يعيش المهاجرون الأفغان في صراع مستمر فبعد هروبهم من انعدام الأمن والفقر والبطالة المتفشي في بلادهم للجوء الى بلدان اكثر امان واستقرار حتى ينعموا بالراحة والاستقرار التي افتقروها في بلدهم تقوم تلك الدول بترحيلهم للرجوع الى الوضع المأساوي في بلدهم لكي تزيد على افغانستان مشكلة إضافية بجانب التدهور في الوضع الأمني وتردي الوضع السياسي والاقتصادي هي أزمة اعادة لاجئيها من باكستان وايران واوروبا، اضافة الى آلاف النازحين في الداخل بسبب الحرب.
فقد اتهمت منظمات مدافعة عن حقوق اللاجئين سياسة دول الاتحاد الأوربي بترحيل اللاجئين الأفغان بهذه الطرق مع عدم انكارهم بالمخاطر التي سوف تواجههم في بلادهم بسبب تردي وضع البلاد الاقتصادي والسياسي.
ففي المانيا الأفغان هم الفئة الثانية بعد السوريين ضمن طالبي اللجوء لذا قامت حكومة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بتنظيم رحلتي تشارتر الى كابول ضمتا ستين شخصا بموجب اتفاق وقع بين الاوروبيين والافغان في تشرين الاول/اكتوبر. وفي 2016 تم ترحيل 67 افغانيا وفق وزارة الداخلية.
على صعيد ذي صلة اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة في التواطئ مع باكستان لترحيل المهاجرين الأفغان. ووفق تقارير المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان إن باكستان قامت في النصف الثاني من عام 2016 "بطرد" نحو 365 ألفا من اللاجئين الأفغان المسجلين لديها البالغ عددهم 1.5 مليون لاجئ إضافة إلى ما يزيد قليلا عن مئتي ألف لاجئ أفغاني من بين مليون آخرين غير مسجلين. وباتت تتسارع وتيرة عودة اللاجئين الأفغان منذ بداية شهر نيسان ابريل من هذا العام في وضع غير قانوني من باكستان ليبلغ عددهم الالف يوميا دون اي دعم لاعادة استقرارهم.
من اجل ذلك يخشى عمال إغاثة ومسؤولون أفغان من أن العائدين يأتون لبلد يشهد صراعا وأزمة اقتصادية وتقوده حكومة ما زالت تواجه صعوبات للحفاظ على مستويات المعيشة الأساسية مايؤدي الى تفاقم الازمة في البلاد.
فعندما يصل بعض اللاجئين اللذين قد امضوا عقودا خارج افغانستان ولم يعد لديهم املاك او أقارب الى بلادهم التي قد نخرتها البطالة والفقر المتفشي بها هذا يعني وصول المزيد من اليد العاملة بغياب سوق العمل ممايزيد بطالة مرتفعة اصلا ويؤدي الى خفض الرواتب.
من اجل ذلك ابدى صندوق النقد الدولي قلقه حيال قدرات افغانستان على استيعاب العودة الكثيفة لمواطنيها اللاجئين في دول اخرى الى بلد يشهد نزاعا، داعيا المجتمع الدولي الى تقديم مساعدة مالية وانسانية الى كابول.
إضافة الى ذلك ان البلاد تعاني من انعدام الامن المنتشر بشكل واضح ويخرج ثلث اراضيها عن سيطرة الحكومة ما دفع العام الماضي اكثر من 600 الف مدني جديد الى مغادرة منازلهم هربا من المعارك. اذن هنالك مخاطر على حياة المهاجرين الذين يتم اعادتهم الى أفغانستان التي شهدت مؤخرا موجة من التفجيرات الدامية.
كابول ليست آمنة
في نفس الموضوع أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش ان مراهقا أفغانيا قتل في تفجير في كابول بعد أقل من اسبوع على ترحيله من السويد، ودعت المنظمة الدول الأوروبية الى وقف ترحيل الأفغان لأن "كابول ليست آمنة". وفق فرانس برس.
والفتى الأفغاني كان من بين 20 طالب لجوء سياسي اعادتهم السويد الى بلادهم في 30 ايار/مايو، وقد لقي مصرعه في 3 حزيران/يونيو في تفجير استهدف جنازة رجل قتل خلال تظاهرة ضد الحكومة احتجاجا على تردي الوضع الامني في العاصمة.
هجمات متكررة
ازداد الوضع الأمني في كابول ترديا بعد انفجار شاحنة ضخمة في 31 ايار/مايو في الحي الدبلوماسي المحصن أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصا وجرح المئات غيرهم، وهو الهجوم الاقوى في العاصمة الأفغانية منذ 2001. وفق فرانس برس.
