q
إذا كانت السلطة التشريعية هي الجهة التي تسن القوانين، وتراقب أداء السلطة التنفيذية، وتضبط حركة المال العام، وتمثل المواطنين في طلباتهم وشكاواهم العامة، من الذي يراقب السلطة التشريعية وأعضاءها إذا ما قصرت في أداء مسؤولياتها وواجباتها أو تجاوزت صلاحيتها الدستورية؟ هناك نوعان من الرقابة على السلطة التشريعية...

تُعد السلطة التشريعية السلطة الأولى في البلاد، ومنها تنبثق السلطات الأخرى، ومن مسؤولياتها التشريع والرقابة والتمثيل. والسؤال هنا من يراقب السلطة التشريعية وأعضاءها إن قصرت في أداء مسؤولياتها الدستورية والقانونية، أو تجاوزت صلاحياتها المحددة دستوريا؟

إن من المهم أن نتعرف على وظائف السلطة التشريعية أولا، ثم نتعرف على طرق الرقابة على أداء السلطة التشريعية، وآليات محاسبتها ومساءلتها ثانيا.

تعتبر السلطة التشريعية أهم السلطات في الدولة، وهي السلطة المنتخبة من قبل الشعب، تستمد قوتها وشرعيتها منه، وهي السلطة العليا من حيث المستوى. وتختلف الدول فيما يتعلق بتنظيم الهيئات النيابية، فمنها من يتولى السلطة التشريعية فيها مجلس واحد، يسمى نظام المجلس الفردي، في حين يتولاها مجلسان في دولٍ أخرى، وتسمى نظام المجلسين.

تؤدي السلطة التشريعية العديد من الوظائف والواجبات، وبصفة عامة يمكن تصنيف وظائف الهيئة التشريعية إلى مايلي:

أولاً: الوظيفة التشريعية: تعد الوظيفة التشريعية صلب عمل السلطة التشريعية، فهي التي تجعل البرلمان من أهم سلطات الدولة باعتبارها ممثل للشعب والمعبر عن نبضه، ولأنه الذي يسن القوانين ويعدلها ويلغيها. ومن الضروري موافقته على كل المشروعات بقوانين التي تقدمها إليها السلطة التنفيذية، وعلى المعاهدات الدولية التي تبرمها السلطة التنفيذية.

ثانياً: الوظيفة الرقابية: تتلخص وظيفة المراقبة في كونها رقابة البرلمان السياسية على أعمال السلطة التنفيذية وقيامها بممارسة اختصاصاتها وفقاً لما خولها به الدستور. والبرلمان إنما يمارس هذه الرقابة نيابة عن الشعب، وذلك لأنه أقرب السلطات تمثيلاً لهُ وأقدرها على التعبير عن إرادته.

ثالثاً: الوظيفة المالية: تتمثل السلطة المالية للبرلمان في تحديد حجم نفقات الدولة واتخاذ الوسائل الضرورية لتغطية العجز المالي في الميزانية، سواء عن طريق الضرائب أو طرق أخرى. وكما يقوم البرلمان بسن قوانين الضرائب والموازنة العامة، وفي الوقت نفسه يراقب أداء صرف النفقات، والتقرير السنوي الذي يقدمه ديوان الرقابة أو المحاسبة المالية للبرلمان يبين فيه جوانب القصور أو الإهمال الذي شاب أداء السلطة التنفيذية والمخالفات التي ارتكبت خلال السنة المالية.

رابعا: الوظيفية التمثيلية: تتمثل السلطة التمثيلية للبرلمان في قيام أعضاء مجلس النواب باستقبال شكاوى المواطنين وطلباتهم، سواء كانت عامة تتعلق بخدمات مناطقهم ومدنهم وحاجاتها، والمشروعات التي ينبغي أن تنجز وقضايا التنمية وغيرها. أو كانت خاصة وهي المظالم والطلبات التي يقدمها المواطنون لأعضاء مجلس النواب في مناطقهم من أجل مساعدتهم في إيصالها إلى أصحاب القرار في السلطة التنفيذية. وقد جرت العادة أن يكون مجلس النواب أو لأحد الأعضاء مكتب أو أكثر يستقبل فيه يوميا المواطنين، ويطلع على مشكلاتهم، ويكتب فيها إلى السلطات التنفيذية المحلية والاتحادية.

والسؤال إذا كانت السلطة التشريعية هي الجهة التي تسن القوانين، وتراقب أداء السلطة التنفيذية، وتضبط حركة المال العام، وتمثل المواطنين في طلباتهم وشكاواهم العامة، من الذي يراقب السلطة التشريعية وأعضاءها إذا ما قصرت في أداء مسؤولياتها وواجباتها أو تجاوزت صلاحيتها الدستورية؟

في الواقع هناك نوعان من الرقابة على السلطة التشريعية، وهما:

1. الرقابة القضائية: صحيح أن السلطة التشريعية هي السلطة الأولى في البلاد، ولكن القضاء يظل هو الفيصل في الحكم على مطابقة القوانين للدستور أو عدم مطابقتها، وتسند هذه المهمة إلى محاكم خاص تسمى في الغالب المحاكم الدستورية. ولقد أخذ الدستور العراقي لعام 2005 بالرقابة القضائية على دستورية القوانين بموجب المادة (93) منه حيث أناط مهمة الرقابة إلى المحكمة الاتحادية العليا واعتبارها هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً. لذلك يعتبر الدستور العراقي لعام 2005 اخذ بالرقابة القضائية على دستورية القوانين.

2. الرقابة الشعبية: إن الرقابة الشعبية هي أعلى سلطة رقابية في أي مجتمع ديمقراطي، فهي تراقب عمل البرلمان والحكومة، وبما يخدم المصلحة العامة. وهي إحدى أدوات الرقابة الناجحة والفاعلة على عمل البرلمان والحكومة معا، حيث يكون للشعب أو لجزء منه الرأي فيما يصدر عن السلطة التشريعية من قوانين أو تقصر في إصدار ما ينبغي أن تصدره من قوانين. ويمكن تقسيم الرقابة الشعبية إلى عدة أنواع هي:

أ‌. الرقابة السياسية: وهي رقابة الأحزاب السياسية، سواء كانت مشاركة وغير مشاركة في الحكم، حيث إن من حق هذه الأحزاب وخاصة المعارضة منها ممارسة حقها المشروع في ممارسة النقد الموضوعي الهادف من أجل تقويم عمل الحكومة والبرلمان. ويتطلب ذلك تشريع قانون عمل للأحزاب السياسية.

ب‌. الرقابة المجتمعية: وتشمل رقابة المنظمات غير الحكومية والنقابات والاتحادات المهنية والمؤسسات الخيرية، والتجمعات الشبابية وغيرها. وإن تفعيل نشاط وعمل هذه النقابات والجمعيات والروابط يتطلب تشريع قانون خاص لها بهدف تثبيت شرعيتها وحقها في العمل والتظاهر والاعتصام السلمي المشروع.

ت‌. الرقابة الإعلامية: وهي الرقابة التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام مثل التلفزيون والراديو والصحف والمجلات والإنترنت... وتلعب الرقابة الإعلامية دوراً هاماً وفاعلاً في مراقبة الإداء الحكومي والبرلماني وتساعد على خلق الوعي السياسي داخل المجتمع.

..........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2023
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق