يجمع الكثير من المراقبين الحقوقيين على ان إسرائيل أصبحت أكثر قوة وطغيان بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي تعهد بحماية إسرائيل والدفاع عنها، وهو ما دفع حكومة الاحتلال الى تكثيف نشاطاتها الاجرامية ضد ابناء الشعب الفلسطيني الاعزال، والعمل على توسيع المستوطنات التي تنتهجها إسرائيل بشكل متسارع، هذا بالإضافة الى مواصلة سياستها العنصرية وكثيف حملات الاعتقالات وممارسة التعذيب ضد السجناء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وهو ما دفع السجناء الى اتباع اساليب بهدف إيصال اصواتهم وجلب الانتباه إلى ظروف الإعتقال، ومنها بروز ظاهرة الإضراب عن الطعام الذي يستخدم اليوم كأسلوب جديد من أساليب المقاومة.
ويرى بعض المراقبين ان ومع وجود ترامب ستعمد الى الاستمرار بما تقوم به، وستتجاهل كافة القوانين والأنظمة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان يضاف الى ذلك انها ستكثف حملتها القمعية وتعمد ايضا الى فبركة وتشويه الحقائق، وفيما يخص اخر مستجدات هذا الملف فقد طالبت الولايات المتحدة الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس بسحب تقرير أصدرته هيئة تابعة للأمم المتحدة يتهم إسرائيل بتطبيق سياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.
وكان غوتيريس نأى بنفسه عن التقرير الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، إلا أن السفيرة الأميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي قالت أنه يجب الغاء التقرير برمته. وقالت هايلي في تقرير أن "الأمم المتحدة غاضبة من التقرير". وأضافت أن "سكرتارية الأمم المتحدة كانت محقة في النأي بنفسها عن هذا التقرير، ولكن يجب أن تخطو خطوة أخرى وتسحب التقرير بأكمله". وكان التقرير خلص إلى أن "الأدلة المتوفرة تشير إلى أنه ثبت أن أسرائيل بلا يدع مجالا للشك، مذنبة بتطبيق سياسات وممارسات تمثل جريمة فصل عنصري".
اسرائيل وحقوق الانسان
من جانب اخر قالت مسؤولة أمريكية بارزة إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع مشاركتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيا لإصلاح أجندته وإنهاء "وسواس إسرائيل". وترى واشنطن منذ وقت طويل أن المجلس الذي يقع مقره في جنيف يركز بصورة غير عادلة على مزاعم انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان بما في ذلك جرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وقالت إيرين باركلاي نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي أمام مجلس حقوق الإنسان إن بلادها "ما زالت منزعجة بقوة من تركيز المجلس الجائر وغير المتوازن باستمرار على دولة ديمقراطية واحدة هي إسرائيل." وأضافت أنه ليست هناك أي دولة أخرى يٌكرس لها بند بالكامل في جدول الأعمال وأن "وسواس إسرائيل" هذا يهدد مصداقية المجلس. وتساءلت باركلاي إن كان التركيز على إسرائيل أولوية معتبرة مضيفة أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تقصف المستشفيات بينما تحرم كوريا الشمالية وإيران الملايين من مواطنيهما من الحريات الدينية وحرية التجمع السلمي والتعبير. وتابعت "حتى يكون لهذا المجلس أي مصداقية وينجح عليه الابتعاد عن مواقفه غير المتوازنة وغير المثمرة." بحسب رويترز.
وقالت "في الوقت الذي نبحث فيه مشاركتنا في المستقبل ستدرس حكومتي إجراءات المجلس بعين إصلاحية لتحقيق مهمة المجلس من حماية حقوق الإنسان وتشجيعها." والولايات المتحدة حاليا عضو منتخب في المجلس المؤلف من 47 دولة وتنتهي فترتها التي تستمر ثلاث سنوات في عام 2019. ولم يرد رد فعل فوري من مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولكن رولاندو جوميز المتحدث باسم المجلس قال في إفادة صحفية "كانت الولايات المتحدة شريكا نشطا للغاية وبناء في المجلس لعدة سنوات وقادت عددا من المبادرات المهمة مثل جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) وإيران وسوريا وحقوق المثليين والمتحولين جنسيا... والكثير من القضايا المدرجة بالتأكيد على جدول الأعمال اليوم." وقال إن أي دولة تود أن تسحب عضويتها من المجلس يتحتم عليها العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ضغوط واستقالة
على صعيد متصل استقالت الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (إسكوا) من منصبها بعد ما وصفتها بأنها ضغوط من الأمين العام للأمم المتحدة لسحب تقرير يتهم إسرائيل بفرض "نظام فصل عنصري" على الفلسطينيين. ونشرت اللجنة التي تضم 18 دولة عربية التقرير وقالت إنها المرة الأولى التي توجه فيها جهة تابعة للأمم المتحدة هذا الاتهام صراحة.
وأعلنت الأمين التنفيذي لإسكوا ريما خلف استقالتها في مؤتمر صحفي في بيروت. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش قبل استقالة خلف بعدما طلب منها حذف التقرير من على الانترنت. وقال المتحدث ستيفان دوجاريك "هذا ليس بسبب المحتوى وإنما بسبب العملية نفسها."
وأضاف للصحفيين "لا يمكن أن يقبل الأمين العام أن يقوم مساعد للأمين العام أو أي مسؤول كبير آخر في الأمم المتحدة تحت سلطته أن يجيز نشر شيء تحت اسم الأمم المتحدة، تحت شعار الأمم المتحدة، دون التشاور مع الإدارات المختصة وحتى هو نفسه." وقالت خلف في المؤتمر الصحفي "أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تعليماته لي بسحبه (التقرير) فطلبت منه أن يراجع موقفه فأصر عليه وبناء على ذلك تقدمت إليه باستقالتي من الأمم المتحدة."
وخلص التقرير إلى أن "إسرائيل أسست نظاما للفصل العنصري يهيمن على الشعب الفلسطيني ككل". والاتهام الذي غالبا ما يوجهه منتقدون ترفضه إسرائيل بشدة. وربط متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية التقرير بالدعاية النازية المعادية للسامية. وقالت الولايات المتحدة وهي حليفة إسرائيل الأساسية إن التقرير أثار حنقها.
وقالت خلف "كان متوقعا بالطبع أن تقوم إسرائيل وحلفاؤها بممارسة ضغوط هائلة على الأمين العام للأمم المتحدة للتنصل من التقرير وأن يطلبوا منه سحبه". ودافعت عن التقرير ووصفته بأنه الأول من نوعه من وكالة تابعة للأمم المتحدة الذي يسلط الضوء على "الجرائم التي تستمر إسرائيل بارتكابها في فلسطين وضد الشعب الفلسطيني...والتي ترتقي لمستوى جرائم ضد الإنسانية وتستحق مكافحتها ومحاربتها من جميع البلدان في العالم."
ولم يعد التقرير موجودا على الموقع الخاص باللجنة. وقالت خلف إنه أعد بناء على طلب من دول أعضاء في اللجنة. وأضافت أن التقرير صدر وأن الدول الأعضاء في اللجنة تلقت نسخا منه وهي متاحة. ورحب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون بالاستقالة وقال إنها "تأخرت كثيرا عن موعدها". وقال دانون في بيان "النشطاء المناهضون لإسرائيل لا ينتمون إلى الأمم المتحدة". بحسب رويترز.
وقال تقرير إسكوا إنه تأسس على "تحقيق علمي وأدلة دامغة بأن إسرائيل مذنبة بجريمة الفصل العنصري." وأضاف التقرير "إلا أن حكما من محكمة دولية في هذا الصدد فقط هو الذي سيجعل من مثل هذا التقييم مؤثرا بحق." وقال التقرير إن "التقسيم الاستراتيجي للشعب الفلسطيني" كان الطريقة الأساسية التي فرضت بها إسرائيل الفصل العنصري بتقسيم الفلسطينيين لأربع مجموعات وقهرهم "بقوانين مختلفة وسياسات وممارسات".
إضراب عن الطعام
على صعيد متصل بدأ مئات الفلسطينيين في سجون إسرائيل إضرابا عن الطعام استجابة لدعوة السجين البارز مروان البرغوثي الذي ينظر إليه على نطاق واسع كرئيس فلسطيني محتمل في المستقبل. وقال فلسطينيون إن الإضراب المفتوح يأتي احتجاجا على الظروف السيئة وسياسة الاحتجاز دون محاكمة التي تطبقها إسرائيل على الآلاف منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وقالت إسرائيل إن خطوة السجناء، وكثير منهم أدينوا بشن هجمات أو التخطيط لشن هجمات تستهدف إسرائيل، لها دوافع سياسية. ويقود الإضراب البرغوثي (58 عاما) وهو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومحكوم عليه بالسجن مدى الحياة خمس مرات بعد إدانته بقتل إسرائيليين في الانتفاضة التي استمرت من عام 2000 إلى عام 2005. وإذا استمر الإضراب فإنه قد يمثل تحديا لإسرائيل ويزيد التوترات مع الفلسطينيين مع اقتراب ذكرى مرور 50 عاما على احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في يونيو حزيران.
وانسحبت القوات الإسرائيلية والمستوطنون من قطاع غزة، الذي تديره الآن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 2005 لكن محادثات السلام بشأن إقامة دولة فلسطينية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس انهارت في 2014. وفي مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز قال البرغوثي إن الإضراب هو السبيل الوحيد للحصول على تنازلات بعد أن فشلت الخيارات الأخرى.
وكتب البرغوثي "من خلال إضرابنا عن الطعام نسعى لإنهاء هذه الانتهاكات... السجناء والمعتقلون الفلسطينيون يعانون من التعذيب والمعاملة المهينة وغير الإنسانية ومن الإهمال الطبي. وقُتل البعض وهم رهن الاعتقال."
وقالت تقارير إعلامية إسرائيلية وفلسطينية إن البرغوثي نقل من سجنه حيث يحتجز بوسط إسرائيل إلى سجن آخر في الشمال وعُزل عن السجناء الآخرين. ولم تعلق مصلحة السجون على الفور بشأن وضع البرغوثي. تنفي إسرائيل تعرض السجناء الفلسطينيين لمعاملة سيئة وقال وزير الأمن العام جلعاد إردان إن الاحتجاج الذي يقوده البرغوثي "مدفوع بالسياسة الفلسطينية الداخلية ولذلك يتضمن مطالب غير معقولة".
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "السجناء الفلسطينيون ليسوا سجناء سياسيين. إنهم إرهابيون وقتلة مدانون. قُدموا للعدالة وتتم معاملتهم بالشكل الملائم بموجب القانون الدولي." وقال مسؤولون فلسطينيون إن نحو 1500 سجين ينتمون لجميع الفصائل السياسية، بما في ذلك حركتا فتح وحماس المتنافستان، يشاركون في الإضراب. وقال متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية إن نحو 1100 سجين في ثمانية سجون انضموا إلى الإضراب.
وقال قدروة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل تحتجز نحو 6500 فلسطيني في 22 سجنا. وأوضح نادي الأسير أن المطلب الرئيسي هو أن توقف إسرائيل الاحتجاز بدون محاكمة لنحو 500 فلسطيني تحتجزهم حاليا فضلا عن إنهاء الحبس الانفرادي. ويطالب المضربون عن الطعام أيضا بتحسين الرعاية الطبية وإطلاق سراح السجناء المعوقين أو الذين يعانون من أمراض مزمنة وإتاحة مشاهدة المزيد من القنوات التلفزيونية وتوفير مزيد من الاتصالات الهاتفية مع الأقارب وزيادة عدد زيارات العائلات.
وأثار الإضراب مسيرة كبيرة في غزة واندلع احتجاج قرب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة حيث اشتبك متظاهرون فلسطينيون مع القوات الإسرائيلية. ويعتبر الفلسطينيون مواطنيهم المحتجزين في سجون إسرائيل أبطالا قوميين. وإضرابات السجناء الفلسطينيين عن الطعام لفترات طويلة نادرة لكن في حالات ماضية لإضراب سجناء بشكل فردي عن الطعام لأسابيع خفضت إسرائيل فترات الاحتجاز أو لم تجددها بعد نقل المضربين إلى المستشفيات في حالات حرجة. بحسب رويترز.
وقال إردان إن إسرائيل ستقيم مستشفى ميدانيا قرب أحد السجون في خطوة استباقية فيما يبدو للحيلولة دون نقل سجناء إلى منشآت طبية مدنية الأمر الذي قد يزيد تغطية وسائل الإعلام. وقال عباس (82 عاما) في بيان إن الجهود ستستمر لضمان الإفراج عن السجناء. وندد بما سماه تعنت إسرائيل "ورفضها الاستجابة للمطالب الإنسانية العادلة للأسرى".
اضف تعليق