بعد أيام من هذا التفجير اشتبك متظاهرون غاضبون من انهيار الوضع الأمني مع عناصر الشرطة التي اطلقت النار باتجاههم، ما ادى الى مقتل أربعة أشخاص على الاقل. وفجر انتحاري نفسه بين المعزين خلال جنازة أحد المتظاهرين، فقتل ما لا يقل عن سبعة منهم.
حالة توتر
تركت هذه المجازر العاصمة في حالة توتر، فأقام المحتجون مخيم اعتصام بالقرب من مكان التفجير مطالبين باستقالة حكومة الرئيس أشرف غني. ودفع العنف الحكومة الألمانية الى تعليق ترحيل الأفغان بشكل مؤقت. بحسب فرانس برس.
وقالت هيومان رايتس ووتش "يجب على دول اوروبية اخرى ان تفعل الشيء نفسه، لا يجب ان يسقط المزيد من الذين يتم ترحيلهم قتلى حتى تتبدد الفكرة الخاطئة بأن كابول مكان آمن".
لا مكان امن في افغانستان
في برلين، جمعت التظاهرة التي سارت من بوابة براندبورغ نحو الفي شخص بحسب المنظمين، فيما ذكرت صحيفة "راينيش بوست" الاقليمية ان عددهم ناهز الفا في دوسلدورف (غرب). وحمل بعض المتظاهرين الذين لبوا دعوة منظمات حقوقية واخرى تساعد المهاجرين، لافتات كتب عليها "لا مكان آمنا في افغانستان ولا حتى وزارة الدفاع والبرلمان في كابول" و"افغانستان ليست بلدا آمنا". وفق فرانس برس.
وقال كافا سبارتاك من جمعية تساعد اللاجئين الافغان لصحيفة تاز "ثمة خوف كبير (من الترحيل) لدى الافغان في برلين"، مضيفا انه "منذ البداية، يعتبر كثيرون انهم يمنعون من تعلم اللغة بسبب ندرة فرص بقائهم في المانيا".
تعليق رحلات الترحيل
من اجل ذلك علقت المانيا في الأيام القليلة القادمة رحلات الترحيل الجوي التي تعيد لأفغانستان الوافدين الساعين للحصول على حق اللجوء وقال مسؤول ألماني أن موظفي السفارة في كابول "لديهم أشياء أهم من الانخراط في الإجراءات التنظيمية اللازمة. ومن ثم لن تكون هناك ترحيلات جماعية إلى أفغانستان في الأيام القليلة القادمة".
وقال "لكننا لا نزال على موقفنا من ضرورة تنفيذ الترحيلات وفقا لقوانينا. وهذا المبدأ ينطبق على أفغانستان، وبخاصة بالنسبة للمجرمين، وسنواصل السير على هذا الدرب". وفق رويترز.
عودة ليست طوعية
ذكر صندوق النقد الدولي بان "اكثر من 700 الف لاجىء افغاني، هم المجموعة الثانية من حيث الاهمية بعد السوريين"، عادوا الى بلادهم في 2016 آتين من باكستان وايران واوروبا، لافتا الى ان "هذه العودة ليست دائما طوعية". وفق فرانس برس.
واضاف "بحسب المحللين، فان 2,5 مليون اخرين سيعودون في الاشهر ال18 المقبلة"، موضحا ان هذا الدفق "يؤثر في شكل جدي على قدرات الاستيعاب لدى الحكومة في اجواء صعبة على وقع بطالة مرتفعة وانتقال كثيف للسكان جراء عقود من النزاع".
نزاع وانعدام امن
تابع الصندوق ان هؤلاء يواجهون لدى وصولهم الى افغانستان "نزاعا وانعدام امن وفقرا شاملا"، مبدين تخوفهم من "تداعيات طويلة المدى على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والخدمات الاساسية مثل التعليم والصحة"، فضلا عن تاثير فوري على قيمة الايجارات واسعار السلع الرئيسية.
وهم يعودون الى بلادهم التي ينخرها انعدام الامن والبطالة ويخرج ثلث اراضيها عن سيطرة الحكومة ما دفع العام الماضي اكثر من 600 الف مدني جديد الى مغادرة منازلهم هربا من المعارك. حسب فرانس برس.
وعلاوة على ذلك امضى بعض اللاجئين عقودا خارج افغانستان ولم يعد لديهم املاك او اقارب في بلدهم. ولاحظوا ان وصول مزيد من اليد العاملة سيكون له تأثير على سوق العمل "الامر الذي يزيد بطالة مرتفعة اصلا ويؤدي الى خفض الرواتب".
