بين الحين والآخر، تطالعنا وكالات الأنباء العالمية بأخبار وقوع بعض الاضطرابات والقلاقل بين أقلية الأويغور المسلمة والسلطة في الصين، فما يحدث حاليا من أعمال عنف في إقليم شينجيانغ أشبه بحملة تطهير عرقي جديدة ضد المسلمين، حيث يتعرض سكان الإيجور المسلمين في منطقة شينجيانج (جمهورية تركستان الشرقية) غرب الصين للقمع والتعذيب ومحاولة لطمس الهوية تحت غطاء ما يعرف بـ"الحرب على الإرهاب".
إذ ان الصين تشن حملة أمنية لا هوادة فيها لضمان بسط نفوذها الكامل وتأمين استغلال الغاز والنفط في تلك المنطقة الغنية بالموارد الطبيعي، وشينجيانغ منطقة تقطنها اكثرية اويغورية مسلمة وتشهد اعمال عنف متقطعة بين هذه الاقلية وبين اتنية هان الصينية التي تشكل اكثرية في البلا، ويشكو الايغور من انتهاك حقوقهم اللغوية والثقافية واستغلال الهان التطور الاقتصادي لمنطقتهم.
ويشكل اليوغور ما يزيد قليلا عن 40 بالمئة من سكان المنطقة وعددهم 21 مليون نسمة. لكنهم غالبية في كاشغار ومناطق اخرى في جنوب شينجيانغ وكثيرون منهم غاضبون من القيود الحكومية على ثقافتهم وديانتهم، ويناهض عدد كبير من اليوغور وهم مسلمون يتحدثون التركية الحكم الصيني والهيمنة على شؤون دينهم وثقافتهم ولغتهم وتشهد منطقتهم اضطرابات متفرقة تتسم بالقمع المتواصل والعنف الشديد.
ومنذ اندلاع أعمال شغب عرقية في أورومتشي عاصمة الإقليم عام 2009 تشهد منطقة شينجيانغ موجات عنف دموية، وتراجعت نسبة الهجمات التي ترد في وسائل الإعلام بشكل ملحوظ سواء من حيث العدد أو الحجم منذ موجة تفجيرات وعمليات طعن جماعية في شينجيانغ وإقليم يوننان الجنوبي الغربي في 2014، لكن وسائل الإعلام الرسمية الصينية تقول إن الخطر لا يزال كبيرا وتعهد الحزب الشيوعي بمواصلة ما وصفه بأنه حربه الخاصة "على الإرهاب" ضد انتشار التطرف الإسلامي.
وفي شينجيانغ يمكن رؤية ذلك أيضا خلال مراسم رفع العلم الأسبوعية التي يُجبر الويغور، وهم أقلية تتحدث التركية وكانت تشكل غالبية سكان شينجيانغ قبل تدفق الهان الصينيين، على حضورها لنبذ التطرف الديني والتعهد بالولاء تحت العلم الصين، ويعيش في الصين نحو 21 مليون مسلم ويمثل الويغور جزءا منهم. وهناك مجموعات مسلمة أخرى مثل الهوي ينتشر أبناؤها في أرجاء الصين بما في ذلك منطقة نينغشيا في غرب البلاد وإقليم يونان في جنوب غرب البلاد.
وقال جيمس ليبولد الخبير في السياسة العرقية في الصين بجامعة لا تروب في ملبورن إن التركيز على الأمن يتعارض مع هدف بكين استخدام مبادرة "حزام واحد طريق واحد" لتعزيز اقتصاد شينجيانغ ودعم اندماجها مع باقي أنحاء الصين حيث إن ذلك التركيز ربما يعوق تدفق الأشخاص والأفكار، وقال "هذان الأمران في الأساس متناقضان".
وعليه، طالما نتساءل، وهو نحن نتابع الأخبار المفجعة لإخواننا المسلمين في بقاع العالم، وهم يتعرضون لحرب الإبادة والتعذيب والتشريد على يد الأكثرية.. أي شعب، وأية حكومة في العالم الاسلامي تقف بحزم الى جانب هؤلاء، او تتضامن معهم – على الاقل- ؟ ولماذا لا تعقد المؤتمرات والندوات، وتصرخ وسائل الإعلام بعديد انواعها، لنقل آهات ومعاناة المسلمين للضغط على الجناة والكفّ عن جرائمهم؟
المسلمون الايغور في الصين يعانون في ظل "دولة بوليسية"
يمر المصلون بهدوء عبر أجهزة كشف المعادن اثناء دخولهم الى المسجد الرئيسي في مدينة كاشقار تحت أعين رجال شرطة قسماتهم صارمة.
خنقت القيود المشددة المتزايدة حياة الايغور الذين يدين معظمهم بالإسلام في مقاطعة شينجيانغ المتوترة التي يحظر فيها اطلاق اللحى على من هم دون الخمسين عاما، والصلاة في الأماكن العامة، على مدى سنوات كانت الساحة أمام مسجد كشقار تعج بجموع المصلين الذين يحاولون بصعوبة العثور على فسحة يقفون فيها لفرد سجادات الصلاة والاحتفال بشهر رمضان. إلا أن ذلك لم يعد مسموحاً، هذا العام خيم صمت مريب على الساحة امام المسجد الفخم فيما تجمع المصلون للاحتفال بنهاية شهر الصوم، وكان عددهم هو الأقل منذ جيل، بحسب السكان، ورفضت السلطات التعليق على أعداد المصلين، الا ان رجل اعمال محلي صرح لوكالة فرانس برس ان الحكومة احاطت المدينة بالعديد من حواجز الطرق لمنع المسافرين من الوصول الى كشقار للمشاركة في صلاة العيد.
وصرح أحد التجار "هذا المكان ليس جيدا لممارسة الديانة"، وتقول بكين ان القيود وانتشار رجال الشرطة الكثيف هدفه ضبط انتشار التطرف الاسلامي والحركات الانفصالية، إلا ان محللين يحذرون من ان شينجيانغ تتحول إلى سجن مفتوح.
وقال جيمس ليبولد الخبير في الأمن الصيني في جامعة "لا تروب" الاسترالية ان الصين "تخلق دولة بوليسية بمستوى غير مسبوق"، بدأت السلطات في تعزيز الاجراءات الامنية وزيادة القيود على ممارسة الديانة في شينجيانغ في عام 2009 بعد سلسلة من أعمال الشغب في عاصمة المقاطعة اورومتشي أسفرت عن مقتل نحو 200 شخص.
وفي آذار/مارس أمر الرئيس شي جينبنغ قوات الامن ببناء "سور عظيم من الفولاذ" حول المقاطعة بعد أن هدد عدد من الايغور يزعمون انهم ينتمون الى فرع لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق بالعودة الى البلاد "وسفك الدماء كالانهار".
وخلال العام الماضي أغرقت بكين شينجيانغ بعشرات آلاف عناصر الامن، وأقامت مركزاً للشرطة في كل منطقة من مناطق المقاطعة، وفرضت قوانين مشددة تهدف الى "القضاء على التطرف"، وتنتشر في الطرق لافتات تقول إنه يحظر الصلاة في الأماكن العامة أو في العلن وإطلاق اللحى لمن تقل أعمارهم عن 50 عاما، كما يحظر على موظفي الحكومة الصيام خلال شهر رمضان.
