ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ملتقاه موضوعا تحت عنوان (مشروعية التصرفات الدولية الأحادية الماسة بحقوق الشعوب الأصلية القدس مثالا)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وذلك في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد كل سبت بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
وقد أكد مدير الجلسة الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز آدم بشكل تفصيلي ومتسلسل على "إن القدس ليست مدينة أمريكية أو بريطانية حتى تذهب الدول العظمى بأن تهبها لهذا الطرف أو ذاك، وإنما لها أهلها أياً كان دينهم، وسواء كان دينهم يهودي أم مسيحي أم إسلامي فهم الذين يقررون مصير هذه المدينة، ولكن المستغرب إن الدول الاستعمارية دأبت على أن تهب ما لا تملك، وذلك من خلال وعد بلفور السيئ الصيت الذي وهب فلسطين بكامل أرضها وسمائها للحركة الصهيونية، وأطلق يدهم للتصرف بها بمختلف أنواع التصرف المشروعة وغير المشروعة، إنتهاءاً بقرار الرئيس الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لليهود دون أن يلتفت إلى مسالة مهمة وهي أنه تنازل عن الوضع القانوني والدولي لمدينة القدس".
وأضاف، "إن القدس أضحت ومنذ العام (47) مجزأة إلى جزأين وهي القسم الشرقي والغربي، فقد كان الجزء الشرقي واقع تحت السيادة الأردنية لغاية عام (67) والقسم الغربي واقع تحت الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي قبل تاريخ (47) واستمر لحد الآن، فكان المتوقع أن يقر الرئيس الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجزء الغربي، لكنه أطلق عبارة القدس كلها بقسميها الشرقي والغربي، وبالتالي هو يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل بدون تفاصيل، وهنا يمنح القانون الداخلي الإسرائيلي تحديد الحدود الإدارية للقدس، فهي من ستحدد ما المقصود بالقدس هل كلها أم جزء منها فقرار الرئيس الأمريكي كان بهذا الاتجاه، في حين لو قارناه مثلا مع قرار (النمسا/بلجيكا /الإكوادور /كوستاريكا) في العام (83)، حينما قرروا نقل سفاراتهم إلى القدس من تل أبيب وكانوا واضحين في قراراهم نقل السفارات إلى الجزء الغربي، وحينذاك الأمم المتحدة شجبت هذا الأمر وفعلا بعض تلك الدول تم إرجاع السفارة إلى تل أبيب مثل كوستاريكا في العام (2006) وذلك اعترافاً منها بوضع القدس القانوني".
"الشيء الآخر نلاحظ هناك ثمة تطور ملحوظ في كمية الحشود اليهودية التي تستوطن القدس الغربية، يقابلها على الطرف الآخر نزوح عربي وإسلامي من مدينة القدس، فضلا عن ذلك هناك اغتصاب لبعض الأراضي وبيع لأراضي أخرى وهو تغير ديمغرافي تتعمد السلطات الإسرائيلية وبمباركة الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة القيام به".
"فعلى هذا الأساس يحق لنا أن نركز على موضوعة معينة وهي مشروعية تصرفات الدول التي تصدر بإرادتها المنفردة، ولتعزيز هذا المعنى لابد أن نثبت حقيقة قانونية، وهي كون قرار ترامب هو قرار داخلي لا قيمة له قانونية من الناحية الدولية، إلا أن ردود الأفعال التي تصدر من الدول كلها تنساق خلف رمزية أن الرئيس الأمريكي لم يراعي الحقوق الأخرى لسكان القدس من غير اليهود، الأمر الآخر أن هذا القرار ليس مسؤول عنه فقط الرئيس الأمريكي بل المسؤول عنه هو الكونغرس الأمريكي، الذي اصدر قانوناً بهذا الشأن في عام(1995) وصادق عليه مجلس الشيوخ في شهر(آب /1995)، وبالتالي هو ألزم الإدارة الأمريكية بأن تنقل السفارة وتعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا القانون واقعا مبني على قانون سابق أيضا وهو قانون صادر عن الكنيسة الإسرائيلي في العام (1980) الذي اقر القدس عاصمة لإسرائيل".
"وبالتالي هناك ثمة بناء قانوني داخلي سواء في داخل إسرائيل أو في داخل أمريكا، ولكن هذا البناء القانوني يواجه ببناء قانوني آخر، وهنا عادة فقهاء القانون يناقشون مسألة سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي وما مدى إلزامية القانون الداخلي في الميدان الدولي، فنحن دائما ما نستعرض حقيقة هل المعاهدات والاتفاقيات الدولية تلقي بظلالها على القانون الداخلي، وهل تعد تعديلا داخليا لا يحتاج إلى تدخل من المشرع الداخلي والوطني أم تحتاج لذلك، وهنا الأمر يختلف باختلاف الدول فبعض الدول تعطي أولوية للاتفاقات والمعاهدات الدولية منها الدستور الأمريكي نفسه، في حين بعض الدساتير مثل الدستور الفرنسي يشترط مصادقة البرلمان حتى تصبح جزء من التشريع الداخلي، بالتالي فان سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي تحكمها الدساتير".
"وبطبيعة الحال نود أن نشير إلى مسألة مهمة وهي أن مدينة القدس وخلال الخمسين سنة الماضية مرت بتطورات قانونية كبيرة جداً، ابتداءً من قرار التقسيم المرقم (181) الصادر في سنة (47)، هذا القرار الذي صدر في أمريكا يتعارض ويتناقض مع قرار التقسيم الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي وقسم فلسطين بين الإسرائيليين وبين العرب، ومنح مصر حق السيادة على قطاع غزه ومنح الأردن حق السيادة على الضفة الغربية والقسم الشرقي من القدس، واستمر هذا الوضع لعام (67)، وخلال هذه الفترة حاولت إسرائيل بشتى الطرق إنها تعتدي على القسم الشرقي من القدس، ولذلك انتهت هذه المحاولات بحربها في العام (67) والتي من خلالها تمكنت من السيطرة على القسم الشرقي الذي كان خاضع للسيادة الأردنية".
"وهنا يتساءل الكثير من المهتمين، فعندما تحولت السيادة من الأردن إلى إسرائيل أصبح هناك وضع قانوني آخر، باعتبار سوف تطبق عليه أحكام وقواعد الاتفاقيات الدولية والتي هي اتفاقية لاهاي لعام (1907) الخاصة بقواعد الحرب، وكذلك اتفاقيات جنيف الأربعة لعام (1949) لاسيما الاتفاقية (الرابعة)، فلو أخذنا فقرة واحدة من اتفاقية لاهاي عام (1907) في المادة (43)، والتي تتكلم بأن الدولة التي من خلال الحرب تكسب هيمنة وسيطرة على بعض أو كل إقليم الدولة الأخرى التي تحاربها، بالتالي هي لا تمنحها حق السيادة وإنما حق الإدارة المؤقتة".
"في اتفاقيات جنيف الأربعة التي تتحدث عن حقوق الأسرى وحقوق المقاتلين وغيرهم، توجد هناك الفقرة (الرابعة) مثلا وهي مخصصة فقط للمدنيين وفي النزاعات المسلحة الوطنية والدولية، وهي تقرر لهم مجموعة من الحقوق على الدول المتحاربة وعلى الدولة التي تسيطر على هذا الجزء من إقليم الدولة المحتلة، ومثل ما تبين ذلك صراحة في المادة (الثانية) من اتفاقية جنيف لعام (49)، بالتالي سوف تسري اتفاقية جنيف على الفلسطينيين عموما باعتبارهم واقعين تحت الاحتلال، وعلى القدس الشرقية بالتأكيد وهذا ما اعترفت به حتى إسرائيل بأنه اتفاقية جنيف تسري على القسم الشرقي من القدس، وهذه الاتفاقية في المادة (27/37/38) تمنح حقوقاً معينة للمدنيين الذين يخضعون للاحتلال، من مثل لا يجوز التعرض لهم ولمعتقداتهم ولوضعهم القانوني ويجب الحفاظ على حياتهم وعلى المشافي ومدارس التعليم وذلك من اجل أن تستمر الحياة، أيضا في المواد (54/55/57) تؤكد أن الدول التي تسيطر على جزء من إقليم دولة أخرى، ليس لها التصرف بالإرادة المنفردة بهذا الجزء، باعتباره خاضع لسيادة دولة أخرى".
"مماطلة إسرائيل بالنسبة لمسالة الاعتراف باتفاقية جنيف ومدى سريانها عليها، ففي فترة من الفترات اعترفت وأقرت وصادقت على اتفاقية جنيف وبأمر عسكري صادر من الخلية الأمنية في مجلس الوزراء المرقم برقم (ثلاثة) لسنة (67) ومن بعد ذلك تنكرت لهذا الأمر، لكن الأمم المتحدة حسمت الموضوع في عام (2001)، عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا رقم (84)، الذي أكد بأن اتفاقيات جنيف واتفاقيات لاهاي هي اتفاقيات شارعه، أي إنها منظمة لقواعد عرفية، وبالتالي إن الدول التي أنظمت والتي لم تنظم هي ملزمة بأن تطبقها".
"وهذا ما أكدته أيضا محكمة العدل الدولية في العام (2004)، حينما أحالت لها الجمعية العامة للأمم المتحدة مسالة الجدار العازل، وعندها أصدرت المحكمة فتوى شهيرة قالت فيها (بأن الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس الشرقية يخضعون لأحكام اتفاقية جنيف، وبالتالي إسرائيل ليس لها الحق بأن تصادر أراضيهم أو تتحكم بمصائرهم)، وانتهى هذا الأمر بصدور جملة من القرارات عن مجلس الأمن ليتوقف هذا المشروع البغيض وهو احد مصاديق الفصل العنصري في المنطقة".
"في العام (1967) عندما حدثت الحرب وصدر قرار مجلس الأمن (242) الذي أوقف إطلاق النار، هذا القرار في واحده من بنوده ينص على الفصل بين القوات المتحاربة والحفاظ على حقوق سكان المنطقة، وهذا ما أكده أيضا قرار مجلس الأمن (338) لعام (1973) الذي أعقب حرب (1973)، الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً شهيراً جدا (2253) الذي نص على بطلان كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل، عقب حرب (67) من سيطرة إسرائيل على المناطق العربية وحينها أصدرت قرارين".
"قرار من بلدية القدس الغربية بأن البلدية أصبحت مهيمنة على مسافة (77) كيلو متر في القدس الشرقية، وكذلك اصدر المجلس العسكري في حينها قرار بضم القدس الشرقية إلى القدس الغربية، وعلى اثر ذلك صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أبطل كل أنواع القرارات الإسرائيلية واعتبر ليس لها أساس من القانون، فبالتالي اليوم عندما سارت إسرائيل بمنهاج محاولاتها المحمومة لضم القدس، وكانت الأمم المتحدة دائما ما تتصدى لهذا الموضوع خصوصا وإن مجلس الأمن كان معطل بفعل الفيتو الأمريكي".
"الذي كان دائما يتصدى لكل القرارات التي تحاول أن توقف الإجراءات الأحادية التي كانت تصدر من إسرائيل، وكانت هناك أيضا تسهيلات من الاتحاد الأوربي ويوجد تخاذل عربي وإسلامي واضح في هذا الموضوع، ولا أدل على ذلك من البيان الخجول لمنظمة التعاون الإسلامي قبل أيام قليلة في اسطنبول، وكيف تغيب بعض الملوك والقادة العرب عن هذه القمة التي هي تأتي في مرحلة مهمة من تاريخ الصراع العربي مع إسرائيل، في العام (2006) حاولت أيضا إسرائيل الركون إلى الإجراءات الأحادية من اجل تطبيع الأوضاع في القدس، وأيضا صدرت مجموعة من القرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك الحين، وذلك استناداً إلى المادة (22) من ميثاق المنظمة، الذي يؤكد في حال عجز مجلس الأمن عن القيام بواجباته فلابد الركون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة".
ولأجل تفكيك تلك الجزئية ومنحها وقت أطول من البحث والنقاش، تم طرح الأسئلة التالية على الباحثين الحضور:
السؤال الأول: ما القيمة القانونية لقرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وما الآثار المترتبة على ذلك؟
القرار الفردي هو فاقد لأي قيمة قانونية
- الدكتور قحطان الحسيني، الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية يجد "إن ما يحكم العلاقات الدولية هو منطق القوة والمصلحة، وأن منطق الشرعية والمشروعية والالتزام بقواعد القانون الدولي هي تصف بالجانب الآخر، وبالتالي أن من يلاحظ تاريخ السياسات التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، يلاحظ بشكل واضح جدا حجم الخروقات الكبيرة والكثيرة التي قامت بها هذه الحكومات على مدى التاريخ، فالانتهاكات واضحة وتكاد أن تسجل الولايات المتحدة اكبر قاعدة لاختراق القانون الدولي، لذا فإن التصرف الذي قام به ترامب هو تصرف فردي خاصة وأن الكثير من المؤسسات العاملة في الداخل الأمريكي رفضت هذا القرار، أما من الناحية القانونية فهذا القرار الفردي هو فاقد لأي قيمة قانونية، وهو غير موافق لقواعد القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، مجلس الأمن ما زال إلى الآن يعمل بقرارات تضع القدس في وضع خاص ودائما ما يدعو إلى حل قضية القدس ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
أمريكا لا تراعي موضوعة المشروعية في تصرفاتها
- الباحث عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية "يعتقد إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تراعي موضوعة المشروعية في تصرفاتها، بل هي تعتمد على عنصرين مهمين وهما؛ الأول قوتها العسكرية والاقتصادية في قيادة العالم، والثاني هو طبيعة الرئيس الأمريكي الذي يقود هذه الدولة في الفترة التي تتخذ قراراتها، بعض الرؤساء قد يكونون اقل هوجاء وأكثر عقلانية، وبطبيعة الحال هذا يعتمد على اللوبي اليهودي وعلى الأجواء العالمية، بالنتيجة الرئيس الأمريكي لا ينظر إلى مشروعية قراره بل ما يقدمه للناخب الأمريكي الذي أوصله للحكم، وهذه القرارات الأحادية يقينا هي تشغل مجلس الأمن وتشظي المجموعة الدولية، وهي تزيد من حدة التطرف ومن الخط الإرهابي في العالم".
قرار ترامب لا يمتلك أي صفة شرعية أو قانونية
- المحامي زهير حبيب الميالي، باحث وناشط حقوقي "يرى إن قرار ترامب لا يمتلك أي صفة شرعية أو قانونية، وإنما هو استغلال لموقع القوة ومحاولة إركاع الدول الضعيفة".
تقوية الجانب الداخلي بمواجهة القرارات الخارجية
- حامد الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، "يتصور أن القضية تتعلق بتقوية الجانب الداخلي وبالتالي نحن نستطيع مواجهة القرارات الخارجية، ولكن هذا الضعف لا يعطي الشرعية للولايات المتحدة الأمريكية بفرض ما تريد".
ما قام به ترامب هو حقيقة لتأسيس واقع جديد
- حيدر الجراح، مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث، يرى "إن العرب والمسلمين وطيلة سبعين عام يعملون على مسالة القوانين التي تصدر من جهات دولية اتجاه قضايا الصراع العربي والإسرائيلي، هذه القوانين أكثر ما تكون في الفضاء الافتراضي، والطرف الآخر يكرس واقع من خلال عدت مفاهيم مناطق متنازع عليها حل الدولتين، ما قام به ترامب حقيقة هو لتأسيس واقع جديد عبر من خلال سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي هذا الواقع سوف يكرس مفاهيم جديدة وأن الصراع سوف يبقى مفتوح".
لابد أن تكون تلك القرارات متوافقة مع القانون الدولي
- حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، "يتصور أن اغلب المحللين يتفقون على أن قرارات الإدارة الأمريكية هي قرارات منفردة، وهذه القرارات لا تلزم غير مصدري تلك القرارات، وهي تريد من خلال ذلك تصدير سياساتها اتجاه القضايا الدولية والإقليمية، وبالتالي لابد أن تكون تلك القرارات متوافقة مع القانون الدولي".
القدس متعددة الانتماءات الدينية
- الدكتور حسين أحمد رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يعتقد بأن "القرار ليس حديث وهو يعود لمنتصف تسعينيات القرن الماضي، فالرئيس ترامب يمثل توجه عالمي جديد خصوصا وأن النظام الدولي اللبرالي، يتعرض إلى خطر كبير من خلال تشكل النظام الشعبوي وهذه النزعة العنصرية جزء من مصاديق التيار الشعبوي، لذلك فالرئيس ترامب يمثل هذا التيار الشعبوي الجديد، خاصة وأن القدس هي واحدة من الوعود الانتخابية التي وعد بها الناخبين، الأمر الآخر أن القيمة لهذا القرار هي في الشأن الداخلي وأيضا هذا الأمر يعتبر شان داخلي بين الدولتين إسرائيل وأمريكا، ولكن نتيجة التعقيدات الدولية وطبيعة الصراع الدولي في الشرق الأوسط هو الذي أعطى لموضوعة القدس هذا الزخم، الشيء الآخر ترامب أراد أن يفرض واقع جديد في الشرق الأوسط، لذلك هذه المعادلة لابد أن يستفاد منها العرب والمسلمين وأن يستوعبوا فكرة أن القدس هي متعددة الانتماءات الدينية".
السؤال الثاني: كيف يمكن للمجتمع الدولي التصدي لمثل هذه الأعمال المنافية للشرعة الدولية؟
- الدكتور قحطان الحسيني "يعتقد أن موضوع الإجراءات لابد أن تكون أكثر واقعية كي تكون منتجة وذات جدوى، فالحديث عن القرار الأمريكي بهذه الطريقة لابد أن يصرف الأذهان أولاً إلى الذهنية التي تميز صانع القرار الستراتيجي الأمريكي، هذه الذهنية تستند إلى فكرة أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية هي فوق كل اعتبار، وهي فوق القوانين الدولية ومصالح الدول الأخرى، لذلك يجب على الدول التي رفضت هذه القرار أن تتعامل بواقعية مع مستجدات الأمور، فالولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها قائدة وحيده للعالم ولذلك هي عندما تتخذ قرار لا تريد لهذا القرار أن يذهب سدى، وإنما تريد أن تفرض حتى وأن تطلب الأمر أن يفرض بالقوة".
أضاف الحسيني "فكلنا نتذكر الحرب الأمريكية ضد الإرهاب في عام (2001)، حيث أعلن في وقتها الرئيس بوش (أن من لم يكن معنا فهو ضدنا)، وهذا التصريح بحد ذاته هو يعكس مدى الغطرسة الأمريكية، وهذا القرار ولأول مرة جعل أمريكا وحدها في الساحة من دون دعم أي دولة، الشيء الآخر هل فقدنا نحن كعرب ومسلمين كل عوامل القوة التي نمتلكها، لا بالتأكيد الدول العربية والإسلامية ما زالت تحتفظ لنفسنا بالكثير من عوامل الضغط الاقتصادي والأمني، أيضا صياغة موقف دولي رافض للقرار الأمريكي".
- عدنان الصالحي "يعتقد أن الدول العربية بشكل خاص والدول الإسلامية بشكل عام تعيش أسوء حالتها، دول الخليج مثلا منشغلة بعاصفة الحزم ضد اليمن، سوريا تكاد تكون صفر بالنسبة للحالة البنيوية، العراق منشغل بالوضع الداخلي وباعمار المناطق المتضررة وبالنازحين، أيضا مصر تعاني من إرهاب يضربها في سيناء وفي مناطق أخرى، فضلا عن أزمة قطر مع دول الخليج، أيضا هناك أزمة خليجية مع إيران، الغرب العربي يعيش حالة سبات، بالتالي نحن أمام حالة متناثرة بالنسبة للواقع العربي، الوضع الإسلامي هو الآخر منهك وغير مستقر لاسيما على صعيد الجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي، بالتالي علينا أن نعمد إلى تصفير المشاكل العربية العربية تصفير المشاكل الإسلامية، ثم الانتقال إلى مرحلة التفاوض بقوة مع الدول الأخرى".
- زهير حبيب الميالي "يطالب من المجتمع الدول ومن الأمم المتحدة بالوقوف بوجه هذا القرار، فضلا عن موضوعة قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية ونقل السفارات وهي على اعتبارها وسيلة ضغط ضد الإدارة الأمريكية".
- حامد الجبوري "يستعرض العام (1973) على اعتبار ذلك العام شاهد حي على استخدام النفط كسلاح لمواجهة كل من تعاون مع إسرائيل، بالتالي من الممكن استخدام النفط كسلاح لمواجهة هذا القرار، لكن من المؤسف أن اغلب الدول العربية المنتجة للنفط لها علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية".
- حيدر الجراح، يقول "لا يمكن التصدي لمثل هذا القرار خصوصا وان جميع التقارير تجمع بأن أمريكا هي القطب الأوحد، وأن العرب والمسلمين لا يمتلكون القوة بل يمتلكون النفط وشتان ما بين القوة والنفط، أيضا المنتجات النفطية لا يتم استهلاكها إلا من خلال الغرب وإعادة تدويرها بسلع ومنتجات يتم استهلاكها في الواقع العربي والإسلامي، بالتالي لا يمكن الرهان على الأقطاب الأخرى كروسيا وكوريا الشمالية وكوبا".
- حيدر الاجودي، يعتقد "إن مواجهة القرارات المنفردة يكون على مستويين؛ الأول على المستوى القانوني بان يصدر قانون دولي من مجلس الأمن أو من جمعية الأمم المتحدة وبالتعاون مع محكمة العدل الدولية للحد من التصرفات الفردية، أما المستوى الثاني فهو سياسي فالقرار الذي أصدره ترامب هو فرصة لمراجعة استراتيجيات التفاوض والتعاون مع الولايات المتحدة".
اضف تعليق