q

مشكلة الهجرة غير الشرعية هي مشكلة عالمية أثرت بشكل سلبي على العديد من الدول، لكنها تعد وبحسب بعض الخبراء من أهم واخطر المشكلات التي تؤرق البلدان الأوروبية، خصوصا بعد ازدياد أعداد المهاجرين والمهجّرين ممن تركوا ديارهم بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية واتساع رقعة العنف والاضطهاد في الكثير من الدول كما يقول بعض الخبراء في هذا المجال، والذين أكدوا على ان هذه المشكلة المتفاقمة كان لها الكثير من الافرازات السلبية على المهاجرين في الدول المستقبلة التي سعت الى اعتماد قوانين وإجراءات جديدة في سبيل الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى أراضيها، وهو ما عرضها لانتقادات حادة من قبل بعض المنظمات العالمية، التي تعارض مثل هكذا اجراءت قد تسهم بتفاقم معاناة المهاجرين الذين أصبحوا يتعرضون للعديد من المخاطر التي خلفت الكثير من الضحايا، هذا بالاضافة الى عمليات الابتزاز والخداع التي تقوم بها عصابات التهريب والاتجار بالبشر، حيث يتقاضى المهربون مبالغ مالية ضخمة مقابل تسهيل عملية عبور المهاجرين غير الشرعيين للحدود الدولية.

وفي هذا الشأن فقد أنقذ خفر السواحل الروماني 70 مهاجرا معظمهم سوريون وعراقيون كانوا في قارب صيد صغير كاد أن يغرق أثناء محاولتهم اجتياز الأمواج المتلاطمة للوصول إلى أوروبا. وكان القارب التركي أبحر من اسطنبول وعثر عليه وهو يواجه الصعاب على بعد 16 كيلومترا عن ساحل رومانيا. وقال متحدث باسم خفر السواحل إن القارب الذي كان مكتظا بالمهاجرين ومن بينهم 20 امرأة وسبعة أطفال تلقى المساعدة حتى وصل بسلام إلى ميناء كونستانتا.

وتقول أرقام خفر السواحل إن نحو 500 مهاجر وصلوا بحرا إلى رومانيا منذ منتصف 2013 بعد فرارهم من الحرب والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وأفريقيا. لكن هذا العدد قليل مقارنة بدول أوروبية أخرى إذ تقول مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن 160 ألف شخص اجتازوا البحر ليصلوا إلى إيطاليا بين شهري يناير كانون الثاني ونوفمبر تشرين الثاني 2014 وإن 40 ألفا آخرين وصلوا إلى اليونان. وقتل الآلاف في الرحلة المحفوفة بالمخاطر. وقال ماريوس نيكولسكو المتحدث باسم خفر السواحل الروماني إن المهاجرين الذين تم إنقاذهم يوم السبت هم أول من حاولوا الوصول إلى رومانيا عبر البحر هذا العام. وأضاف أنهم يخضعون لفحوص طبية وقد يطلبوا حق اللجوء.

مسلسل الموت مستمر

الى جانب ذلك قالت السلطات الإيطالية والتونسية إن ما لا يقل عن عشرة مهاجرين من شمال افريقيا لاقوا حتفهم عندما انقلب قاربهم المطاطي في جنوب البحر المتوسط. في حين تم انقاذ نحو الف اخرين من سبعة قوارب في المجمل في يوم واحد. وقال خفر السواحل الإيطالي في بيان إن احدى سفنه في المنطقة انقذت 121 شخصا بعد انقلاب قاربهم على بعد نحو 50 ميلا شمالي ليبيا. وتم انتشال عشر جثث.