وفي تاشكورغان قرب الحدود مع باكستان، أغلقت السلطات مطعما يقدم المأكولات الحلال "عقابا له" لرفضه تقديم الطعام خلال شهر رمضان، بحسب صاحب متجر مجاور. وصرح معلم وموظف حكومي لوكالة فرانس برس ان المدارس تحاول ثني الطلاب عن استخدام تحية "السلام عليكم"، وقال المسؤول ان "الحكومة تعتقد ان هذه التحية الاسلامية تعادل الدعوة الى الانفصال"، وتنتشر كاميرات المراقبة بشكل خاص في أماكن العبادة، ففي مسجد خال في مدينة ياركاند الجنوبية توجد ثلاث كاميرات موجهة مباشرة إلى منبر الإمام. كما تُشاهد كاميرات أخرى معقلة على عوارض خشبية كالوطاويط.
وفي مراكز الشرطة يراقب رجال الشرطة الشاشات التي تنقل صورا مباشرة من المساجد وغيره من المباني والشوارع المجاورة لها، وقبل العيد شوهدت حواجز الشرطة في بلدة هوتان الصحراوية جنوب غرب البلاد، يحرسها جنود يحملون بنادق ورماح بدائية مصنوعة من الأنابيب المعدنية.
وعند أحد التقاطعات أوقف رجال يرتدون السترات الواقية من الرصاص السيارات لتسهيل مرور عشرات الشاحنات المصفحة، وحاملات الجنود تعلوها البنادق، وشاحنات سوداء، جابت هذه القوافل المدينة كل يوم خلال شهر رمضان، بحسب رجل شرطة، في مسجد في قلب هوتان مر مسلمون جاءوا لاداء صلاة الجمعة عبر حاجز للشرطة وطلب منهم إبراز هوياتهم عند حاجزين قبل دخولهم المسجد.
وفي الداخل وقف رجال بالزي المدني يرتدون شعار الحزب الشيوعي ونظارات شمسية، يراقبون مئات المصلين، وأمام المسجد كانت لافتة مضيئة تذكر الناس بأن "أعظم مهمة يقوم بها السكان في شينجيانغ هي التوفيق بين الوحدة الاتنية والدين"، وتنتشر مثل هذه اللافتات في المقاطعة التي تشتعل فيها التوترات بين الايغور وأغلبية الهان الاتنية وأدت الى اشتباكات عنيفة.
يجبرونهم على إثبات الولاء لحزب ملحد ويحظرون على أبنائهم الأسماء الدينية.. ماذا تعرف عن اضطهاد المسلمين في الصين؟
يُجبر الأطفال المسلمون في إقليم "شينجيانغ" الواقع في أقصى غرب الصين على تغيير أسمائهم "الدينية"، كما يُكرَه الكبار على حضور التجمُّعات التي تُظهر الإخلاص للحزب الشيوعي الملحد، وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها، السبت 3 يونيو/حزيران 2017، أنه في شهر رمضان، أجبرت السلطات في شينجيانغ جميع الأطفال ممن هم دون الـ16 من العمر على تغيير أسمائهم التي صنَّفتها الشرطة على أنَّها "شديدة التدين".
وحسبما أفاد راديو آسيا الحرة، فقد جرى حظر 15 اسماً، بما فيها: إسلام، قرآن، مكة، جهاد، إمام، صدام، حاج، مدينة، وعرفات، وتأتي هذه الإجراءات وسط حملة من القمع الديني تقوم بها الصين ضد الإقليم المسلم والذي يضم أكثر من 10 ملايين مسلم، وفق ما ذكر موقع شبكة سي إن إن، وفي أبريل/نيسان الماضي حظرت السلطات الصينية بعض الأسماء التي تحمل دلالاتٍ دينية على الأطفال حديثي الولادة، بيد أنَّ القرار الجديد الخاص بإجبار الأطفال على تغيير أسمائهم اتَّسع ليشمل من هم دون الـ16، وهو العمر الذي يُصدِر فيه المواطنون الصينيون بطاقة هُوية وطنية.
وكان تشريع جديد شامل لمكافحة التطرف يشمل منع اللحى طويلة، وحظر الحجاب في الأماكن العامة، قد فرضته الحكومة الشهر الماضي، ودخل حيز التنفيذ، في الأول من أبريل/نيسان 2017، بحسب وكالة الأناضول.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الرسمية، فقد تزامن هذا القرار مع تجمّع الملايين في 50 ألف تجمُّع منفرد في مختلف أنحاء شينجيانغ هذا الأسبوع للتعهُّد بالولاء للحزب الشيوعي، وينتمي غالبية مسلمي شينجيانغ إلى مجموعة "الإيغور" العرقية، وهي مجموعة عِرقية تركية. وتشهد المنطقة أعمال عنف متفرقة من حينٍ لآخر، وتلقي فيها الصين باللوم على "الجماعات الإرهابية الدولية"، غير أنَّ المراقبين الأجانب يقولون إنَّ الغالبية العظمى من هذه الحوادث هي نتيجة للمظالم المحلية، وقال كادر بالحزب الشيوعي يقود أحد التجمُّعات في مدينة أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانغ، إنَّ "الإرهابيين هم حثالة شعب الإيغور، وهم الأعداء المشتركون للشعب بأسره من كافة المجموعات العِرقية". وأضاف قائلاً: "يجب أن نتعامل مع العدو بصرامة ونقتلع ما هو قديم من جذوره حتى نُجري عملية تنظيفٍ نقية، وعلينا أن نرفع سيوفنا عالية بلا تراخ"، بحسب ما ذكرته "الغارديان".
وتتهم جماعات حقوق الإنسان الصين بتقييد الحريات الدينية وحرية التعبير على الإيغور؛ إذ ترفض السلطات بشكلٍ روتيني إصدار جوازات السفر لأفراد تلك المجموعة العِرقية. كما تشجِّع الحكومة على الهجرة الجماعية من قِبل جماعات الـ"هان" الصينية إلى المنطقة، وأصبح الهان يُشكِّلون حالياً ما يقرب من 45% من السكان في الإقليم.
وقال مايكل كلارك، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الأسترالية والخبير في شؤون إقليم شينجيانغ إنَّ الإقليم قد شهِد وضعية أمنية متصاعِدة بشكلٍ متزايد منذ تولي الرئيس شي جين بينغ مقاليد الحكم في عام 2012، بما في ذلك توظيف الآلاف من عناصر الشرطة، ويقع الإقليم في قلب مبادرة "الحزام والطريق"، التي دشَّنها الرئيس شي، وهي مبادرة تنموية تبلغ قيمتها 900 مليار دولار تهدف إلى بناء روابط أوثق داخل آسيا وخارجها من خلال بناء بنيةٍ تحتية واسعة النطاق، ووبحسب تقريرٍ صادر عن إذاعة آسيا الحرة التي تُموِّلها الولايات المتحدة، فقد بدأت السلطات في الأشهر الأخيرة مصادرة نسخ القرآن المطبوعة قبل أغسطس/آب 2012، معلنةً أنَّها غير قانونية لاحتوائها على "محتوى متطرف".
الحزب الشيوعي الصيني يحث شباب الويغور على "حب الوطن"
نقلت وسائل إعلام رسمية عن أعضاء من الويغور في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين قولهم إنه يجب على أبناء هذه الأقلية المسلمة "حب الوطن" وتعلم لغة الماندرين حتى لا يوصمون بالإرهاب.
وشهد إقليم شينجيانغ بغرب البلاد أعمال عنف متفرقة في السنوات القليلة الماضية من هجمات بالسكاكين إلى تفجير سيارات ملغومة نفذ أفراد من الويغور معظمها.
وردت الحكومة باستعراض قوتها العسكرية بما في ذلك تنظيم تجمعات دورية لشرطة "مكافحة الإرهاب" في عدد من المدن وكان آخرها في أورومتشي عاصمة الإقليم، وحث أربعة مسؤولين كبار من الويغور في مقالة بصحيفة (شينجيانغ ديلي) الرسمية الشبان على التفكير في سبب وصف الويغور "بالإرهابيين".