دعم مالي
في الوقت الذي تعمل به الحكومة الافغانية على خطة استراتيجية لتعزيز التنسيق (بين اجهزتها)، على المجتمع الدولي ان يقدم اليها دعما ماليا وانسانيا لتجنب ازمة وتدهور جديد للظروف الاجتماعية والامنية ولافاق التنمية الصعبة اصلا". ونبه معدو التقرير الى ان التوقعات تفيد ان عدد السكان الافغان سيزيد بنسبة عشرة في المئة "ما يساوي تدفق خمسين مليون لاجئ على مدى عامين على الاتحاد الاوروبي". وفق فرانس برس.
الاجبار على المغادرة
بدأت باكستان العام الماضي في اجبار اللاجئين الافغان على العودة الى بلادهم في ظروف قاسية أحيانا وفي وقت تعجز أفغانستان تأمين المأوى والحماية لهم. وبحسب ا المجلس النروجي للاجئين وهي منظمة غير حكومية تعمل على دعم اللاجئين. فقد شهد عام 2016 عودة نحو 380 الف لاجىء مسجل لدى المفوضية العليا للاجئين و225 الف لاجىء غير قانوني، الى افغانستان معظمهم انطلاقا من تموز/يوليو. وفق فرانس برس
وقالت كاتي اوروكي مديرة المجلس النروجي للاجئين في كابول وفق البيان "ان اللاجئين غير القانونيين بصدد العودة الى افغانستان بوتيرة مقلقة ويقولون لنا انه بالنظر الى عدم امتلاكهم وثائق، فهم مجبرون على مغادرة باكستان".
تواطئ الأمم المتحدة
نددت منظمة هيومن رايتس ووتش ب "تواطؤ" الامم المتحدة مع عمليات الطرد المكثفة للاجئين الافغان من باكستان والتي تتم في اغلب الاحيان تحت ضغط الشرطة والسلطات. واعتبرت المنظمة ان المفوضية العليا للاجئين ومن خلال مضاعفة المنحة للاجئين الافغان العائدين من باكستان التي مرت منذ تموز/يوليو 2016 من 200 الى 400 دولار لكل شخص، "شجعت على اعادة الافغان" وباتت "عمليا متواطئة في انتهاكات" حقوقهم بنظر القانون الدولي.
وشددت هيومن رايتس ووتش على ان "المفوضية العليا للاجئين بقيت صامتة ازاء عمليات الطرد الواسعة النطاق هذه، دون ان تعترض ولو لمرة واحدة على واقع ان العديد من هؤلاء العائدين هم اساسا يفرون من تجاوزات الشرطة" الباكستانية. حسب وكالة فرانس برس الإخبارية.
بناء سياج
تضم باكستان ثاني أكبر تجمع للاجئين في العالم بإجمالي 2.5 مليون أفغاني كثيرون منهم يقيمون في باكستان منذ الغزو السوفيتي عام 1979. وتدهورت العلاقات بين البلدين بدرجة كبيرة في السنوات القليلة الماضية. وتتبادل كابول وإسلام أباد الاتهامات بشأن هجمات إرهابية على الجانب الآخر من الحدود.
وبعد سلسلة هجمات في باكستان خلفت 130 قتيلا في فبراير شباط أغلقت إسلام أباد معابرها الحدودية مع أفغانستان وبدأت تخطط لبناء سياج على امتداد الحدود البالغ طولها 2500 كيلومتر. وفق رويترز.
ردود أفعال متضاربة
يقول النشطاء المدافعون عن حقوق الإنسان إنهم لا يتوقعون تغييرا يذكر هذا العام سواء في السياسات الباكستانية أو عدم قدرة الحكومة الأفغانية وجماعات الإغاثة على دعم موجة العائدين.
وتنفي باكستان أي مضايقات ممنهجة للاجئين من جانب السلطات. وتقول إن الدولة أبدت كرما شديدا في استضافة الأفغان رغم مشكلاتها الاقتصادية. وتقول إن الأفغان الذين يعودون لديارهم الآن يعودون طوعا لكن الأفغان يشكون من مضايقات مستمرة وعدم الحصول على حقوق المواطنة للذين أمضوا عقودا يعيشون ويعملون في باكستان.
إعادة قسرية جماعية
في العام الماضي غادر مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان باكستان وهو ما يمثل أعلى عدد في 12 عاما فيما وصفته المنظمة بأنه "أضخم إعادة قسرية جماعية غير شرعية للاجئين في العصر الحديث". ووسط التوترات السياسية بين الجارتين دقت منظمات إغاثة ناقوس الخطر بشأن معاملة الأفغان في باكستان.
وقالت باتريشيا جوسمان وهي من كبار باحثي هيومن رايتس ووتش لرويترز "نريد أن نتأكد أن ما حدث الخريف الماضي لن يتكرر" في إشارة لما وصفته المنظمة بأنه "تركيبة سامة مؤلفة من تهديدات بالترحيل وإساءة المعاملة من الشرطة" للأفغان في باكستان وقعت العام الماضي.
اضف تعليق