لماذا لم يستطع المسلمون؛ وهم يمتلكون تلك المصادر الإنسانية القيمة من أعمام هذه الفائدة على جميع البشر؛ كما فعل الغربيون عندما نظروا وكتبوا والزموا أنظمتهم الدينية والسياسية والاقتصادية بمراعاة حقوق الإنسان وحرياته في كل خطوة يخطوها الإنسان الغربي من المهد إلى اللحد، حتى صار الغرب....
تٌعرف حقوق الإنسان أنها تلك الحقوق الطبيعية اللصيقة بالإنسان كإنسان، والتي تظل موجودة، سواء نٌص عليها في التشريعات أم لم يُنص عليها، وسواء اعٌترف بها من الحكومات أم لم يٌعترف بها، وسواء أٌلتزم بها أم لم يٌلتزم بها.
وتُعرف أيضا أنها (مجموعـة مـن الحريات المقـررة؛ والمحمية بمقتضى المواثيق الدولة والإقليمية، لكل كائن بشري، في كل زمان ومكان، ومنـذ لحظـة الإقـرار بوجوده، بوصفه كائنا حيا، وحتى بعد وفاته، والتي تلتـزم الـدول بإقرارهـا وضـمانها وحمايتها علـى أراضها، والمترتــب علــى انتهاكهــا أو الإخــلال بهــا المســؤولية الدوليــة للدولــة الحاصــل علــى أراضيها هذا الانتهاك بمقتضى المواثيق الدولية المعنية)
وقد يتبادر إلى ذهن المهتمين بموضوع حقوق الإنسان وحرياته أنها ذات منشأ غربي، عرفها الغربيون، ونظروا لها، وطبقوها في بلادهم كونها تتعلق بالمبادئ الديمقراطية السائدة في العالم الغربي المتحضر، إلا أن الباحثين في التأريخ الإنساني يدركون من خلال مراجعة بسيطة لمصادر حقوق الإنسان وتأريخها أن حقوق الإنسان أمر لم يستحدثه الغرب ولا الشرق، ولا العرب ولا العجم، بل هي مبادئ وقيم عرفتها الأديان السماوية، منذ آدم (عليه السلام) وحتى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقد عرف البشر -منذ الأسرة الأولى لآدم- جملة من حقوق الإنسان الأساسية مثل حق الحياة، وحق الأمن، وحق المساواة، وحق الأسرة، وحق الجار، وغير ذلك من الحقوق. واستمرت تلك الحقوق تنتقل من جيل إلى جيل، بين من يؤمن بها ويعمل على تنميتها وحمايتها، وبين من يكفر بها ويعمل على انتهاكها. وللأسف فان غالبية البشر كانوا دائما ينتهكون هذه الحقوق إلا أولئك الذين عرفوها حق معرفتها، وأدركوا أهميتها في تنظيم العلاقات الإنسانية بأبعادها الثلاثة الفردية والمجتمعية والإلهية.
وربما يُقال صحيح ما تقول إن الحقوق والحريات قد عٌرفت منذ أمد بعيد، ولكنها لم تٌدون وتسجل في تأريخ الأديان السماوية كما دونت الآن في الشرعة الدولية. والجواب هو أن هذا كلام يُقال كثيرا في المؤتمرات والندوات، ويٌذكر في بطون الكتب والمؤلفات، ولكنه ليس كلاما دقيقا، لأن المواثيق والعهود والقوانين الدولية لم تكون أول من سجل ودون الحقوق، بل إن الكتب السماوية كلها أول من دونت الحقوق والحريات، وجعلها الله سبحانه وتعالى (أي الحقوق والحريات) فرائض إلهية وواجبات شرعية، ينبغي لكل المؤمنين بها التزامها والتقييد بها، فحقق فيها عنصر الالتزام، وجعل المعتدي عليها يلقى جزاء دنيويا وعقوبة في الآخرة.
وقد يقال لنا إذن اثبتوا من مصادر الإسلام إن الإسلام كان الأسبق والأشمل والأفضل في النص على حقوق الإنسان وحرياته، قبل أن يُنص عليها في المواثيق والعهود القوانين الإنسانة الدولية؟
ثم لماذا لم يستطع المسلمون؛ وهم يمتلكون تلك المصادر الإنسانية القيمة من أعمام هذه الفائدة على جميع البشر؛ كما فعل الغربيون عندما نظروا وكتبوا والزموا أنظمتهم الدينية والسياسية والاقتصادية بمراعاة حقوق الإنسان وحرياته في كل خطوة يخطوها الإنسان الغربي من المهد إلى اللحد، حتى صار الغرب محط نظر البشرية أجمعها، فهو مصدر الحقوق والحريات، وهو ناشروها ومروجها، وهو حاكمها العادل وحاميها، بل لماذا لا نجد تجليات تلك الحقوق والحريات وانعكاساتها الإيجابية في المجتمعات التي دخلها الإسلام أو بين المسلمين أنفسهم؟
حُصر التشريع في الدين الإسلام باللّه سبحانه وحده، وانّه لا مشرّع سواه، وكلّ تشريع دونه بحاجة إلى إذنه، وعلى ذلك فالوحي الإلهي المتجسّد في الكتاب والسنّة هو المصدر الوحيد للتشريع، وإليه ترجع سائر المصادر النقليّة. وبهذا يٌعدُّ القرآن الحجر الأساس للتشريع الإسلامي، وتليه السنّة النبوية التي هي قرينة الكتاب. يقول تعالى في وصف القرآن الكريم (إِنَّ هذَا الْقُرآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هي أقوم) ويقول عزّ من قائل) ونَزَّلْنا عَلَيْكَ الكتاب تبيانا لِكُلِّ شَيْءٍ) كما ويصرّح سبحانه بأنّه الفاصل بين الحق والباطل، حيث قال (تَباركَ الّذِي نَزَّلَ الْفُرقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً).
وقد نص القرآن الكريم في غير آية من آياته، بل في كل آياته، إلى كل ما يتعلق بالإنسان وعلاقته مع الله، ومع نفسه، ومع الآخرين، ومع المخلوقات الأخرى كالملائكة والجن، والسماوات، والطبيعة والبيئة، والنباتات والحيوانات وغيرها. ومما يٌثير الدهشة والحيرة أن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم كل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته والتزاماته المتقابلة، سواء مع الله أم مع البشر أم مع المخلوقات الأخرى التي يتعامل معها الإنسان كالنباتات والحيوانات.
وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ثلاث قواعد أساسية تبنى عليها حقوق الإنسان حرياته كلها جاءت في المواثيق الدولية، ونص عليها الإسلام صراحة وعدها مفاتيح لحماية الإنسان واستقراره على الأرض، وفي تقرير مصيره في الآخرة، وهي:
1. قاعدة الكرامة.
2. قاعدة الحرية.
3. قاعدة المساواة.
1. الكرامة: إن القاعدة الأساسية التي تٌبنى عليها الحقوق والحريات العالمية هي (الكرامة الإنسانية) والكرامة هي حق الفرد في أن تكون له قيمة، وأن يُحترم لذاته، وأن يُعامل بطريقة أخلاقية. فان لم يكن للإنسان كرامة؛ فلا مجال للحديث عن الحقوق والحريات، ولا مجال للحديث أصلا عن الإنسان ذاته، فمن تٌهدر كرامته تُهدر حقوقه وتُغتصب حريته، ومن تُضمن كرامته تٌضمن حقوقه وحريته، وهذه القاعدة لا مناص من وجودها في تحقيق الحقوق والحريات.
وقد أكدت على قاعدة الكرامة الإنسانية العهود والمواثيق الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وغيرها من العهود والمواثيق الدولية الصادرة عن المنظمات العالمية، مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو، وغيرها من المنظمات التي عدت الكرامة ركنا أساسيا لدى كل البشر يتساوون فيه.