وأضافوا "تثير مجموعة صغيرة من الشياطين العنف والذعر لتقسيم الوطن وتدمير الوحدة العرقية... ولهذا نواجه بانتظام جولة إجراءات أمنية تلو الأخرى وأحيانا نجد صعوبة في الإقامة بفنادق أو استئجار سكن"، وأشاروا إلى أنه يجب على أبناء الويغور أن يفكروا كيف وفر الحزب حياة "متناغمة ومزدهرة وسعيدة وآمنة" للأقليات في شينجيانغ مضيفين أن من "العار" عدم تعلم لغة الماندرين وهي لغة الصين الرسمية. بحسب فرانس برس.
يتحدث أبناء الويغور لغة تنتمي لعائلة اللغات التركية، وقال المسؤولون في المقال "لقد منحنا الوطن حياة مباركة ومنعمة فكيف نتبع هؤلاء الشياطين ونتخلى عن وطننا الأم؟"، وقد أطلق المسؤولون الصينيون حملة دعاية تحض الناس على "حب الحزب والوطن وعائلة الشعب الصيني الكبيرة" ومعارضة "الفرقة والتشدد والعنف".
الصين تسن قوانين بشأن اللحى والنقاب لمكافحة التطرف في شينجيانغ
تبدأ الصين حملة ضد التطرف الديني في منطقة شينجيانغ الواقعة في أقصى غرب البلاد يوم السبت بتطبيق سلسلة من الإجراءات من بينها حظر اللحى "غير العادية" وارتداء النقاب في الأماكن العامة وحظر رفض مشاهدة التلفزيون الحكومي.
وأقر القانون الجديد نواب شينجيانغ يوم الأربعاء ونُشر على الموقع الإخباري الرسمي للمنطقة وهو يوسع القوانين الحالية وسيبدأ سريانه في أول أبريل نيسان، وسيكون لزاما على العاملين في الأماكن العامة مثل المحطات والمطارات "إثناء" اللائي تغطين أجسادهن بالكامل بما في ذلك وجوههن من الدخول وإبلاغ الشرطة عنهن.
وسيحظر القانون "رفض الإذاعة والتلفزيون والمنشآت والخدمات العامة الأخرى" والزواج بإجراءات دينية وليست قانونية.وتقول القوانين "يجب على الآباء استخدام السلوك الأخلاقي الطيب للتأثير على أولادهم وتعليمهم توقير العلم والالتزام بالثقافة وتعزيز الوحدة العرقية ورفض ومعارضة التطرف."وسيحظر القانون أيضا عدم السماح للأولاد بالذهاب إلى مدارس عامة وعدم الالتزام بسياسات تنظيم الأسرة وتعمد إتلاف الوثائق القانونية "وإطلاق اللحى بشكل غير عادي وإطلاق أسماء على الأولاد لإذكاء الحماس الديني."وطُبق من قبل حظر على "سلوكيات متطرفة" معينة في بعض مناطق شينجيانغ من بينها منع المحجبات والمنقبات وأصحاب اللحى الطويلة من ركوب الحافلات في مدينة واحدة على الأقل.
وتوسع القوانين الجديدة القائمة وتطبقها على المنطقة بأسرها.وقُتل المئات في السنوات الأخيرة في شينجيانغ معقل الويغور المسلمين في اضطرابات أنحت بكين باللوم فيها على متشددين وانفصاليين مسلمين على الرغم من أن جماعات حقوقية تقول إن أعمال العنف تعد بشكل أكبر رد فعل على السياسات الصينية القمعية.
وتنفي الحكومة بقوة ارتكاب أي انتهاكات في شينجيانغ وتصر على أن هناك حماية كاملة للحقوق القانونية والثقافية والدينية للويغور وهم جماعة عرقية من أصل تركي، وعلى الرغم من ضمان الصين رسميا حرية الدين فقد أصدرت السلطات سلسلة من الإجراءات في السنوات القليلة الماضية لمعالجة ما تصفه بصعود في التطرف الديني.
وعلى الرغم من أن الويغور لا يتميزون بالتشدد بشكل تقليدي فقد زاد ارتداء النقاب بين النساء في السنوات الأخيرة بشكل خاص فيما يصفه خبراء بأنه تعبير عن الاعتراض على القيود الصينية.
الصين تحظر اللحى الطويلة وارتداء النقاب في اقليم شينجيانغ
فرضت الصين قيودا جديدة في إقليم شينجيانغ الواقع أقصى غربي البلاد في إطار ما وصفته بكين بحملة ضد التطرف، وشملت الإجراءات منع إطلاق اللحى "غير الطبيعية" وارتداء النقاب في الأماكن العامة ومعاقبة من يرفض مشاهدة التلفزيون الرسمي.
ويعد إقليم شينجيانغ موطن أقلية الإيغور، وأغلبها من المسلمين، الذين يقولون إنهم يواجهون تمييزا عنصريا، وقد وقع عدد من حوادث الاشتباكات الدامية في الأقليم في السنوات الأخيرة، وأنحت الحكومة الصينية باللائمة في أعمال العنف تلك على المتشددين الإسلاميين والانفصاليين، لكن منظمات حقوق الإنسان تقول إن الاضطراب كثيرا ما يكون ردّ فعل على السياسات القمعية، وإن الإجراءات الجديدة قد تدفع في النهاية بعض الإيغور إلى التطرف.
وفرضت السلطات في وقت سابق قيودا مشابهة في الإقليم، لكن الإجراءات الجديدة أصبحت سارية المفعول قانونيا اعتبارا من هذا الأسبوع، وأفادت وكالة رويترز للأنباء بأن القوانين الجديدة تحظر أيضا:
رفض إرسال الأطفال إلى المدارس الحكومية
عدم الامتثال إلى سياسات تنظيم الأسرة
الإتلاف المتعمد للوثائق الحكومية
الزواج من خلال الإجراءات الدينية فقط
كما تنص القوانين على أن الموظفين في الأماكن العامة، من بينها المحطات والمطارات، سيكون لزاما عليهم منع النساء اللائي يغطين أجسامهن كاملة، بما في ذلك وجوههن، من الدخول وإبلاغ الشرطة عنهن.
ومرر النواب إقليم شينجيانغ القيود الجديدة، التي نُشرت على الموقع الإخباري الرسمي للمنطقة.
وفي وقت سابق، فرضت السلطات الصينية قيودا أخرى، من بينها قيود على إصدار جوازات سفر لسكان الإيغور.
الإيغور وشينجيانغ
- تعود أصول الإيغور إلى المسلمين الأتراك
- يشكل سكان الإيغور نحو 45 في المئة من سكان شينجيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة
- استعادت الصين سيطرتها على الإقليم عام 1949 بعدما سحقت دولة تركمستان الشرقية التي لم تدم طويلا
- منذ ذلك الحين، تجري هجرة وافدة على نطاق واسع من عرقية الهان الصينية إلى الإقليم
- تخشى عرقية الإيغور من اندثار ثقافتهم.
الصين: ألفا يوان لمن يبلغ عن الملتحين والمنقبات فيشينجيانغ
ذكرت وسائل إعلام صينية أن السلطات في بلدة هوتان في إقليم شينجيانغ الصيني قد خصصت صندوقا بقيمة 13,7 مليون يوان لتمويل مكافآت لما وصفته بـ"مكافحة الإرهاب"، إذ خصصت مكافأة تبلغ 2000 يوان لكل من يبلغ عن وجود شاب ملتح أو امرأة منقبة في الإقليم الذي يشهد صراعا بين قوميتي الهانس الصينية والأويغور المسلمة.
حددت الصين مكافأة قدرها ألفا يوان (275 يورو) لمن يبلغ عن أي شاب ملتح أو امرأة منقبة في إقليم شينجيانغ الواقع بشمال غرب البلاد ويشهد توترا بين إثنيتي الهانس الصينيين والأويغور المسلمين، وذكرت صحيفة "هوتان" المحلية اليومية أن سلطات بلدة هوتان التي شهدت مؤخرا اضطرابات سياسية، خصصت صندوقا بقيمة مئة مليون يوان (13,7 مليون يورو) لتمويل مكافآت "مكافحة الإرهاب". بحسب رويترز.
وأضافت أن المكافآت يمكن أن تصل إلى خمسة ملايين يوان في حال الكشف عن خطة هجوم أو لمن "يضرب أو يقتل أو يجرح أو يسيطر على مثيري شغب"، وتابعت أن "كشف متطرفين يستخدمون الدين للإخلال بعمل الآليات القضائية والإدارية والتعليمية وغيرها أو للإضرار بقوانين البلاد" يمكن أن يجلب مبلغا قد يصل إلى مليون يوان، وأضافت أن من يقوم بالإبلاغ عن وجود أي شاب ملتح أو امرأة منقبة يمكن أن يحصل على مكافأة قدرها ألفا يوان.
وكانت سلطات بيشان وهي بلدة تابعة لهوتان دفعت الثلاثاء 1,76 مليون يوان لرجال شرطة وإنقاذ تدخلوا الأسبوع الماضي عندما طعن مهاجمون حتى الموت خمسة أشخاص في حشد. وقد قتلت قوات الأمن ثلاثة من المهاجمين، حسب رواية وسائل الإعلام الرسمية للحادث.
تهديدات إرهابية تحول قلب منطقة الويغور في الصين إلى ثكنة أمنية
تدوي صفارات الإنذار ثلاث مرات يوميا في شوارع مدينة كاشغر التي تقع على طريق الحرير القديم فيهرع أصحاب المحال من متاجرهم ملوحين بهراوات خشبية منحتها لهم الحكومة، ففي تدريبات إجبارية لمكافحة الإرهاب تجرى تحت إشراف الشرطة وشاهدتها رويترز في زيارة في الآونة الأخيرة يقاومون مهاجمين يفترض أنهم يحملون أسلحة بيضاء. وتطوق عربات تابعة للشرطة وقوات الأمن المنطقة فيما يدوي صوت الإنذار.
وتقول الصين إنها تواجه تهديدا خطيرا من إسلاميين متطرفين في تلك المنطقة النائية من شينجيانغ غرب البلاد. وتتهم بكين انفصاليين من أقلية الويغور المسلمين بتأجيج التوترات مع الأغلبية من عرقية هان الصينية والتآمر لشن هجمات في مناطق أخرى من البلاد.
ومدينة كاشغر، وهي موقع تجاري تاريخي، محورية لمبادرة (حزام واحد طريق واحد) الصينية وهي سياسة خارجية واقتصادية يعتبرها الرئيس شي جين بينغ سياسته الخاصة التي تشمل إنفاقا ضخما على البنية التحتية لربط الصين بآسيا والشرق الأوسط وما بعده، وأسوأ ما تخشاه الصين هو وقوع هجوم واسع النطاق يعكر أهم حدث دبلوماسي تستضيفه هذا العام وهو قمة لتلك المبادرة يحضرها زعماء من العالم وتعقد في بكين في مايو أيار.
وتقول وسائل إعلام حكومية إن التدريبات وإجراءات أخرى مثل إنشاء شبكة من آلاف مواقع الشرطة الجديدة في زوايا الشوارع تهدف إلى إشاعة الشعور بالمزيد من الأمن لدى الجميع، لكن الكثير من السكان يقولون إن تلك التدريبات ما هي إلا جزء من عملية أمنية قمعية تصاعدت وتيرتها في كاشغر ومدن أخرى في قلب منطقة الويغور في شينجيانغ في الأشهر الماضية، وبالإضافة إلى المشاركة في التدريبات فإنه يتعين على أصحاب المتاجر تركيب أبواب أمنية لا تفتح إلا بكلمة سر وأزرار لاستدعاء قوات الأمن بسرعة وقت الطوارئ وكاميرات مراقبة ليس لتصوير ما يجري في الشارع فحسب لكن أيضا ما يجري داخل متاجرهم وترسل بثا مباشرا للشرطة وكل ذلك على نفقتهم الخاصة.
وبالنسبة للويغور فالأمر لا يتعلق بالأمن بل بالمراقبة الجماعية حسبما يقول مالك شركة للوسائط المتعددة عبر الإنترنت والمواجهة لأحد الشوارع الرئيسية في كاشغر، وقال صاحب الشركة الذي طلب مثل كل من تحدثت معهم رويترز في المدينة عدم ذكر اسمه "ليس لدينا خصوصية... يريدون أن يروا كل ما تفعل".
وقال مصدر أمني صيني لرويترز بعد أن طلب عدم ذكر اسمه إن الإجراءات الأمنية الجديدة في شينجيانغ ليس لها دوافع سياسية لكنها قائمة على تطورات ومعلومات مخابراتية جديدة. وأحجم عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
ولم تستجب حكومة شينجيانغ ومكتب معلومات مجلس الدولة الذي يقوم أيضا بدور مكتب المتحدث باسم الحزب الشيوعي على طلبات من رويترز للتعليق، وتنفي الصين بشكل روتيني انتهاج سياسات قمعية في شينجيانغ وتشير إلى المبالغ الضخمة التي تنفقها على التنمية الاقتصادية في المنطقة الغنية بالموارد. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لشينجيانغ العام الماضي بنسبة 7.6 بالمئة وهو ما يفوق المتوسط القومي للبلاد.
التطرف الديني بدأ يمتد من شينجيانغ إلى داخل الصين
قال أكبر مسؤول صيني عن الشؤون الدينية إن التطرف الديني بدأ يمتد من إقليم شينجيانغ إلى داخل الصين فيما تضع الحكومة الإقليم منذ فترة في صدارة جهودها لمحاربة إسلاميين انفصاليين.
وتقول الصين إنها تواجه تهديدا خطيرا من متشددين إسلاميين في إقليم شينجيانغ الذي يقع على الحدود مع وسط آسيا وأفغانستان وباكستان وهو موطن لأقلية الويغور المسلمة.
ولقي المئات حتفهم في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية في أعمال عنف تلقي بكين بالمسؤولية فيها على متطرفين دينيين. وتفرض الحكومة ضوابط صارمة على الدين بدعوى محاربة التشدد والحفاظ على الاستقرار.
وقال وانغ شوان رئيس إدارة الشؤون الدينية في الصين للمؤتمر الوطني للرابطة الإسلامية الصينية إن الفكر المتطرف يتسلل الآن إلى "المناطق الإقليمية الداخلية"، وجاءت هذه التصريحات في مقال نشرته صحيفة تشاينا ديلي الرسمية، ولم تقدم الصحيفة تفاصيل عن الانتشار ولم تذكر أي أقاليم محددة لكنها نقلت عن وانغ قوله إنه يتعين على الدعاة المسلمين في الصين أن يكونوا "خط الدفاع" في محاربة التطرف ويجب عليهم العمل "لهداية" أولئك الذين تأثروا بالتطرف. بحسب رويترز.
وقال وانغ للرابطة "يجب أن ندع المسلمين يعرفون الحدود بين الأنشطة الدينية المشروعة وغير المشروعة لتمكينهم من رفض الأنشطة غير المشروعة"، وأضاف وفقا لرسالة منشورة على الموقع الإلكتروني لإدارة الشؤون الدينية في الصين إنه يجب على البلاد "التعامل بشكل ملائم مع مسألة طائفة منهوان المسلمة" في إشارة إلى الصوفية الصينية.
اضف تعليق