السيادة للشعب وليست لأحد والبرلمان والحكومة مؤتمنين على السيادة الشعبية أي مؤتمنين على الإرادة الشعبية ويجب الحفاظ عليها وإعادتها للشعب بعد 4 سنوات حتى يوكلها لشخص أخر، ولذلك نقر طرق ديمقراطية من خلالها نسترجع السيادة الشعبية للشعب وذلك في حالتين عندما تنحرف السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان، (الطرق الديمقراطية لاسترداد سيادة الشعب)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

قدم الورقة وأدار الجلسة الحوارية الباحث في المركز الدكتور علاء إبراهيم الحسيني الذي ابتدأ حديثه قائلا:

"عندما نقول السيادة ينصرف الذهن للمادة الأولى من الدستور العراقي (العراق دولة واحدة ذات سيادة كاملة) فهنا قد يفهم من السيادة الاستقلال بالقرار وان القرار يتخذ من الدولة دون تدخل من الخارج، والسيادة الذي قصدها المشرع الدستوري هنا هي السيادة الشعبية واختلف المعنى لاختلاف السياق في النص، والسيادة لها معنى إيجابي وسلبي، اما السلبي فيعني ان تستقل بالقرار الوطني بدون تدخل اجني أو أي فرض من احد، اما معناه الإيجابي فيعني ان البلد سيد قراره ويستطيع صنع السياسة العامة بالداخل ويصدرها للخارج وتذهب إلى حيز التنفيذ، الدستور العراقي أشار إلى السيادة في غير موطن ومن المواطن التي وردت المادة الخامسة (السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها)، وفي المرة الأولى كان الكلام عن الدولة وشرعيتها فقال دولة واحدة ذات سيادة كاملة، لكن لما جاء الكلام عن الشعب نص المشرع على ان السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها.

ومن هنا نفهم ان السيادة ليست هي السلطة العامة إنما السيادة هي الإرادة العامة وتحركات الإرادة العامة، والإرادة العامة تظهر إلى الخارج بتجليات واجل تجلياتها هو الدستور نفسه إذا وضع بإرادة الشعب باستفتاء أو بطريق شعبي معين أو يؤخذ بنظر الاعتبار إرادة الشعب، أضف لذلك التجلي الأخر هي القوانين التي تصدر من ممثلي الشعب فإذا كان الدستور يصدر من الشعب مباشرة فالقانون يصدر من ممثلي الشعب وبالتالي الإرادة هي نفس الإرادة التي هي الإرادة العامة، وفقهاء القانون يقولون ان الإرادة العامة تمثل السيادة أو السيادة هي خصيصة من خصائص الإرادة العامة، وسميت سيادة لأنها تسود على الجميع وبالتالي القاعدة القانونية قد لا يشترك فيها كل الشعب لكنها ستسود على الكل من باب التطبيق وستطبق على الجميع بدون استثناء سواء كان قابلة أو رافض لها.

وقد تفهم السيادة في علوم أخرى كعلم السياسة أو ما شاكل ذلك قد ترتبط بالحاكم أو أنها تمارس من قبل الحاكم وهذا في الأنظمة الديكتاتورية والأنظمة القمعية والاستبدادية تفهم كذلك، ولو رجعنا لدستور العراق 1970 لفهمنا هذا المعنى من الدستور الملغى، إذن السيادة ترتبط بالإرادة والشعب مالك السيادة ومن يمارس السيادة يمارسها باتجاهين اتجاه إقرار القواعد الدستورية ثم ممارسة التشريع العادي من خلال نوابه من خلال الشعب لان إرادته لا يعلو عليها شيء والإرادة للقانون لان القانون نابع عن إرادة الشعب كما وصفها الدستور.

وقد يفهم من السيادة بأنها مجموعة من الإعمال تمارسها السلطات العامة بلا معقب عليها من قبل القضاء باعتبار ان هناك للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية إعمال تارة توصف بالإعمال اليومية الإدارية أو التنفيذية فهذه تخضع للرقابة وتراقب من قبل القضاء، اما إعمال السيادة فيفترض أنها لا تخضع لرقابة القضاء، والسيادة تارة يكون لها معنى عضوي لما يكون القابض على السلطة ميال إلى الاستبداد فيفهم نفسه بأنه هو الذي يمثل السيادة، وتارة أخرى يكون معنى السيادة الموضوعي للسيادة التي هي مجموعة من الإعمال القانونية التي لا معقب عليها لأنها نبعت من الإرادة بل هي تمثل الإرادة العامة، وبما ان البرلمان ليس الإرادة العامة بل هو وكيل على الإرادة وقد ينحرف عن الوظيفة التي أوكل بها والقوانين اليوم يجوز الطعن بدستوريتها أمام المحكمة الاتحادية، من هنا نقول ان السيادة للشعب وليست لأحد والبرلمان والحكومة مؤتمنين على السيادة الشعبية أي مؤتمنين على الإرادة الشعبية ويجب الحفاظ عليها وإعادتها للشعب بعد 4 سنوات حتى يوكلها لشخص أخر، ولذلك نقر طرق ديمقراطية من خلالها نسترجع السيادة الشعبية للشعب وذلك في حالتين عندما تنحرف السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية، وهناك عدة وسائل للاسترداد وتحتاج إلى عوامل وان أهم عامل من العوامل هو الوعي الشعبي والمستوى الثقافي لمستوى الشعب والذي يمثل الشعب السياسي "البالغين" باعتبارهم الطاقة العامة والمؤثرة، وان الدستور في المادة 13 ينص على ان هذا الدستور يعد الدستور الاسمي وملزم للسلطات كافة وعندما احد السلطات تعارض الدستور، هنا تجلي أو صورة ناصعة من السيادة الشعبية بما ان الدستور يمثل نموذج للسيادة الشعبية ولا يمكن لأي نص أو في دستور الأقاليم ان يخالف الدستور الاتحادي، ولذلك نقول ان الطريق الديمقراطي الأول هو اللجوء إلى المحكمة الاتحادية العليا بموجب المادة 93 لما البرلمان أو برلمان الإقليم يضع قانون يخالف السيادة الشعبية ويجب على المحكمة ان تنظر للدعوى وتفصل فيها باعتبار ان هذا الطريق الذي اقره الدستور، ولو فكرنا ان نعطي للمجتمع المدني دور اكبر في هذه المبادرات لاسترداد سيادة الشعب سنجد ان المجتمع المدني قادر كنقابات أو اتحادات ولو صدقت النية وتعاضد الجميع لحصلنا على نتائج ملموسة حتماً، وما المانع من تشكيل برلمان رديف من ممثلي أو مؤسسات المجتمع المدني وعمله هو تقصي أخطاء البرلمان والذهاب على وضع النقاط على الحروف وعمل دراسة على كل عمل يصدر من البرلمان العراقي، والمادة 20 من الدستور العراقي تضع طريقة للاسترداد مهمة جدا وتقول ان العراقيين رجال ونساء لهم الحق في الاشتراك بالشأن العام وتضع بعض الأمثلة مثل الانتخاب أو الترشيح وبموجب المادة 20 فان استرداد السيادة تحتاج إلى مقومين مهمين الأول هو إصلاح المفوضية العليا للانتخابات وكذلك تعديل قانون الانتخابات ويحتاج إلى مزيد من التعديلات لتفرز لنا إرادة شعبية قادرة على محاسبة الفاشلين بتمثيل الإرادة الشعبية، والمادة 25 و 26 من الدستور تلزم الدولة بإصلاح الاقتصاد بالطرق الحديثة وماذا لو صلح الاقتصاد فعلا وانتقلنا إلى نظام اقتصادي ناجح معنى ذلك الحكم بالإعدام على أحزاب السلطة التي تعتاش على السلطة، ولكن هناك ضرورة إلى إحداث ثورة شعبية بالمطالبة بإصلاح الاقتصاد والذهاب بهذه المهمة إلى الاقتصاديين الوطنيين الحقيقيين القادرين على وضع استراتيجية واضحة تذهب بالبلد إلى بر الأمان وهنا يبرز دور الإعلام من خلال دوائر السينما والمسرح وإنتاج إلى الدراما وما إلى ذلك ونسلط الضوء على هذه الجزئيات وننقلها إلى العالم الواقعي والى الإرادة الشعبية حتى نكون رأي عام ضاغط على الحكومة حتى ترسم استراتيجية اقتصادية حقيقية ومن خلال كذلك الفعاليات الثقافية والاجتماعية".

وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع نطرح السؤالين الآتيين:

السؤال الأول/ لماذا تميزت التطبيقات الديمقراطية في العراق بالتلكؤ والشلل وما الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك؟.

السؤال الثاني/ ما الحلول واجبة الإتباع لتمكين الإرادة الشعبية في العراق من اخذ زمام المبادرة للوصول إلى نظام ديمقراطي حقيقي يكون فيها الشعب هو السيد؟.

المداخلات

الباحث حسن كاظم السباعي:

"مبدئيا؛ لابد من معرفة أن مفاهيم كالديمقراطية أو سيادة الشعب لابد أن تكون متجذرة في العقلية الشعبية ومترسخة في الثقافة العامة.

لا أن تكون في قالب قوانين رسمية جاهزة ومعلبة أو على صورة بلاغ إداري أو قانون رسمي أو دستوري ينبغي أن ينفذ من قبل المدراء والمسؤولين وسائر الجهات التنفيذية.

فإذا ضمنت تلك العقلية والثقافة فإنها ستفرض نفسها على الجهات الرسمية شاءت الأخيرة أم أبت. ولكن إن انعدمت أو ضعفت تلك القاعدة فلن يستطيع الأخير أن يمارس الديمقراطية مهما كانت القوانين، ذلك لأن أفرادها إنما هم خلاصة تلك القاعدة.

من هنا فإنَّ الخطوة الأساسية هي: إيجاد تلك القاعدة وترسيخ مفهومها في العامة. وكما هو واضح فإن مهمة ترسيخ مفهوم تلك القاعدة قد ألقيت على المؤسسات المدنية أو ما يعرف بالمجتمع المدني.

لكن ذلك لا يكون ناجعا من خلال سن القوانين والمقررات بقدر ما أنه ممارسة وتعايش مع تلك المفردات والمفاهيم.

الدكتور حميد مسلم الطرفي:

"في البدء لا بد من التفريق بين الديمقراطية كفلسفة حكم وبينها كآلية من آليات الحكم الرشيد فالأولى تعني أن مصدر التشريع والسلطة هو الشعب والثانية تعني ان مصدر السلطة هو الشعب على ان تكون تشريعات من ينتخبهم الشعب تقع في طول ما أقرته الشريعة الإسلامية وليس في عرضها وهذا ما حدده الدستور العراقي النافذ في المادة الثانية منه. الديمقراطية ثقافة وممارسة، فكر وعمل، نظرية وتطبيق، وبالتالي هناك علاقة طردية بين الفكر والسلوك فكلما كان لدى الشعب عمق فكري بها من حيث الأهمية، النتائج، البدائل، الكيفيات، وكل ما يحيط بها كونها خلاصة الجهد البشري للوصول إلى أفضل إلية للحكم؛ كان الإقبال على ممارستها أكبر والعكس بالعكس. نحن في العراق ورغم فرض مادة الديمقراطية وحقوق الإنسان من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كمادة منهجية في جميع الكليات لمرحلة واحدة الا أنها لم تولها الأهمية التي تستحق من حيث الأداء وتعيين الأساتذة الأكفاء ولم يولها الإعلام أيضا الاهتمام الكافي.

طُبع البشر على اهتمامهم وسعيهم نحو تأمين حاجياتهم المادية الثلاث الأكل والشرب والمسكن أكثر من اهتمامهم بالأمور المعنوية كالفكر العقدي، وفلسفة الحرية، وحقوق الحاكم والرعية، فما لم يلمس الشعب تأثير الآليات الديمقراطية على مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه لم يعطها الاهتمام الكافي وللأسف فان الانتخابات كواحدة من ابرز الآليات الديمقراطية تحولت إلى مشكلة بدل ان تكون هي الحل، فبعد كل انتخابات تتعطل الحكومة ويشتد الصراع ويتعقد المشهد مما نفّر قطاع واسع من الشعب منها.

للمؤسسة الدينية في العراق امتداد شعبي واسع من خطباء منابر وهيئات مواكب ومعتمدين ووكلاء وأئمة جماعة ساهمت في توجه شعبي عارم نحو انتخابات 2005 و 2006 إذ وصلت نسبة المشاركة إلى 78‎ %‎لكنها وللأسف تراجعت عن هذا الدور وخاصة في انتخابات 2018 و 2021 في حين كان بالإمكان ان تدعو للمشاركة دعوة واضحة وصريحة، الأداء السيئ للطبقة الحاكم ولّد لدى الجمهور إحباط ويأس من النظام السياسي انعكس سلباً على الديمقراطية وآلياتها".

الدكتور منير الدعمي؛ نقيب الأكاديميين العراقيين فرع كربلاء:

"ان التجارب الانتخابية الخمسة التي حدثت في العراق بعد 2003 وجدنا ان نسبة المشاركة ضئيلة جداً وللأسف الشديد بعد 2010 انحدر كثيرا مستوى المشاركة ولا اعتقد ان نسبة المشاركة تجاوزت 33 أو 35%، وهذه نسب المشاركة هي التي ترسم النظام السياسي في العراق، وهناك أسباب لعدم المشاركة بالتأكيد لان المواطن خرج إلى الانتخابات لأكثر من مرة للتغيير ولتجاوز المشاكل ولكن للأسف الشديد كان هناك تعميق للمشاكل بالنتيجة وهذا بدأ ينعكس سلباً على عدم المشاركة، وهل الأحزاب السياسية مقتنعة بالنظام السياسي في العراق بالتأكيد هي بذاتها وضمن منهجيتها غير مقتنعة بالديمقراطية في العراق، والدليل على ذلك عندما تظهر نتائج الانتخابات لكتلة لديها مقعد واحد وتعتبر نفسها لديها زعامة على العراق وهي التي تساهم باتخاذ القرار، وعندما تفوز كتلة بالانتخابات فهي تعبر عن سيادة الشعب وقراره.

الدستور العراقي يحتاج إلى مراجعة كثيرة لأنه كُتب في عجالة وأصبح لدينا الكثير من العثرات والهفوات بسببه وحتى الدول المتطورة بالديمقراطية كل 10 سنوات يكون لها مراجعة للدستور أو القوانين، والنصوص الدستورية يظهر الخلل فيها بالتطبيق وليس هناك نية واضحة من البرلمان العراقي بمراجعة أو تعديل نصوص الدستور رغم المظاهرات والمطالبات التي حدثت، بالنتيجة الشعب الوحيد الذي يؤمن بالديمقراطية وان إرادة الشعب مسلوبة من قبل الأحزاب".

الباحث صلاح الجشعمي؛ محامي وناشط حقوقي:

"تجربة الحكم الديمقراطي هي تجربة حديثة وغريبة لان ثقافة الشعب العراقي لسنين طويلة خاصة من 1958 هي ثقافة الديكتاتورية و"الصدامية" وعدم التفكير والاعتماد على القائد الأوحد في عملية التفكير وبناء السياسة العامة وتوزيع الأرزاق وبناء الاقتصاد وتغييب الفكر الجمعي للمجتمع، وهذا ما أدى إلى ضمور الفكر الحر، مما أدى إلى سوء الاختيار لدى الشعب العراقي والاعتماد على الغير في تشخيصه في عملية الانتخاب أو بناء الدولة، إضافة إلى ما بعد 2003 الإعلام الضخم ووجود إعلام فاسد شوش وعي الجمهور في البحث عن مصادر صحيحة لزيادة وتطوير الوعي بالنظم الديمقراطية.

ومن أهم الحلول على المستوى القريب هو حركة مؤسسات المجتمع المدني في تقصي آليات وضع قانون الانتخابات وقانون المفوضية لان حسب التجربة الأخيرة لان كل الذي حصل في قانون الانتخابات وقانون المفوضية ولد خلل في النتائج وهذا من الإيجابيات لذلك يجب التقصي عن كيفية وضع هذه القوانين، اما على المستوى البعيد هو حركة المجتمعات وخلق مراكز قوى لتثقيف الشباب خاصة على معنى الديمقراطية وديمقراطية الحكم والتداول السلمي والتفكير".

الشيخ مرتضى معاش:

"حسب الظاهر السيادة هي للفرد، والإنسان هو سيد نفسه وهي سيادة ذاتية اما بالنسبة للسيادة الشعبية فتعتبر مكتسبة باعتبار ان الإنسان هو الذي يدخل مع الشعب في سيادة مشتركة لتحقيق وحماية المصالح العامة وحماية الحريات والحقوق، ويتنازل الإنسان عن سيادته عندما يشترك مع الآخرين لتحقيق السيادة العامة الشعبية، فالسيادة للشعب تكون مكتسبة لكل فرد وتكون سيادة كل فرد في عرض سيادة الآخرين وليس لفرد سيادة على فرد آخر عموديا، وانما هي سيادة مشتركة أفقيا، فلا تكون سيادة لشخص على آخر ولا لأقلية على الأكثرية ولا أكثرية على الأقلية، ولكن لتحقيق الصالح العام يصطنع اتفاق في دستور أو في قانون أو في عقد اجتماعي توافق مشترك لتحقيق السيادة العامة لجميع الإفراد، من خلال انتخابات أو دستور أو نظام سياسي بشرط ان لا يسلب السيادة الفردية ولا السيادة الشعبية.

السيادة الفردية للإنسان باعتبار انه فرد لابد ان تكون في إطار المسؤولية ولا سيادة للإنسان خارج إطار المسؤولية أو خارج إطار النظام حيث يفقد سيادته عندما يمارس الفوضى وينتهك سيادة الآخرين أفقيا ويحاول ان يفرض سيادته على الآخرين، لذلك المستبد ليس له سيادة شرعية، بل سيادته بالهيمنة والاكراه والاخضاع فهي ليست شرعية.

وجوهر السيادة مفهوما وعملا يحققها من خلال التطبيق العملي لهذه السيادة من خلال المشاركة مع الآخرين في إطار القانون أو في إطار المصلحة العامة أو في إطار عقد اجتماعي مضمر او ظاهر.

اما بالنسبة لأسباب تلكؤ التطبيق في الديمقراطية في العراق فهو غياب أو تغييب المؤسسات الشعبية التي تستوعب سيادة الإفراد، والمؤسسات الدستورية الموجودة لاتضمن تحقق السيادة الفردية، بل السيادة فقط هي شكلية في الانتخاب، كذلك غياب الرقابة على هذه السلطات وشكلية السلطات الرقابية بالإضافة لقمع حرية التعبير من اجل تحييد حرية الفرد وتحجيم سيادته، وهذا في الواقع من أهم حقوق الفرد في تحقيق سيادته وهو حرية التعبير وحرية الانتقاد، بالإضافة الى ضرورة الحوار الشعبي المستدام في القضايا السياسية والمرتبطة بحقوقهم وحرياتهم، ومن خلال استمرار هذا الحوار سيؤدي إلى ظهور الصوت الشعبي وصعود الرأي العام والمشاركة السياسية الفاعلة".

حيدر الاجودي؛ باحث في مركز المستقبل للدراسات والبحوث:

"النظام الديمقراطي كنظام حكم أوجد من اجل التداول السلمي للسلطة بعيدا عن العنف، والمجتمعات التي تعمل بالنظم الديمقراطية أرادت ان تخبرنا بأنها وصلت مرحلة من المدنية استطاعت من خلالها حل مشاكلها وأزماتها بطريقة سلمية خالية من العنف، والشروط الأساسية للتطبيقات الديمقراطية لكي تنجح في دولة معينة ومجتمع معين منها ان يكون قرار الدولة بيدها ولا يأتي من خارج الحدود وكذلك يجب ان يكون السلاح منحصر بيدها ولا يكون سلاح منفلت ويهدد السلم الأهلي، وكذلك احتواء كل المكونات بدون إقصاء أو تهميش للآخرين، والأمر الآخر فهو وجود ثقافة ديمقراطية لدى الإفراد الذين يتسلمون دكة الحكم أو السياسيين وتتوفر فيهم ثقافة الديمقراطية والتي في جوهرها تكون ذات مرونة وتقبل الأخر ونبذ العنف وتقبل تداول السلطة سلميا ولا يعتبر الدولة مجرد غنيمة، والحالة العراقية تصور لنا بأنها صورية خالية من كل معنى يراد منها إلهاء للمعنى العام للديمقراطية ولكنها خالية من كل مبادئ الديمقراطية".

باسم الزيدي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:

"التلكؤ واضح الأسباب لان الديمقراطية التي لدينا في العراق هي غير حقيقية بل شكلية أو صورية، لان هناك جماعات سياسية لا يرتقون لمسمى الأحزاب لديها برغماتية عالية في التراجع والتقدم في القبض على السلطة والتصلب في عدم تسليمها وتحولها من ديكتاتورية إلى ديمقراطية حقيقية، اما الطرق الأساسية في استرداد سيادة الشعب هي المظاهرات والاحتجاجات والاعتصام والإضراب العام وهي إحدى الطرق الراقية في تغيير النظام، والسيادة في معناه الأسمى سواء من جانب استردادها أو تنازل الشعب للمؤسسات الدستورية وهدفها هو تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ كرامة الإنسان، وهذه المؤسسات التي تنبع من الدستور وبالتالي هي نابعة من السيادة هدفها وظيفي وهو تحقيق بيئة أمنة من اجل تحقيق هذه الأهداف".

احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"قضية المشاكل في غياب الإرادة السياسية لصنع الديمقراطية لان الأحزاب السياسية لا تؤمن بالديمقراطية في داخلها لذلك لا تؤمن بالديمقراطية كمصدر سيادة للشعب، وكذلك غياب الوعي الشعبي أو الجماهير التي تحاول تجهيل نفسها وتكون تابعة وهذا ما ارتبط بالثقافة الشرق أوسطية وكل التجارب فيها هي تجارب ديكتاتورية ولا يمكن صناع صوت للشعب فيها وإذا خرج الشعب في مكان ما يقمع بكل سهولة، وحتى الدول المحيطة في العراق لا تجد فيها إرادة وصوت واضح للشعب، وهذا ما يدل على ممارسة الدول للديمقراطية والانتخابات كمجرد شكل لكنها أنظمة ديكتاتورية في الواقع، وكذلك النظام الاقتصادي الذي تمارسه الدولة فكلما كان النظام يعتمد بالدرجة الأساس على الريع وتابع للدولة والدولة مسيطرة عليها الأحزاب".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.

...........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2023
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق