q
في اليمن تجتمع تناقضات البشرية كلها، لا حياة الا لمن يملك المال، ورغيف الخبز ممنوع ما دام الأمير يبحث عن مجد يرفعه الى درجة الملوك، المصالح عنوان لكل موقف تتخذه الدول الديمقراطية رافعة راية حماية الانسان، من حرب كشفت اقسى أنواع الوحشية الرأسمالية...

في اليمن تجتمع تناقضات البشرية كلها، لا حياة الا لمن يملك المال، ورغيف الخبز ممنوع ما دام الأمير يبحث عن مجد يرفعه الى درجة الملوك، المصالح عنوان لكل موقف تتخذه الدول الديمقراطية رافعة راية حماية الانسان، من حرب كشفت اقسى أنواع الوحشية الرأسمالية، وأكدت مرة اخرى ان شعار المصالح القومية "ورقة موز" تستخدم لستر عورة تلك الدول.

رئيس الولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب لا يخجل اطلاقا من بيع الأسلحة لجزار اليمنيين محمد بن سلمان، رغم كل التقارير التي تتحدث عن الموت الجماعي للأطفال هناك، وتحول البلاد الى اكبر قبر جماعي يحتوي بداخله الموتى ومن يقفون على طوابير الموت.

ترامب ذلك الرئيس التاجر الذي يفضل بيع الأسلحة الى الدول الديكتاتورية الغنية، شاهد بعينه صورة لطفلة جائعة في السابعة من عمرها اسمها امل حسين ترقد بصمت على سرير في مستشفى شمالي اليمن، نشرتها صحيفة نيويورك تايمز نهاية شهر تشرين الأول الماضي أثارت استجابة واسعة من القراء الذين أعربوا عن الحسرة لما آلت إليه الأوضاع في البلد الذي مزقته الحرب.

بيانات منظمة الأمم المتحدة، تكشف ما هو اكثر رعبا وتقول إن 5.6 ملايين يمني يعيشون ظروفاً تشبه المجاعة، من جراء ارتفاع الأسعار، فيما حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، من "مجاعة كبرى وشيكة في اليمن لم يشهدها العالم منذ عقود، إذا لم يتحرك المجتمع الدولي سريعاً لمعالجة النزاع في البلاد".

يتوقع كثير من المتابعين ان نشر صورة الطفلة اليمنية امل حسين وبعض تقارير المنظمات الأممية والصحف العالمية الكبرى قد يحول الكارثة الإنسانية اليمنية الى قضية رأي عام عالمي يسهم في إيقاف الحرب الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، لكن امل هي مجرد رقم في فاتورة القتل التي يجب ان تدفع حتى تنتقم الدول من بعضها فوق جثث الفقراء.

لا يمكن للاعلام العالمي ان يفعل اكثر من نشر صورة امل، وان يستبكي الاف المغردين في تويتر، فجماعات المصالح اقوى من المغردين، ووسائل الاعلام هي انعكاس لمصالح المال، وهي تعرف جيدا ان اتخاذها مواقف متشددة من اكبر مصدر للنفط (السعودية) سيعرضها لخسائر كبيرة، وما ينشر ليس الا اسقاط فرض او فلنقل انه زوبعة في فنجان تملؤه أموال السعودية.

المليارات السعودية اليوم من الكثرة تجعلها قادرة على سد اكبر فم يتحدث عن حقوق الانسان، فهي التي استطاعت ان تعقد لسان ترامب السليط جدا من خلال استثمار 480 مليار دولار في السوق الامريكية، والدولة التي لها القدرة على اسكات "هلتر" الديمقراطيات الحديثة لا يصعب عليها ان تدفع الجميع عن دولة لا تملك أي شيء سوى الجوع.

فاليمن التي نتحدث عنها تتصدر اكبر احصائيات الموت وهذه هي ميزتها، وفي العرف الرأسمالي لا يمكن الاستثمار في الموت الا اذا كانت له منافع مالية او سياسية، وفي عرف الرأسمالية أيضا يمكن للموت ان يتحول الى سلعة اذا تقاطعت مصالح الدول.

وفي عرف وسائل الاعلام تعادل الصورة الف كلمة، لدقها في التعبير عن الواقع، لكن "اليمن الجريح" قد انشأ موسوعات من الصور التي لا تخرج من اطار المجاعة. هياكل الاطفال النحيلة تبدو واضحة للعيان وفي عز شبابهم احدودبت ظهورهم فداهمتهم الشيخوخة قبل ان تنتهي الحرب.

لا عتاب على الحكومات العربية فهي المتهم الأول بالجريمة، ولا نطلب الكثير من الشعوب العربية الكثير فالمنشار يقطع جسد كل مواطن يعترض على جرائم الملوك، كل العتاب على الدول الديمقراطية وشعوبها المتنورة التي تقع عليها مهمة الضغط على حكوماتها لوقف الحرب الوحشية في اليمن لان ما يحدث هناك يهدد الإنسانية كلها بصعود الديكتاتوريات التي تملك مليارات الدولارات تشتري فيها رؤساء اكبر دول العالم.

اضف تعليق