من ناحية أخرى قالت وزارة الدفاع التونسية إن القوات البحرية انقذت 81 مهاجرا من على متن قارب اخر قبالة جزيرة جربة التونسية بعد أن شرعوا في الابحار باتجاه أوروبا. وقال خفر السواحل إن عدة سفن تجارية ساعدت في انقاذ مهاجرين من سبع قوارب خلال 24 ساعة ونقلت إلى بر الأمان قرابة ألف مهاجر بينهم 30 طفلا و50 امرأة احداهن حبلى. وتقول التقارير بأن معظمهم من السوريين والفلسطينيين والليبيين ودول أفريقيا جنوب الصحراء وجرى نقلهم إلى موانئ إيطالية.

وكان أكثر من 300 شخص قد لاقوا حتفهم في وقت سابق أثناء محاولة عبور البحر من أفريقيا إلى إيطاليا. وتقع جزيرة لامبيدوسا في جنوب ايطاليا على بعد 300 كيلومتر فقط من العاصمة الليبية طرابلس. وقالت وزارة الداخلية إن عدد القوارب التي وصلت هذا العام تجاوز بالفعل الرقم القياسي المسجل في عام 2014. وتم احصاء 7882 قاربا خلال أول شهرين من العام الحالي اي بزيادة 43 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 218 الف مهاجر على الأقل عبروا البحر المتوسط في القوارب العام الماضي وإن 3500 فقدوا حياتهم . ودفع تزايد الأعداد وزير الداخلية أنجلينو ألفانو إلى تجديد نداءات للاتحاد الأوروبي لعمل المزيد لمساعدة إيطاليا في التعامل مع تدفقات الهجرة الجماعية.

وقال ماتيو سالفيني زعيم حزب رابطة الشمال المعارض والمناهض للهجرة على موقع تويتر إن حزبه يتهم الحكومة الايطالية والاتحاد الأوروبي بالمسؤولية عن غرق مهاجرين لان عمليات الانقاذ تشجع المهاجرين على القيام بالرحلة المحفوفة بالمخاطر. وأنهت إيطاليا مهمة ماري نوستروم الكبيرة للبحث والإنقاذ العام الماضي بسبب تكلفتها وانتقادات بأنها تشجع على القيام بالرحلة. بحسب رويترز.

وكانت المهمة قد بدأت بعد غرق أكثر من 360 مهاجرا إثر انقلاب قاربهم قرب الساحل الإيطالي في أكتوبر تشرين الأول 2013. وحلت مهمة ترتيون للمراقبة الحدودية التابعة للاتحاد الأوروبي محل ماري نوستروم وليس لديها تفويض واضح بالبحث والإنقاذ كما أن عدد سفنها أقل وتعمل في منطقة أصغر قريبة من ساحل إيطاليا.‬‬

مأزق أخلاقي

على صعيد متصل تركت سفينتا شحن محملتان بنحو 1200 مهاجر، لتصارعا أمواج البحر المتوسط قبالة السواحل الإيطالية وغادر أفراد طاقم القيادة السفينتين، وذلك فيما يبدو تكتيكا جديدا يتبعه المهربون. وتمكنت السلطات الإيطالية من قيادة السفينتين، وإحداهما سفينة شحن والأخرى مخصصة لنقل الماشية، وإنقاذ ركابهما. لكن العديد من المهاجرين، الذين يخوضون هذه التجربة الخطيرة والمكلفة من أجل الوصول إلى أوربا بطريقة غير شرعية، ليسوا محظوظين ويلقون حتفهم خلال تلك الرحلة.

وكانت مجلة "تايم مغازين" قد اختارت صورة مدهشة، من بين أهم عشر صور لعام 2014. وتبدو تلك الصورة عن بعد مثل سمكة ذات قشور ملونة، تبحر في المياه بواسطة زعانفها وذيلها.

لكن عند التحديق في الصورة، يتضح أنها سفينة مكتظة بالبشر، لدرجة أن رؤية السفينة ذاتها تصبح مستحيلة ولا يظهر سوى الركاب على شكل السفينة. ويبدو ذلك الأمر كما لو أن طفلا رش مادة لامعة على قطعة من الكرتون، إذ لن ترى قطعة الكرتون التي أمامك، وإنما سترى فقط تلك المادة اللامعة. وتلخص الصورة مأساة أكثر من 150 ألف مهاجر، معظمهم من أفريقيا، حاولوا عبور البحر المتوسط إلى أوروبا خلال عام 2014، وذلك مقارنة بنحو 60 ألف حاولوا ذلك خلال عام 2013. ولقي نحو ثلاثة آلاف شخص حتفهم من بين هؤلاء المهاجرين.

هذا عن الإحصاءات، لكن عند التدقيق في الصورة أكثر فأكثر سيظهر شيء آخر. هؤلاء الأشخاص أشخاص حقيقيون، وليس مجرد إحصاءات. سترى رجالا يلبسون قمصانا لفرق كرة قدم، مثل البرازيل وأسبانيا ونادي برشلونة، ونساء يحملن أطفالهن الرضع. وأنهت إيطاليا مهمة الإنقاذ الوطنية "ماري نوستروم" Mare Nostrum، واستبدلتها بالعملية الأوروبية المسماة "تريتون"، وهي أقل تكلفة وتحرس الشواطئ من مكان أقرب. لكن المدافعين عن اللاجئين يرون أن تقليص عمليات البحث والإنقاذ يعني ترك المهاجرين فريسة للموت.

وقال الأدميرال "فيليبو فوفي" من البحرية الإيطالية: "إذا كنا في مياهنا الإقليمية فقط فلن نرى الأشخاص المعرضين للخطر، وإذا غرقوا لن نعرف عنهم شيئا". وقالت وزارة الخارجية البريطانية في لندن إنها لن تدعم عمليات البحث والإنقاذ، لأن ذلك يشجع المزيد من المهاجرين المحتملين، الذين يأملون أن يتم إنقاذهم. وتتشارك العديد من الدول الأوروبية مع لندن في نفس وجهة النظر.

مناصرة حقوق اللاجئين أمر صعب، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من صعوبات وارتفاع معدلات البطالة في العديد من الدول الأوربية. هناك تراجع في التعاطف مع المهاجرين. ويقول منتقدون إن المهمة الأوروبية الجديدة التابعة للاتحاد الأوربي، بنطاقها المحدود، ستشجع فقط المهربين. وكانت هناك صورة أخرى صادمة هزت الصحف في عام 2014. وأظهرت تلك الصورة شخصين يلعبان الغولف، وسط حديقة من أشجار النخيل ذات ممرات مضيئة وأرض خضراء متموجة.

لكن إذا تمعنت في أعلى الصورة ستجد شيئا مزعجا للغاية، ستجد نحو عشرة أشخاص يتسلقون سورا من السلك، يبلغ ارتفاعه نحو ستة أمتار. إنهم مهاجرون أفارقة يحاولون التسلل إلى مقاطعة مليلية الإسبانية في المغرب. مجرد النظر إلى هذه الصورة يجعلني أشعر بالذنب. لقد كنت مراسلا في المغرب، واعتدت أن انقل الأخبار عن محاولات اللاجئين من منطقة جنوب الصحراء الكبرى الدخول إلى سبتة ومليلية، كما اعتدت أيضا لعب الغولف. بحسب بي بي سي.

وأوروبا واقعة الآن في مأزق أخلاقي كبير. إنها لا ترغب في تشجيع المهاجرين، لكنها لا ترغب كذلك في أن تتركهم يموتون. ويبدو أن الحكومات الأوروبية ستواجه نقدا، إذا ما تدخلت أو لم تتدخل في هذه القضية. لكن طالبي اللجوء أو الهجرة أيضا يواجهون مأزقا، فإما يعرضون حياتهم للخطر في عرض البحر، أو يقبلون بحياة الفقر أوالاضطهاد في أوطانهم. الأشخاص اليائسون سيتخذون دائما قرارات يائسة، وكما يقول ويليام سبيندلر المسؤول بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: "إذا لم يستطع هؤلاء المهاجرون أن يدخلوا من الباب سيحاولون الدخول من النافذة".

تشديد القوانين

من جانب آخر تراجع عدد طالبي اللجوء في الدنمارك بشكل كبير بعد تشديد القوانين الرامية الى وقف تدفق اللاجئين السوريين وفقا لارقام رسمية. وفي كانون الثاني/يناير طلب 626 شخصا نصفهم من سوريا اللجوء الى الدنمارك. وذكرت وكالة الهجرة الدنماركية ان عددهم كان 3150 في ايلول/سبتمبر. وفي ايلول/سبتمبر اعلنت الدنمارك فرض اذن اقامة بصورة موقتة لمدة عام لمواجهة سيل طلبات اللجوء خصوصا من لاجئين سوريين.

وبدأ فرض الترخيص الجديد مطلع 2015 وهو قابل للتجديد عامين ولا يسمح بلم الشمل خلال العام الاول. وقال المتحدث باسم الحزب الاشتراكي- الديموقراطي اولي هكروب لوكالة ريتساو الدنماركية حول قضايا الدمج "اعتقد ان من العوامل الاساسية لعدد الطلبات هو الوقت المحدد وشروط لم الشمل". واضاف ان "الحكومة بذلت جهدا في هذا الخصوص". وخلافا للسويد، كان للدنمارك قانون حول الهجرة يعد الاكثر تشددا في اوروبا من وحي الحزب الشعبوي اليميني، الحزب الشعبي الدنماركي، الذي دعم الحكومة بين عامي 2001 و2011. بحسب فرانس برس.

وفي السويد انخفض عدد طالبي اللجوء ايضا من 9970 في ايلول/سبتمبر الى 4894 في كانون الثاني/يناير وفقا لوكالة الهجرة الوطنية. والسويد المعروفة لسخاء نظام الاستقبال لديها، كانت اول بلد اوروبي في 2013 يمنح اللجوء الى كل اللاجئين السوريين. وفي 2015 تتوقع السلطات رقما قياسيا لطالبي اللجوء يقدر ب90 الف شخص. وتستقبل البلاد اكبر عدد من اللاجئين داخل الاتحاد الاوروبي تليها المانيا ثاني وجهة للسوريين.

انتهاك خصوصية النساء

الى جانب ذلك قال تقرير أصدرته جمعية نساء من أجل اللاجئات الحقوقية إن طالبات اللجوء يحرمن من حقوقهن في الكرامة والخصوصية من خلال قيام موظفين من الرجال بمراقبتهن وتفتيشهن دوريا في مركز احتجاز يارلز وود البريطاني. وقال التقرير إن وزارة الداخلية البريطانية قالت ردا على تقرير سابق من الجمعية إن الموظفين الرجال لن يتولوا الاشراف على النساء في المواقف التي تستلزم شيئا من الخصوصية غير أن خصوصية النساء مازالت تتعرض للانتهاك.

وقال متحدث باسم الوزارة تعليقا على التقرير الجديد "نحن ملتزمون بمعاملة جميع المحتجزين بتوقير واحترام. ونحن نأخذ أي اتهامات بعكس ذلك بجدية شديدة." وأضاف "أحدث تفتيش مستقل من جانب كبير مفتشي السجون... توصل إلى أن يارلز وود مكان محترم وآمن." وأجرت الجمعية مقابلات مع 38 إمرأة جئن إلى بريطانيا طلبا للجوء واحتجزن في مركز يارلز وود بين يونيو حزيران عام 2012 وأكتوبر تشرين الاول 2014.

وقال ثلث النساء للجمعية إن موظفين رجالا يفتشونهن كما قال أكثر من نصف النساء إن رجالا يراقبونهن أثناء قيام نساء بتفتيشهن. ونقل التقرير عن إمرأة قولها "الرجال يدخلون حجرتك بلا استئذان ويرونك في الفراش كل يوم. وأنا شوهدت شبه عارية أكثر من مرة." وقالت أغلبية النساء إن موظفين رجالا شاهدونهن في أوضاع لها خصوصيتها منها عرايا وفي الفراش وفي دورة المياه وفي الحمامات وقلن إن هذا يسبب لهن الحرج والخوف والتوتر.

ومركز يارلز وود واحد من 12 مركزا تستخدمها بريطانيا لاحتجاز طالبي اللجوء لحين إعادتهم إلى بلادهم أو فحص حالاتهم. وقال أكثر من 70 في المئة من النساء في مقابلاتهن مع الجمعية إنهن تعرضن لعنف جنسي في أوطانهن قبل الوصول إلى بريطانيا. وقالت ستة من النساء إن بعض العاملين في يارلز وود استخدموا تلميحات جنسية معهن وقالت ثلاثة إنهن تعرض للمس جنسيا. بحسب رويترز.

وقالت الجمعية نقلا عن أرقام وزارة الداخلية إن عام 2013 شهد قدوم 6396 إمرأة إلى بريطانيا طلبا للجوء وذلك وحدهن دون زوج أو أطفال وتم احتجاز 2038 إمرأة أكثر من نصفهن لفترة تتجاوز الشهر. وفي عام 2013 تم ترحيل ثلث النساء اللائي احتجزن بعد أن طلبن اللجوء بينما تم إخلاء سبيل الثلثين لحين البت في طلبات اللجوء. وتطالب الجمعية بالبت في طلبات اللجوء دون احتجاز أصحابها. وبلغ متوسط فترة احتجاز النساء اللائي أجرت الجمعية مقابلات معهن في يارلز وودز 93 يوما في المتوسط. وقالت إمرأة إنها محتجزة منذ عام وثلاثة أشهر.

ابتهاج ومعاناة

على صعيد متصل قطع ابو دياريسو ومحمود شيخو مسافة الفي كيلومتر ليجدا نفسيهما امام بوابة الدخول الى اوروبا في مليلية الجيب الاسباني في المغرب، الاول هربا من الفقر في ساحل العاج والثاني من المقاتلين الاسلاميين في كوباني السورية. وتمكن الاثنان وهما في العشرينات من الدخول الى اوروبا عبر الطريقة الوحيدة الممكنة اي مدينة مليلية الواقعة على البحر المتوسط وتشكل الحدود البرية الوحيدة لاوروبا مع افريقيا الى جانب سبتة التي تبعد 400 كلم غربا.

وما يزال ابو دياريسو (22 عاما) يتذكر اجتياز السياج الشائك المكون من ثلاثة حواجز بارتفاع ستة امتار، وكيف تمكن بعد محاولات عدة وعامين من السفر من مغافلة قوات الامن المغربية والاسبانية. وتقاطع مصير هذين الشابين خارج مركز الايواء في مليلية لكن حياتهم مختلفة تماما. وبتفاؤل بادي للعيان، قال ابو دياريسو الذي ارتدى زيا رياضيا ازرق اللون وقبعة عاجية "لدي احساس جيد للمرة الاولى في حياتي. انهم يعطوننا كل ما نحتاج اليه".

لكن سعادة ابو دياريسو تتناقض تماما مع دموع شيخو استاذ المدرسة السوري الذي استطاع دخول مليلية ليس عبر اجتياز السياج الشائك انما بواسطة جواز سفر مغربي مزور. وقال بانكليزية ركيكة "الحياة هنا ليست جيدة فالحمامات في حال رديئة والاسرة سيئة كما ان الاغطية ليست كافية". وعلى غرار الالاف من الافارقة الاخرين، اقام ابو دياريسو في مخيم في جبل غوروجو المغربي المطل على مليلية. ويقول مفاخرا "في البدء، كنا نحو 200 شخص لكنني الوحيد الذي انتصر. فقد اجتزت السياج الشائك ومن ثم الفجوة خلال دقيقتين و30 ثانية".

وفي احدى الليالي، بعد اسبوعين من التحضيرات التي تخللها الاختباء في احدى المقابر اعطى المهرب الامر بالتحرك. ويضيف "وضعت مخالب معدنية (مخصصة لتسلق السياج المعدني الشائك) وهنا صرخ الجميع هيا هيا". ويشرح العاجي قائلا " يجب ان تكون رياضيا جيدا لتتمكن من القفز مثل اسد. عانيت من الدوار لكنني رايت مليلية امامي انه النجاح انها اوروبا وهي هدفي".

وبعد النجاح في اجتياز السياج الحدودي، يجب الافلات من الوقوع في قبضة قوات الامن التي تعيد المهاجرين غير الشرعيين الى المغرب بشكل "سريع"، وهذا امر يمنعه القانون الدولي وتندد به منظمات الدفاع عن حقوق الانسان. وقد حاول عشرون الف مهاجر غير شرعي اجتياز السياج المعدني الشائك للوصول الى مليلية لكن الفين منهم فقط نجحوا في ذلك. وقال المتحدث باسم الصليب الاحمر في مليلية انريكي رولدان "يشعرون بالانتشاء فور وصولهم (...) لكن شيئا فشيئا سرعان ما ينطفئ هذا الاحساس". اضاف "هناك حالات عدة من الاصابة بعوارض الاجهاد ما بعد الصدمة الناجم عن الفقر او ما عانوه خلال رحلتهم". بحسب فرانس برس.

ويقول شيخو الهارب من كوباني المدينة الكردية السورية الحدودية مع تركيا "كانت اعدادانا كبيرة على الحدود التركية وبقينا من دون طعام او نوم، في الشارع طوال عشرة ايام او اكثر". وبرفقة اخرين، استقل الطائرة الى الجزائر ومنها انتقل الى المغرب ومليلية سيرا على الاقدام في بعض الاحيان. واثر محاولات فاشلة، انتهى الامر بكل منهم الى دفع الف يورو مقابل جوازات سفر مغربية مزورة حسب قوله. وختم معبرا عن التفاؤل في الاستقرار في المانيا "لقد عانيت الكثير للوصول الى هنا".

صدمة دولية

في السياق ذاته اعتبر المفوض الاعلى للامم المتحدة لحقوق الانسان زيد رعد الحسين ان لا مبالاة الدول الاوروبية حيال المهاجرين الساعين الى عبور المتوسط "تثير الصدمة"، فيما قضى عدد قياسي منهم خلال رحلاتهم. وصرح رعد الحسين ان "قلة الاهتمام التي نشهدها في دول كثيرة، امام معاناة واستغلال هؤلاء الاشخاص اليائسين تثير صدمة عميقة".

واضاف المفوض الاعلى "على الدول الثرية الا تتحول الى احياء مغلقة، يغلق سكانها عيونهم لئلا يروا بقع الدماء في شوارعهم". وتشكل اوروبا القبلة الاولى للمهاجرين بحرا مع النزاعات الجارية في جنوب المتوسط في ليبيا وفي شرق اوروبا في اوكرانيا وفي جنوب شرقها في سوريا والعراق. وينطلق حوالى 80% من المهاجرين من السواحل الليبية متوجهين الى ايطاليا او مالطا. بحسب فرانس برس.

وانتقدت المفوضية طريقة تعاطي الدول الاوروبية مع مسالة الهجرة منتقدة بعض الحكومات التي تركز جهودها على ابقاء المهاجرين خارج حدودها اكثر منها على احترام حق اللجوء، عندما يكون الكثير من الاطفال والنساء والمسنين في مراكب مكتظة. وقال انطونيو غوتييريس المفوض الاعلى للاجئين "عندما تخاطر عائلات باكملها بحياتها في البحر اليوم، هذا يعني انها سبق ان خسرت كل شيء وتعتقد انها الطريقة الوحيدة للعيش في امان". واضاف زيد "لو كنا مكانهم، لفعلنا الشيء ذاته على الارجح. ربما يستطيع هذا الادراك لانسانيتنا المشتركة ان يرشدنا الى الخيارات الصحيحة على مستوى معالجة" هذه المسألة.

اضف تعليق