تساؤل قد يكون مثيرا للجدل بين المعنيين وغيرهم من عامة الناس، من هو المواطن الذي يستحق التقدير المعنوي والمادي أكثر من غيره، نتيجة لما يقدمه من خدمات وواجبات للوطن؟، هل هو الطبيب أم السياسي أم رجل الدين أم المثقف أم المعلم أم المهندس أم الفلاح أم العامل، أم هناك شخص آخر هو الذي يستحق الاهتمام المعنوي والمادي أكبر من غيره له عنوان آخر خارج هذه العناوين التي ذَكِرَت؟.
وفي سؤال آخر يقودنا إلى معرفة المواطن الأهم بحسب وجهة نظر شخصية، هل يمكن للعناوين في أعلاه أن يعيشوا بسلام في أرض الوطن لو لا (الجندي) وأداه لواجبه في الدفاع عن الوطن أرضا وشعبا وتاريخا؟، بالطبع لا يمكن لأي مواطن مهما كان عنوانه، ومهما تكون أهمية عمله، أن ينجح ويبدع بعمله في ظل وطن مهدّد من عدوان خارجي أو سواه، ومهمة الجندي هي القتال الباسل ضد الأعداء لتأمين أرض الوطن وجعلها مهيّأة للإنتاج والإبداع المستدام.
وإذا كان هذه هي أهمية الجندي، هل يجوز أن تهمله الدولة والمجتمع؟؟، بالطبع كلا، فالجندي يستحق كل الاهتمام من الدولة والحكومة والمجتمع حتى بعد ينتهي واجبه بالنصر ويعود إلى الصف المدني، فما بالك بالجريح الذي ضحى بصحته وقوته وعافيته، حين يفقد أحد أطرافه أو تتعطل إحدى حواسه أو أعضائه كالعين أو السمع وسوى ذلك؟ بالطبع هؤلاء الرجال هم الذين جعلوا من الوطن ساحة أمينة لكي يتحرك الآخرون وينشطوا ويبدعوا ويعيشوا حياتهم بأمان.
رابطة إبطال جرحى الجيش العراقي فرع كربلاء المقدسة، هي إحدى فروع رابطة الأبطال من جرحى الجيش العراقي المشكلة في بغداد وباقي فروعها في جميع المحافظات العراقية وقد كان لنا لقاء مع بعض هؤلاء الجرحى العاملين في الرابطة بكربلاء المقدسة، وحصلنا على بعض المعلومات التي تتعلق بالتأسيس والمهام وما شابه ذلك.
يقول رئيس الهيئة الإدارية في الرابطة (عباس فياض حمادي): تأسست رابطة إبطال جرحى الجيش العراقي فرع كربلاء المقدسة بتاريخ 20\10\2017، ومهامها معروفة وواضحة وهي العمل من أجل توصيل جميع حقوق الجرحى إليهم بعد أن شعروا أن الجهات المعنية غير مهتمة بهم كما يجب، وتتشكل الرابطة من أربعة مخوَّلين لكل مخوَّل عمل محدد يختص به وكما يلي:
- مخولَّ مسؤول عن الرابطة.
- مخولَّ تنسيقي ومتابع لقضايا الرابطة.
- المخوَّل الإعلامي.
- المخوَّل المصور.
وعن الأسباب التي دفعت بجرحى الجيش العراقي الأبطال، تحدث لنا المخول الإعلامي للرابطة (محسن كاظم عبد) عن ذلك قائلا:
إن الأسباب التي دعت إلى تشكيل الرابطة هو تصاعد الظلم والحيف الذي لحق بهم بعد أن جرحوا في ساحات القتال وتعرضوا للإهمال، كذلك بسبب المعاناة الواقعة على الجرحى عموما وليس هناك من يمثلهم، لا في الحكومة ولا في الحكومات المحلية ومجالس المحافظات لكي يطالب بحقوقهم ونقل معاناتهم، خاصة بعد أن أصبحوا منسيين من قبل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
أما فكرة تأسيس الرابطة والغاية منها في تتركز على خدمة جرحى الجيش العراقي بكل صنوفهم، ولجميع درجات العجز وخدمتهم داخل المحافظة وفي مفاصل وزارة الدفاع، بكل ما يسعنا أن نقدمه لهم ضمن إمكانيات عمل تطوعي محدود باشرنا به طوعياً منذ أن تأسست هذه الرابطة، ولا نزال مستمرين في مهمتنا هذه حتى يشعر الجرحى بأنهم محط اهتمام الدولة والحكومة كما يجب.
كما أكد المسؤول الإعلامي بأن عمل الرابطة هو عمل تطوعي وليس إجباري لخدمة شريحة الجرحى بجهود ذاتية، ومن أهم أهداف الرابطة هو تقديم إحصائية دقيقة بعدد الجرحى، والقيام بعمل قاعدة بيانات لكل جريح على حدة، وتنظيم أمورهم ومتطلباتهم، وإيصال صوت الجرحى إلى المسؤولين والجهات المعنية، وتقديم كل ما يمكن تقديمه للجرحى الأبطال، والمطالبة بالحقوق المشروعة لهم ومن أهم هذه المتطلبات أو الحاجات الرئيسة:
1- المطالبة بحقوق ومتطلبات جرحى الجيش العراقي جميعا.
2- المطالبة بتعديل قانون التقاعد العسكري رقم (3) لسنة 2010 الظالم بحق الجرحى عموما.
3- مساعدة جرحى الجيش العراقي بما يحتاجونه من تسهيلات لعلاجهم في المستشفيات لاسيما أن جروح العديد منهم تحتاج إلى علاج مستمر وطويل.
كما أن الجرحى لهم حقوق مهمة بالنسبة لأوضاعهم بعد إصابتهم بالعجز، ومن أهم هذه الحقوق ما يلي:
أ- منحهم قطعة أرض بأماكن جيده ومنحهم قروض ميسرة لبناء وحدات سكنية.
ب- شمول جرحى الجيش العراقي بالضمان الصحي أسوة بأقرانهم من الحشد الشعبي ووزارة الداخلية.
ت- معالجة الحالات المستعصية لبعض الجرحى خارج البلاد، ويكون ذلك على نفقة الدولة بما يحتاجه من عدد السفرات دون التقيّد بسفرة واحده ولجميع الجرحى من دون تمييز.
ث- فتح شباك خاص للجرحى داخل الدوائر الخدمية والصحية وتكون لهم الأولوية في المراجعة، في ظل زحام المراجعين وعدم مراعاة ظروف الجرحى.
علما أن رابطة الجرحى قامت بعدة مراجعات على نحو متواصل لعدة جهات ومؤسسة من أجل تذليل المصاعب التي تواجه الجرحى، ولكي يتم تحقيق من يستحقونه من حقوق تجعل حياتهم أكثر يسرا بعد الإصابات التي تعرضوا لها في سوح القتال وهي أوسمة فخر بالنسبة لهم.
الجهات التي تم مخاطبتها لإحقاق حقوق الجرحى:
1- وزارة الدفاع المعنية بالأمر.
2- رئاسة الوزراء.
3- رئاسة البرلمان العراقي.
4- لجنة الأمن والدفاع البرلمانية.
5- عدد من أعضاء البرلمان العراقي.
أما على مستوى محافظة كربلاء المقدسة فقد تم مواجهة:
1- السيد المحافظ.
2- السيد نائب المحافظ.
3- معاوني المحافظ.
4- عدد من أعضاء مجلس المحافظة.
5- عدد من نواب برلمان محافظة كربلاء المقدسة.
المشاكل التي تواجه عمل الرابطة
هناك نوعان من المشكلات التي واجهتها وتواجها رابطة الجرحى، وهذه المشاكل تنقسم إلى نوعين خارجية وداخلية.
المشاكل الخارجية تقع على مستوى ووزارة الدفاع ورئاسة الدولة والبرلمان التشريعي وزارة الدفاع، فهناك ظلم كبير يحدث في المؤسسات المذكورة يقع على الجرحى، من هذا الظلم عدم الاهتمام بالجرحى في الوحدات والمقرات والمواقع العسكرية من قبل القادة والأمراء، بحيث يتم تسليمهم واجبات وخفارات لا تتناسب مع أوضاعهم الصحية وجروحهم ودرجة عجزهم، وبعض الأمراء والضباط يجعلون الجرحى يقودون حملات تنظيف المقرات، ويصرون على بقائهم في الوحدات 14 يوم مقابل 7 نزول، وهم لا يصلحون للخدمة العسكرية حسب قرار اللجان الطبية العسكرية، ومنهم درجة عجزه من الدرجة الثالثة والثانية.
أما المشاكل التي يواجهها الجرحى على مستوى رئاسة الوزراء والبرلمان والتشريع، هو تعديل قانون التقاعد العسكري المتضمن خروج الجريح من الخدمة بنفس راتبه الذي كان يتقاضاه أثناء الخدمة مع المخصصات وشمول الجرحى بعد خروجهم من الخدمة بالضمان الصحي، وتقديم العناية الفائقة لهم، ومنحهم قروض وتسهيلات وقبول كفالة الجرحى، لكن ما نلاحظه اليوم أن قانون الحشد وقانون الداخلية أفضل من قانون التقاعد العسكري، لا بل هناك تفرقه واضحة بين جرحى الجيش العراقي قبل الفتوى المباركة للسيد السيستاني وبعد الفتوى المباركة.
الجريح (غسان كاظم) تحدث لنا عن قبل الفتوى المباركة وبعدها قائلا:
- فمن جُرح قبل الفتوى غير مشمول بالتقديم على السفر لغرض العلاج خارج القطر على نفقة وزارة الدفاع.
- غير مشمول بمكرمة الجريح المقدمة من وزارة الدفاع وهي (2 مليون) دينار.
- غير مشمول بمكرمة الجريح من مجالس المحافظات ومنها مجلس محافظة كربلاء المقدسة.
- حتى في توزيع قطع الأراضي داخل المحافظة لم يتم شمول من جُرح قبل الفتوى المباركة.
أما من جُرح بعد الفتوى المباركة، فقد تحدث الجريح (عباس زكي كمال) عن ذلك قائلا:
- لقد تم شمول الجرحى بعد الفتوى المباركة بالعلاج خارج القطر وعلى نفقة وزارة الدفاع لكن لسفرة واحدة ولحالات قليلة جدا وتلعب الوساطة دورها في ذلك.
- تم شمولهم بمكرمة الجريح وهي 2 مليون دينار.
- تم شمول بعض منا في مركز المحافظة فقط بقطع الأراضي.
حيث تم سن قانون لنا (الجرحى) ولم ينفذ لحد الآن من تاريخ نشرة بالجريدة الرسمية، وهو تخليد الشهداء والجرحى ضحايا (داعش) فقط، أما قبل (داعش) فإن جميع من حارب القاعدة من 2003 إلى 6\10\2014 غير مشمول بهذا القانون.
وهناك كثير من التنقلات التي تحدث للجرحى بعيدة عن مناطق سكناهم واغلبهم باقين في وحدات فعالة. كذلك عدم توفر مستشفيات عسكرية خاصة تهتم بالجريح بعد أعاقته. وعدم توفر الإطراف الذكية والعربات الكهربائية التي تعين الجريح بما فقده.
كذلك تأخر قرارات فحص اللجان الطبية، وقد يصل ذلك إلى سنة كاملة وهو باقي غير مصنف طبيا، كذلك هناك مشكلة عدم توفر مديرية أو مؤسسة ترعى عوائل الشهداء وتهتم بالجرحى بعد عوقهم في المحافظات وحتى في بغداد أسوة بمؤسسة الشهداء والسجناء السياسيين ولا يوجد ممثل لوزارة الدفاع في المحافظات.
الجهات المتعاونة
لقد تلقينا من مديرية صحة كربلاء والمتمثلة بمديرها العام الدكتور نور الموسوي دعما جيدا بعد اللقاء الذي جمعنا به، وتحدثنا عن معاناة الجرحى في المستشفيات وغلاء تكاليف العلاج والروتين القاتل، حيث بادر الدكتور نور الموسوي منذ أول لقاء به إلى تشكيل منسق بين الرابطة ومديرية صحة كربلاء لتسهيل عمل الرابطة، بما يخدم الجرحى داخل مستشفيات المحافظة، ويكون الاتصال بالمنسق من قبلنا وإبلاغه بحالات الجرحى الذين يحتاجون إلى التداخل الجراحي، والفحوصات اللازمة وضمن إمكانيات مديرية الصحة، والحمد والله تم تسهيل الكثير من الحالات لكن هناك الكثير من الحالات تحتاج إلى علاج خارج القطر وهذه الحالات باقية بغير علاج لحد الآن، لأن عملية سفرهم للخارج للعلاج تقع ضمن اختصاص وزارة الدفاع، لكن للأسف هذه الوزارة أهملت هذا الموضوع، وحتى موضوع الإطراف الذكية لم يستلم أي جريح من الوزارة أي طرف؟.
أما عدد الجرحى المسجلين ضمن قاعدة بيانات الرابطة فهو 200 جريح في محافظة كربلاء المقدسة، مصابين بمختلف الإصابات ونسبة العجز متفاوتة، أما قاعدة البيانات فهي تشمل: الاسم، الرتبة، والصنف، الرقم العسكري، نسبة العجز، مكان وقوع الحادث، الوحدة الحالية، الوحدة السابقة، رقم الهاتف، السكن الحالي، أما الحالات فهناك من فقد بصره وهناك من فقد ساقية، وهناك من تعرض لإصابة الشلل التام، وهناك من فقد ذراعيه... الخ.
اضف تعليق