إنسانيات - حقوق

اللجان البرلمانية ودورها في حماية حقوق الإنسان

البرلمان العراقي إنموذجاً

اللجان البرلمانية بأنها تشكيل تنظيمي لعدد محدد من أعضاء المجلس النيابي تسند إليها بعض الوظائف المحورية في تسيير الأعمال اليومية للمجلس النيابي، وتتشكل هذه اللجان بالانتخاب من بين أعضاء المجلس وبالغالب يراعى في تكوينها الاختصاص الدقيق أو المؤهل العلمي لعضو المجلس التمثيلي، وعلى سبيل المثال حين تتشكل...

يعد وجود البرلمان عنصراً أساسياً في تكوين السلطات العامة في الدولة وركناً أساسياً في النظام الديمقراطي، إذ يعهد إليه بمهام جسام الغاية منها حسن تنظيم سلطات الدولة وتحقيق الغاية من وجودها، ألا وهي سعادة الإنسان، إذ يسند إليه بالوظيفة التشريعية والرقابية وبعض الاختصاصات ذات الطابع التنفيذي كتعيين كبار الموظفين أو الموافقة على إعلان حالة الحرب أو الطوارئ وما سواها.

إضافة إلى بعض الأعمال التي تحمل طابع قضائي كمحاكمة رئيس الجمهورية في الدستور الأمريكي للعام 1787، وإعفاء رئيس الجمهورية في العراق بموجب الدستور النافذ في حال ارتكابه بعض المخالفات الجسيمة كالخيانة العظمى أو انتهاك الدستور أو الحنث باليمين الدستوري.

وليمارس البرلمان الأعمال المنوه عنها أعلاه لابد من مشاركة النواب بوصفهم العنصر البشري المكون للمجلس النيابي حين يجتمع ويقرر بصفته مجلساً يتمتع بالشخصية المعنوية والمكنة القانونية لاتخاذ القرارات نيابة عن الشعب العراقي حيث ورد في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 أن "يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة إلف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر"، واللجان البرلمانية بوصفها الجهاز الثاني من بعد الهيئة العامة للمجلس والتي تقوم بدور محوري في انجاز المهام الموكلة للبرلمان تقوم بوظائف وتمارس اختصاصات بغاية الأهمية لاسيما في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان في العراق.

ويتحدد مدلول اللجان البرلمانية بأنها تشكيل تنظيمي لعدد محدد من أعضاء المجلس النيابي تسند إليها بعض الوظائف المحورية في تسيير الأعمال اليومية للمجلس النيابي، وتتشكل هذه اللجان بالانتخاب من بين أعضاء المجلس وبالغالب يراعى في تكوينها الاختصاص الدقيق أو المؤهل العلمي لعضو المجلس التمثيلي، وعلى سبيل المثال حين تتشكل اللجنة المالية يؤخذ بنظر الاعتبار تكوينها من المختصين بالجوانب الاقتصادية والمالية والمحاسبية لكي يتمكن الأعضاء من دراسة الموضوعات المحالة عليهم وإعطاء الرأي الفني الدقيق بما يمكن البرلمان من ممارسة دوره التشريعي والرقابي بكفاءة، وقد بينت المادة (73) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي النافذ لسنة 2007 بأن ((تتكون كل لجنة من اللجان الدائمة من عدد من الأعضاء لا يقل عددهم عن سبعة أعضاء ولا يزيد على خمسة عشر عضواً))، بعبارة أخرى ان عمل اللجان هو المساعدة وإمداد المجلس بالرأي والمشورة السليمة القائمة على أسس علمية وموضوعية رصينة، ولكن ما تقدم مشروط بضرورة انتقاء الأعضاء بعناية من المختصين، وتتجلى أهمية ما تقدم بجعل ما تنتهي إليه تلك اللجان أكثر إقناعا وتأثيراً.

