابا بالهولندية عن أكراد تركيا وهي تنشر في مدونة باللغة الإنجليزية تحت اسم "شؤون كردية".
اتهامات بالقتل
من جهة اخرى اتهم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للقضية الكردية السلطات التركية بقتل نحو 21 مدنيا في مدينة جيزره خلال فترة حظر التجول، في حين قال وزير الداخلية سلامي التينوك أن مدنيا واحدا قتل في اشتباكات الشرطة مع عناصر من حزب العمال الكردستاني. ورفعت تركيا حظر تجول استمر تسعة أيام عن مدينة جيزره بجنوب شرق البلاد، وأعيد فتح الطرق إليها لتكشف عن دمار هائل تعرضت له المدينة خلال عملية عسكرية واسعة استهدفت المقاتلين الأكراد. وشوهدت العديد من المباني المدمرة وأخرى نخرها الرصاص خلال حظر التجول الذي فرض في وقت سابق.
وسمح للسكان بدخول المدينة والخروج منها مع بقاء حواجز التفتيش التي أقامها الجيش، بحسب المراسل الذي دخل المدينة بعد رفع الحظر وقالت الحكومة إن فرض حظر التجول كان ضروريا لعملية عسكرية "لمكافحة الإرهاب" في المدينة ضد عناصر يشتبه بأنهم من حزب العمال الكردستاني المحظور. غير أن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للقضية الكردية أكد أن 21 مدنيا قتلوا خلال حظر التجول الذي حرم الأهالي من وسائل الحياة الضرورة وتسبب بنقص في المواد الغذائية. ولا تزال خدمة الهاتف والإنترنت ضعيفة إلى حد كبير فيما خرج المواطنون للمرة الأولى لمعاينة حجم الأضرار.
وقال وزير الداخلية سلامي التينوك إن ما يصل إلى 32 من عناصر حزب العمال الكردستاني قتلوا في جيزره مضيفا أن مدنيا واحد قتل في الاشتباكات. غير أن حزب الشعوب الديمقراطي تحدى الحكومة أن تثبت ما إذا قتل عنصر واحد من العمال الكردستاني في جيزره متهما الجيش بإطلاق النار على المدنيين. وقال محمود غور الذي يعمل بوابا في أحد المباني "كنا 10 أشخاص في منزلنا. أطلقوا النار على أي رأس يخرج من المبنى. لم يسألوا إن كنا بشرا".
وقال الطالب هسيم كلكان إن حظر التجول تسبب "بكراهية ومرارة" وتحدث عن ورود أخبار عن اضطرار الأهالي لوضع جثامين أطفال في الثلاجات لعدم السماح لهم بدفنهم. ولا تزال العديد من الشوارع تحمل آثار دماء وقال نشطاء إن ذلك دليل على حجم إراقة الدماء أثناء حظر التجول وشوهد العديد من الأشخاص يدخلون المدينة، غالبيتهم للاطمئنان على الأهالي، لكن قلة غادروا. وقال محمد غولر المسؤول المحلي "أطفالنا كانوا يرتعدون من الخوف. لقد أثر الوضع على نفسيتهم".
وخلال حظر التجول لم يسمح لمن هم من خارج المدينة بالدخول فيما وصف نشطاء أكراد الوضع "بالحصار" الذي يشبه ما تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وقال غولر "لا يوجد ماء ولا كهرباء ومؤننا تنفذ" مضيفا أنه حتى الآذان توقف خلال حظر التجول. ولا تزال آثار المعارك ظاهرة في جيزره حيث تنتشر الحواجز والسواتر في الشوارع التي يتناثر فيها الرصاص الفارغ وهياكل السيارات المحترقة. غير أن تواجد الشرطة لم يعد ظاهرا. بحسب فرانس برس.
والعملية في جيزره، البالغ عدد سكانها 120 ألف نسمة والواقعة على الحدود مع سوريا وقرب العراق، كانت جزءا رئيسيا من حملة الحكومة لشل حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وشمال العراق والتي بدأت في أواخر تموز/يوليو دون أي مؤشر على التراجع. وتفقد الأهالي المباني التي تحولت إلى ركام خلال العملية والمتاجر التي نسفت واجهاتها.
اضف تعليق