q

يتواصل الجدل في الولايات المتحدة بشأن ملف الهجرة غير الشرعية والتعديلات القانونية المقترحة على هذا الملف الذي إحدى وكما يقول بعض المراقبين، اهم القضايا التي تبناها الرئيس باراك أوباما خلال حملة ترشحه للرئاسة لولاية ثانية، وبموجبها حاز على ما نسبته 70% من أصوات الأميركيين ذوي الأصول اللاتينية، وهذه الاصلاحات من شأنها أن تمنح نحو 11 مليوناً من المهاجرين غير الشرعيين حق الحصول على الجنسية الأميركية.

ويرى بعض الخبراء ان ملف الهجرة هو من الملفات المعقدة والمتشعبة التي تحتاج الى معالجة وحلول سريعة، خصوصا مع تزايد اعداد المهاجرين وغياب القوانين الخاصة بتنظيم حياتهم اليومية، هذا بالإضافة الى ارتباطها المباشر بملفات اخرى ذات تأثير مهم ومباشر على المجتمع الامريكي بشكل عام، وبحسب بعض المصادر فان ما يقرب من 400 من الحالمين بحياة أفضل يموتون كل عام أثناء محاولتهم عبور الحدود. وآلاف المهاجرين الذين يلقى القبض عليهم يجربون مرة أخرى في فرصة تالية. ويتنقل العديد منهم إلى ومن مسقط رؤوسهم والولايات المتحدة بصورة منتظمة.

ويعمل المئات منهم في ظروف عبودية، أو يأخذهم أحد المقاولين للعمل عدة أسابيع في الحقول لصالح شخص لا يرون وجهه والذي يختفي في النهاية ولا يعطيهم أحد رواتبهم. ويعيش ما يقرب من 4 ملايين مهاجر مكسيكي في الولايات المتحدة ويرسلون كل عام حوالي 7 مليارات دولار إلى عائلاتهم في المكسيك. وتأتي هذه التحويلات في المرتبة الثانية في مصادر دخل المكسيك بعد النفط وقبل السياحة. وطبقا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية، هناك 20 مليون مهاجر ينتمون لدول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.

وذكرت بعض الجماعات في الولايات المتحدة التي تعارض وجود مهاجرين غير شرعيين أنهم يمثلون خطورة أمنية إضافية ويعارضون تقديم الرعاية الصحية والتعليم لهم على حساب دافع الضرائب الامريكي. وفي ما يخص بعض اخبار هذا الملف المهم الذي عدة الخبراء ورقة انتخابية جديدة بيد الخصوم، يعتزم الجمهوريون الغاضبون من قرار الرئيس باراك أوباما تخفيف عمليات ترحيل ملايين الأشخاص الذين يقيمون بشكل غير قانوني في البلاد تقديم تشريع في عام 2015 يقضي بتشديد الرقابة على الحدود الأمريكية المكسيكية بهدف التصدي للهجرة غير القانونية. وقال معاونون للقيادة الجمهورية لمجلس النواب إن هذا التحرك سيتم على الأرجح اوائل العام القادم وقد يقود إلى تفكير مجلس النواب في خطوات اخرى لإصلاح اجزاء من قانون الهجرة الأمريكي.

وقال الجمهوري ماريو دياز بالارت العضو بمجلس النواب الذي يبذل جهدا لصياغة تشريع موسع للهجرة "اعتقد ان هناك ادراكا...بأن هذه القضية لن تتوقف." وأضاف المعاونون أن من المرجح ان يشرف رئيس لجنة الامن الداخلي بمجلس النواب مايكل ماكول على هذا الجهد. ويطالب ماكول بتشريع يقضي بفرض معايير صارمة من اجل المخاوف المتعلقة بالحدود. بحسب رويترز.

وقال السناتور الجمهوري جون مكين الذي يؤيد بشدة إصلاح قانون الهجرة إن مسودات قوانين تتعلق بتحسين الامن واقامة نظام الكتروني للشركات للتحقق من وضع الهجرة بالنسبة للعاملين لديها وزيادة تأشيرات العمل للأجانب العاملين في مجال التكنولوجيا الحديثة قد تكون البداية لمنظومة الاصلاح. ويأمل الجمهوريون من اكتساب المزيد من السيطرة على النقاش المتعلق بالهجرة بعد ان حصلوا على الاغلبية في مجلسي النواب والشيوخ للمرة الأولى منذ عام 2006.

معركة اوباما

الى جانب ذلك تبدو المعركة على اشدها امام القضاء في تكساس كما في الكونغرس بواشنطن اذ يجد باراك اوباما الذي قرر التحرك بمفرده بخصوص الهجرة، نفسه مجددا امام خصوم جمهوريين مصممين على تجميد ملايين الملفات لتسوية اوضاع مهاجرين. ويؤكد الرئيس الاميركي انه "محق" والتاريخ" في جانبه. لكن المعركة البرلمانية تتخذ منحى حساسا ونتيجة المعركة امام القضاء التي قد تصل الى المحكمة العليا تبدو غامضة.

وبالنسبة لنحو 11 مليون شخص معظمهم من المكسيكيين الذين يعيشون ويعملون بصفة غير شرعية في الولايات المتحدة، فان هذه المرحلة تبدو قبل كل شيء مرادفا للريبة والقلق. اما بالنسبة لاوباما الذي جعل اصلاح نظام الهجرة ضمن وعوده الرئيسية في الحملة الانتخابية منذ 2008، فان الرهان يبدو هائلا قبل اقل من سنتين من رحيله من البيت الابيض. ففي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر اصدر -بدون المرور في الكونغرس- سلسلة مراسيم توفر امكانية لتسوية اوضاع حوالى خمسة ملايين شخص يقيمون بصورة غير شرعية في الولايات المتحدة. وهو تدبير رئيسي يسمح لأي مهاجر سري يقيم منذ اكثر من خمس سنوات في الولايات المتحدة ولديه ولد اميركي او يحمل بطاقة اقامة دائمة، بتقديم طلب اذن عمل لثلاث سنوات.

لكن في وقت سابق امر قاض فدرالي في تكساس بتعليق موقت لخطة تسوية الاوضاع. واعلن البيت الابيض انه يستأنف وطلب ان لا يطبق قرار قاضي محكمة براونسفيل طالما ان الملف لم يبحث في الجوهر. لكن مارك كريكوريان مدير مركز الدراسات حول الهجرة الذي يدعو الى تعزيز تدابير المراقبة على الحدود، يحذر من مغبة السعي الى اطلاق تسوية الاوضاع قبل النظر في كل الطعون المقدمة. واوضح "ان العملية لا يمكن فعليا الرجوع عنها"، لافتا الى ان اذن العمل الذي يمنح لمهاجر غير شرعي لا يسحب منه مطلقا بعد ذلك. واضاف "ان الملف ينبغي ان يصل الى المحكمة العليا لان ذلك يتعلق بمسألة فصل السلطات الاساسية"، مكررا صدى العديد من البرلمانيين الجمهوريين الذين يعتبرون ان اوباما تجاوز صلاحياته في هذا الملف الحساس.

وفي موازاة ذلك شحذ الجمهوريون الذين اصبحوا يشكلون الغالبية في مجلسي الكونغرس، كل قواهم ويعدون العدة لخوض اختبار قوة حول قانون تمويل وزارة الامن الداخلي التي تتبع لها اجهزة الهجرة. والقانون الذي اعدوه يتضمن عدة تعديلات من شأنها ان تلغي، في غياب الوسائل، خطة تسوية الاوضاع التي اعلنها اوباما في الخريف الماضي. لكن الديمقراطيين، وفي موقف غير مفاجئ، يعرقلون هذا النص.

ويبدو المأزق كاملا في الوقت الحاضر. فان لم يتم تبني اي وثيقة فان تمويل هذه الوزارة الاساسي لن يكون مضمونا. وبذلك يبدو الوضع اشبه بلعبة بوكر تعودت عليها واشنطن حيث يقوم كل طرف بتقييم من سيكون الاكثر تضررا سياسيا في حال التعطيل. واعتبر وزير الامن الداخلي جيه جونسون الوضع "عبثيا" مشيرا في شكل خاص الى الوضع الملح المتعلق بالخطر الارهابي.

وقال اوباما محذرا "ان لم يتحرك الكونغرس بسرعة فان اكثر من مئة الف موظف -مكلفين المراقبة على الحدود وعمليات التفتيش في المرافئ او امن وسائل النقل- سيضطرون للذهاب الى العمل بدون تلقي رواتبهم" معتبرا انه تصرف غير مسؤول "ممارسة السياسة على حساب الامن الوطني". بحسب فرانس برس.

وراى ايفان ريس (34 عاما) الذي يعيش في وضع غير قانوني منذ وصوله من المكسيك في سن العاشرة، ان هذه المواجهة الجديدة بين الديمقراطيين والجمهوريين في واشنطن تثير الخيبة مرة اخرى. وروى محبطا "كان لدي النية بالقيام بالخطوة (تسوية وضعي) لكن العملية توقفت"، مضيفا "في كل مرة نكون فيها على وشك الحصول على شيء ما يظهر عائق جديد". واستطرد قائلا "سيكون امرا جيدا ان نعيش يوما بدون خوف من الغد".

من جانبها دعت هيلاري كلينتون المرشحة للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الى تطبيع اوضاع قسم من المقيمين بشكل غير شرعي والبالغ عددهم 11 مليون نسمة، وذلك خلال تجمع انتخابي في لاس فيغاس. وصرحت كلينتون خلال طاولة مستديرة في مدرسة ثانوية في لاس فيغاس بنيفادا (غرب) حيث 27% من السكان يتحدرون من اميركا اللاتينية "لا يمكننا الانتظار اكثر لإفساح المجال امام منحهم حقوقا مدنية كاملة ومتساوية".

وشارك في الطاولة المستديرة نفسها طلاب تم تطبيع اوضاعهم بشكل مؤقت او يقيم اهلهم بشكل غير شرعي في البلاد. وقالت كلينتون "هذه النقطة التي اختلف عندها مع الجمهوريين. لتكن الامور واضحة، لم يعلن اي مرشح جمهوري او مرشح محتمل حتى الان بشكل واضح انه يؤيد افساح المجال نحو منح الجنسية. كما انهم وعندما يتحدثون عن وضع قانوني فهم يشيرون الى وضع من الدرجة الثانية".

وموقف كلينتون ليس جديدا تماما فقد دعمت في السابق تطبيعا على نطاق واسع للمقيمين غير الشرعيين خصوصا من الجيل الثاني الذين لا يعرفون سوى الولايات المتحدة ويريدون العيش في العلن. ويشكل موقفها تناقضا واضحا مع منافسيها الجمهوريين في السباق الرئاسي الذين اما يعارضون الفكرة او يتخذون موقفا مبهما منها. والهجرة ملف يراوح مكانه في الولايات المتحدة. ويتفق الجمهوريون والديموقراطيون على ان وجود 11 مليون شخص دون اوراق بالاضافة الى الثغرات في نظام منح التاشيرات يجعلان اجراء اصلاح امرا لا بد منه.

50 ألف سوري

على صعيد متصل طلب ديفيد لايتن وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد (كاليفورنيا) ومارك جهر الرئيس السابق لهيئة نيويورك سيتي لتنمية الإسكان من السلطات الأمريكية استقبال خمسين ألف لاجىء سوري وإسكانهم في مدينة ديترويت، بولاية ميشيغن (شمال الولايات المتحدة)، بهدف إعادة إعمار هذه المدينة التي فقدت الكثير من أهميتها.

وكتب المثقفان في مقالة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز": "إن اللاجئين السوريين مجموعة مثالية لتحقيق هذا الهدف حيث أن للعرب الأمريكين أصلا حضورا مرموقا في مدينة ديترويت". وذكرا بأن المدينة "كانت في الماضي مدينة كبيرة وأصبحت اليوم خاوية عمرانيا". وبعد أن اضطرت لإعلان الإفلاس في صيف 2013 تخلصت ديترويت في كانون الثاني/يناير 2015 بعد عملية قضائية وجدولة طويلة من ديونها التي كانت تبلغ 18 مليار دولار.

وديترويت هي العاصمة التاريخية لصناعة السيارات الأمريكية. وعانت صعوبات في الأعوام الأخيرة ، إذ أصبح يقطنها نحو 700 ألف نسمة بعد أن كانت تضم 1,9 مليون نسمة في 1950. وبها حاليا نحو 70 ألف مبنى مهملا. وقال ديفيد لايتن ومارك جهر: "تخيلوا لو أن أمرا إيجابيا ينجم عن هاتين الكارثتين الإنسانية والاجتماعية". بحسب فرانس برس.

ورغم أن الأمر لا يبدو واقعيا فإن الكاتبان يؤسسان فرضيتهما أيضا على مقترح قدمه الحاكم الجمهوري لولاية ميشيغن ريك سيندار الذي دعا في كانون الثاني/يناير 2014 إلى استقبال خمسين ألف لاجىء "لإعادة إحياء" ديترويت. ورأى الكاتبان أن "إعادة توطين سوريين في ديترويت سيحتاج ضرورة إلى التزام وتعاون على عدة مستويات داخل الحكومة لكنه أمر ممكن تماما". وقالا إن على الرئيس باراك أوباما "أن يرفع سقفه السنوي (لاستقبال) اللاجئين إلى 50 ألفا" وتخصيص 1,5 مليار دولار لذلك.

رخص القيادة والزواج

في السياق ذاته اصطف آلاف من المهاجرين لطلب الحصول على رخص القيادة في كاليفورنيا بموجب قانون دخل حيز التنفيذ بما يجعل هذه الولاية الأكثر سكانا بالولايات المتحدة الأحدث في توسيع المزايا للاشخاص الموجودين في البلاد بطريقة غير قانونية. وللتعامل مع هذا العدد الكبير من مقدمي الطلبات أنشأت ادارة المركبات مراكز تعامل خاصة في أربعة مشروعات سابقة وهي متجر للبقالة ومحل كبير للتنظيف الجاف ودار للسينما ومطعم.

وقالت المتحدثة باسم ادارة المركبات جيسيكا جونزاليز ان نحو 6200 شخص قدموا بالفعل قبل الظهر طلبات للحصول على رخص بموجب هذا القانون. ويقول مؤيدو القانون انهم يتوقعون ما يقدر بنحو 1.4 مليون مهاجر في سن القيادة ان يطلبوا الحصول على رخص قيادة خلال السنوات الثلاثة المقبلة. ويعتقد أن هناك ما بين 2 و 3 ملايين مهاجر غير شرعي يعيشون في كاليفورنيا بما يجعلهم الفئة الأكبر من نوعها من هؤلاء السكان في البلاد. وتنضم كاليفورنيا بذلك الى 9 ولايات امريكية اخرى ومنطقة كولومبيا والتي تسمح بطلب مهاجرين غير شرعيين لرخص القيادة.

من جانب اخر تعرض على القضاء الأمريكي قضية غير مسبوقة حيث تزوجت امرأة من ثمانية مهاجرين في نفس الوقت، ينحدرون من عدد من الدول: مصر، تركيا جورجيا، باكستان...وعندما رُفضت طلبات البعض منهم الحصول على رخصة الإقامة في الولايات المتحدة سعوا على الفور إلى طلب الطلاق.

ويقول ممثلو الادعاء إن ليانا بارينتوس (39 عاما) تزوجت الرجال الثمانية في إطار سعيهم للحصول على الجنسية الأمريكية. وأضافوا أن الرجال كلهم من دول تنظر إليها وزارة الأمن الداخلي الأمريكي بحذر خشية نقل مواد حساسة وتكنولوجيا إستراتيجية للخارج وسعيا لحماية إنجازات الولايات المتحدة التكنولوجية من خصومها.

وقال مكتب الادعاء في برونكس إن بارينتوس تزوجت رجالا من مصر وتركيا وجورجيا ودول أخرى وزوجها الثامن كان الباكستاني رشيد راجبوت، الذي جرى ترحيله إلى باكستان عام 2006 بعد تحقيق بشأن تصريحات له تنطوي على تهديد للولايات المتحدة. ودفعت بارينتوس ببراءتها أمام المحكمة. وقالت جيسيكا لوبو مساعدة ممثل الادعاء إن بارينتوس ما زالت حاليا متزوجة من أربع رجال. بحسب فرانس برس.

وقالت لوبو إنه عندما سأل المحققون بارينتوس عن زواجها من فاختانج زنيلادزه من جورجيا أثناء سعيه للحصول على الإقامة في الولايات المتحدة اعترفت بأنها "حصلت على أموال مقابل ذلك". وأضافت أنه بمجرد انتهاء مراسم الزواج تقدم سبعة من أزواجها بطلبات للحصول على إقامة دائمة. وتابعت "عندما رفضت بعض الطلبات سعوا على الفور للطلاق." وألقي القبض على بارينتوس بعد أن أثار تقدمها بطلب للحصول على ترخيص زواج في نيويورك عام 2010 من رجل مالي شكوكا. واكتشف المحققون زواجها من آخرين في عدة بلدات في أنحاء نيويورك.

مهاجرون صغار

الى جانب ذلك ورغم كل المخاطر الجمة وتشديد الاجراءات لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين، يشرق وجه خوان في كل مرة يذكر فيها وجهته النهائية.. الولايات المتحدة. ينوي هذا الشاب الهندوراسي البالغ من العمر ستة عشر عاما ان يجتاز اولا الحدود الجنوبية للمكسيك سيرا على قدميه ثم يواصل رحلته نحو الشمال. ولا يختلف هذا الفتى في مغامرته المحفوفة بالمخاطر عن الالاف من اقرانه في دول اميركا الوسطى الباحثين عن حياة جديدة خارج دائرة البؤس في بلادهم.

ويقول طالبا عدم كشف اسمه الحقيقي "اريد ان اخرج من الواقع الاقتصادي والعنف، اريد ان اهرب من العصابات والمخدرات، وان عدت الى هندوراس قد يقتلونني". وهو يسلك طريقا محاذيا لسكة حديدية سيرا على الاقدام منذ ايام، تحت شمس محرقة، ضمن رحلة لا تخلو من شتى انواع المخاطر. فلدى وصوله الى غواتيمالا، صوبت اليه فوهة سلاح ناري وطلب منه ان يخلع حذاءه وثيابه ففعل.

ويعلق على المخاطر التي تحف رحلته قائلا "ان قتلوني فسأموت، وان لم يقتلوني سأواصل المسير الى الامام". وقال الفتى كلماته هذه بعيد فشل محاولته التسلل الى قطار يجتاز المكسيك وصولا الى الحدود مع الاراضي الاميركية، اذ يبدو ان المسؤولين عن القطار عمدوا الى تسريعه منعا لتسلل المهاجرين غير الشرعيين اليه. في نهاية المطاف، تمكن خوان من تسلق قطار، لكن الامور جرت بغير ما كان يتمنى، فقد اعترض عناصر من سلطات الهجرة المكسيكية القطار، واقتادوا الفتى وعشرة غيره الى مركز للتوقيف.

وهي ليست المرة الاولى التي تقطع رحلته بهذا الشكل، فقبل بضعة اشهر اوقف في مكسيكو واعيد الى بلده هندوراس، لكن والدته شجعته على ان يعاود المحاولة رغم كل المخاطر. الا انه وقع في قبضة القوى الامنية التي تنشرها سلطات المكسيك لوقف تدفق المهاجرين من الصغار القاصدين الولايات المتحدة وحدهم دون مرافق راشد، وذلك استجابة لطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما في تموز/يوليو الماضي بضرورة التحرك بسرعة للحد من هذه الظاهرة.

وبحسب الارقام الرسمية الصادرة عن السلطات الاميركية فان عدد المهاجرين دون سن الثامنة عشرة الذين يصلون الى حدودها قد انحسر بعد تشديد الاجراءات، فقد اوقف في الاراضي الاميركية بين تشرين الاول/اكتوبر وحزيران/يونيو 23 الف مهاجر غير شرعي دون الثامنة عشرة، وهو نصف العدد مقارنة مع العام الماضي. اما في الاراضي المكسيكية، فان عدد التوقيفات ارتفع بنسبة 20 % خلال عام. وبين كانون الثاني/يناير وايار/مايو اوقف ستة الاف و113 مهاجرا قاصرا فيما كانوا في احدى مراحل رحلتهم الى الحلم الاميركي.

وبحسب الاب توماس غونزاليس الذي يدير مركزا لرعاية المهاجرين في ولاية تاباسكو، فان الدعوة التي اطلقتها واشنطن شكلت مبررا لوضع خطة لمكافحة الهجرة غير الشرعية على الاراضي المكسيكية. ويقول "القاصرون يذهبون باتجاه الشمال منذ اكثر من عشر سنوات"، معتبرا ان الحديث عن تدفق كثيف للمهاجرين الصغار كان المراد منه فقط تبرير الخطة المتبعة الان على الحدود الجنوبية و"حملة القمع" المرافقة لها.

وكان اوباما طلب من الكونغرس الاميركي رصد اكثر من مليار دولار لمساعدة دول اميركا الوسط، لكن البعض يرى ان هذه الدول تحتاج الى ما هو اعمق من ذلك، الى حلول جذرية لمشكلات العنف والفقر التي تدفع الشباب والفتيان الى الهرب من بلادهم. ورغم كل الاجراءات والتوقيفات، ما زال الكثير من الفتيان من دول اميركا الوسطى يواصلون محاولاتهم للوصول الى الولايات المتحدة، مثل موريشيو البالغ من العمر 16 عاما والذي كادت قدماه أن تطآ تراب ولاية تكساس قبل ان يلقى القبض عليه في اللحظات الاخيرة ويعاد الى هندوراس..وبعد شهرين كان قد انطلق في رحلة جديدة... بحسب فرانس برس.

ويقول "ان امسكوا بي سأعيد المحاولة.. الى أن اصل الى هناك" آملا في ان يقدر يوما ما على العمل في الولايات المتحدة وارسال المال الى والدته واشقائه الاربعة. ويقول زميل له في رحلة الهجرة يدعى البرتو "الحياة قاسية في هندوراس في ظل العصابات، معظم الناس ينضمون اليها، فتكون حياتهم سهلة ولكن خطرة.. انا افضل ان اخاطر هنا في الهجرة على ان اخاطر هناك في صفوف العصابات".

اضف تعليق