وأما من منظور الإسلام فان الإنسان مُكرَّم، بصرف النظر عن أصله وفصْله، دينه وعقيدته، مركزه وقِيمته في الهيئة الاجتماعية، فقد خلقه الله مُكرَّمًا، ولا يَملِك أحد أن يُجرِّده من كرامته التي أودعها في جِبلَّته، وجعلها من فِطرته وطبيعته. يستوي في ذلك المسلم الذي يؤمن بالقرآن كتاب الله وبمحمد بن عبد الله رسول الله ونبيه، وغير المسلم من أهل الأديان الأخرى، أو من لا دين له، فالكرامة البشرية حقٌّ مشاع يتمتَّع به الجميع من دون استثناء، وتلك ذِروة التكريم وقمة التشريف (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).
وقد أوجب الإسلام على المسلمين أن يُراعوا الكرامةَ الإنسانيَّة التي وهبها الله تعالى للإنسان فضلاً منه ورحمة، ولم يُفرِّق فيها بين المسلم وغير المسلم، وهو يؤكِّد على أن الناس كلهم أبناء أب واحد وأم واحدة، كما نادى به الرسول صلى الله عليه وسلم في خُطْبته لحجة الوداع مُدوِّيًا ومجلجلاً: (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، إلا لا فضلَ لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى أَبلَّغتُ).
ومن مظاهر تكريم الإنسان في الإسلام أن الله تعالى خلق الإنسان بيده، ونفخه فيه من روحه وهذا لم يحصل لكائن آخر (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجدين) ومنها أنه تسلم خلافة الأرض، والخلافة الإلهية هي أكبر كرامة وأعظم شرف يتحلى بها الإنسان على الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ومنها طلب السجود له تكريمًا له وتشريفًا لذاته(وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أبى وَاسْتَكْبَرَ).
2. قاعدة الحرية: الحرية هي قدرة الإنسان على أن يتخذ القرار الملائم، وأن يختار ما يلائمه من بين عدّة خيارات أتيحت له، دون أن يٌجبر على فعل أي من هذه الأشياء، تحت أي شروط أو ضغوط تكره على فعل شيء لا يريده. وعرفها فولتير: (عندما أقدر على ما أريد فهذه حريتي) ويتضمن الحق في حرية الرأي والتعبير حريتين متلازمتين لا يٌقبل الفصل بينهما أو ممارسة إحداهما دون الأخرى، الأولى حرية الرأي، والثانية حرية التعبير، وإن ضمان ممارسة هذا الحق بمثابة الركن الأساس لبناء المجتمع الإنساني، وتطويره واستمرار بقائه، وتمتع الأفراد به وإشراكهم في إدارة الحياة العامة، وضمان الحكم الشورى السليم بمتابعة ما يحدث فيه، وإبداء الرأي بضوابط تراعي قيم المجتمع وأمنه واستقراره.
إن الحق في حرية الرأي والتعبير يعد حقا أساسيا في منظومة حقوق الإنسان، فهو من أهم حقوق الإنسان المدنية والسياسية التي تنادت بها المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية لتأكيده وكفالته في نصوص الاتفاقات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وتعد المادة (19) من العهد الدولي لحقوق المدنية الإطار الدولي الأساسي الذي يقنن هذا الحق حيث نصت على (1.لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. 2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها. 3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة).
كما دعت هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية الدول الأطراف إلى تكريس مثل هذا الحق في تشريعاتها الوطني، وذلك من خلال صياغة قوانين جديدة أو تعديل قوانين قديمة بما يتناسب مع هذا الحق.
أما من منظور الإسلام فان المتأمل في تعاليم الإسلام ونظمه يرى أنه لا يمكن أن تتحقق كرامة الإنسان إلا من خلال إقرار حريته، حيث هو مكلف مسئول، وهذه المسئولية لن تتحقق إلا من خلال حريته التي تمثل ذاته في الاختيار، وإلا فكيف يكون مسئولاً؟! والحرية التي يقررها الإسلام غير قاصرة على حال أو نوع أو بلد، بل هي حرية تامة تشمل جميع أوجه نشاط الإنسان وكافة أحواله، فقد قال تعالى (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)، وهذه الآية تعد أساسا لقاعدة الحرية في الإسلام، فالاستبداد وتقييد المسلمين بالقيود تعني انعدام الحرية، والأغلال هي العقبة الكؤود التي تحول دون تقدم الشعوب ورقيها.
ولعل حرية الاعتقاد والتعبد هي من أعظم الحريات التي جاء بها الإسلام، فهو لم يُلزم أحد من الناس التعبد بدين الإسلام، كما لم يسمح للمسلمين أن يفرضوا الإسلام على الآخرين بالقوة مع أنهم يعتقدون أن الإسلام هو دين الحق. حيث جعل الإسلام أساس الإيمان البحث والنظر، لا القهر ولا الإكراه، وقرر القرآن أن الإكراه ليس سبيلاً إلى إيمان صحيح (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، وقوله تعالى (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) فالإنسان في الإسلام هو حر في كل أموره وشؤونه، في ذهابه ومجيئه، في سفره وعلاقته، فلا ضغط ولا جبر ولا إكراه، ولا كبت للحرية في الإسلام، ولكن ثمة توجيهات وإرشادات تبيّن لك السلوك الأحسن، تقول: هذا صحيح وهذا مستحبّ وهذا مفضّل وهذا مكروه.
3. قاعدة المساواة: تعني المساواة عدم التفرقة أو التمييز فيما بين الناس على أساس من الانتماء أو الجنس أو التمييز اللغوي والديني أو العقائدي السياسي أو الاختلاف الطبقي الاجتماعي والمالي؛ لأن البشر كلهم متساوون في التكاليف والأعباء العامة، والحقوق والحريات العامة. وتعني المساواة أيضا: أن يحصل المرء على ما يحصل عليه الآخرون من الحقوق، كما عليه ما عليهم من واجبات دون أي زيادة أو نقصان.
ويعد حق المساواة من أهم الحقوق التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان، فقد جاء في المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر..).
وفيما يتعلق بالحق في المساواة فإن المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن (الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز).
وقد نص الإسلام على المساواة بين البشر جميعا، حيث بنيت المساواة في الإسلام على مجموعة أسس متينة منها المساواة في القيمة الإنسانية، فجميع الناس سواء من حيث المنشأ، لأن أصلهم واحد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وعلى المساواة في التكاليف الدينية، أي الامتثال لما فرضه الله -سبحانه- من عبادات كالصـلاة، الزكاة، الصوم، الحج، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... حيث إن الخطاب الشرعي بالإسلام، جاء للناس جميعاً، العرب والعجم، البيض والسود، دون تمييز؛ لأن الله تعالى أرسل محمداً صلى الله عليه واله وسلم للناس كافة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فالخطاب موجه للناس جميعاً دون تمييز.
وعلى المساواة في الحقوق والحريات العامة، كحق الحياة، والحرية، والتملك، والتعليم، والعمل، والأمن والقضاء...وعلى المساواة في المسؤولية والجزاء، ويقصد بها استقلال كل إنسان في تحمله للمسؤولية، ففي الحُكْم بين الناس لا يجوز التفريق بين الخصمين لأي سبب من الأسباب (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فلا يجوز أخذ حقوق الناس بمجرد العداوة والبغضاء؛ لأن الإسلام دين العدل.
وأما لماذا تفوق الغرب على المسلمين في تنظير وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، رغم أنها تعد حديثة نسبيا إذا ما قرنت بمبادئ حقوق الإنسان التي جاء بها الإسلام، فأن الأمر يتعلق بالمسلمين أنفسهم لا بتلك المبادئ والقيم الإنسانية، فهم من تركها وهم من تشبثوا بغيرها ظننا منهم أنها ستكون طوق نجاة لهم، فأضاعوا الطريق، وابتعدوا عن الأهداف، وهذا لا ينطبق على حقوق الإنسان فقط بل على كل ما يتعلق بحياة المسلمين السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولا يمكن إصلاح منظومة الحقوق والحريات في البلدان الإسلامية بمعزل عن المنظومات الأخرى.
اضف تعليق