والغالب ان تكون اللجان البرلمانية دائمة بمعنى ان عملها يكون على سبيل الدوام والاستمرار حتى في حال تمتع المجلس النيابي بعطلة تشريعية كما وتعد هذه اللجان بالغالب متخصصة أي تعين للعمل في مجال محدد وتوكل إليها مهمة دراسة موضوعات معينة معروضة على ممثلي الشعب للبت فيها ومن شأن العمل الدائم لهذه التشكيلات إمداد بقية الأعضاء بالرأي السليم، والمقصود بديمومتها أي استمرارية عملها رغم تبدل أعضائها في كل دورة برلمانية أو بشكل دوري سنوي مثلاً بحسب ما يشير إليه النظام الداخلي.

اما اللجان المؤقتة فهي اللجان التي يشكلها البرلمان لدراسة مسألة محددة وتنتهي هذه اللجان بنهاية الغرض الذي وجدت من أجله، أما لجنة حقوق الإنسان التي تضمنها النظام الداخلي لمجلي النواب العراقي فهي من اللجان الدائمة إذ أشارت لها المادة (99) بأنها ستختص بـ"متابعة حقوق الإنسان العراقي وفق المبادئ المقررة في الدستور ورصد المخالفات واقتراح المعالجات، كما إن من أهم وظائفها رصد مخالفة السلطات لحقوق الإنسان"، ومما يشار إليه ان هذه اللجنة لعبت دوراً في اقتراح بعض القوانين وإنضاج البعض منها نذكر على سبيل المثال قانون الناجيات الايزيديات رقم (8) لسنة 2021 المقدم بالأصل من رئاسة الجمهورية كمشروع قانون، وقانون تعديل قانون المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم (20) لسنة 2009 وما سواها.

ويعد من أخص واجبات عضو المجلس النيابي مساهمة النائب الفاعلة في عمل اللجان والى ذلك أشار قانون مجلس النواب رقم (13) لسنة 2018 في المادة (10) "على النائب إضافة إلى ما يفرضه الدستور والقوانين والنظام الداخلي الالتزام بوجه خاص بما يأتي:

أولاً: أداء اليمين الدستورية في الجلسة الأولى للمجلس.

ثانياً: حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجنة التي هو عضو فيها وعدم التغيب عنها الا بعذر مشـروع يقدره الرئيس فيما يخص جلسات المجلس ورئيس اللجنة فيما يخص اجتماعاتها ويستقطع من راتب النائب في حال غيابه نسبة معينة يحددها المجلس بناءً عـلى اقتراح من الرئيس ونائبيه"، ويشار إلى ان اللجان تمارس عدة مهام في مجال حماية حقوق الإنسان من أهمها:

أولا: الرقابة: إذ تتولى اللجان البرلمانية مراقبة العمل الحكومي والتعقيب على تلك الأعمال وقد بين النظام الداخلي لمجلس النواب بالمادة (77)"أولاً: للجنةِ وبموافقة أغلبية أعضائها دعوة أي وزير أو من هو بدرجته للاستيضاح مع إعلام رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وعلى المسؤول المدعو حضور اجتماع اللجنة خلال سبعة أيام من تاريخ تسلمه الدعوة.

ثانياً: للجنة وبموافقة أغلبية أعضائها دعوة وكلاء الوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة وغيرهم من موظفي الحكومة مدنيين وعسكريين مباشرةً للاستيضاح وطلب المعلومات مع إعلام رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء بذلك.

ثالثاً: لوزير الدولة لشؤون مجلس النواب أو من يمثله حضور اجتماعات اللجان بعد دعوتها للتنسيق والتعاون وتبادل المعلومات بين الحكومة والمجلس.

رابعاً: للجنة توثيق أي لقاء مع أي مسؤول يدخل ضمن صلاحياتها صوتياً أو صورةً وصوتاً" ما يدل بما لا يدع مجالاً للشك ان للجان دور بارز في رقابة عمل الحكومة وتملك القدرة على قمع أي تجاوز على حقوق الإنسان، وتعزيزاً لتمكين هذه اللجان من ممارسة دورها الرقابي ورد بالمادة (78) من النظام الداخلي لمجلس النواب "للجان الدائمة الطلب بعلم هيئة الرئاسة من دوائر الدولة ومنظمات المجتمع المدني تزويدها بالوثائق والمعلومات التي تحتاج إليها".

كما أقر النظام الداخلي لمجلس النواب إمكانية تشكيل المجلس للجان تحقيقية مؤقتة للتحقيق في ملف معين حيث أشارت المادة (82) من لنظام الداخلي لمجلس النواب إلى "للمجلس تشكيل لجان فرعية ولجان مؤقتة ولجان تحقيق بحسب مقتضيات العمل والموضوعات المعروضة عليه"، ومن الواضح ان هذه اللجان يتم تشكيلها بموافقة أغلبية عدد الحاضرين في مجلس النواب بناءً على اقتراح من هيأة الرئاسة أو من خمسين عضواً من الأعضاء المجلس كما منح النظام الداخلي هذه اللجان اختصاص تحقيقي واسع بالنص على تمتعها باختصاص تقصي الحقائق فيما هو معروض عليها من قضايا ويحق للجنة دعوة أي شخص لسماع أقواله، على وفق الطرق الأصولية ولها حق الإطلاع على كل ما له علاقة بالقضية المعروضة عليها، من دون المساس بالقضايا المعروضة على القضاء، ولها الاستعانة بالخبراء ويتم تحديد أجورهم بالاتفاق مع هيأة الرئاسة في مجلس النواب.

وفي مجال نصرة الحقوق والحريات فإن النظام الداخلي بالمادة الثانية والثلاثون أشار إلى ان من أهم سلطات مجلس النواب إجراء التحقيق مع أي من المسؤولين بشأن أي واقعة يرى المجلس إن لها علاقة بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين، وطلب المعلومات والوثائق من أية جهة رسمية، بشأن أي موضوع يتعلق بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين أو تنفيذ القوانين أو تطبيقها من قبل هيئات ومؤسسات السلطة التنفيذية.

ثانياً: اقتراح مشاريع القوانين: التي لها العلاقة الوثيقة بحقوق الإنسان حيث أشار الدستور العراقي إلى ان من اختصاصات اللجان البرلمانية تقديم مقترحات القوانين إذ أشارت المادة (60) من الدستور إلى أن "مقترحات القوانين تقدم من عشرة من أعضاء مجلس النواب، أو من إحدى لجانه المختصة".

ثالثاً: تشريع القوانين: حيث تضطلع اللجان البرلمانية بدور متميز في عملية تشريع القوانين إذ تحال إليها مشاريع ومقترحات القوانين لدراستها وإبداء المقترحات بشأنها والى هذا أشارت المادة (87/ثانياً) من النظام الداخلي لمجلس النواب التي أشارت إلى "تتولى كل لجنة من اللجان الدائمة دراسة مشروعات القوانين واقتراحات مشروعات القوانين، المتعلقة باختصاصها وإبداء الرأي فيها وغير ذلك من الموضوعات التي تحال إليها من هيأة الرئاسة والمتعلقة بالاختصاصات المبينة في هذا النظام".

رابعاً: رصد الانتهاكات: ويكون عملها بالتنسيق مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ومع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية الحكومية وغيرها المهتمة بملف الحقوق والحريات كما ان أعضائها يمكن ان يتلقوا الإخبار والشكوى من المواطنين فلا مانع يحول دون ذلك لتتم متابعة الموضوع مع الجهات الرسمية وطلب توضيحات عن موضوع الانتهاك وان تطلب الأمر يمكن استدعاء أي مسؤول حكومي كما أوردنا ذلك في أعلاه للاستعلام عن الانتهاك وأسبابه.

..........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2023
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق