أن تكون للبرلمان الموازي حق النقض لقرارات البرلمان في الشأن المعني به، ولكن فقط فيما اجمع أعضاء البرلمان الموازي على رفض مقرراته فيعتبر لاغيا حينئذ. وهذا الخيار لا يمكن تصوره في الغرف البرلمانية المتداولة في بعض البرلمانات اليوم التي يراد بها اللجان المتخصصة، إذ أنها هي التي تعرض...

تُعرف السلطة التشريعية بتسميات عدة منها: مجلس النواب، مجلس الشعب، البرلمان، الكونغرس، والجمعية الوطنية وغيرها. وتعدّ السلطة التشريعية في الحكومات ذات النظام البرلماني هي السلطة الرسمية العليا، وهي التي تعين المسؤولين في السلطة التنفيذية. أما في الحكومات ذات النظام الرئاسي فإن السلطة التشريعية تتكون من أعضاء منتخبين من قبل الشعب ومستقلين عن السلطة التنفيذية.

والسلطة التشريعية؛ إما أن تكون ذات مجلس تشريعي واحد، مثل نيوزيلندا وإيران والنرويج والسويد والصين والمجر. وإما من مجلسين تشريعيين مثل المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، الهند، كندا، إسبانيا، اليابان، إيطاليا. وللسلطة التشريعية صلاحيات كثيرة، وأهمها تمثيل الشعب، وتشريع القوانين، والمصادقة على الموازنة العامة، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، والتصويت على الوزراء أو كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في الدولة.

وسواء كانت السلطة التشريعية تتألف من مجلس تشريعي واحد أم من مجلسين تشريعيين فان السلطة التشريعية في العادة تتكون من لجان أو غرف برلمانية أو هيئات برلمانية صغيرة ومختصة. حيث تبنت البرلمانيات العالمية ما يصطلح عليه باللجان البرلمانية بمختلف أنواعها، سواء كانت دائمة منها أو مؤقتة. ويدخل عمل هذه اللجان في إطار محاولة المؤسسة البرلمانية تنظيم العملية التشريعية والرقابية. وتكتسي اللجان البرلمانية أهمية كبرى في تفعيل العمل البرلماني، بحيث لا يكاد أي نظام ديمقراطي برلماني لا يعتمد على أداءه على عمل هذه اللجان فهي تقوم بمهام يصعب على البرلمان القيام بها كهيئة جماعية كبيرة، مثل اقتراح القوانين ودراستها والتشاور بشأنها مع باقي مكونات المشهد السياسي، وممارسة الوظائف الرقابية على الأداء الحكومي.

في هذا المقال نطرح فكرة (البرلمانات العشر) وهي الفكرة التي طرحها المفكر الإسلامي السيد مرتضى الشيرازي، في إطار إشراك الشعب بكل مكوناته الاجتماعية والثقافية والسياسية في السلطة التشريعية التي تكون منطلقا دستوريا وقانونيا لضمان حسن أداء السلطة التنفيذية.

والمقترح أن تتكون السلطة التشريعية من برلمانات متوازية وليس من مجرد لجان فرعية أو غرف لجدولة القضايا أو إنضاجها وبلورتها، ثم تقديمها للبرلمان، فيتكون البرلمان من تسع مجالس أو فقل من تسعة برلمانات متوازية ومتكاملة في الوقت نفسه، تشكل بمجموعها السلطة التشريعية!

وقد يبدو ذلك غريبا، لكن غرابته سترتفع ولو بعض الشيء إذا عرفنا أن البرلمان في عدد من الدول يتكون من مجلسين هما (الجمعية الوطنية، ومجلس الشيوخ) كما هو الحال في فرنسا، أو (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) كما هو الحال في أمريكا، أو (مجلس النواب ومجلس الاتحاد) في العراق. كما ترتفع الغرابة إذا عرفنا أن مشاريع القوانين لا يتم إقرارها قانونا إلا بعد موافقة أغلبية كلا المجلسين (إضافة إلى توقيع الرئيس).

يرى السيد الشيرازي (أن ما نطرحه في هذه الأطروحة هو أكثر كمالا واتقانا من ذلك، كما أنه أقرب إلى تجسيد أراء عامة الناس ومصالحهم كما أنه ابعد من تمركز القدرة وطغيانها... وترتفع الإشكالات التي قد تنجم عن تناقض الآراء واختلاف الرؤى في المجالس عبر:

1. تحديد صلاحيات كل برلمان من البرلمانات المتوازية.

2. تشكيل لجان مشتركة بين البرلمانات المتوازية)

وعن آليات عمل هذه البرلمانات يطرح السيد مرتضى الشيرازي عدة خيارات كبدائل تتناسب مع طبيعة كل دولة وهي

1. الخيار الأول: أن تكون القرارات بيد أكثرية مجلس النواب، زائدا البرلمان الموازي المعني، فإذا أريد تشريع قانون اقتصادي أو عسكري كان اللازم موافقة أكثرية مجلسي النواب وأكثرية البرلمان الاقتصادي أو العسكري الموازي، وذلك كما أن الواجب موافقة أكثرية مجلس النواب مع أكثرية مجلس الشيوخ في فرنسا وأمريكا وأكثرية مجلس النواب والمجلس الاتحادي في العراق حسب دستور 2005. وكذلك إذا أريد تشريع قانون يمس الصحافة أو المجتمع المدني أو التكنقراط أو سائر السلطات كان اللازم موافقة أكثرية مجلس النواب زائدا أكثرية البرلمان المعني بشؤون الصحافة والإعلام أو المجتمع المدني أو شبه ذلك.

2. الخيار الثاني: أن تكون للبرلمان الموازي حق النقض لقرارات البرلمان في الشأن المعني به، ولكن فقط فيما اجمع أعضاء البرلمان الموازي على رفض مقرراته فيعتبر لاغيا حينئذ. وهذا الخيار لا يمكن تصوره في الغرف البرلمانية المتداولة في بعض البرلمانات اليوم التي يراد بها اللجان المتخصصة، إذ أنها هي التي تعرض المشاريع على البرلمان بعد دراسته وإنضاجه فكيف تنقضه بعد إمضائه في البرلمان؟

3. الخيار الثالث: أن يكون للبرلمان الموازي المعني حق إعادة تشريعات البرلمان إليه ليعيد دراسته من جديد، وليصوت عليه مرة أخرى، لكن بشرط أن يصوت هذه المرة ثلثا أعضاء مجلس النواب.

4. الخيار الرابع: هو الخيار الثالث لكن بدون ذلك الشرط، بل يكفي أن يعيد البرلمان التصويت عليه جديد، وللبرلمان الموازي المعني الرفض، فيعاد من جديد للبرلمان فإذا اقره ثلاث مرات بالأغلبية البسيطة كان نافذا.

5. الخيار الخامس: هو الخيار الرابع مع الاكتفاء بالتصويت عليه مرتين.

6. الخيار السادس: وهو أضعف الخيارات وهو أن تمتلك البرلمان الموازي سلطة تحذيرية فقط، فتكون مشاركة في كافة جلسات البرلمان ولها حق الإطلاع الشعب على مجريات الأمور وحق المناقشة والتداول مع أعضاء البرلمان طوال المدة التي يجري فيها بحث مشاريع القوانين المرتبطة.

...........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2022
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق