في ظل استمرار الحرب والحصار ازدادت معاناة أبناء الشعب اليمني، الذي أصبح اليوم يعاني من تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية التي تفاقمت بشكل خطير، بسبب تدمير في البنية التحتية وقلة المساعدات المقدمة، وهو ما اسهم في تفشي والفقر والمجاعة وانتشار وباء الكوليرا، حيث قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن الوضع الإنساني باليمن يرقى لمستوى الكارثة، وبحسب بيان مشترك صادر عن كلا من المدير التّنفيذي لمنظّمة اليونيسف، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، والمدير العام لمنظّمة الصّحّة العالميّة، فأن تفشي الكوليرا وهو الأسوأ على الإطلاق في خضم أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم. خلال الثلاثة أشهر الأخيرة سجلت 400,000 حالة يشتبه بانها كوليرا وما يقرب من 1,900 حالة وفاة مرتبطة بتفشي هذا الوباء. أصيبت مرافق الصحة والمياه الحيوية بالشلل نتيجة الاقتتال، وهو ما خلق الظروف المثالية لانتشار الأمراض. كما اكد البيان ان البلاد على حافة الوقوع في مجاعة. حيث يعيش أكثر من 60 في المائة من السكان في عدم اليقين عن وجبتهم القادمة. كما يعاني حوالي 2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد . سوء التغذية يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا فيما تؤدي الأمراض لزيادة سوء التغذية.
من جانبه اعتبر فولفغانغ جامان رئيس منظمة "كير انترناشونال" غير الحكومية ان الازمة الانسانية في اليمن الذي يعاني الحرب ووباء الكوليرا، تشكل "عارا على الانسانية". وقال في مؤتمر صحافي في صنعاء عقب مهمة استمرت خمسة ايام "نحن في القرن الحادي والعشرين والوضع الحالي يمثل بلا شك عارا على الانسانية". واضاف المسؤول عن المنظمة "قتل آلاف المدنيين منذ بداية النزاع ونزح ملايين آخرون". وتابع ان "العديد من المناطق على حافة المجاعة (...) 60 بالمئة من البلاد في وضع انعدام امن غذائي واكثر من نصف السكان لا تصل اليهم مياه الشرب". وحض المجتمع الدولي "على التضامن مع اليمن" من اجل "انهاء آلام" نحو 27 مليون يمني. ومنذ تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في آذار/مارس 2015 اوقعت المعارك ثمانية آلاف قتيل اغلبهم من المدنيين واكثر من 44 الف جريح.
الكوليرا في اليمن
وفي هذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن تفشي الكوليرا الراهن في اليمن ما زال بعيدا عن السيطرة عليه ويمكن أن يتفاقم في موسم المطر حتى إن شهد معدل زيادة الإصابات تباطؤا في بعض مناطق انتشاره. وقالت مؤسسة الإغاثة العالمية (أوكسفام) إن عدد الحالات يمكن أن يزيد إلى أكثر من 600 ألف ليصبح "أكبر عدد مسجل إلى الآن في أي دولة في عام واحد منذ بدء التسجيل" أكثر من هايتي في 2011.
وقال مدير الإغاثة الإنسانية في المؤسسة نايجل تيمينز الذي عاد لتوه من اليمن "الكوليرا انتشرت بلا رادع في دولة في حالة سيئة للغاية بعد عامين من الحرب وتقف على شفا المجاعة. بالنسبة لكثير من الناس الذين أضنتهم الحرب والجوع الكوليرا هي الضربة القاضية". وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن 368207 حالات و1828 وفاة في اليمن منذ أواخر أبريل نيسان.
وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية فضيلة الشايب في إفادة صحفية في جنيف "كل يوم لدينا 5000 يمني جدد تظهر عليهم أعراض الإسهال المائي الحاد أو الكوليرا". وأضافت "تفشي الكوليرا في اليمن ما زال بعيدا عن السيطرة وبدأ موسم المطر للتو ويمكن أن يتسبب في زيادة طرق انتقال المرض. مطلوب جهود حثيثة لوقف انتشار هذا المرض".
من جانب اخر انتقد مسؤولون كبار بالأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في اليمن وحلفاءهم الدوليين واتهموهم بتأجيج تفش غير مسبوق ومميت لمرض الكوليرا ودفع الملايين صوب المجاعة وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية. وقال مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين لمجلس الأمن الدولي إن من المرجع أن تكون الأعداد أكبر بكثير لأن عمال الإنقاذ لا يستطيعون الوصول لمناطق نائية في البلد الفقير الذي مزقته الحرب.
وقال "فضيحة الكوليرا هذه هي بالكامل من صنع الأطراف المتحاربة وهؤلاء الذين يقودون ويقدمون الإمدادات ويقاتلون ويطيلون أمد الخوف والمعارك من خارج حدود اليمن". ودعا أوبراين المجلس المؤلف من 15 عضوا "للضغط بقوة وفعالية أكبر على الأطراف (المتحاربة) ومن هم خارج اليمن" لإنهاء الصراع والأزمة الإنسانية. بحسب رويترز.
وقال مدير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة جرازيانو دا سيلفا إن هناك تقارير بالفعل عن أشخاص يموتون جوعا في بعض مناطق اليمن وشكا من نقص التمويل وضعف إمكانية الوصول إلى المحتاجين. وقال لمجلس الأمن "نحن ببساطة عاجزون عن التحرك حيث تشتد الحاجة إلينا". وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس للمجلس إن التفشي "يحركه الصراع وانهيار الخدمات العامة الأساسية وسوء التغذية".
سجون سرية
الى جانب ذلك قالت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إنها تحقق في تقارير تفيد بأن قوات تدعمها دولة الإمارات تدير سجونا سرية في جنوب اليمن حيث يخضع المعتقلون للتعذيب والانتهاكات. والإمارات عضو في التحالف العربي بقيادة السعودية الذي تدخل في الحرب الأهلية اليمنية عام 2015 لصد قوات جماعة الحوثي بعد أن دفعت هادي للخروج من البلاد. واستعادت حكومة هادي بعض المناطق في الجنوب وتتخذ من عدن مقرا لها لكن الحوثيين ما زالوا يسيطرون على معظم الشمال بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وتتعلق تقارير السجون السرية التي يخضع المعتقلون فيها لانتهاكات بمناطق في الجنوب تغلبت فيها القوات الإماراتية وحلفاؤها على متشددي تنظيم القاعدة الذين استغلوا الحرب لاكتساب مناطق نفوذ وسيطرة لهم. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قالت إنها وثقت حالات 49 شخصا بينهم أربعة أطفال وقالت إنهم تعرضوا للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في عدن وحضرموت العام الماضي. بحسب رويترز.
وقال رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر إنه شكل لجنة من ستة أشخاص برئاسة وزير العدل للتحقيق في "ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحررة". وجاء في الأمر الذي حمل تاريخ 22 يونيو حزيران "تباشر اللجنة عملها من تاريخ اليوم وترفع تقريرها إلى دولة رئيس الوزراء خلال مدة 15 يوم من تاريخه". ومهام اللجنة هي "النظر في الادعاءات المتداولة حول الانتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق المحررة وتقترح الردود الممكنة على تلك الادعاءات ووضع آلية لمعالجة وحل أي إشكاليات مستقبلية بهذا الخصوص".
صفقات ألاسلحة
على صعيد متصل وتحت عنوان بريطانيا باعت أسلحة إلى السعودية عقب غارة مميتة على اليمن، كتبت اليس روس في صحيفة الغارديان أن الحكومة البريطانية وافقت على صفقة بقيمة 283 مليون جنيه استرليني خلال 6 أشهر التي أعقبت غارة جوية نفذتها قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن. وقالت روس إن الغارة، التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول 2016، أصابت دار عزاء وأسفرت عن مقتل 140 شخصا إضافة إلى إصابة المئات في صنعاء في هجوم هو الأكثر دموية خلال الحملة العسكرية التي تقودها السعودية منذ نحو عامين.
وأضافت الكاتبة أنه بالرغم من أن صفقات الأسلحة البريطانية إلى السعودية تخضع لمراقبة مشددة من قبل البرلمان، إلا أن الرياض تبقى أكبر مستورد للأسلحة من بريطانيا. وقالت إنه عقب الغارة، التي أدانتها الأمم المتحدة، أجّل وزير التجارة ليام فوكس توقيع مجموعة من تراخيص التصدير واستعد مساعدوه لاجراءات تعليق التصدير إلى السعودية.
لكن وثائق، حصلت عليها الغارديان، كشفت أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أوصى باكمال الصفقة نظرا لإنه رأى أنه لا يوجد "خطر واضح" بشأن استخدام الأسلحة البريطانية في انتهاك القانون الإنساني. ووفقا لحملة "مناهضة تجارة الأسلحة" المعروفة اختصارا بـ (CAAT)، فقد باعت بريطانيا طائرات مقاتلة للسعودية بقيمة 263 مليون جنيه استرليني وقنابل وصواريخ بنحو 4 ملايين جنيه استرليني. بحسب بي بي سي.
لكن المحكمة العليا قضت بأن الحكومة البريطانية لم تخرق قانون تصدير الأسلحة بمواصلتها تنفيذ الصفقات التي ابرمتها مع المملكة العربية السعودية رغم تزايد الاتهامات الموجهة للأخيرة بالقتل العشوائي باليمن، بحسب الصحيفة. وتنص قواعد بيع الأسلحة في بريطانيا والاتحاد الأوروبي على أن تراخيص البيع لا يمكن أن تمنح إذا كان هناك "خطر واضح" يشير إلى احتمال استخدام تلك المعدات في انتهاك القانون الدولي.
اضف تعليق